Read Time:42 Minute, 50 Second

مقدمة المجموعة الحياة لعبة حقيقية لدى احمد السلمان

تقديم/ محمد الذهبي

متابعة العربية 24 نيوز : ماجد لفته العابد

3

انه صديقي الذي اعتبر الحياة لعبة خلافا لكل مدعٍ ان الحياة لعبة لكنه لم يلعب بها كما لعب احمد، يجترون الاحاديث لكنهم غير جديرين بالمبيت داخل السجن ليلة واحدة، لم يتعرفوا على اعتى مجرمي الارض والذي يسميهم صاحب بنفسج اسود اطيب الناس، لكن يذكر القابهم ويضحك بملىء فيه، بنفسج اسود، البنفسجة التي ارتمت بجانب تل البنفسج، قلت له ونصحته ان يصفع القارىء ومن ثم يبتسم له، انه مزاج فريد في ان يرسم احمد لوحاته بعكس مزاج اخلاقيات العالم، فابطاله جنود ومجانين وسجناء وسكارى، دائما يحاول التركيز على هدفه الرئيس في ان الحياة لعبة، بودلير يؤكد دائما ان لاهدف للشعر سوى ذاته، وربما تكون ذات الشعر هي ذات الشاعر واول من انخدع بهذا شاعر كبير اسمه ادغار آلن بو، فكان هدفه ذاته، واحمد شاعر وقاص فهم اللعبة منذ بدايتها، ولذا لم يكترث لها كثيرا، اعطى لنفسه الحق في ان يكون مسؤولا عن مصائر الناس، فصنع من العامل طبيبا وصنع من الطبيب عاملا، هكذا كان يرى نفسه مخططا لمستقبل الكثيرين، انها حيرة ان تبقى تعيش بمنتصف المسافة حين تسقط من بناية شاهقة، بماذا تفكر وكيف تستطيع موازنة ذاتك، احمد هبط مع آدم من ارتفاع شاهق لكنه لم يمتثل للاوامر ولذا رأى ان لايتمسك بقوانين اللعبة التي هبط بها آدم، احمد طابق بين اثنين وحاول في بداية الامر ان ينسجم، طابق بين الفنان وبين الانسان واستسلم في النهاية للفنان، لقد تأخر كثيرا في كتابة قصصه لكنه تدارك الموقف في بنفسج اسود، لم ينتظر طويلا غياب القمر، ولم يزحف باتجاه تل البنفسج الا سخرية من المصير، لم يطلق اطلاقة واحدة من اجل الفوز بالبنفسجة التي عاهد حبيبته على احضارها، لم يكد اي واحد ان يقدر قيمة الاجازة الدورية وانتظار الاهل، وكذلك لم يحسب احد حجم المأساة حين يعود ملفوفا بخرقة تسمى العلم، ربما حياتنا تسمى حياة ولكنها بعيدة عن تسميتها، نحن نعيش احلامنا فقط منذ الولاية حتى نبدأ نحلم بالموت، حتى الحبيبة المقدسة لم تعد مقدسة، فربما تكون خيطا من خيوط اللعبة، شقة خضير ميري لعبة هي الاخرى والسيكارة التي شحذها من الضابط وهو في حوض السيارة، كل شيء هنا يخضع لمقاييس اللعبة، عبود المجنون الذي سقط بوابل من رصاص هو لعبة، والجنون لعبة ايضا يلجأ اليها المجنون ليخدع الآخرين.

4

مطر اسود

هذا الصباح كغيره يسير بخطى متثاقلة رغم انه يعشق الشتاء والمطر. معطفه الاسود الممزق يوحي للمارة بأنه متسول . يحمل كتيب الكلمات المتقاطعة وعلبة سجائر بغداد . حديقة الامة تحتويه كل ليلة يأكل يثمل ويعربد فيها لا احد يمنعه من العويل او البكاء والضحك . لم يملك شيئا في وطنه سوى بعض الخردة التي تتصدق عليه الدولة تحت مسمى راتب تقاعدي. كانت ساحة التحرير خاوية مابين نصب فائق حسن وجواد سليم الا من بعض العصافير والمطر وبعض أعقاب السجائر على الارصفة . استيقظ فزعا هذا الصباح عندما امطرت عليه السماء مطراً اسود . عاد بذاكرته الى العصور الوسطى وقال ربما احرقوا الساحرات, احدهم مر به مهرولا واخر يحمل اطارات ممزقة واخر يشبه الليل يصرخ . (اريد وطن) . رفع عن جسده معطفه المهترىء وقال: ربما انه حلم وعاد الى نومه يدمدم ولكن الحلم يتحقق.  

5

فجر بلا فجر

لم يبزغ الفجر ودراجته الهوائية تنتظر كفرس. ان يكمل صلاته ليمتطيها في جولته اليومية مخترقا الشوارع البائسة وسوق الصدرية الذي لاينام.كان قبل قليل اتحدث معه , في رأسه هواجس الانتحار الضجر .انا احاول النوم بعد سهر مع قنينة خمر مغشوشة , ولكن دون جدوى , صاح الديك معلنا الفجر وصرخت صفارة الاسعاف وخبر عاجل .. سقوط رجل بدراجته الهوائية من جسر محمد القاسم . كممت اذني اخشى انه هو.

6

,,كيفك انت

عند حافة الرصيف وفي ذلك الفجر,كان يحمل قنينة خمر مغلفة بكيس نفايات اسود. فجر كأنه لن يأتي فجر اخر غيره . مرت قربه عربة بيع الاسمال .كانت تصدح بصوت فيروز ” كيف انت ” سقط الكأس , واتكأ على فراغ  الرصيف , صمت . صمت . زقزقت العصافير والندى بلل وجه الارصفة وبقى ظله في المكان.

