العلوم

خطر رقمي: كيف يرتبط وقت الشاشة لدى المراهقين بسلوكيات هوسية بعد عامين؟

دراسة رائدة شملت أكثر من 9000 مراهق أمريكي كشفت عن ارتباط مقلق ⁤بين وقت ⁤الشاشة وتطور أعراض الهوس، مما يثير مخاوف جديدة بشأن عادات استهلاك الأطفال الرقمية.

البحث، الذي نُشر اليوم في⁤ مجلة⁢ “الطب النفسي الاجتماعي وعلم ⁣الأوبئة النفسية”، وجد⁣ أن الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 10 ‍و11 عامًا والذين قضوا⁢ وقتًا أطول على الشاشات أظهروا ​زيادة في خطر تطوير أعراض مشابهة للهوس بعد عامين، بما في ذلك تضخم تقدير الذات،⁣ وانخفاض الحاجة إلى النوم، ⁤وسهولة ⁢التشتت، وسرعة الكلام، والأفكار المتسارعة، والاندفاعية.

قال الدكتور جيسون ناغاتا، ‌أستاذ مساعد في طب ‍الأطفال⁣ بجامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو ومؤلف الدراسة الرئيسي: “المراهقة هي فترة حساسة بشكل خاص ‍لتطور اضطرابات ⁢الطيف الثنائي القطب. نظرًا لأن ​ظهور الأعراض مبكرًا ‍مرتبط‍ بنتائج أكثر⁤ حدة واستمرارية، فمن المهم فهم ما قد‌ يسهم في بدء أو تفاقم أعراض الهوس ⁤لدى المراهقين”.

النظام​ الرقمي: ما يثير القلق

الدراسة التي⁢ تعد جزءًا من⁢ مشروع تطوير الدماغ المعرفي للمراهقين (ABCD)⁣ تابعت 9243 مراهقًا خلال عامين. وجدت فريق البحث​ علاقات محددة بين أنواع ⁤معينة من الأنشطة على الشاشة وأعراض⁢ الهوس اللاحقة، حيث ⁣أظهرت وسائل التواصل الاجتماعي والرسائل ⁢النصية أقوى الروابط.

برزت أربع أنشطة⁣ رئيسية‌ على الشاشة كمتنبئات هامة لأعراض الهوس المستقبلية:

  • استخدام وسائل التواصل ⁤الاجتماعي⁣ (مثل فيسبوك وإنستغرام)
  • الرسائل النصية
  • مشاهدة مقاطع الفيديو عبر الإنترنت
  • لعب ألعاب ‌الفيديو

العلم وراء الشاشة

تكشف الأبحاث عن علاقة معقدة بين‌ الانخراط الرقمي والصحة العقلية.⁣ توفر الأنشطة⁣ على⁢ الشاشة ، ⁤وخاصة ألعاب الفيديو ‍ووسائل التواصل الاجتماعي ، إشباعاً فورياً‍ وردود فعل تحفز مسارات‍ المكافأة في الدماغ. غالباً‌ ما تستخدم هذه المنصات جداول مكافآت⁤ متطورة تزيد⁤ من وقت الانخراط ، مما قد يغير كيفية ‌معالجة العقول الشابة للمكافآت والإشباع.

ما يجعل النتائج​ مثيرة للقلق بشكل خاص هو‍ كيفية ظهور أعراض الإدمان⁢ على الشاشات. وجدت الدراسة أن​ عدم القدرة​ على التوقف⁣ رغم المحاولة ⁤، وأعراض‌ الانسحاب ، وزيادة⁣ التحمل ، والصراع مع الأنشطة الأخرى ، وأنماط‍ الانتكاس جميعها لعبت دوراً⁣ مهماً في تطور أعراض الهوس.

النوم: عامل حاسم

أوضح ناغاتا: “يمكن أن تؤدي ​إدمانات الشاشات وأنماط النوم⁤ غير المنتظمة إلى​ تفاقم ‍أعراض الهوس لدى ‍المراهقين المعرضين لذلك”. وجدت الدراسة أن النوم المضطرب كان بمثابة⁢ طريق مهم يؤثر فيه وقت الشاشة على أعراض الهوس بنسبة ⁤تقارب 9%.

كان الأمر الأكثر لفتاً للنظر هو دور الاستخدام الإشكالي للشاشة:⁣ حيث وجدت ⁢الدراسة أن الأنماط الإدمانية لاستخدام وسائل‍ التواصل الاجتماعي وألعاب الفيديو كانت تمثل تقريباً نصف (47.7%)⁣ وأكثر من نصف (58%) العلاقة بين وقت الشاشة وأعراض الهوس.

دعوة لتحقيق التوازن

قال كايل غانسون، المؤلف المشارك والدكتوراه والأستاذ المساعد ​بجامعة تورنتو: “تؤكد ⁤هذه ​الدراسة أهمية تنمية ‌عادات استخدام صحية للشاشة مبكرًا”. وأضاف أنه يمكن​ للأبحاث المستقبلية مساعدتنا لفهم أفضل للسلوكيات‌ وآليات الدماغ التي تربط استخدام الشاشات بأعراض الهوس للمساعدة في توجيه جهود الوقاية والتدخل.

خطوات عملية للآباء

بينما قد تبدو النتائج ⁣مثيرة للقلق ، يؤكد الباحثون أنه ليس كل وقت الشاشة ضارً. قال ناغاتا: ⁢”على⁣ الرغم من⁢ أن ‍الوقت الذي يقضيه الطفل أمام ⁢الشاشة يمكن أن يكون له فوائد مهمة‍ مثل التعليم وزيادة التنشئة الاجتماعية ، يجب على ⁤الآباء إدراك المخاطر المحتملة خاصة للصحة ⁣العقلية”.⁤ وأضاف أنه يمكن⁤ للعائلات وضع خطة إعلام تشمل أوقات خالية ‍من الشاشات​ قبل ⁤موعد النوم.

النظر⁣ إلى الأمام

تأتي نتائج الدراسة في وقت حرج حيث ⁤يستمر استخدام الشباب للشاشة بالارتفاع؛⁤ إذ يقضي المراهق العادي الآن أكثر من ⁤ثماني ساعات يوميًا أمام⁢ الشاشات – أي ضعف التقديرات قبل الجائحة.⁣ بينما يستمر الباحثون بفهم هذه العلاقات, تشير الأدلة بشكل متزايد إلى أهمية إنشاء عادات رقمية صحية خلال سنوات ما قبل البلوغ الحرجة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى