العلوم

اكتشاف مذهل: هل يتغير شكل النواة الداخلية للأرض؟

واشنطن العاصمة — قد يكون اللب الداخلي ‍للأرض، وهو كرة⁢ معدنية صلبة تدور داخل اللب ‍الخارجي المنصهر، يتباطأ ويتغير شكله.

تشير التحليلات الأخيرة لموجات الزلازل إلى أنه ​قبل حوالي 15 عامًا،⁤ قد يكون دوران اللب⁢ الداخلي قد تباطأ لدرجة أنه ⁢بدا وكأنه توقف أو عكس اتجاهه بالنسبة لسطح الأرض. ⁤لكن تحليلًا جديدًا يشير إلى أن ‍هناك شيئًا آخر يجب أن يتغير⁣ في‌ مركز الأرض.

التفسير الأكثر احتمالاً هو أن اللب​ الداخلي ⁢لا يدور بشكل مختلف فحسب — بل​ إن سطحه ربما يتشكل⁢ أيضًا، كما أفاد ‌الجيوفيزيائي جون⁣ فيدال من ⁣جامعة جنوب​ كاليفورنيا في لوس أنجلوس خلال اجتماع لجمعية​ الجيوفيزياء الأمريكية في 9 ديسمبر. يمكن أن تساعد هذه النتائج في حل ⁣نقاش طويل الأمد⁢ حول ⁢ما​ الذي يتغير⁤ في اللب الداخلي.

لا يوجد جهاز⁤ يمكنه استكشاف لب الأرض جسديًا. لذا يقوم الباحثون بدراسته باستخدام الموجات الزلزالية الناتجة​ عن الزلازل. عادةً ما​ يستخدم العلماء زلازل تحدث في جزر ساندويتش الجنوبية بالقرب​ من القارة القطبية⁤ الجنوبية، والتي تقع على الجانب المعاكس من​ الكوكب عن مصفوفات الأجهزة الموجودة في ألاسكا. تسافر موجات الزلزال عبر الكوكب ‌مثل ‍موجات ‍السونار عبر الماء، مع ‍مرور ‍بعضها عبر اللب الداخلي أثناء طريقها إلى ألاسكا. ثم تسجل الأجهزة هناك الموجات كأنماط متعرجة⁣ تُعرف باسم ⁢”موجات الشكل”، ‌والتي تحتوي على ‍معلومات حول ما⁤ واجهته الموجات خلال رحلتها عبر الأرض.

للكشف عن التغييرات الحقيقية​ في اللب ‍الداخلي، يقارن ⁢الباحثون⁣ بين زلازل متشابهة الحجم حدثت في نفس المكان ولكن بأوقات مختلفة. يجب أن ⁣تولد ⁣هذه الهزّات التوأمية المعروفة باسم “الازدواجيات” نفس​ الأنماط إذا كانت رحلاتها عبر الأرض متطابقة.⁤ لكن ​الباحثين‌ لاحظوا أن بعض الازدواجيات التي حدثت في جزر ساندويتش الجنوبية⁤ تولد أشكال موجية مختلفة عند ألاسكا، مما يشير⁣ إلى حدوث تغيير ما داخل اللب بين توقيتي حدوث‌ الزلزالين.

في عام 2023، أفاد الجيوفيزيائيون بأن اختلاف أشكال⁢ الموجة نجم عن تباطؤ دوران‍ اللب الداخلي لدرجة أنه بدا وكأنه توقف عن الحركة — أو حتى عكس الاتجاه —​ بالنسبة‌ للسطح حوالي عام 2009 (SN: 1/23/23). ثم أكد ⁤فريق عمل فيدال هذا⁢ الانعكاس بشكل واضح هذا العام ⁣عندما تمكنوا من مطابقة بعض⁢ أشكال الموجة قبل وبعد الانعكاس، محددين الأوقات التي أعاد فيها اللب الداخلي اتخاذ وضع سابق تجاه السطح ⁤(SN: 6/25/24).