7

تل النرجس البري

غداً يا صديقي اجازتي الدورية وتل النرجس يناديني كأنه سحابة بيضاء في سماء مليئة بالدخان برغم انه يفصلنا عن العدو أكثر من ثلاثين خطوة ، ولقد وعدت حبيبتي بأني ساحمل معي لها نرجسة من ذلك المكان .. كنت أفكر بصوت عال وعلى ما يبدو أن صديقي قد أزعجه كلامي الذي يحمل بعضاً من الرومانسية وهو مستلق على الأرض .. ألا تكف عن هذا الهراء وعن تلك التلة اللعينة فأنها عبارة عن مقبرة من نرجس يحيطها الرصاص والعيون .. ليت هذه الليلة يختفي فيها القمر ولو للحظات قليلة تبتلعه الغيوم ويسرقه المطر كي استطيع الوصول فيها لقطف زهرة واحدة . تلك الليلة كانت مقمرة فلا ظهر الغيم ولا نزل المطر والسماء صافية والنجوم قطع من فضة مثل مصابيح مبتسمة بحيث الرؤية واضحة حتى  الليالي الماضية ايضاً واضحة ومميزة من شدة الضوء .. بعد ساعتين ستاتي مركبة المجازين وما زلت أنتظر أخيراَ قررت الزحف وبلا خوف نحو التلة زحفت كالأفعى بلا صوت ولكن القمر كأنه سلط ضوءه على جسدي الزاحف وتاركاً كل سكان الأرض إلا أنا يرافقني .. وصلت أخيراً كان الوقت الذي يحاصرني وعهدي لها قد قتل كل خوف في نفسي لأني أقسمت لها بأني لن أعود إليها من دون زهرة احملها من تل الرصاص .. أمتدت يدي ترتجف والأخرى على الأرض بلا بندقية قطفت الزهرة رأيت وجه حبيبتي يبتسم وهي تمسك يدي بحرارة وتمسك الزهرة وتشم عطرها وتقبلها .. لحظات صمت كانت دهراً طويلاً برغم انها لحظات خيال نسيت فيها لون الرصاص وصوت البنادق ولم يبق في السلة سوى وجه حبيبتي والزهرة التي احملها .. سكون .. سكون .. صرخت الرصاصة على التلة مات السكون .. طارت الفراشات .. وصلت مركبة المجازين ولم يصل رجل النرجس البري لانه نام فوق التلة بيده زهرة قتلها الشتاء وفي جسده رصاصة . بينما غادرت المركبة نحو الشمس أبتلعتها الدروب وظل الندى يغسل وجه القمر.

8

زهايمر

عند منتصف الليل وفي منتصف الطريق  توقف واشعل سيجارته بعد ان اصابه الغثيان بعد جلسة مملة لاصدقاء مسوخ. الكل كان يتحدث عن الماضي . كنت وكنت وكنت . حتى انه هرب بطريقة غريبة معتذرا لهم بأن اتصال قد وصله عبر هاتفه النقال يخبره بأن والدته قد توفيت رغم انها ويعلم الجميع انها توفيت قبل عشرات السنين. توقف قليلا يستذكر الماضي ولكنه مصاب بالزهايمر فقد ذاكرته تماما حتى وجه حبيبته التي غادرته منذ زمن بعيد . حاول ان يكتب شيئا على ورقة ممزقة حصل عليها من احد الارصفة . كان يملك ورقة دون قلم . كان في حيرة وكتب في ذاكرته المنخورة :

من يكتب تاريخه على الرمل

لا ترحمه الريح .

9

متقاعد

عند ناصية بيته المعرض للزوال بسبب هرم عمره جلس يبحث عن شيء يشغله بعدما لامس الثلج شعره وانتشر احفاده ينادونه ( بجدي) . ضحك كثيرا على ماض كان هو البطل في خياله بعدما تذكر انه تجول كثيرا في شارع ابي نؤاس والسعدون والتصق كثيرا في الزحامات من اجل ان يقف بجانب امرأة جميلة ينعش فيها احلامه الشهوانية . بالامس صدر قرار بإحالته على التقاعد ولم يكن مكترثا للقرار ولكن بعد ذلك تخيل نفسه عاطلا. وفي قرارة نفسه قال : انني شاعر وقاص ومدرس لغة عربية . ربما يسخر الكثير مني عندما اعلن ثورتي واعمل في بسطة لبيع السجائر والعلكة ولن ابحث عن وطن  يقتلني   لحظة توهجي . ساحمل بقايا حياتي واحلامي  وارسم لها اجنحة واطلقها الى السماء. ولاشيء يستحق الحياة .

10

طلاسم

ترتعش امام الموقد بعد ان اخبرتها العرافة انها عاقر خشية ان يطلقها زوجها  بعد ان يعلم , سلوى فتاة في السابعة عشر من عمرها لها قوام الخيزران ووجه الثلج وشفاه الورد, بعدما غادرت العرافة بدأ الشحوب في وجهها والقلق يرسم افق مستقبلها . نصف القطعة التي تسكنها العائلة المكونة من زوجها سالم الذي لم يكمل الابتدائية وامه وشقيقاته الثلاث تمثل لها عالما كبيرا رغم صغر حجمها . نصف القطعة كانت بمثابة الفردوس لها بعدما كانت تسكن مع زوجة ابيها واخوانها الخمسة في غرفة اشبه بالقبر. احلامها البسيطة ترتعش امام ما قالته العرافة . ربما ستخبر زوجها عن الحقيقة ولكنها خافت من رد فعله , وعند حلول المساء وصل زوجها سالم متعبا من يوم عمل شاق في بسطات الباب الشرقي , احتارت سلوى باخباره النبأ ولكنها قررت اخيرا ان تستسلم للحقيقة , جمعت شتات قوتها واخبرته , قهقه سالم وقال حسنا فعلت العرافة الخرقاء فنحن نعيش في زمن العرافات .

