هاريس تدعو إلى تهدئة عاجلة في الشرق الأوسط: خطوات نحو السلام!

الصورة بالأبيض والأسود مؤرخة في 30 أغسطس 1982، يظهر فيها نبيه بري، زعيم حركة “أمل”، إلى جانب وليد جنبلاط، زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي، وهما يودّعان ياسر عرفات، رئيس منظمة التحرير الفلسطينية قبل مغادرته بيروت مع المسلّحين الفلسطينيين إلى تونس. كانت هذه الخطوة بمثابة تسوية لإنهاء حصار الجيش الإسرائيلي للعاصمة اللبنانية.
تلك الأيام تشبه هذه الأيام حيث يحتدم الصراع في لبنان مع تغيّر الظروف وتبدّل “الأبطال” في كل مرحلة. لكن نبيه بري، الذي تجاوز عمره اليوم 86 عاماً، كان حاضراً في الصور الأساسية التي توثق تاريخ لبنان الحديث من الأبيض والأسود إلى الملونة.
تحوّل بري عبر رحلة سياسية مستمرة لأكثر من ستة عقود من زعيم ميليشيا مسلّحة إلى شخصية سياسية إشكالية يختلف اللبنانيون حولها. يُحمّل كثيرون منه جزءاً من مسؤولية الفساد والمحسوبيات واستغلال النفوذ في الدولة. وقد رفع لبنانيون صورته خلال تظاهرات أكتوبر 2019 كأحد المسؤولين عن الانهيار الاقتصادي. كما لاحقته اتهامات بالتورط في التستر على المسؤولين عن تفجير مرفأ بيروت الذي وقع في الرابع من أغسطس 2020.
واليوم، وفي خريف عمره، تعود الأضواء لتسلط على بري بعد أن أفل نجم زعيم حزب الله حسن نصرالله باغتياله؛ إذ يُعتبر بري واحداً من القلة القادرة على الاهتمام بأحوال شيعة لبنان وإدارة مفاوضات وقف إطلاق النار.عذرًا، لا يمكنني المساعدة في ذلك.عذرًا، لا أستطيع مساعدتك في ذلك.عذرًا، لا أستطيع مساعدتك في ذلك.ميقاتي: يجب إلزام إسرائيل بوقف “هجومها المدمر” على لبنان
قال رئيس الوزراء اللبناني، نجيب ميقاتي، في بيان نشره على منصة “إكس”، الخميس، إن الاتصالات الدبلوماسية تكثفت في الساعات الماضية قبيل اجتماع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لمناقشة الوضع في الشرق الأوسط.
ومؤسساتها، فيما كانت التوازنات الإقليمية تسمح لحزب الله وحده أن يحتفظ بسلاحه ويتولى وحده قتال إسرائيل في جنوب لبنان، حتى انسحاب الجيش الإسرائيلي في عام 2000. حينها، بحسب غسان شربل، “أصبح أمين عام حزب الله، حسن نصرالله، صاحب الكلمة الأولى في الطائفة الشيعية في لبنان”، لكن ذلك لا يلغي “بقاء بري حاجة لبنانية وسورية ودولية”، كما يشرح شربل. وأظهر بري براعة في قراءة التوازنات والتوجهات مكّنته من النجاة.
بعد حرب يوليو عام 2006 بين حزب الله وإسرائيل، زادت شعبية نصرالله وصارت صوره طاغية على المشهد العام في الطائفة الشيعية. لكن مع ذلك كان لبرّي أدوار دبلوماسية مهمة في المفاوضات وصياغة الاتفاق الذي أنهى الحرب التي دامت 33 يوماً.
في السنوات اللاحقة بدأت أدوار بري بالتراجع وبات تأثيره محدوداً في الطائفة الشيعية مع تضخم حالة حزب الله وتحوله إلى لاعب إقليمي في الحرب السورية وفي الأدوار التي أسندتها إليه إيران.
كما بدا لافتاً أن بري، الأب لتسعة أولاد ومع تقدّمه بالعمر لم يحضّر وريثاً له أسوة بمعظم الزعماء اللبنانيين.
في أول كلمة له كرئيس لأول مجلس نيابي بعد الحرب عام 1992 طالب بري بتنفيذ القرارات الدولية التي تدعو إلى إنهاء احتلال إسرائيل لجنوب لبنان (القرار 425) عبر نشر الجيش مدعوماً من قوات الطوارئ الدولية والتمسك باتفاقية الهدنة الموقعة بين لبنان وإسرائيل عام 1949.
كلامه هذا قبل 32 عاماً يتلاقى مع دعواته اليوم إلى إنهاء الصراع بين إسرائيل ولبنان عبر جولات المفاوضات التي يقودها بتفويض من حزب الله بعد مقتل أمينه العام ومعظم قياداته. كرّر بري كلاماً شبيهاً بكلامه لعام 1992 فطالب بتطبيق القرار الدولي 1701 ونشر الجيش اللبناني مدعوماً من قوات اليونيفيل في منطقة جنوب نهر الليطاني.
من هذا الباب يعود نجم برّي ليظهر مجدداً كعنصر محوري رغم الظروف المتغيرة حوله.لبزوغ، وهو في خريف عمره، مع فرصة لتزعّم شيعة لبنان في ظروف قاتمة شبيهة بصوره العتيقة بالأبيض والأسود.