بالنسبة للدراسة⁢ الجديدة، قام فريق عمل فيدال بتحليل⁣ حوالي 200 زوج من الزلازل التي وقعت بين عامي 1991 و2024. ​وقد درسوا أزواج أشكال الموجة المتطابقة‌ قبل وبعد الانعكاس المسجلة عند مصفوفتي استقبال منفصلتين ​تقعان بالقرب من فايربانكس بألاسكا وييلوكنيف بكندا.

من اللافت ‌للنظر أن عشرة ازدواجيات أظهرت اختلافات دقيقة جدًا⁤ بأشكال ​الموجة عند ييلوكنيف لم تكن موجودة ضمن أشكال موجة ‍فايربانكس. كان​ الفريق يعلم أن الأمواج التي تصل إلى هذين المصنفين اللذين ‌يبعدان حوالي 1600 كيلومتر تأخذ مسارات مختلفة قليلاً عبر ⁤الأرض: حيث تخترق الأمواج التي تصل إلى فايربانكس عمق القلب بينما تلامس⁤ تلك التي تصل ييلوكنيف سطحه ‌الخارجي ​فقط.

يقول​ فيدال: “التفسير ⁢الأبسط هو تشوه لللب الداخلي الضحل”.

من⁢ الممكن أن يكون كامل لب الكرة الأرضية الذي ‍له ‍شكل الجيود ⁤يتشوه كما لو كانت كرة القدم تعيد تشكيل نفسها‌ بحيث تشير نهاياتها‍ نحو اتجاهين‍ جديدين. بدلاً من ذلك يقول إنه قد ​تكون هناك مناطق على سطح القلب⁤ تتضخم أو تنكمش؛ ⁢وهذا سيكون مثل ظهور نتوءات‌ صغيرة⁢ وانخفاضات على كرة القدم⁢ المجازية ⁣أيضًا؛ ومن‌ الممكن أيضًا حدوث ⁢كلا العمليتين⁤ معًا؛ ويمكن لهذه التغييرات أن تكون مدفوعة بقوة الجاذبية للغلاف الصخري‍ – ‍أكبر طبقة داخلية⁣ للأرض ⁤- ​أو بواسطة المواد المتدفقة داخل القلب الخارجي ، حسب قولفيدال‍ .

هذه ليست أول مرة يُبلغ فيها الباحثون بأن سطح القلب يتغير بمرور الوقت؛ ففي‌ عام 2006 ، أفاد⁤ الجيوفيزيائي ليان شنج وين من ‍جامعة ستوني⁣ بروك ​بنيويورك بأن أجزاءً من منطقة السطح⁣ قد ترتفع أو تنخفض بمئات الأمتار سنويًا ، ربما بسبب خروج المواد من​ القلب أثناء تبريدها . ولكن‍ بخلاففيدال ، يتمسك وين وزملاؤه مثل الجيوفيزيائي‌ شين زانغ‌ بجامعة العلوم والتكنولوجيا الصينية بهفاي⁢ بأن ‍”القلب لا يدور‍ بشكل مختلف عن باقي كوكب”. يقول زانغ: “يمكن ⁤للتغييرات السطحية تفسير جميع النتائج بالكامل”.

يتفق الجيوفيزيائي شياودونغ سونغ بجامعة بكين والذي كان أحد‍ أول ‌الذين أعلنوا‌ بأن “القلب ⁣الداخلي يدور بشكل⁢ مختلف” ⁢عن بقية الكوكب عمومًا مع نتائجفيدال . بينما يُحتمل​ أنّ الاختلافَ بالأشكَالِ ⁢المُوَجَّهة نجم أساساً بسبب ⁤تغييرات دورانية ⁤، إلا ⁢أنّ عمليات أخرى مثل تغييرات⁤ السطح قد تحدث أيضاً‍ حسب قوله . “ليس الأمر إما هذا أو ذاك”.

أما بالنسبة ‌لكيف تؤثر كل ⁢هذه الأمور على الحياة على‍ وجه الأرض ، ⁣يقولفيدال : “نحن‍ لا نعلم إن كان ذلك سيؤثر على أي شيء ‌فوق السطح”. “لكننا لا نستطيع التأكيد حتى نفهم⁤ ما يحدث.”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى