رحلتي من مدينة نيويورك إلى باكو، أذربيجان، التي تستضيف مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ هذا العام (COP29)، أخذتني عبر أكثر من سبعة آلاف ميل من الأرض والبحر. وصلت إلى باكو في الليل، حيث تحدد الأبراج الملونة على شكل لهب معالم هذه المدينة. كانت أذربيجان جمهورية سوفيتية سابقة والآن دولة غنية بالنفط، وتشارك حدودها مع إيران وأرمينيا وروسيا.
على مدار الأسبوعين التاليين، تبادل أكثر من 60,000 قائد عالمي وخبير وأعضاء من المجتمع المدني الأفكار والمعلومات، بينما جرت مفاوضات رفيعة المستوى مع ممثلين عن ما يقرب من 200 دولة في غرف مؤمنة.
أعمل في اللجنة التوجيهية لمبادرة “الترفيه والثقافة للعمل المناخي” التابعة للأمم المتحدة (ECCA). كمعلمة وصانعة أفلام وقائدة في مجال المناخ ضمن صناعة الترفيه، كنت حريصة على متابعة المحادثات حول التمويل والهجرة البشرية والدور الذي يمكن أن تلعبه الثقافة كحل للمناخ. أُبرز هذه القضايا في دورة “مدرسة المناخ” الخاصة بي بعنوان “التغيير المناخي: فنون السرد والزمن ومستقبلنا”. نمثل 11 دولة و10 ولايات أمريكية، ونحن فصل دراسي متعدد التخصصات يتكون من طلاب شغوفين من مدرسة المناخ ومدرسة الفنون والهندسة المعمارية والسياسة الدولية. ندرس مواضيع معقدة تتعلق بالمناخ الجيوسياسي ونستكشف أساليب سرد فريدة لحلول تغير المناخ. نخلق قصصًا ضرورية بشدة في صناعات الترفيه والثقافة العالمية بما في ذلك السينما والتلفزيون والكتابة الإبداعية والمسرح والإعلام الرقمي.
عندما نفكر بشأن تغير المناخ، لا يمكننا التقليل من قوة القصص في تطور المعايير السلوكية والقيم وأنظمة الاعتقاد. تنمو الروايات انطلاقًا من أنماط القصص والشخصيات الجذابة والأفكار التي تظهر عندما يشارك الجمهور ويتبادل الأفكار. وقد أظهرت الأبحاث أن الروابط العاطفية بالقصص والمعرفة حول تغير المناخ يمكن أن توقظ حواسنا وتولد الخيال. القصص تفعل أكثر بكثير مما تفعله وسائل الإعلام الإخبارية المعلوماتية؛ فهي تستطيع تحفيز احتضان البحث العلمي والمشاركة المدنية.
يقلق طلابي كثيرًا بشأن آثار تغير المناخ التي تحدث في بلدانهم الأصلية – ارتفاع مستوى البحر في المكسيك وماليزيا وفيضانات كارثية وحالات حرجة ونقص المياه في باكستان. بينما يأتي بعض الطلاب من دول تعتبر أعلى الدول المصدرة للكربون (الولايات المتحدة والصين)، يأتي آخرون من دول تعاني عدم الاستقرار العالي - وفي بعض الحالات يكون كلا الأمرين صحيحًا. عند بدء الفصل الدراسي الخريفي، فقد أحد الطلاب منزله الذي نشأ فيه وممتلكاته وذكرياته خلال حدث جوي قاسٍ حدث في هيوستن بولاية تكساس. قامت طالبة أخرى من المكسيك بتوثيق أول إجلاء ساحلي قسري يحدث في بلدها.
يتضمن اتفاق باريس لعام 2015 الهدف الشامل لتمكين أعضاء المجتمع للمشاركة في العمل المناخي عبر التعليم والتدريب والوصول العام إلى المعلومات. تدرس صفحتنا دور السرد القصصي وكيف يمكن أن يؤثر على تغيير السلوك والرأي العام حول الاستخراج والاستهلاك وكيف تحول ظاهرة الاحتباس الحراري حياتنا بشكل جذري. غالباً ما تلتقط الأفلام المستقلة والثقافة الشعبية لحظات الزمن الحالي ولديها القدرة على إلهام مشاعر الاتصال والفهم والإرادة الإنسانية.
أثناء وجودي هناك كممثلة لـ ECCA ، تحدثت عن الحاجة إلى سرد قصصي يتعلق بالمناخ و”التعاون الجذري” – وهو مصطلح تستخدمه الأمم المتحدة للحديث عن مشاركة متعددة الأطراف والذي يصف بدقة التناغم الذي يحدث خلال عملية التفكير الجماعي داخل صفوف مدرستنا بنيويورك.
بينما كنت أشهد المفاوضات الحقيقية للعالم الخارجي هنا ، كان طلابي يعبرون عن مخاوفهم بشأن عدد لوبي النفط البالغ 1,700 شخص الذين حضروا المؤتمر ، ويناقشون المسلسل الدنماركي “بورغن: القوة والمجد”، حيث اكتشفت غرينلاند النفط واضطر وزير خارجيتها لمواجهة علاقته بمبادئه وقيمه السياسية وموقعه القوي.
كان هناك نقاش قوي بين القادة الذين يمثلون منطقة المحيط الهادئ ومنطقة الكاريبي وأفريقيا يدعون بقوة لاتخاذ إجراءات ضد الدول الغنية المستخرجة للموارد الطبيعية.
لقد واجه المندوبون صعوبة كبيرة أثناء المفاوضات المتوترة للوصول إلى توافق حول هدف جديد لتمويل العمل العالمي المتعلق بالمناخ.
أثناء وجودي هناك ، شاركت مع مجموعة مثيرة للاهتمام تضم خبراء وصحافيين وقادة مجتمعيين مثل بريدجيت كاكوا ، مزارعة تعمل كحلقة وصل بين المزارعين والحكومة.
بدأ طلاب مدرسة البيئة بالتركيز على مشاريعهم النهائية باستخدام عناصر علم البيئة والثقافة الشعبية لإثارة محادثات ملهمة حول مستقبل البشرية.
من خلال نقل المحادثات المضطربة غالباً التي دارت خلال COP29 لطلابي ، أدركت أكثر فأكثر أنه ليس فقط نهج متعدد التخصصات تجاه قضية تغيّر المُناخ هو أمر جذري بل هو أمر ضروري أيضاً.
علينا جميعاً العمل بشكل جماعي كفنّانين ومواطنين ومزارعين وعلماء وإنسانيّين ومهندسين وخبراء وصانعي سياسات لإنشاء قصص لمستقبل صحي وآمن لعائلاتنا ومجتمعاتنا ودولتنا – وللأجيال القادمة أيضًا.
