العربية٢٤نيوز/ فوزية الكوراني/ سوريا
<لم يكن يعلم أنني أتتبع خطواته؛ حتى جاءت ساعة الحسم التي جعلتني أتنفس الحياة!..>
~~~
كنت في العاشرة من عمري…
عندما جاء من اشتراني من الميتم؛ يومها انتفخت اوداجي؛ كنت حزينة جدًا لأنني سأترك رفيقاتي وسأعبر إلى خارج السور الذي كنا ننظر من خلال فتحاته لنشاهد الحياة الخارجية التي يتكلمون عنها المربيات..
يومها شعرت بالحزن واليتم؛إذ أنهم قَطَّعوا الهواء بهذا الخروج!..
أنا لم أعرف والدايَّ ولا من هم!!..عندما فتحت عينايَّ على الدنيا كانت تحتضنني إنسانة رقيقة حنونة وكلنا نناديها بلقب ماما زينب، كانت تمثل لنا الدنيا ولانشعر بأي يُتمٍ معها..
جاءت ماما زينب في ذاك الصباح المشؤوم؛ أخذتني واصلحت من لباسي وكانت تبكي وهي تمشط شعري وتقول لي: انتبهي لنفسك حاولي تكوني لطيفة مع السيد وزوجته الذي تبناكِ..
يومها تشبثت بها وبكيت كثيرًا وهي تحاول من تهدئة روعي وتُجمل لي الحياة خارجًا، وتثني على السيد وزوجته، وبأنني سأكون لهم العوض من الله على حرمانهم من الذرية..
وكانت زوجة السيد تأخذني منها وتناديني ياابنتي لاتبكي ستزوري ماما زينب عندما نأتي لزيارة البلد..
أتذكر أول ليلة قضيتها في فراشي خائفة أصارع النوم
كنت أشعر أن النوم سيأخذ حياتي!!.. لماذا هذا الشعور تملكَني لاأعلم، مع أن الغرفة كانت جميلة وفيها ألعاب، والفراش مريح، إلا أن الخوف غَلَّقَ على قلبي!..
كانت الزوجة تعاملني برفق وحنان كنت أسمع من الخدم أنها إنسانة حنونة صابرة تزوجت عن حب وفرضت زوجها على عائلتها رغم أن الفارق الإجتماعي بينهم كبير، فهو من عائلة متوسطة الحال بكل شيء، وهي من أسرة غنية وراقية بكل معاني الرُقيّ..
بعد الزواج اكتشفوا أنه عقيم فكتمت عن عائلتها الخبر،
نسبت العقم لها لكي لايطالبوها بالإنفصال عنه..
أما الزوج كنت أشعر أنه مرغم على وجودي بينهم، رغم أنه يتظاهر بالحب لي، ويأتي بالهدايا والألعاب..
إلا أن شعور داخلي يجعلني أنفر منه وخاصةً عندما يقبلني!..
برغم صغر سني إلا كنت اُفَرق بين قُبلة الحنان التي كانت تطبعها السيدة على خدي ومن قبلته التي كانت تثير اشمئزازي..
في عامي الثالث عندهم عندما بلغت الثالثة عشرة من عمري: بدأت أشاهد نظراته الوقحه ولمساته الخبيثة التي كنت اتحاشاها كثيرًا؛ ولا أريد أن تشعر السيدة بأي شيء يقهرها فهي كانت حنونة فرحة بي تعاملني كالإبنه؛
تأخذني معها في مشاوريها، للأصدقاء الجدد تقول لهم هذه ابنتي..
بدأت أقفل غرفتي بالليل عندما شعرت أنه يتسلل إليها بحجة أن يصلح من الغطاء خوفًا عليَّ من البرد؛ ويداه الشيطانية تتسلل إلى جسدي…!
كنت أصارع أيامي معه كالصراع القط والفأر، دومًا أنزوي في غرفتي عندما يكون جالسًا في المنزل..
إلى أن آتى يومًا مشؤومًا ثانيًافي حياتي ،عندما مرضت السيدة ودخلت المشفى لاستئصال
(الزائدة الدودية) بكيّت يومها كثيرًا أردت النوم عندها خوفًا منه، إلا أنهم في المشفى لم يسمحوا لي..
عدت إلى المنزل معه خائفة وهو يحاول أن يكون حنونًا كما الأب الحقيقي ولأول مرة أشعر أنه حنون طيب، (روغان الثعلب) وبعد أشرفت الخادمة على طعامي وأدخلتني غرفتي شعرت بالخوف الشديد؛ أقفلت الباب كما كنت أفعل ظنًا مني أن ماكان يمنعه عني القفل وليس خوفًا من السيدة أن تراه..
جلست في سريري أُغالب النعاس لكن للأسف غلبني:
واستقيظت على وحش يفترسني…!