_____________________________________________________11

وهم

بحث في اركان غرفته عن رواية  كان يعشقها. فتش كثيرا ولكنه لم يجدها نافذة الغرفة تدل على مطر قادم دون زقزقة عصافير او صوت اشجار اليكالبتوس, اي شتاء هذا ؟ ذاكرته تقول ان الرواية لكاتب روماني من اصل يهودي , احتضن وسادته الخاوية من الريش , فقط  احلام خاوية وقطعة قماش اتعبها الزمن , كأنها شبح . مد يده ليرتشف كأس اخر وتذكر انه يبحث عن رواية ” الساعة الخامسة والعشرون ” للكاتب كونتسيان جورجيو ” رئيس وزارء رومانيا حينها . علم انه كان غبيا  حينما كان اغرق قي حلمه في وطن لايسبح في الدم ,عند بعد قريب كان مخمورا يصرخ , تطاهرات , تظاهرات , تظاهرت, وصرخ الابطال ماتوا “واليوم يومكم انتم الابطال . حي على العراق

12

نعاس

يتثاءب كثيرا بعد ان اصابه السكري , بدأ يشعر بالضجر والملل , راجع ذاكرته المتخمة بالهموم , وجد نفسه انه بعد ان تجاوز الخمسين من العمر انه لا يملك شيئا سوى قصصه القصيرة واشعاره المبعثرة .حاول ان ينام ولكن الارق لم يفارقه ,رغم انه فارق زنزانته منذ اعوام الا انه لم ينس الجدران وصخب الليل في اسماء مخيفة , عماد المجرم , معله , سالم ابو شوارب , علي ماما , سليم القصاب , محمد كلثومة ,اسماء اشبه بالموت ولكنهم طيبون , والشيء الوحيد الذي عرفته انهم يتاجرون بالحبوب المخدرة واصبحت لهم حظوة لانهم اصحاب رؤوس المال في ذلك المكان , الليل اشبه بالنهار كله موت قادم , اقدام الحراس في كل مكان حتى في المضاجع , الكل خائف . حملة تفتيش على الاسرة , اسرة يأكلها بعوض اسمه (  الكالوس ) اكلت منا الكثير , كانت تمتص منا الكثير من الدم .

13

ليلة حب ممطرة

بالأمس ياحبيتي تخيلتك الجدران وفمك الوسادة , فاحتضنت الوسادة وبدأت بتقبيلها, بينما بدأ الجدار يقترب مني يحمل رائحة جسدك الشهية , شعرت باللذة بينما كان المطر يهطل في الخارج وصوت تساقطه يشعل جسدي اشتعال الموقد, امسكت بخصرك تصبب العرق .. اعلن جسدي انتفاضة كانت تخنقه, كنت امارس الحب مابين الحلم والحقيقة, كان شعرك يتساقط على وجهي مثل حبال شجر اللبلاب يشعرني برجولتي , بينما كانت يدي تداعب وجهك الانثوي .. تشتعل رغبتي , يدي الاخرى تمارس حقها في مداعبة نهديك النافرين واصبعي يداعب حلماتهما المجنونة , ها انت تتملصين تحتي مثل قطة متمردة وجسدك البرونزي المشتعل بالرغبة يلتصق بجسدي .. بينما صوت المطر لازال في الخارج , اخذت ساقك تلتف حول ساقي مثل افعى تقبض على فريسة قوية ويبدأ الصراع .. يدك تتحسس مناطق رجولتي تداعب صدري , تعبث بشعري ,,يتصبب العرق من جسدينا وكأننا تحت مطر غزير , بينما المطر لازال يتساقط في الخارج والبرق بدأ يعرينا يظهر جسدينا ويختفي ونحن نبحر في قارب اللذة ,بدأ احمر الشفاه يتبعثر فوق الوسادة وعلى الشراشف , وجسدينا اصبحا جسدا واحدا وكأننا موجة تبتلع موجة , صرخنا صرخة قوية وكأننا نحاول الوصول الى السماء , فاحت رائحة اللذة والنشوة الدافئة لها عطر الفجر وصوت البحر,, شيء ما في داخلنا احترق لالالا بل انطفأ , لااعلم ان احترق او انطفأ .. الهدوء يعود الى الفراش وبدأ النعاس يلامس اجفاننا , احتضنتك مثل طفلة متعبة ووضعت يدي وسادة مرة اخرى , اشعلت سيجارتي بينما بدأ المطر يتوقف رويدا رويدا مثل  انفاسنا اللاهثة حين هدأت , توقف المطر تماما .. عندها همست في أذنك , احبك وقبلت انفك . وهمستي في اذني وقبلت شفتي , وانتظرنا ان يسقط المطر من جديد,, ولايزال الليل.

