ترامب في مواجهة خيارات صعبة: كيف تؤثر ‘لعبة الكراسي’ السورية على مستقبله؟
مع عودة اشتعال الحرب الأهلية في سوريا، يواجه الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، خيارات صعبة بشأن وضع القوات الأميركية هناك. هل يسحبها أم يعزز وجودها في بلد تحول إلى “لعبة كراسي” إقليمية ودولية؟
ومنذ يوم الأربعاء، بدأت هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقًا قبل فك ارتباطها بتنظيم القاعدة)، مع فصائل معارضة أقل نفوذًا بعضها موالٍ لتركيا، هجومًا مباغتًا يُعدّ الأعنف منذ سنوات. وتمكنت من التقدم بموازاة سيطرتها على عشرات البلدات والقرى في محافظتي إدلب وحماة المجاورتين.
في وقت تواصل فيه فصائل المعارضة السورية المسلحة هجومها الكبير ضد النظام السوري على عدة جبهات في حلب وإدلب وحماة شمالي البلاد، تثار تساؤلات عن حدود السيطرة التي ستكون على الأرض في المرحلة المقبلة، وكذلك الأمر بالنسبة للميدان السياسي. فما هي السيناريوهات التي يتوقعها خبراء ومراقبون؟
وأصبحت حلب، ثاني كبرى مدن سوريا، خارج سيطرة الحكومة السورية للمرة الأولى منذ اندلاع النزاع في هذا البلد. حيث سيطرت هيئة تحرير الشام وفصائل حليفة لها على كل الأحياء التي كانت تنتشر فيها قوات النظام وميليشيات إيرانية، حسبما أفاد ”المرصد السوري لحقوق الإنسان” يوم الأحد.
سحب القوات
بعد أيام من إعلان فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية، صرح روبرت أف كندي جونيور بأن الرئيس المنتخب يسعى لسحب القوات الأميركية من شمال سوريا بدلاً من تركها “وقوداً للمدافع إذا اندلعت معارك بين تركيا والمسلحين الأكراد”.
لكن مدير التحالف الأميركي شرق أوسطي للديمقراطية، توم حرب، يعتقد أن ترامب سيركز على تعزيز قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي تُعتبر الحليف الأساسي للولايات المتحدة في سوريا، خاصة في ظل التحديات الحالية.
وقال حرب: “من المحتمل أن يعمل ترامب على تقوية قسد لحماية مناطق استراتيجية مثل ممر البوكمال مع العراق والحفاظ على هذا الممر حتى الحدود مع الأردن. هذا الممر حساس للغاية لأنه يربط إيران بسوريا ويعتبر شرياناً لعمليات الدعم العسكري الإيراني”.
وأضاف أن ترامب لن يتخذ خطوة إغلاق القواعد العسكرية الأميركية في سوريا كما حاول خلال ولايته الأولى، مشيراً إلى أن “إغلاق هذه القواعد، وخاصة قاعدة التنف، سيمنح إيران وحلفاءها فرصة لتعزيز نفوذهم في المنطقة”.
ويرى حرب أنه قد يلجأ ترامب إلى التنسيق مع روسيا لتشكيل مجلس وطني وحكومة انتقالية في سوريا كجزء من الحل السياسي.
“قد يستخدم ترامب سوريا كورقة ضغط رئيسية على إيران، خاصة من خلال تعزيز العقوبات الاقتصادية ومنع الدول من شراء النفط الإيراني”، يقول حرب.
الوجود الإيراني
ويشير الباحث في معهد الشرق الأوسط بواشنطن والمتخصص بالشأن السوري سمير التقي إلى أنه “يوجد توافق أميركي إسرائيلي وغربي عام حول تصفية الوجود الإيراني في سوريا، وهو أمر قد يشكل محوراً أساسياً لأي استراتيجية يتبناها ترامب”.
ويرى التقي أن الهجوم المباغت واسع النطاق الذي شنته فصائل سورية معارضة هو أمر طبيعي بعد الضغوط الإسرائيلية المتزايدة على حزب الله وإيران في كلٍ من سوريا ولبنان.
وأشار التقي إلى أن التحركات التركية السريعة جاءت نتيجة مخاوفها من احتمال انسحاب القوات الأميركية من شرق الفرات إذا عاد ترامب للرئاسة. وقال: “تركيا لديها هواجس كبيرة تجاه الأكراد الذين تعتبرهم تهديداً إرهابياً مباشراً”.
وأضاف أن إضعاف حزب الله وإيران وتراجع الدور الروسي “ساهموا جميعًا في خلق فراغ أمني استغلته تركيا لتوسيع نفوذها شمالي سوريا”.
وقال إنه إذا حدث انسحاب أميركي مفاجئ فإن ذلك قد يدفع الفصائل الكردية للتحالف مع…
إيران والنظام، مما يجعل المشهد السوري أشبه بلعبة كراسي موسيقية، حيث تتغير التحالفات باستمرار.
يضم الجزء الشمالي من مدينة حلب عدة أحياء تقطنها غالبية كردية، أبرزها الشيخ مقصود والأشرفية، وتخضع لسيطرة القوات الكردية، التي تُعتبر العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) المدعومة من الولايات المتحدة والتي تشكل الذراع العسكرية للإدارة الذاتية الكردية.
لها حدود مع إسرائيل وتركيا والعراق والأردن
دعم نظام الأسد
خلال استقباله وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في دمشق، شدد رئيس النظام السوري بشار الأسد على “أهمية دعم الحلفاء والأصدقاء في التصدي للهجمات الإرهابية المدعومة من الخارج وإفشال مخططاتها”.
واستبق عراقجي وصوله إلى دمشق يوم الأحد بتأكيد دعم بلاده “الحازم” للنظام السوري. وأعلنت روسيا أن قواتها الجوية تساعد الجيش السوري في “صد” فصائل معارضة بمحافظات إدلب (شمال غرب) وحماة (وسط) وحلب (شمال).
من دمشق.. وزير الخارجية الإيراني يقر بأن “الوضع صعب”
نقلت وسائل إعلام رسمية عن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قوله، يوم الأحد، خلال زيارة لدمشق إن الوضع في سوريا “صعب”.
وارتفعت حصيلة الهجوم الخاطف الذي شنته فصائل معارضة يوم الأربعاء في شمال سوريا إلى 412 قتيلا على الأقل بينهم 61 مدنيا، حسبما أفاد المرصد يوم الأحد.
وأوضح المرصد أن الهجوم أسفر عن مقتل 214 مسلحا من الفصائل و137 قتيلا من قوات النظام والميليشيات الموالية لها و61 قتيلا مدنيا، بينهم 17 سقطوا يوم الأحد.
ويرى التقي أن “إيران مستمرة في إرسال الرسائل بأنها لن تتراجع عن دعم النظام”، معتبرًا أن المواجهة الإيرانية الإسرائيلية في سوريا نقطة محورية.
وأشار إلى أن التحالفات في سوريا باتت متغيرة بسرعة: “كل الأطراف تحاول اقتناص مصالحها في الساحة السورية، ما يجعل من الصعب على أي إدارة أميركية، بما في ذلك ترامب، تبديل طبيعة الصراع بشكل جذري”.