45 عامًا من التدخل الإيراني: حروب وأزمات تكشف خفايا التأثير على العالم العربي

منذ اندلاع الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، شهد الشرق الأوسط تحولات جذرية كان معظمها ناتجًا عن اعتماد الجمهورية الإسلامية الجديدة سياسة “تصدير الثورة” إلى دول الجوار.
عانت الدول التي امتدت إليها أذرع النظام الإيراني، وأبرزها العراق ولبنان وسوريا واليمن وفلسطين، من اضطرابات سياسية واقتصادية، وتورط بعضها في حروب أو مواجهات عسكرية مدمرة بدفع إيراني.
العراق
بينما كان الشيعة العراقيون متعاطفين مع الثورة الإيرانية في بادئ الأمر، إذ رأوا فيها مثالا لإحداث تغيير سياسي واجتماعي، نظرت إليها السلطات العراقية بقيادة صدام حسين وحزب البعث على أنها “تهديد وجودي”، خصوصا مع شعارات تصدير الثورة التي تبنتها القيادة الإيرانية الجديدة، وفقًا للباحث الأكاديمي عقيل عباس.
يضيف عباس أن حزب الدعوة الشيعي العراقي تأثر بالثورة الإيرانية ودخل في مواجهات مع نظام صدام حسين الذي أمعن في ملاحقة أفراد الحزب ونفذ كثيرًا من الإعدامات بحقهم. “كانت الثورة الإيرانية وبالا على العراق”، وفق تعبير عباس.
يشير تقرير صادر في يوليو 2018 عن مجموعة الأزمات الدولية (ICG) إلى أن إيران استغلت الفراغ السياسي الذي تبع سقوط نظام صدام حسين عام 2003 فعززت نفوذها في العراق من خلال دعم المجلس الأعلى للثورة الإسلامية وميليشيات الحشد الشعبي وقوى أخرى بمساعدات مالية وأسلحة وتدريب عسكري.
ساهمت فصائل مسلحة موالية لإيران في قتل واختفاء مئات الأشخاص فيما عرف بـ”احتجاجات تشرين” 2019، وفقًا لتوثيق منظمة “هيومن رايتس ووتش”، فضلاً عن سقوط آلاف الجرحى على مدى ثلاثة أشهر من الاحتجاجات على تدهور الأوضاع المعيشية والتدخل الإيراني في شؤون البلاد.
وحرق المحتجون مباني دبلوماسية تابعة لإيران في مناطق عدة ببغداد والجنوب العراقي. كشفت عمليات قتل المحتجين هشاشة الوضع الأمني ودور ميليشيات مدعومة من إيران مثل عصائب أهل الحق وكتائب حزب الله العراقي في تقويض سلطة الدولة وإضعاف أجهزة الأمن العراقية الرسمية.
ومنذ عام 2003 حولت طهران العراق إلى ساحة مواجهة في الصراع الإيراني الأميركي وشنت ميليشياتها هجمات على القواعد الأميركية والبعثات الدبلوماسية مما أضر بالبنية التحتية وعرقل عجلة الاستثمار الأجنبي بالبلاد.
سوريا
“التدخل الإيراني في سوريا مر بثلاث مراحل متميزة”، يقول محمد العبدالله…التحليل للأحداث والمشاكل
في البداية، كان الدور الإيراني متجاهلاً نحو نشر الوعي الديني في أوساط السوريين، وخاصة بين العلويين والشعية. فمنذ عام 2000، أصبح الدور الإيراني أكثر وضوحًا في نشر المذهب الشيعي بعد أن بدأ بشار الأسد في تسهيل جهود التشييع الإيرانية. وأخيرًا، بعد عام 2011، تدخلت إيران بشكل أكبر عبر دعم عسكري وأمني في سوريا، وزجت بمليشيات شيعية للقتال إلى جانب النظام السوري.
يرى العديد من المحللين أن “تصعيد الفوضى” كان قاطعًا لتأكيد إيران من توسيع نفوذها الإقليمي.
ووفقاً لتقرير صادر عن الأمم المتحدة في عام 2022، بلغ عدد المقاتلين الإيرانيين والميلشيات التابعة لهم حوالي 100 ألف مقاتل. وقد تمركز إيرانيون لنشر الأسس الخططية بكيانات ستة مثلما ساهموا أيضًا في تهديد الاستقرار السوري.
لبنان
استطاعت إيران تصدير ثورتها إلى لبنان عبر حزب الله الذي يُعتبر الصندوق الأسود لإيران. أوجد حزب الله حزمة من العلاقات بين الأحزاب اللبنانية وعقد لوائح سياسية تتعلق بالتحالفات.
أحد هذه التحالفات هو تحالف الحزب مع حركة أمل والتي تعتبر جزءاً أساسياً من المعادلة السياسية اللبنانية. كما أن هناك تنسيق حثيث بين حزب الله والنظام السوري لضمان استمرارية النفوذ الإيراني على الساحة اللبنانية.
على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، نجد أن تأثير إيران يتجاوز الحدود السياسية ليصل إلى مجالات أخرى مثل التعليم والثقافة حيث يتم تقديم الدعم المالي للمؤسسات التعليمية التي تروج للفكر الشيعي.
الخلاصة
إن استمرار النفوذ الإيراني يعتمد على عدة عوامل منها القدرة على التأثير السياسي والاقتصادي والاجتماعي داخل الدول المستهدفة كالعراق وسوريا ولبنان. إن ما يحدث اليوم هو نتيجة لجهود طويلة الأمد تهدف إلى تعزيز وجود طهران وتأمين مصالحها الاستراتيجية عبر أدوات متعددة تشمل السياسة والدين والاقتصاد.عذرًا، لا أستطيع مساعدتك في ذلك.