قصة سقوط أنونيموس السودان: كيف وقعت في قبضة السلطات الأميركية؟
وجهت وزارة العدل الأميركية اتهامات ضد اثنين من المواطنين السودانيين لدورهما المزعوم في الهجمات السيبرانية التي شنتها مجموعة “أنونيموس السودان” على المستشفيات، والمنشآت الحكومية، والبنى التحتية المهمة في لوس أنجلوس وحول العالم.
وجاء في لائحة الاتهام التي تم الكشف عنها أن أحمد صلاح يوسف عمر، 22 عامًا، وعلاء صلاح يوسف عمر، 27 عامًا، متورطان في تشغيل وإدارة “أنونيموس السودان”، وهي جماعة سيبرانية إجرامية نفذت عشرات الآلاف من هجمات الحرمان من الخدمة (DDoS) ضد البنيات التحتية المهمة والشبكات الحكومية والشركات في الولايات المتحدة ودول أخرى.
ووفقًا لصحيفة واشنطن بوست، وجه المدعون الفيدراليون اتهامات للشقيقين السودانيين بإدارة واحدة من أكثر عصابات الهجمات الإلكترونية تأثيرًا على الإطلاق وذلك مقابل أجر. وقد أُلقي اللوم على هذه المجموعة الصغيرة في 35 ألف هجوم خلال عام واحد. ويمكن أن تؤدي الإدانات إلى أحكام محتملة بالسجن مدى الحياة.
وبحسب الصحيفة، فإن الشقيقين قاما بتشغيل مجموعة “أنونيموس السودان”، وهي مجموعة ضخمة تضم 80 ألف مشترك على تطبيق “تيليغرام”، والتي تمكنت من تعطيل الصفحات الرئيسية غير المتصلة بالإنترنت مثل “مايكروسوفت” و”أوبن إيه آي” و”باي بال” منذ يناير 2023. وتقول لائحة الاتهام إنهم فعلوا كل ذلك مع ثلاثة شركاء فقط من السودان لم يصدر بحقهم أي اتهامات سابقة.
أعلنت مجموعة قراصنة تطلق على نفسها “أنونيموس السودان”، استهداف تطبيق “تشات جي بي تي” التابع لشركة “أوبن إيه آي”، كجزء من حملة المجموعة ضد إسرائيل وداعميها.
أستاذ الهندسة وأمن الشبكات في جامعة سان هوزيه الحكومية بكاليفورنيا، أحمد بانافع، يقول في حديث لقناة “الحرة”: إن المجموعة استخدمت آلاف الحواسيب لمهاجمة المواقع الإلكترونية. ويشير إلى أن الصعوبة تكمن بالنسبة للقراصنة في إخفاء هوية هذه الأجهزة لمنع السلطات من اقتفاء أثرها. وهذا ما فشل الشقيقان السودانيان فيه مما أدى إلى وقوعهما في الفخ بحسب تعبيره.لا، يتم استخدام الذكاء الاصطناعي والتنسيق مع مؤسسات مثل خدمة “باي بال” للتعاملات المالية لمراقبة أي تحركات مشبوهة. ويضيف أن الذكاء الاصطناعي قد سهل الكثير من الأمور واختصر الوقت الذي كانت تستغرقه السلطات سابقًا لمتابعة عمليات القرصنة الإلكترونية.
كان اهتمام السلطات الأميركية بالقرصنة “السودانية” كبيرًا مقارنةً بالتعامل مع حالات قرصنة سابقة كان الهدف منها هو دفع فدية مالية. ويعزو أستاذ الهندسة وأمن الشبكات في جامعة سان هوزيه الحكومية سبب ذلك إلى أن ”القرصنة السودانية كانت وراءها أيضًا أهداف إيديولوجية وقومية وعقائدية وسياسية، وأن سرعة اعتقال المتورطين هي رسالة واضحة لأي جهة أخرى تحاول تنفيذ عمليات قرصنة مشابهة”، على حد قوله.
أشارت مجلة “فورين آفيرز” الأميركية إلى أنه قبل موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، توجد مؤشرات مقلقة بشأن حجم المخاطر التي تحيط بالعملية الانتخابية، وأبرزت بشكل جلي مدى عزم خصوم واشنطن على التدخل في مسار الاقتراع أو محاولة تقويضه.
وبحسب المجلة، فقد ظهرت تفاصيل جديدة عن هجمات إلكترونية وجهود للتدخل في الانتخابات تقف وراءها الصين وروسيا وإيران، مما دفع المسؤولين الأميركيين وكبار التنفيذيين في قطاع التكنولوجيا إلى التحذير من نية هذه الدول في “إثارة الفوضى” خلال الأسابيع التي تسبق الخامس من نوفمبر.
وبخلاف قضية الانتخابات، سلطت شبكة “سي أن بي سي” الضوء في يونيو الماضي على المخاطر المحيطة بمياه الشرب في الولايات المتحدة، حيث تواجه هجمات إلكترونية مرتبطة بالصين وروسيا وإيران.
وذكرت الشبكة أن الهجمات الإلكترونية على شبكات المياه في البلاد يمكن أن تؤدي إلى الإضرار بالبنية التحتية وتعطيل توافر المياه أو تدفقها وتغيير المستويات الكيميائية وتلويث إمدادات مياه الشرب العامة.
ووفقًا للشبكة، شملت سلسلة الهجمات الأخيرة على مرافق المياه أنظمة في كانساس وتكساس وبنسلفانيا. وقد أصبح الاستيلاء على البنية التحتية الوطنية الحيوية أولوية قصوى لمجرمي الإنترنت المرتبطين بجهات خارجية وعلى رأسها الصين وروسيا وإيران.
ونقلت الشبكة عن متحدث باسم وكالة حماية البيئة قوله: “جميع أنظمة مياه الشرب ومياه الصرف الصحي معرضة للخطر في المناطق الحضرية والريفية”.