14

 فقدان هوية

في قلب الباص المغادر الى البصرة صاح رجل من فقد هويته , كان الشتاء قد كشر عن انيابه من خلال الريح , الكل صامت , الجنود متراصون ذاهبون الى محرقة الفاو , عندما تشاهد الباص لاترى غير اللون ” الخاكي ” واغلبهم متجاوزن على الاجازة الشهرية بثلاثة ايام , لان غياب اربعة ايام تعني الهروب مما يقودهم الى المقصلة , وفي الحالتين هم ميتون سواء في الحرب او على المشانق , اغلبهم بدأ يتثاءب خوفا من رجل الانضباط الذي لايرحم المتجاوزين على الاجازة الدورية , طويل القامة وشاربه الطويل والكث يوحي بانه مارد قادم من قمقم السلطة , الكل خائف ونوافذ الباص المفتوحة تشير الى ان الرحلة الى البصرة رحلة موت , في الركن كان احدهم يرتدي بدلة وربطة وغير مكترث الى القضية , يدخن سيجارة ” مالبورو ” وربطة عنقه المبتلة بالخمرة تدل على انه رجل من كوكب اخر , واخيرا وجد الانضباط صاحب الهوية المفقودة هو ذاته صاحب البدلة ” وبعد همس بينهما سلمه الهوية مع الاعتذار . جميع ركاب الباص استغربوا التصرف رغم خوفهم , بعدما اوعز رجل الانضباط للباص بالمغادرة . وفي الطريق بدأ الجنود يتهامسون من هذا الرجل ؟ ولماذا غادرنا النهضة ببساطة في الباص . وفي الطريق اوعز صاحب البدلة لسائق الباص بالتوقف في القرنة عند مطعم بائس , يشبه الموت , وصرخ من فقد هويته ؟ الجميع اخرس لانهم لايملكون هوية , كرر السؤال . دون جواب , واخيرا قال من لايملك هوية عليه ان يقاتل حتى الموت وفي الصباح كانت جثث الجنود ممدة في الباص دون هوية .

15

القاء قبض

الشرطي بخطواته التي تشبه صوت مطرقة يسير نحو البيت , يحمل اوراقا كثيرة في حقيبته كأنها الموت , فيها الكثير من التبليغات , منها الطلاق ودفع الضرائب والجباية , وبعضها تبليغ للحضور الى مقر امن المنطقة للاستجواب , وهذا هو المخيف في الامر , صديقي حسين هاشم والذي يسكن في قطاع 11 في مدينة الثورة , قد تلقى اكثر من تبليغ للحضور , أما ذنبه كون شقيقه الاكبر عبد الله العقابي ” ابو يحيى ”  اصدر عليه حكما بالاعدام لانتمائه الى الحزب الشيوعي عام 79 من القرن الماضي , حسين يشحب لونه كلما تلقى ورقة تبليغ , حيث يتم استدعاؤه كل اسبوع مرتين . واخيرا تغلب على خوفه وراح يذهب الى الامن بنفسه وقال لي حينها “الموت يأتي ولا يأتي ” ” والخوف يصنع الموت ” قلت ربما الخوف جعله فيلسوفا . ولكني اعلم ان حسين بسيط جدا , لايملك تلك الافكار ولاينتمي لها , سوى انه يخاف الجدران والظلام والاستجواب . راحت افكاري بعيدا حسين لايحترم ديتسوفكي ولاستالين حتى انه لايعرفهم . وذات ليلة كنت قد زرته وبان الشحوب يأكل من وجهه وجسده الكثير, وتحت المخدة وجدت مجوعة شعرية لشاعر بلغاريا ” فابترزوف ” واخرى لحمزفاتوف “. استغرب جدا وعندما عاد حسين قلت هذه الكتب لمن ” قال انا اقرأ منذ اول استجواب كي اعرف كي ارد على خوفي منهم ,لذلك لم يصدر بحقي القاء القبض لحماقتهم .

16

صرخة

وجد نفسه في حانة , اخذ يفكر كيف يحتسي الخمر دون قيود ولم يملك فلسا واحدا , قبل شهر اعلن افلاسه امام اصدقائه , تمرد كثيرا حتى في طريقة مشيته ,كان  يتبختر كالطاووس ومرة كالهر المنتصر على المتجاوز على قطته . جيبه الفارغ الان لايسعفه ليطلب قنينة خمر محلية . جلس على الطاولة الكبيرة الذي كان يدعو اصدقاءه اليها , استغرب النادل من هذا ؟ بعدما شاهد ملابسه الرثة وشحوبه وهو غير مكترث للجميع , اخيرا جاء النادل يحمل قنينة خمر فاخرة قدمها له . الى الان هو صامت , ساعة ونصف ولم يحتس كأسا واحدا , مرة اخرى جاء النادل يحمل مقبلات فاخرة قدمها باحترام , بعد لحظات صرخ : ايها النادل اعد جميع المشروب والمقبلات , واجلب لي عرقا محليا واصدقاء غير محليين لانهم خذلوني اليوم  , كما اطلب منك سيمفونية بحيرة البجع ” لجايكوفسكي ” كي اعيش خارج العالم البائس والمتملق حين يكون الغبي ثريا يعبده الاخرون وحينما جاء النادل يحمل الطلبات  كان الرجل قد فارق الحياة على كرسي يشبه الرماد , حينها صرخ احد الجالسين , مات , مات , مات . اعرفه جيدا ولكني لا اذكر اسمه , ربما ان  صحوت سوف اذكره ,وفي الغبش استيقظ ولم يتذكره ولكنه سمع صوت الغراب يغرد على جثة ثمل .

