نجاة رشدي: الفرصة الذهبية لحل الأزمة السورية في ظل التغيرات الجيوسياسية!
في كلمتها أمام مجلس الأمن اليوم الخميس عبر تقنية الفيديو، قالت السيدة رشدي إن عددًا متزايدًا من السوريين يجدون أنفسهم محاصرين “في حلقة لا هوادة فيها من العنف والمعاناة”، حيث فر مئات الآلاف إلى لبنان وخلق العنف داخل البلاد موجات جديدة من النزوح، في حين تتعمق المعاناة الإنسانية وتتقلص المساعدات.
وأشارت إلى أن هذا العام في طريقه ليكون الأكثر عنفًا منذ عام 2020، وأن “إمكانية حدوث دمار أكبر تلوح في الأفق”، مشددة على الحاجة إلى عمل حاسم من قبل الجميع ذوي النفوذ لمنع انزلاق سوريا إلى “حريق إقليمي أوسع”.
وفي حين أكدت على ضرورة وقف إطلاق النار في غزة ولبنان، قالت إن هناك حاجة ملحة للعمل نحو وقف إطلاق نار على مستوى البلاد بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن رقم 2254، “ونهج تعاوني لمكافحة الجماعات الإرهابية المدرجة على قائمة مجلس الأمن”.
وقالت إن سوريا لا تزال في حالة حرب وانقسام عميق ونشط، ولا يزال ملايين السوريين خارج بلادهم أو يكافحون من أجل البقاء في مشهد معقد يضم السلطات الفعلية والجيوش الأجنبية والجهات الفاعلة المسلحة غير الحكومية والجماعات الإرهابية المدرجة.
وأضافت: “لا يزال أكثر من 100 ألف شخص محتجزين تعسفياً أو مفقودين. الاقتصاد في حالة يرثى لها والبنية التحتية مدمرة ومتدهورة. الجريمة المنظمة والأنشطة غير المشروعة آخذة في الازدياد، مما له تداعيات اجتماعية سلبية ويولد مزيداً من عدم الاستقرار”.
تحول الرياح الجيوسياسية
بعد ما يقرب من 14 عامًا من الصراع، قالت نائبة المبعوث الخاص إنه لا توجد ”حلول تكنوقراطية سريعة” لهذه التحديات التي هي سياسية بعمق وتتطلب عملية سياسية ذات مغزى.
وأضافت: “هذه لحظة محورية لدفع العملية السياسية قدماً، من خلال الالتزام الحقيقي والعمل. قد تبدأ الرياح الجيوسياسية في التحول مرة أخرى قريباً، باتجاهات يصعب التنبؤ بها. إذا أبدت جميع الأطراف استعدادها للعمل بشكل بناء ومسؤول وعملي، فستكون لدينا أفضل فرصة لتسخير الديناميكيات القائمة والجديدة وتحويلها إلى فرص للتقدم”.
ووفقًا للسيدة رشدي، ستشمل هذه الإشارات استئناف اجتماعات اللجنة الدستورية ومواصلة تطوير تدابير بناء الثقة خطوة بخطوة. وقالت إن الوقت قد حان لجميع اللاعبين السوريين والدوليين لإظهار الالتزام الحقيقي بالعملية السياسية لتحقيق السلام والاستقرار المنشود.استعدادهم لوضع جميع القضايا والمخاوف الحرجة على الطاولة.
سلطت الضوء على الأفكار التي طرحها المبعوث الخاص غير بيدرسن حول تطوير مسار شامل للخروج من الصراع السوري، مؤكدة أن التفاعل مع هذه الأفكار سيكون إشارة قوية، في وقت التغيير المحتمل، بأن الحل السياسي التفاوضي ”ليس خارج نطاق براعتنا الجماعية وإرادتنا السياسية”.
!عائلات سورية ولبنانية فرت من العنف المتصاعد في لبنان تصل إلى سوريا.
استمرار التدفق على الحدود
من جانبها، قالت مديرة قسم العمليات والمناصرة في مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، إيديم وسورنو، إن أكثر من 540 ألف شخص فروا الآن إلى سوريا من الحرب في لبنان منذ أواخر أيلول/سبتمبر، أكثر من نصفهم من الأطفال وإن ثلثيهم من السوريين.
