البيئة

تغير المناخ: كيف أعدت لوس أنجلوس للاحتراق الكارثي!

منذ‌ بداية الشهر الحالي، ومع التقارير الأولى⁣ عن اندلاع حرائق الغابات حول لوس أنجلوس، كان ‍بإمكان العلماء القول إن تغير المناخ قد زاد من شدة هذه‌ الحرائق. بالطبع، ستستمر حرائق الغابات في⁣ كاليفورنيا‍ بغض النظر عن⁤ ارتفاع درجة حرارة ‍الكوكب، لكن الوقود ​الجاف بشكل إضافي‍ حول المناظر الطبيعية​ إلى مواد قابلة للاشتعال. وقد أدت الحرائق الناتجة، التي زادت من قوتها رياح سانتا‍ آنا التي تصل سرعتها إلى 100 ميل في الساعة، إلى حرق‌ 50,000 فدان. وأسفرت عن مقتل ما⁣ لا يقل عن 28 شخصًا وتدمير‌ أكثر من 16,000 هيكل، مما تسبب في⁢ أضرار وخسائر اقتصادية تقدر بمئات ‌المليارات⁤ من الدولارات.

وجد تحليل أكثر شمولاً​ نُشر يوم الثلاثاء أن​ تلك​ الظروف الجافة والحارة ‍كانت ⁣أكثر احتمالًا⁤ بنسبة حوالي 35% بفضل تغير المناخ. عادةً ما‌ تخفف الأمطار التي تبدأ ⁢في أكتوبر المناظر الطبيعية في جنوب كاليفورنيا وتقلل من⁣ خطر حرائق الغابات، ولكن هطول الأمطار الذي‍ يكاد يكون معدومًا هذا الخريف والشتاء‍ كان أكثر احتمالًا بمقدار⁣ 2.4 مرة مقارنة بالمناخ⁣ قبل الصناعة، وفقًا للدراسة التي أجراها مركز أبحاث الطقس العالمي ومقره المملكة المتحدة. ووجد التحليل أن المنطقة لديها الآن 23 يومًا إضافيًا سنويًا تحت ظروف قابلة للاشتعال.

قالت كلير بارنز،‍ الباحثة في مركز السياسة البيئية‌ بكلية إمبريال بلندن: “إن ظروف الجفاف تدفع بشكل متزايد نحو الشتاء مما يزيد ‍من فرصة اندلاع حريق خلال ⁢رياح⁣ سانتا آنا ‌القوية التي يمكن أن تحول الشرارات الصغيرة إلى نيران ⁤قاتلة”. وأضافت: “بدون انتقال أسرع بعيداً عن ⁤الوقود الأحفوري الذي يسخن الكوكب ، ستستمر كاليفورنيا في ‍الارتفاع ​و تصبح أكثر⁤ جفافاً وقابلية للاشتعال”.

تشير التقارير إلى أن ⁤أحد المحركات الرئيسية لهذه الحرائق الكارثية هو “التقلبات الجوية”. فالفصول الرطبة أصبحت أكثر رطوبة نتيجة لارتفاع درجة‌ حرارة الغلاف الجوي وقدرته على ⁣الاحتفاظ⁣ بمزيد من الرطوبة ، بينما أصبحت ⁤الفصول الجافة أكثر جفافاً. ففي الشتاءين السابقين ، شهدت لوس أنجلوس هطول أمطار كبيرة أدت إلى نمو كبير للأعشاب والشجيرات. ولكن بعد ⁣ذلك ⁤حدث تغيير جوي مفاجئ ولم ⁣تتلق المدينة تقريباً أي ‍أمطار بين ⁢مايو 2024 وهذا يناير ، لذا فإن كل تلك النباتات الإضافية ⁤جفت.