17

مجنونان

بيجامته المصنوعة من قماش رث هو وصديقه عبود , عبود كان اكثر  جنونا من نعيم  يسيران في الطريق الزراعي هروبا من المصح النفسي . عبود يحمل علبة سجائر فارغة وقداحة لن تشتعل لو جاء خبير نووي لاشعالها . بينما نعيم خبأ في جيوبه رغيف خبز وكتاب او رواية  لانه شاهد فيلم ” الفراشة ” بطولة ستيف ماكوين ” والهروب من جزيرة لايمكن الهروب منها ” كنقرة السلمان ” الخطوات ثقيلة جدا والطريق لايدل على هدف وعبود ونعيم يسيران . نعيم يتوقف يحاول اكمال رواية الفراشة في ذهنه . وعبود يحاول ان يكون قارىء كف وموعظ كونه لايملك شيئا سوى المبادىء التي لايعرف كيف ان يعيش  بها في قساوة اللحظات . هنالك اكثر من سيطرة للسلطة امامهم ولأنهم مجانين لاشيء يدعوهم للخوف , الخوف شيء ثانوي , اما الحياة والنوم على فراش دافىء وأكلة من احد البيوت البسيطة حتى لو كانت كما اطلق عليها ابناء مدينتي الفقيرة ” وحش الطاوة ”  مع خبز اسمر يشبه طعم المسامير المتروكة تحت مطر غامق , كل هذا حدث في ساعات قليلة والمسافة بين المصح ومدينة الثورة لم تبلغ سوى ثلاثة كيلومترات , الملابس العسكرية والبنادق لم تخف عبود ونعيم , وهم يسيران كانا يغنيان ” احنه مشينه للحرب ” رغم انهما لم يحملا بندقية او يطلقا رصاصة, عبود خريج فنون , قسم المسرح , ونعيم خريج اداب فلسفة . كان صوت الرصاص كأنه المطر وهم يسيران ويتراقصان للحرية , طائرة قصفت موقع قريب منهما وهم يغنيان ,الموقع معمل السجاير في منطقة ” الشماعية ” صوت القصف يسمعانه كصوت فيروز وصوت ” ميادة حناوي ” . السماء تشتعل والفجر قارب على النهوض . خف صوت الرصاص وتوقف القصف وكان نعيم وعبود ممددين على الرصيف ولاأحد يعرف من هما .

18

فزاعة

العصفور المبتل ينام خلف النافذة , والمطر يغسل وجه الزجاج وبقايا اشجار النارنج في حديقته , كل يوم يصنع فزاعة ويزرعها في حديقته وهو يشاهد العصافير تنام عليها . قلق يسير في جمجمته , حديقته عبارة عن نباتات تنمو فطريا دون الزراعة والاعتناء , عبارة عن شجرة سدرة وبعض الاحراش , ولانه يعشق لون الاشجار كان يخشى ان تموت تلك الاحراش . حتى انه ذات مرة كسر مكنسته الخشبية ليصنع منها فزاعة , وحدته جعلته قلقا جدا حتى في افكاره , المطر يتساقط والعصفور المبتل لم يزل نائما خلف النافذة , قلقه جعله يرقب ذلك العصفور بأنتظار الفجر كي يعرف مصير العصفور والسدرة , اخيرا بدأ الظلام بالانسحاب من وجه السماء خوفا من قلب الضوء القادم , قادته ذاكرته الى اغنية يعشقها كثيرا ” ياسدرة العشاك ياسديرة ” لشادي الخليج , اسرع الى فتح النافذة وكان العصفور غير مبتل , بل نائم ولن يصحو .

19

حدث في التسعينيات

راهنت انا وصديقي العريف  رعد على شيء يجثم فوق الموضع القريب من موضعنا , الجوع اصبح وامسى رفيقا لنا , قلت انها صمونة وقال , انها جزء من طابوقة , التراب فوق الموضع وهذا الشيء نصفه قد غطاها التراب , سجائر اللف جالسة قربنا على علبة عتاد . والغريب ان رعد لايدخن وانا لااعرف كيف اصنع سيجارة من تبغ وورق , وهو من كان يصنعها لي , واجدها بعد نومي سجائر قربي , رعد الدليمي كان ملتزما جدا , أما انا فلا اشبهه مطلقا , اغيب على اجازتي الدورية ثلاثة ايام واعود قبل ان ادخل في سجل الهاربين , البرد جعل بطوننا تصدر اصواتا غريبة , ونحن ننظر الى سقف الموضع القريب , اخيرا قررنا ان نعرف ماهذا الشيء , وبعد ان صعدنا سقف الموضع عرفنا انها صمونة, رعد برقت عينيه فرحا , بعدها قمنا بغسلها بماء الفاو والمعروف بملوحته الكثيرة , وقام رعد بحرق بعض صناديق العتاد الفارغة , واحضر قدرا وبعضا من المعجون المتبقي في العلبة  بعد ان ازال العفونة من اعلاه, بعد ان اكملنا وجبتنا بشراهة , بدأت الطائرات الامريكية تحلق فوق السماء وبدأ القصف .