واستيقظت الخادمة على صوت بكائي، وكانت تبكي معي وتقول له حرام عليك ياسيدي ماذا فعلت بهذه الطفلة وهو يتهدد ويتوعد بأن يقطع عيشها في هذا المنزل إن تكلمت بحرف!!.. ويقول لها: هذه ليست لها حرمة إنها ابنة حرام… كانت ترن في أذني هذه الكلمة : (ليست لها حرمة) يومها لم أفهم معنى هذه الكلمة!!..
لم يكن أمامي سوى الهرب؛ مشيت يومًا كاملًا وقدماي لم تتعب لم يشغلني شيئًا سوى أن ابتعد عن هذا البيت والشيطان اللعين، ولم أكن أعرف الطريق إلى الميتم وبالأساس إنه في بلدٍ آخر..
عندما اشتد الظلام وكان التعب قد أنهكني:
غفوت على قارعة الطريق ولم أستيقظ إلا على يدٍ تداعب شعري واسمع صوتها يقول كم أنت متعبةيا صغيرتي؛ نظرت
لها دون الرد حاولت النهوض سقطت مَغشيًّا عليَّ ولم أصحو إلا بعد إسبوع في مشفى خاص وتحطيني عناية كبيرة من الله، ومن تلك المرأة التي أيقظتني من على قارعة الطريق وأخذتني إلى المشفى وقالت لهم أنني حفيدتها، أخذتني إلى منزلها:
سمعت حكايتي ذرفت دموعًا عندما سمعتها..
كانت إمرأة في الخمسين غنية تعيش لوحدها عندها ولدان ذهبوا للدارسة في إنجلترا، واستقروا بها..
أحاطتني برعايتها وكأنني فعلًا حفيدتها وهيأت لي كل أسباب السعادة والحياة الطبيعية بمالها…
لكنها لم تستطع أن تمحي من ذاكرتي تلك الليلة..
تتبعت أخباره عرفت أنه صار مدمنًا للمخدارت منذ أن انفصل عن زوجته، حيث أن الخادمة أخبرتها بكل ماحدث..
ولأَنها لم تشاء أن تثير الفضيحة طلبت منه الإنفصال بهدوء..
عاش وحيدًا مع نساء السوء والمخدرات..
كان لابد لي من الإنتقام لكي أستطيع العيش بسعادة..
كانت سعادتي هي الإنتقام ولم أكن أريد له الموت…
كنت أريد أن أحرمه من رجولته كما حرمني انوثتي واغتال طفولتي…
لم أكن اتكلم مع جدتي بحقدي وماأريد فعله،
لأنها كانت عند كل كابوس يأتيني ليلًا وتسمع بكائي وأنا أهدد بالانتقام تضمني إلى صدرها وتقول لي اتركيه لله..
هي تفضل إنتقام الله على إنتقام العبد لذاته..
لكن أنا لم يكن يشفي غليلي وحقدي، إلا ماصممت عليه…
خَطَطَتّ وتعرفت على إحدى النساء… التي كانت تصاحبه،
وأقنعتها أنني رسامة وأريد رسم ليلة من لياليهم وذلك لرسالة التخرج في معهدي، ودفعت لها مالًا كثيرًا فاستجابت لطلبي وأخبرتني بموعد زيارته لها..
تركت لي الباب مواربًا؛ دخلت انتظرت حتى ذهبت المرأة إلى المطبخ لتعد شيئا من الطعام والشراب، وكان هو في حالة سُكرٍ أشد من الغيبوبة؛
فكان لي ماأردتّ وأخذتّ حقي…
خرجت مسرعة وطلبت له الإسعاف لكي ينقذوا حياته!!..
لم يكن يعلم أنني أتتبع خطواته حتى جاءت ساعة الحسم بعد عشرة سنين!… لتجعلني أتنفس الحياة!
About Post Author
admin
More Stories
صاحب المنبر والخطبة
العربية٢٤نيوز/ عماد الشافعي حماد الشريف إمام الدعاة الخطيب القدوة المعلم صاحب المنبر والخطبة إختص الإمام بجوامع الكلام رسول الإسلام...
لا تراهن احد
العربية٢٤نيوز/ ام رفعت الجوهري إحتفظ في مكانتك بنفسك ولاتراهن على مكانتك في قلب أحد إحمي نفسك من عناء التوقعات وحافظ...
Abeer Morshad
العربية٢٤نيوز يا حلا اسمك لو جاه بقصيد ويا حلا الشوق لما القلب له يشتاق لعيون غليتها والشوق له يتعدد بكل...
Abeer Morshad
العربية٢٤نيوز بين وداع الصباح لك وعودتك في كل مساء اكتب لك الكثير من المشاعر وامسح الكلام لكن كلما كتبت ومسحت...
Noha Mostafa
العربية24نيوز مهما كانت الظروف صعبة يبقى الأصيل شامخاً خلوقاً طيباً لا يتغير
Somaya Shoker
العربية24نيوز لا تهدر كلماتك على الأشخاص الذين يستحقون صمتك.. أحياناً أكثر كلماتك قوة تكون عندما لا تقول شيئاً..
Average Rating