ورحبت باستعداد الحكومة السورية المستمر لإبقاء حدودها مفتوحة وتسهيل الدخول إلى البلاد، لكنها أشارت إلى أن الغارات الجوية المستمرة على طول الحدود جعلت المعابر أكثر خطورة. وقالت إن الأضرار الناجمة عن الغارات الجوية تعرقل عبور المركبات لاثنين من المعابر الحدودية الرسمية الخمسة، بما في ذلك معبر جديدة يابوس الرئيسي في ريف دمشق – والذي عبره نصف الوافدين حتى الآن وأدت إلى تعقيد جهود الإغاثة.
وأضافت أن الناس لجأوا إلى التنقل عبر المعابر سيرا على الأقدام أو البحث عن طرق بديلة أطول وأكثر خطورة. وقالت: “من الأهمية بمكان اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتجنب إلحاق الأذى بالمدنيين – بما في ذلك عمال الإغاثة”.
النقص المدمر للتمويل
وعلى الرغم من هذا الوضع المأساوي، لم يتم استلام سوى 55 مليون دولار من النداء المشترك بين الوكالات البالغ 324 مليون دولار – والذي تم إطلاقه في أوائل تشرين الأول/أكتوبر بقيادة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين.
في هذا السياق، قالت السيدة وسورنو: “نفعل ما بوسعنا، بما في ذلك بالموارد الموجودة في متناول اليد. لكن هذا ليس مستدامًا”.في بلد يحتاج فيه 16.7 مليون شخص – أكثر من 70 في المائة من السكان – إلى المساعدة بالفعل، أفادت التقارير بأن بعض العائلات اللبنانية بدأت في العودة بسبب نقص الخدمات وظروف المعيشة السيئة في سوريا. وأكدت أن المنطقة الشمالية الشرقية، حيث وصل أكثر من مائة ألف شخص، تواجه أيضًا تفشيًا محتملاً للكوليرا، مع الإبلاغ عن أكثر من 270 حالة مشتبه بها ووفاة واحدة حتى الآن، بما في ذلك العديد من الحالات في مخيم الهول المكتظ.
وما يزيد الأمور سوءًا هو أن تمويل خطة الاستجابة الإنسانية لا يزال عند 28 في المائة فقط، وفقًا لمسؤولة الأوتشا التي ركزت على التأثير المقلق على الأمن الغذائي وقالت: “يواجه ما يقرب من 13 مليون شخص بالفعل انعدام الأمن الغذائي الحاد في سوريا – خامس أعلى إجمالي عالمي – بينما اضطر برنامج الأغذية العالمي إلى خفض مساعداته بنسبة 80 في المائة خلال العامين الماضيين بسبب تخفيضات التمويل”.
وأشارت السيدة ووسورنو إلى أنه ما لم يتم تلقي مزيد من التمويل، “ستكون العواقب وخيمة”، خاصة مع حلول فصل الشتاء. وشددت على أنه بدون تمويل إضافي، فمن المرجح أن ترتفع حالات التهابات الجهاز التنفسي والاستشفاء، وخاصة بين الأطفال الصغار.
وقالت إن شح الموارد يجعل الوصول الإنساني المباشر والفعال عبر جميع الطرق المتاحة أكثر أهمية. ورحبت بتمديد الحكومة السورية الإذن للأمم المتحدة باستخدام معبري باب السلام والراعي الحدوديين لتقديم المساعدة من تركيا إلى شمال غرب سوريا حتى 13 شباط/فبراير 2025.
كما أكدت أن نقص التمويل يعزز أهمية تقوية الاستثمار في التعافي المبكر بموجب خطة الاستجابة الإنسانية واستراتيجية التعافي المبكر الجديدة، خاصةً في قطاعات إنتاج الغذاء والصحة والمياه والتعليم والطاقة “والتي تضررت جميعها بسبب سنوات من الصراع والأزمة الاقتصادية”.