20

رحيل

حينما رحلت امي كنت حينها في منفاي , احتضن القضبان واكتب تاريخي على جدران خاوية, امي غادرت بلا حقائب , غادرت في صندوق خشبي وثوب الملائكة الابيض , لماذا تسرق كل شيء مضيء في حياتي , فروحها مازالت تغني للمهد الصغير الذي طالما هزته يداها المخضبة بالحناء, أماه لقد تعبت الروح حتى اصبحت اغاني من جليد , لصوتك هديل الحمام , ولوجهك تخجل الشمس, اما الروح فهي بنفسجة تسير في جدول شفاف تظلله اشجار الياس , هاهي ذاكرتي تعود مرة اخرى ويعتصرني الالم ليجعلني كتلة مكورة تمضع احزانها لانها عندما رحلت ظل وجهها معلقا على نخلتها يبتسم لنا كل صباح وكأننا اطفال رغم اننا قد شارفنا على الستين من العمر , المسافة وعلى مايبدو اصبحت قريبة بيننا والسنوات كفيلة بـن تقلني اليها , لنلتقي مرة اخرى ونتحدث وأنام في حضنها كما الاطفال , في ذكراها تتفتح كل حدائق الاس والحناء وتغني كل الاشجار وترقص كل الاغصان لذكراك . ابكي الان واغني وارقص كما زوربا .

21

اقبال والزنزانة ورسالة

صوت تساقط الماء من الانبوب جعله يشعر بالفزع , ملتحفا بغطاء عبارة عن كومة من القمل في غرفة لاتسع فردا واحدا ولكنهم جعلوه لفردين عبر سريره ودع الكثير الى ساحات الاعدام , قبل لحظات كان يجلس قرب عشيقته في الكرادة والمطر ينشر الحب . جاءت بخطى متثاقلة الى موعده في شقة خضير ميري , كم من الايام لم يلتق بها وهي الاقرب اليه من الرب, لم يخش اي شيء عبر الشارع بخطوات متسارعة نحو  الشقة , المطر قد بلل وجه الارصفة والعصافير تختبىء تحت اشجار اليو كالبتوس , الريح والبرد يصرخان في وجهه ويلدغا جسده , غير مكترث للعربات المارة , خطوات ثقيلة واخرى مسرعة , القلق يرافق جمجمته , يرتدي معطفه الاسود الطويل ومن يشاهده يقول ان جاسوسا قادما من عالم ديستوفسكي أو احد الاصدقاء المقربين لستالين , او ربما مخبرا سريا جاء من القمر , الخوف يملأ الشارع , الكل يخاف من البعض والبعض يخاف من الكل , عيون كأنها كاميرات مراقبة رغم ان الحداثة في التكنلوجيا كانت بعيدة جدا عنا , وفي حينها كان جهاز ” الستلايت ” ممنوعا ويعاقب عليه القانون بالحبس والغرامة ,  شارد الذهن يتذكر دروب الاعظمية والمطر الذي كان يبللهم في الطريق , وفي بداية  شارع المغرب مطعم بسيط وطيور الزينة امام االمطعم تضيف للعشق طعما اخر . الشارع شبه خاو والساعة تقارب على التاسعة مساء, حاول ان يغمض عينيه ولكن تساقط قطرات انبوب الماء على الارضية الخرسانية , افزعه من جديد, التحف مرة اخرى ببطانيته للنوم ولكن , قاعة حوار عادت الى ذاكرته وانتظار اقبال الذي يقلقه كثيرا حتى انه يدخن كثيرا واحيانا يغامر باحتساء الخمرة في القاعة عبر زجاجات ” بيبسي كولا “. اقبال المتمردة تحاول ان تستفزه بكل الطرق حين يوصلها احد اصدقائها الى حوار وهو يشاهد الحوار الطويل بينها وبين صديقها , هي لحظة ولكن غيرته جعلت تلك اللحظة سنوات ,عادت ذاكرته ليهرب من عتمة زنزانته , الطيور لازالت تسرح وتمرح وتلتقط حبوب الحنطة وهي غير مكترثة الى الجالسين في المطعم . مغرورة كإقبال  , لم اعلم ان هذا اليوم سيكون اخر يوم التقيها في الكرادة , من شدة شوقه اليها لم ينتبه الى موقف العمارة المليئة بسيارات السلطة ” السوبر ” شوقه يردد في ذهنه انه شمشون , وصل باب العمارة وهو يردد ” كلما نظرت الى المرأة … اجد وجه الشيطان وقلب العصفور ” . فتح باب الشقة وانتظر اقبال ,, لحظات وصلت ولكن صوت السلطة يتبعها بخطوة هي لاتعلم .. صديقه كان قد وشى به . وقال انه لا يستطيع ان لا يلتقي اقبال يوما بعدما عجزوا عن القاء القبض عليه , صوت طرق الباب مرة ومرة , فتح الباب وما ان عانقها كانت رائحة الموت والقضبان تفوح عبر رجال , انطلقوا للقبض عليه خوفا انه مسلح ولكنه كان مخمورا ينتظر اقبال  , تم اعتقاله وتم وضع الاصفاد في يديه ولكنه انكر ان اقبال لها شأن في القضية . وبعدما قرروا ترك اقبال  وقادوه الى المعتقل وهو يردد ” شادي بدو زغير” . المطر يتساقط وهو في المقعد الخلفي موثوق اليدين طلب سيجارة ” احدهم صفعه بيده الثقيلة اما الاخر  والجالس في المقعد الامامي وبنبرة امر قال : اعطوه سيجارة وافتحوا عينية ليشاهد بغداد لاخر مرة .

22

انا والشمعة والليل

 “شيئان يستحقان ان تحارب في الحياة” وطن حنون وامرأة رائعة

حمزاتوف

عندما نظرت الى الشمعة المشتعلة امامي وبعض من علب السجائر الفارغة والنصف فارغة والممتلئة وعلب الشموع واوراق الصحف والاقلام والقداحات العاطلة وغير العاطلة ” اي المنسية والاقداح الفارغة والعبوات الناسفة للخيال  فارغة وممتلئة وما يبعثه دخان اطفاء السجائر في الشمعدان من رائحة كأنها دعوة للموت وهي في الحقيقة اهون من حياتي الحقيقية , فغرفتي ولعجزي الشديد ولاكثر من اعوام لم احاول الصعود الى سطحها الذين قالوا لي بأنها بحاجة الى ترميم . ولكن وبفطنة العبقري رأيت بياضات السقف قد تحولت الى اقداح مترهلة وبعضها اجهض عن ولادة ” الشيلمان ” وبعض مناطق السقف اعلنت انتفاضتها بسقوطها فوق سريري الارضي , والحقيقة لاسرير وفي كل مرة كانت اختي الصغيرة تدعوني الى ترتيب اوراقي ولوحاتي , وكنت اعدها بذلك ولكن دون جدوى , فوعودي تذهب ادراج الرياح , واكثر مايقلقني الان ان الضوء المنبعث والمتقطع من الكهرباء ” اللا وطنية ” يثمل افكاري ويشتتها . غرفتي والحمد لله اشبه بالمسجد كما يقال في زمن القحط , ولكنني اشعر بأنها اغنية لأنني املك مكتبة لا استطيع وصفها بالجمال ولكنها مكتبة وخزانة لحفظ الملابس ولوحات واطارات وتلفزيون و” سيدي ( للعلم رجاء ) . في هذه اللحظة حاولت ان ارفع رأسي من الورقة لأرى اشياء قد اعبر عنها ولكن لاوجود سوى لذكرياتي الجميلة وفرشاتي التي تسبح مع دخان سجائري والمسافر صوب النجوم والتي ما زلت اكتبها وارسم لوحات عن الحب واعيش حياتي مثل جيفارا واعيش حرا واموت حرا

عاش انا وليسقط الجميع

تهميش : اعتذر لكل انسان حقيقي

فليعش هو .. واموت أنا

_____________________________________________________

23

وجه الشيطان

كلما نظرت للمرآة

ارى وجه الشيطان وقلب العصفور

ليلة امس توقفت ذاكرتي عند محطات عمري الراحلة , تلمست وجهي وقد بدأ التعب يأكل اجفاني وغاصت عيوني في جمجمتي , توقفت عند المرآة , شاهدت الرماد يغزو بقايا الليل المنسوج فوق رأسي , الامس نسجت ذكرياتي خيوطا لأمل من جديد قد يبدو بعيدا ولكن لا ضير ان نحلم في زمن الحلم الضائع , لقد غادرني الكثير من اصدقائي وبقى منهم القليل . احاول ان اخزن صورهم في ذاكرتي , فأنهم قد يرحلون في أي لحظة بالرغم من عمري الراحل الا انني لم اندم على اي لحظة انقضت معهم , نعم لقد استمتعت بكل لحظة حتى في لحظات الحزن والارق فأني استمتع بها وقد تعلمت أن اصنع من الحزن ضوءا ورديا يجثم فوق الحزن الثقيل , فيحيل الحياة شمعا ابيض يرقص فوق الموج عند ضفة دجلة . الصيادون غادروا النهر والنهر غادر الضفة والضفة غادرت بغداد , الجميع رحلوا على اجنحة الضوء ولم يبق سوى عطرهم يملأ المكان وصدى اصواتهم تراتيل سماوية في اعياد الميلاد , امس قد توقفت لحظة لكنها دهر طويل وقد أرقني الامس حتى احسست بأنني قد اغادر مكاني دون ان اعلم وايقنت عندها ان الذكريات هي رحيق خريف العمر بالرغم من انني لا أحترم العمر ولكني احترم الخريف لأنه فصل الحب والمطر .

24

رصيف مقابل مكتبة التحرير

خطواتي المتثاقلة كأنها ورقة صفصاف تقذفها ريح هادئة , تنظر من بعد قرب رصيف لايبعد سوى امتار , مكتبة التحرير واصدقائي الملغمون بافكار الحرية , انظر من بعد قريب يسهرون وينامون ولايعلمون ان سجن الباستيل  قد سقط منذ زمن افلاطون , سام الغير مكترث بشكله ومحمد الفليسلوف الخجول وعهد الاكثر خجلا من اجل ( الف دينار صمون ), ومحمد الطالبية الثائر العابث والجريء والبقية, حشداوي ومسلم وغيرهم وحتى من غادر المكان . خطوات واصل لهم ولكن خطواتي كانت ثقيلة . وقفت لحظات بحثت عن علبة سجائري لم اجدها كي ادخن , نسيت ان علبتي ( وقدحاتي ) نسيتيها على رصيف ابي نؤاس , كما نستي المكتبة والرفوف وبعض الاصدقاء , ابتعت علبة سجائر وقداحة , وغادرت المكان ولكن وجدت نفسي في نفس المكان.