في تحليل منفصل ⁣صدر في 13 يناير ، ​وجد الباحثون بجامعة كاليفورنيا⁢ بلوس أنجلوس أنه يمكن إلقاء⁣ اللوم على تغير المناخ فيما يقرب من ربع جفاف النباتات ‌التي احترقت خلال الحرائق ، والتي وصفوها⁤ بأنها ⁣تقدير ⁢محافظ. كما‍ وجدت الدراسة أيضًا أن تقلبات الطقس بالمنطقة هيأت الظروف ⁣للكوارث.

ثم جاءت رياح سانتا آنا⁣ الموسمية ​مع بداية يناير والتي كانت قوية ​وجافة ⁢للغاية. وفي غضون ساعات ⁢أو ⁤حتى دقائق قليلة يمكن‌ لتلك الرياح تجفيف النباتات‍ بشكل ‌أكبر جداً؛ وكل‍ ما يتطلبه الأمر‍ هو شرارة‌ واحدة لتنتشر عدة حرائق بسرعة​ كبيرة.

لم ‍تكن رياح ‌سانتا ‍آنا تدفع تلك ⁤الحرائق بسرعة مذهلة فحسب ⁢بل أيضًا خلقت دوامات غير متوقعة جعلت النيران تتصرف بشكل غير منتظم مما جعل​ مكافحة⁢ هذه ‍الحرائق ‍صعبة للغاية – خاصة‌ بالنسبة للفرق المتواجدة بالفعل على عدة جبهات ⁤حيث كافح المعاقون ⁣وكبار السن بشكل خاص للإخلاء في الوقت المناسب.

ومن المحتمل ⁤أن تزداد الظروف سوءا⁢ هنا بعد ذلك؛ حيث يقدر‍ تحليل مركز أبحاث الطقس العالمي⁣ أنه إذا ارتفعت درجات ⁣الحرارة العالمية⁣ بمقدار درجتين مئويتين ⁢فوق⁣ مستويات ما قبل الصناعة فإن ⁤ظروف قابلية الاشتعال ستصبح أكثر احتمالاً بنسبة ​تصل إلى 35%.

على الرغم⁣ من تأثير تغير المناخ على حرائق غابات لوس أنجلوس إلا أنه توجد ⁣بعض العوامل الأخرى تعمل بصورة منفصلة؛ ⁣أولاً: ⁢لا يخلق تغير‌ المناخ رياح سانتا ⁤آنا ولا يتوقع العلماء زيادة قوة هذه الرياح مع ‌ارتفاع درجة حرارة الكوكب – بل قد⁢ تصبح ضعيفة قليلاً – رغم الحاجة لمزيدٍ من⁢ الأبحاث لفهم ذلك​ بالكامل.
وثانيًا: يشعل البشر غالبية حرائق الغابات بكاليفورنيا⁣ سواء عبر ‌خطوط الكهرباء أو‍ الألعاب النارية أو الحرق العمد.
وأخيرًا: يستمر المطورون ببناء المنازل داخل المناطق الحضرية ​ذات⁤ الأشجار الكثيفة حيث يكون خطر ⁢نشوب حريق⁣ بالغ الخطورة.

يمثل هذا الخطر⁢ المتزايد تحديًا كبيرا للمجتمعات أثناء إعادة⁣ البناء؛ فعلى سبيل ⁣المثال يجب على أصحاب المنازل الحفاظ على حدائقهما خاليةً من النباتات واعتماد مواد ‌بناء مقاومة للحريق وهو أمر مكلف.
قال ⁢بارك ​ويليامز وهو عالم جغرافيا بجامعة‌ UCLA ‌ومؤلف مشارك بتقرير مركز ​أبحاث ⁤الطقس‌ العالمي: “لا تستطيع المجتمعات ​إعادة البناء بنفس الطريقة لأن⁤ الأمر سيكون مجرد ⁤مسألة سنوات قبل عودة المناطق المحترقة للنمو مرة⁤ أخرى واحتمالية ‌نشوب حريق سريع‌ الحركة تعود لهذه المناظر ‍الطبيعية”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى