البيئة

هل ستدفع أكثر ثمنًا لتذاكر الطيران لدعم جهود إنقاذ المناخ؟

تخيل أنك⁢ تتصفح الإنترنت لحجز رحلة طيران. عند الدفع، تلاحظ وجود بند إضافي بجانب الضرائب والرسوم المعتادة: شيء يسمى “ضريبة التضامن​ العالمية” قد أضاف دولارًا إضافيًا إلى تكلفة رحلتك التي⁤ تبلغ 200 دولار. هذه النسبة المئوية نصف في المئة ستذهب⁤ إلى الصومال، حيث ستساعد في ​دفع تعويضات للمزارعين الذين فقدوا ‌قطعان الماعز‌ الخاصة بهم بسبب جفاف شديد⁢ – والذي تفاقم بفعل الاحتباس الحراري الذي تسهم فيه رحلتك‍ – وهم الآن بلا غذاء أو مياه.

هذه هي رؤية جهد جديد يجري العمل عليه خلال محادثات المناخ التابعة للأمم ​المتحدة في‌ باكو، أذربيجان. مؤتمر هذا العام، المعروف باسم ​COP29، ‌يركز بالكامل على المال: أي الدول ⁣ستدفع للمساعدة في مكافحة تغير المناخ،‍ وكم من المال سترسل، وما الذي ستحققه تلك الأموال. الجهود السابقة‍ لتمويل إزالة الكربون⁣ والقدرة ⁤على التكيف مع المناخ في‍ العالم النامي قد فشلت تقريبًا. الدول الغنية قدمت الأموال ⁤بشكل متقطع وغير‌ شفاف،‌ مما ⁣ترك تريليونات الدولارات من الاحتياجات غير الملباة⁣ في أفقر⁣ دول العالم.

اقرأ التالي

المواطنون يسيرون بالقرب من⁤ لافتة لمؤتمر COP29 ​قرب ⁢ملعب باكو ‍الأولمبي.

‌ ⁣ ⁣ ⁢ إليك ⁤5 قضايا‌ يجب ​مراقبتها خلال ⁢COP29

هناك ⁣إشارات⁣ لنظام جديد يظهر على هامش مؤتمر COP29. مجموعة صغيرة من الدول تدفع اقتراحًا لمجموعة من ⁢الضرائب العالمية على الصناعات ذات الانبعاثات العالية، والتي يمكن أن ⁢تجني مليارات الدولارات كدخل ثابت ​لجهود التعافي في البلدان المتضررة من الكوارث. تستخدم ‌حكومات فرنسا وكينيا وباربادوس مؤتمر COP29 كنقطة انطلاق لتطوير ما يسمونه “ضريبة التضامن العالمية”،⁣ والتي ستفرض ضرائب بنسبة نصف بالمئة على قطاعات مثل الطيران والشحن.

حصلت الفكرة على دفعة كبيرة من الأمين‍ العام للأمم المتحدة ‌أنطونيو غوتيريش يوم⁣ الثلاثاء. وفي خطابه أمام المفاوضين المجتمعين في المؤتمر، حث غوتيريشهم على التفكير “في استغلال مصادر مبتكرة، وخاصة الضرائب‌ المفروضة على الشحن ⁤والطيران واستخراج الوقود الأحفوري.”

هناك حاجة ملحة للتمويل لمعالجة “الخسائر والأضرار”، أو ⁢الدمار المرتبط‌ بالكوارث‌ الناتج عن تلوث الكربون. اعترفت⁢ البلدان الغنية بمسؤوليتها عن ⁤توفير هذا التمويل – نظرًا لأنها انبعث منها كميات أكبر بكثير من الكربون مقارنة بمعظم دول‍ العالم – لكنها لم‍ تتخذ خطوات فعلية بعد: العام الماضي تعهد حوالي اثني⁢ عشر بلدًا بتقديم مبلغ إجمالي قدره⁢ 700⁢ مليون دولار ⁣لصندوق جديد للخسائر والأضرار تديره⁤ البنك الدولي وقد تتبع المزيد ⁤من التعهدات خلال مؤتمر COP29 هذا⁤ العام.

هناك توافق واسع ⁤الرأي بأن⁤ هذه الطريقة المتقطعة​ غير مستدامة – ليس أقلها ⁣بسبب التقلب السياسي المحلي ⁢، بما في ذلك احتمال أن تقوم الولايات المتحدة بقطع مساعداتها الجديدة للمناخ عندما يتولى دونالد ترامب ‌الرئاسة العام ‍المقبل.​ ثم هناك حقيقة أن دولة ⁣دمرتها عاصفة مدارية لا تستطيع الانتظار لمدة عشر سنوات حتى تصل المنحة للتعافي إلى خزينتها المالية. أخيرًا ، هناك ‌عدد قليل نسبيًا من الحوافز للدول الغنية ‌لدفع تكاليف الإغاثة الإنسانية بالخارج مقارنة بمشاريع​ أخرى مرتبطة بالمناخ: قرض​ لبناء مزرعة شمسية قد يسدد نفسه عندما⁤ يبدأ المشروع بتوليد⁣ إيرادات الطاقة ، ومنحة التكيف قد تؤدي إلى فوائد اقتصادية لاحقاً إذا ساعدت في حماية سلسلة ⁤الإمداد أو جعلت مزرعة أكثر مرونة . بينما لا تسدد مساعدات التعافي نفسها.

تقترح ‍ضريبة التضامن العالمية نهجاً مختلفاً: بدلاً من تشجيع الاقتصادات الكبيرة على⁣ تقديم مساهمة واحدة كبيرة مرة واحدة فقط‍ ، سيستخدم الاقتراح الضرائب لتوليد إيرادات‌ ثابتة لصندوق الإغاثة . تعمل‌ مجموعة⁢ العمل الفرنسية – باربادوس⁣ – كينيا حاليًا لدراسة أي الصناعات يجب فرض ضرائب عليها⁣ ، ومن المتوقع أن تصدر اقتراحها ‌النهائي مطلع العام المقبل.

تشمل القطاعات مثل الطيران والشحن التي ​تعبر ⁣الحدود‍ الوطنية مرشحين واضحين لذلك ، لكن مجموعة⁣ العمل نظرت أيضًا إلى فرض ضرائب على البلاستيك ⁤والعملات المشفرة ‍نظرًا لانبعاثاتها الكبيرة وأثرها الكبير للطاقة . ومن ⁢المحتمل أن تبدأ مجموعة العمل باستهداف صناعة واحدة فقط مثل الطيران وتحث الحكومات الطموحة بيئيًّا لتمرير ضريبة مفروضة على المعاملات داخل ‍تلك الصناعة والتي يمكن‍ استخدامها كنموذج للعديد والعديد من الحكومات الأخرى لتتبعه .

قالت رئيس وزراء باربادوس ‌ميا موتلي ، وهي زعيمة مؤثرة في نقاشات تمويل المناخ : “لقد أرشدتنا مبدأ ‘من يلوث يدفع’ ​حتى الآن”. “إذا كنت قد ساهمت بالمسألة فعليك أيضًا المشاركة بحلها.”

وأضافت موتلي أنه يمكن للاقتراح الخاص بالضرائب جمع ما يصل ⁢إلى 350 مليار دولار ‌إذا تم اعتماده عالميًّا . حتى لو قامت بضع عشرات ‌فقط بتنفيذ ضريبة ⁤واحدة لهذه الصناعات فإن ذلك يمكن أن يجمع أموال أكثر سنويًّا مما جمعته جميع التبرعات‍ المقدمة حتى ​الآن لخسائر‌ الأضرار مجتمعةً . تضم مجموعة العمل حاليّاً 13 عضوًَا بما ‌فيها فرنسا وإسبانيا وجزر مارشال.

الكثيرمن⁤ الدول تجمع بالفعل⁢ ضرائب خاصة بالصناعة ​. فعلى سبيل ​المثال أكثرمن30 دولة تفرض ضرائبا بنسبة حوالي0,5%على بعض المعاملات المالية‌ . وفي المملكة المتحدة تجلب “ضريبة الدمغة” المفروضة علي معاملات الأسهم حوالي5 مليارات ‍دولار سنويّاً ​بينما تجمع ‌كلٌّ مِن⁢ فرنسا وسويسرا نحو مليار ‌دولار سنويّاً عبر⁣ فرض ضرائبهما الخاصة علي قطاعهما المالي . كما قامت عدة دول أوروبية بإصدار ضرائب⁣ علي تذاكر الرحلات الجوية بقيمة تتراوح بين2إلى7دولار خلال العقدين الماضيين حيث توجه ⁣البرتغال عائداتها ⁣نحو مشاريع تقلل الانبعاثات.

لكن تمويل‍ مساعدات المناخ العالمية بهذه الطريقة ⁣يثير عددًا كبيرا⁣ جدًا ⁤مِن التحديات ​الجديدة؛ إذ إن الضرائب الحالية عادة ما تُجمع لأغراض تفيد دافعي الضرائب داخل‌ الدولة⁢ المعينة ⁤ولكن “ضرائِب التضامن” التي ترسل الأموال لأماكن بعيدة قد تؤدي إلي ردود ​فعل سلبية محلية؛ كما أنه يُمكن للدول أيضاً توخي الحذر بشأن تخويف‌ الاستثمارات الخاصة وإعاقة النمو الاقتصادي خاصة ‍بالنظر ‌إلي كون الضريبة فريدة بعدم تقديم أي فوائد مادية للدولة التي تجمعها (بجانب إمكانية تقليل الانبعاث العالمي).


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى