العلوم

أجهزة كمبيوتر تشبه الدماغ: كيف ستحدث ثورة في الذكاء الاصطناعي للأفضل؟

الديدان الصغيرة Caenorhabditis elegans تمتلك دماغًا بعرض شعرة إنسان. ومع ذلك، ⁣فإن هذا العضو الصغير ينسق ويحسب حركات معقدة بينما تبحث الدودة عن الطعام. تقول دانييلا ‌روس، عالمة الحاسوب في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا: ​”عندما أنظر ‌إلى[[[[C. elegans]وأفكر في دماغها، أُدهش حقًا من الأناقة العميقة والكفاءة”. روس مفتونة جدًا بدماغ الدودة لدرجة أنها شاركت في تأسيس شركة Liquid AI لبناء نوع جديد من الذكاء الاصطناعي مستوحى منه.

تعتبر روس جزءًا من موجة من الباحثين الذين يعتقدون أن جعل الذكاء الاصطناعي التقليدي أكثر تشابهًا مع الدماغ يمكن أن ‍ينتج ⁣تكنولوجيا أكثر رشاقة وذكاءً. يقول كاناكا راجان، عالم الأعصاب الحسابي في جامعة هارفارد: “لتحسين الذكاء الاصطناعي ‍حقًا، نحتاج إلى… دمج رؤى من علم الأعصاب”.

من غير المرجح أن ‌تحل هذه التكنولوجيا “المورفولوجية العصبية” محل أجهزة⁤ الكمبيوتر العادية أو نماذج الذكاء الاصطناعي التقليدية بالكامل، كما يقول​ مايك ديفيز الذي يدير مختبر ⁢الحوسبة المورفولوجية في إنتل بكاليفورنيا. بل إنه يرى مستقبلًا تتعايش فيه ⁢أنواع ​عديدة من الأنظمة.

تقليد الدماغ ليس فكرة⁢ جديدة. ففي الخمسينيات، ⁤ابتكر عالم الأعصاب فرانك روزنبلات جهاز الـ”بيرسيبترون”. كانت هذه الآلة⁤ نموذجاً مبسطاً ‌للغاية⁢ لطريقة تواصل خلايا عصبية ‌الدماغ، حيث تحتوي على طبقة واحدة فقط من الخلايا العصبية الصناعية المترابطة التي تؤدي كل منها وظيفة رياضية واحدة.

بعد⁢ عقود، ساعد التصميم الأساسي للـ”بيرسيبترون” على إلهام التعلم العميق، وهي تقنية حوسبة تتعرف على الأنماط المعقدة في البيانات باستخدام طبقات متداخلة من الخلايا ‍العصبية الصناعية. تمرر هذه الخلايا البيانات⁣ المدخلة وتقوم بمعالجتها لإنتاج مخرجات معينة. لكن⁣ هذا النهج لا يمكنه مطابقة قدرة الدماغ على التكيف بسرعة مع المواقف‌ الجديدة أو التعلم من تجربة واحدة فقط. بدلاً من ذلك ، تستهلك معظم نماذج الذكاء الاصطناعي اليوم كميات هائلة من البيانات والطاقة لتتعلم أداء مهام مثيرة للإعجاب مثل توجيه سيارة ذاتية القيادة.

يقول سوبوتاي أحمد​ ، المدير الفني لشركة Numenta التي تبحث عن كفاءة⁣ شبكات الدماغ البشري: “إنها مجرد ‌زيادة أكبر وأكبر”. تعتبر نماذج الذكاء الاصطناعي التقليدية “قوة ​غاشمة وغير فعالة”.

في⁣ يناير ، أعلنت إدارة ترامب⁢ عن مشروع ستارغيت ، وهو خطة لضخ‌ 500 مليار دولار لإنشاء مراكز بيانات جديدة ⁤لدعم نماذج الذكاء الاصطناعي التي تحتاج إلى طاقة كبيرة. لكن​ نموذج تم إطلاقه بواسطة الشركة الصينية DeepSeek⁤ يتحدى هذا ‍الاتجاه ، حيث يقوم بتكرار قدرات‌ روبوتات المحادثة باستخدام بيانات وطاقة أقل بكثير . يبقى ⁤غير⁣ واضح ما إذا ⁣كانت القوة​ الغاشمة أو الكفاءة ستنتصر.

وفي الوقت⁢ نفسه ، يعمل خبراء الحوسبة المورفولوجية على ‍جعل ⁣الأجهزة والهندسة والخوارزميات أكثر تشابهًا مع الدماغ بشكل مستمر⁣ . تقول عالمة الحاسوب كاثرين شومان بجامعة ⁢تينيسي: “يقدم الناس مفاهيم⁢ جديدة وتنفيذات للأجهزة طوال الوقت”. تساعد هذه التطورات بشكل رئيسي في أبحاث الدماغ البيولوجي وتطوير المستشعرات ولم تكن ​جزءاً مما يسمى بالذكاء الاصطناعي السائد حتى الآن .

إليك أربعة ⁢أنظمة⁣ مورفولوجية عصبية ⁣تحمل إمكانيات لتحسين الذكاء الصناعي:

اجعل ‌الخلايا العصبية الصناعية ‍أكثر ⁢شبهًا​ بالحياة

الخلايا العصبية⁢ الحقيقية⁤ هي خلايا حيوية معقدة تحتوي على العديد من الأجزاء . إنها ⁢تستقبل ⁢باستمرار إشارات‌ بيئية وتتغير شحنتها الكهربائية حتى ⁣تتجاوز حد معين وتطلق النار . ترسل هذه‌ النشاط ⁢نبضة كهربائية عبر ⁣الخلية ‌وإلى خلايا عصبية مجاورة ‍. تمكن⁤ مهندسو الحوسبة المورفولوجية بالفعل تقليد هذا النمط في خلايا عصبية صناعية . تحاكي هذه الخلايا العصبية ، ‍التي ‌هي جزءٌ مِن الشبكات ⁣العصبيّة⁢ المُنبثِقة (spiking neural networks) إشارات دماغ فعلِيٍّ مُحدثَةً ذروَاتٍ منفصلة تحمل المعلومات⁣ عبر الشبكة .

لا يتم تمثيل القمم (spikes) ضمن شبكات التعلم⁤ العميق التقليدية للذكاء الصناعي . ⁢بدلاً مِن ذلك تُعتبر كل ‌خلية ​عصبيّة ⁣صناعية “كرة صغيرة ⁣بنوع واحد مِن معالجة المعلومات” ​كما يقول ميهاي بيتروفيسي باحث الحوسبة المورفولوجية بجامعة برن بسويسرا . ترتبط كل واحدة مِن تلك “الكُرات الصغيرة” بالأخرى عبر اتصالات تُسمى المعلمات (parameters). عادةً​ ما يُفعّل كل ⁢إدخال للشبكة ⁣جميع المعلمات مرة واحدة مما يعد غير فعال .

لكن الشبكات الفعلية للدماغ​ والشبكات المنبعثة تحقق الكفاءة بطريقة⁣ مختلفة قليلاً حيث لا تكون ‌كل خلية مرتبطة بكل الأخرى أيضاً فقط إذا وصلت الإشارات الكهربائية إلى حد معين تطلق خلية معلوماتها إلى ⁢اتصالاتها مما يجعل الشبكة تنشط‍ بشكل متقطع بدلاً مِن تنشيطه⁢ دفعة واحدة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى