علماء يصممون نوعًا جديدًا من الأدوية يحاكي الفوائد الفسيولوجية للتنفس في “هواء الجبال” الرقيق. يمكن أن يثبت تناول حبة يوميًا تحتوي على نسبة منخفضة من الأكسجين أنها تنقذ حياة الأشخاص الذين يعانون من أمراض استقلابية خطيرة، مثل متلازمة لي.
الدواء الجديد، الذي يُطلق عليه اسم “هايبوكسستات”، زاد من عمر الفئران التي تعاني من زيادة الأكسجين في أدمغتها بمعدل يصل إلى 4 مرات، وفقًا لتقرير فريق أمريكي من معاهد غلادستون وجامعة كاليفورنيا سان فرانسيسكو وشركة مايز ثيرابيوتيكس.
في تجربتهم لإثبات المفهوم، عمل الدواء حتى عندما تم إعطاؤه لفئران في مرحلة متأخرة من التنكس العصبي، حيث كانت الآفات الدماغية واسعة النطاق وبعض الحيوانات كانت على حافة الموت. تم عكس الضرر المتقدم وتحسنت الحركة وضعف العضلات وفقدان التنسيق.
متلازمة لي هي مرض نادر وتقدمي حيث لا تستطيع الميتوكوندريا استخدام الأكسجين في الجسم بسرعة كافية. يمكن أن يؤدي تراكم الأكسجين في الأنسجة إلى تلف وفي النهاية موت الخلايا. غالبًا ما يموت الأطفال المصابون بمتلازمة لي خلال السنوات القليلة الأولى من حياتهم. فقط حوالي 20 بالمئة منهم يصلون إلى سن العشرين.
عادةً ما ينتهي الأمر بـ 2 بالمئة فقط من الأكسجين المستنشق في ميتوكوندريا الجسم – المعروفة باسم “محطة الطاقة” للخلايا بسبب قدرتها على استخدام الأكسجين لإنتاج الطاقة. ولكن في المناطق المرتفعة، يتغير جسم الإنسان بحيث يصبح توصيل الأكسجين أقل سهولة بين مجرى الدم والأنسجة.
في تجربة رائدة عام 2016، وجد الباحثون أنه بالنسبة لنماذج الفئران لمتلازمة لي، فإن العيش في بيئة منخفضة الأوكتاجين لا يمنع فقط تلف الدماغ؛ بل يعكسه أيضًا. أكدت دراسات لاحقة أجريت على الفئران عامي 2017 و2019 تلك النتائج المذهلة.
ليس واضحًا إذا كان البشر المصابون بمتلازمة لي يستجيبون بنفس الطريقة لبيئات نقص الأكسيجن. لكن الكيميائية الحيوية إيشا جاين وزملاؤها بالفعل يستكشفون طريقة لمحاكاة تلك التأثيرات دوائيًا.
على عكس النوم داخل غرفة ضغط منخفض كما يفعل بعض الرياضيين عند التدريب للأحداث المرتفعة الارتفاعات، قد يعمل الدواء الذي يخدع الجسم للعمل كما لو كان مرتفعاً جداً طوال اليوم تقريباً مما يتيح للشخص القيام بأعماله المعتادة سواء داخل أو خارج المنزل.
قالت جاين: “ليس عملياً لكل مريض مصاب بهذا المرض الانتقال إلى الجبال”. وأضافت: “لكن هذا الدواء يمكن أن يكون وسيلة آمنة ومراقبة لتطبيق نفس الفوائد للمرضى”.
كانت جاين سابقاً مستشارة لشركة مايز ثيرابيوتيك التي رعت هذه الدراسة حول هايبوكستات ولديها براءات اختراع تتعلق بعلاج نقص الأكسيجن.
افترضت هي وزملاؤها أنه عن طريق جعل خلايا الدم الحمراء تحمل المزيد من الأكسيجن في مجرى الدم كما تفعل ذلك البيئات المرتفعة الارتفاعات ، سيتم تقليل كمية الأكسيجن المحملة إلى أنسجة الجسم.
في عام 2017 ، وجد الباحثون دواءً يسمى GBT-440 أو Voxelotor يزيد بشكل كبير قدرة بروتين الهيموجلوبين الموجود بخلايا الدم الحمراء على الارتباط بالأوكسيجن.
عندما قامت جاين وفريقها بقيادة الكيميائي الحيوي سكايلي بلوم بتربية خلايا دم حمراء بشرية مع GBT-440 ، لاحظوا زيادة بنسبة 75 بالمائة في قدرتهم على الارتباط بالهيموجلوبين.
مدعومين بنتائجهم ، اكتشف الباحثون مركب آخر مشابه لـ GBT-440 وأطلقوا عليه اسم هايبوكستات.
أظهرت فئران مصابة بمتلازمة لي والتي تم علاجها بـ هايبوكستات انخفاضًا كبيرًا في تلف المخ.
حتى خلال مراحل المرض المتقدمة ، زادت جرعة يومية كبيرة جدًا عمر فترات حياة الفئران وعكست التلف الكبير الموجود بالدماغ.
“هذه القدرة على عكس علم الأمراض المتقدم تجعل هايبوكستات والمركبات ذات الصلة مرشحين علاجيين واعدين لأمراض الميتوكوندريا حيث يكون التشخيص المبكر والتدخل غالباً صعب المنال”، استنتج مؤلفو الدراسة.
الفريق البحثي الآن يستكشف نسخة ثانية محسنة لـ هايبوكستات قد تترجم بشكل أفضل لنماذج القرود أو التجارب السريرية البشرية.
قالت جاين: “العلاج القائم على الغاز للأمراض هو حقاً فريدٌ جداً وقدرة تحويله إلى أدوية هو مفهوم جديد وغير معتاد”. نحن متحمسون لرؤية أين ستأخذنا هذه الاستراتيجية الواعدة”.
تم نشر الدراسة في مجلة Cell.
