انخفاض أسعار النفط قد يضاعف عجز السعودية: ماذا يعني ذلك للاقتصاد؟

الرياض، المملكة العربية السعودية.
تحذير من اقتصادي في بنك غولدمان ساكس: أسعار النفط المتراجعة بسبب تراجع الطلب، ومخاوف الحرب التجارية العالمية، وزيادة إمدادات النفط قد تؤدي إلى مضاعفة عجز ميزانية المملكة العربية السعودية.
سلطت توقعات البنك الضوء على الضغوط التي تواجه المملكة لإجراء تغييرات على خطط الإنفاق الضخمة والتدابير المالية. قال فاروق سوسة، الاقتصادي المختص بشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في غولدمان ساكس، لقناة CNBC: “من المحتمل أن نرى العجز المالي في دول مجلس التعاون الخليجي، وخاصة الدول الكبيرة مثل السعودية، يكون كبيرًا جدًا”.
لقد تضخم الإنفاق الحكومي بسبب رؤية 2030، وهي حملة شاملة تهدف إلى تحويل الاقتصاد السعودي وتنويع مصادر دخله بعيدًا عن الهيدروكربونات. ومن أبرز ملامح المشروع هو نيوم، منطقة ضخمة لا تزال قليلة السكان في الصحراء بحجم ولاية ماساتشوستس تقريبًا.
تشمل خطط نيوم تطويرات مستقبلية فائقة تم تقدير تكلفتها الإجمالية بنحو 1.5 تريليون دولار. كما تستضيف المملكة كأس العالم 2034 ومعرض إكسبو 2030 العالمي، وهما مشروعين مكلفين للغاية.
تحتاج السعودية إلى سعر نفط يزيد عن 90 دولارًا للبرميل لتحقيق التوازن في ميزانيتها وفقًا لتقديرات صندوق النقد الدولي. وقد خفض بنك غولدمان ساكس هذا الأسبوع توقعاته لسعر النفط بنهاية عام 2025 إلى 62 دولارًا للبرميل لخام برنت بعد أن كانت التوقعات السابقة عند 69 دولارًا – وهو رقم يقول اقتصاديون البنك إنه قد يؤدي إلى مضاعفة عجز الميزانية لعام 2024 البالغ قدره 30.8 مليار دولار.
قال سوسة: “في السعودية نقدر أنه من المحتمل أن يرتفع العجز من حوالي 30 إلى 35 مليار دولار ليصل إلى حوالي 70 أو75 مليار دولار إذا استمرت أسعار النفط حول مستوى الـ62 هذا العام”.
وأضاف: “هذا يعني المزيد من الاقتراض وربما يعني المزيد من التخفيضات في النفقات وبيع المزيد من الأصول وكل ما سبق سيؤثر على الظروف المالية المحلية وقد يؤثر حتى على المستوى الدولي”.
وأشار سوسة أيضًا إلى أن تمويل هذا المستوى من العجز في الأسواق الدولية سيكون “تحديًا” نظرًا لعدم استقرار الأسواق الدولية حاليًا مما يعني أنه سيكون على الرياض النظر في خيارات أخرى لسد فجوة التمويل الخاصة بها.
لا يزال لدى المملكة مجال كبير للاقتراض؛ حيث إن نسبة الدين للناتج المحلي الإجمالي حتى ديسمبر عام 2024 تقل قليلاً عن الـ30%. بالمقارنة مع الولايات المتحدة وفرنسا اللتين تبلغ نسبتهما للدين للناتج المحلي الإجمالي نحو124% و110.6% على التوالي. لكن إصدار ديون بقيمة75 مليار دولار سيكون صعباً بالنسبة للسوق لاستيعابه كما أشار سوسة.
قال: “هذه النسبة للدين للناتج المحلي الإجمالي رغم أنها مريحة لا تعني أن السعوديين يمكنهم إصدار أي كمية يريدونها … عليهم النظر في علاجات أخرى”، مشيراً إلى أن هذه العلاجات تشمل تقليص النفقات الرأسمالية وزيادة الضرائب أو بيع المزيد من أصولهم المحلية مثل الشركات المملوكة للدولة مثل أرامكو وسابك. ويتوقع الاقتصاديون الإقليميون أن بعض مشاريع نيوم قد تنتهي بها الحال لتكون ضمن قائمة التخفيضات.
تمتلك السعودية تصنيف ائتماني A/A-1 مع نظرة إيجابية وفقاً لوكالة S&P Global Ratings وتصنيف A+ مع نظرة مستقرة وفقاً لوكالة Fitch. وهذا بالإضافة للاحتياطيات العالية بالعملات الأجنبية – والتي بلغت410.2 مليار دولار اعتباراً من يناير - يضع المملكة في وضع مريح لإدارة عجزها المالي.
كما قامت المملكة بإطلاق سلسلة من الإصلاحات لتعزيز وتقليل المخاطر للاستثمار الأجنبي وتنويع مصادر الدخل وهو ما قالت عنه وكالة S&P Global إنه سيستمر بتحسين مرونة الاقتصاد السعودي وثروته”.
قال سوسة: “لذا فإن السعوديين لديهم الكثير من الخيارات والخلطة بين كل هذه الخيارات يصعب الحكم عليها مسبقاً ولكن بالتأكيد نحن لا ننظر لأزمة معينة”. وأضاف: “إنها مجرد مسألة أي الخيارات سيختارون للتعامل مع التحديات التي يواجهونها”.
كان خام برنت القياسي العالمي يتداول عند63,58 دولارات للبرميل يوم الخميس الساعة9:30 صباحاً بتوقيت لندن بانخفاض يقارب14% منذ بداية العام.