25

ليلة اغتيال محسن المجنون

في صباحات احد الايام الدامية في بغداد السلام كما يقال جلس احدهم بقربي في الحافلة بينما كان مساعد السائق وكالعادة ينادي . ( نقص نفر منوا لما دافع كروه ).وهي يوميات عراقي وليس لها علاقة بوزارة النقل والمواصلات . كان هذا الشخص يحدثني بحزن عميق بينما كنت اسافر في خيالي الى موائد الليالي الراحلة وحبيبتي التي غادرتني في قطار السلطة السابقة مع احد الجنرالات .. افكاري المشوشة تجعلني لااجيد الاستماع , ولكن هذا الشخص استطاع ان يلفت انتباهي لقضية كبيرة هي اعمق من ان تكتب في سطور , انها لعبة المجانين التي تمارس كل يوم في هذه المدينة التي اصبحت وامست ساحة للعنف فظهرت عليها الشيخوخة , فشارع ابي نؤاس امسى عبارة عن اطلال والفوضى وزجاجات الخمر وبعض الالات الحادة التي يحملها البعض عند الشاطيء هي السمة الرئيسية لهذا المكان بعدما كان يعج بالعاشقين في ليالي الامان وقبل ان يمد الليل اصابعه في قلب المدينة , تبدأ الحركة اشبه بالتوقف , لكي تستقر لمراسيم الموت الليل الجنائزي على اصوات الانفجارات وعصابات هذه المناطق, ربما تشعبت في موضوعي ولكن لي من الاشارة لذلك وما ألت اليه مدينتي المسكينة , بدأ صوت الشخص الذي يجلس بقربي بالوضوح وكان قبل قليل تشوبه ذكرياتي المزعجة وهموم مدينتي , واخيرا دخل مسامعي صوت موسيقى اسرائيلية بقيادة مايسترو امريكي وعزف الدول العربية واغتيال محسن المجنون . كان ياما كان في حديث الزمان , محسن المجنون يتجول بسلام في مدينته , وذات يوم زحفت في شوارع المدينة ناقلات ودبابات , شعر بأن شيئا قد اختلف فصوت الرصاص بدلا من صوت العصافير والمدرعات بدلا من الاشجاروالجنود بدلا من الارصفة . قرر في الصباح شراء بندقية من لعب الاطفال وارتدى بدلة الاحتضار واستعد على ما يبدو الى المعركة ربما تقوده الى التحرير. في المساء هرول صوب الدبابات ولكن صراخ الرصاص اسكت محسن المجنون.. سقط على الرصيف بينما التف حوله بعض المارة وفي عينيه سؤال وتعجب ..( ولكنها لعبة المجانيين ). اخيرا سافر مع جنونه من بوابة الدم . اذا من سيبكي محسن المجنون ؟ ومن يكتب لهذا المسافر ؟ لا احد .. الا انا اقول مع السلامة ايها المجنون.

26

الصفصاف

في البداية وقد قاربت من العمر العقد السادس , ايقنت ان شجرة الصفصاف لاتصل حالا ان تكون ظلا أ وحطبا لمواقد الشتاء في عصر الحداثة ومن الامثلة الكثير فاغلب الفواكه الجميلة يمكن تحويلها الى انواع كثيرة ولكن الاكثر حساسية هو صناعة الخمرة التي تنعش الذاكرة او ربما تفقدها ولكن في النهاية هي بعض الطرق للهروب من الواقع المرير ربما عاطفيا او نفسيا او ماديا .البعض يعتبرها طريق الخلاص وأنا احدهم بعد تراكمات نفسية صعب علي حلها حتى لو كنت بوذا نفسه أ و حتى اخطر الكتاب والمفكرين في القصيدة او القصة أو الرواية او الفيلم او الفلسفة . تعلمت منذ تحرري عام 2004 بأن العالم نفسه يحمل ذات الوجوه , لا لون رمادي . الوجوه النقية تظمر شرا لك والوجوه القبيحة تظمر خيرا لك . واحدب نوتردام مثال لذلك . فالبحر يعشق القمر . كذبة لاتصدقوها . فالبحر رسام سريالي يستخدم الوانه من المرجان في قاعة . فكيف لشجرة صفصاف ان تكون عالما اخرا غير ظل , وانا لن اعيش ظلا ابدا لانني خلال احاديث اصدقائي , من الممكن ان تكون حواء سماء وانت الظل , وحواء تفاحة وعليك ان تكون الظل . ولكنني رفضت كل الاراء . وفضلت ان اكون حطبا للفقراء يتدفأون به في ليالي الشتاء وان كان في احتراقي سعادة العالم .

( أما الظل او التمثال فلست انا من اكون كذلك لأي انسان رغم كل شيء ), ومرة اخرى اقول لحبيبيتي ( سنكون بالرغم من كل شيء ) فانسانيتي لايشربها الا الاصدقاء الحقيقيون .

(افيقا خمار الهم بعضني الخمرا       

وسكري من الايام جنبني السكرا)

27

وهم

كان يرسم في فضاءات غرفته المليئة بالدخان مراكب واشرعة يسافر بها , وعندما فتح الباب ابتلع الفجر مراكبه .

28

جنون

خلع رأسه عن جسده ووضعه على المائدة , تفحصه اتعبه التفحص قرر ان يثقبه , حمل مطرقة ومسمار ثقبه من جميع الجوانب فتطايرت عصافير واحلام .

29

حلم

عندما لامس الندى الفجر الفضي , ارتدى قبعة الازقة واخذ يبحث عن شمس كانت منذ الطفولة تشرق على ارصفته الحزينة .

30

حوار

_ حبيبي ماهو الوطن ؟

_ الوطن انا وانت والحرية

_ ولكني بعيدة وانت بعيد والحرية بعيدة

_ اذن نحن بلا وطن .

31

عصافير

كان العشب بساطا اخضر والنجوم حبات مطر ابيض يبلل وجه السماء عندما اعتقلوا عصافيرنا .

32

غريب في الحانة

الحانات ملاجيء الذكريات والكؤوس اقراص منومة والنعاس يقضم ماتبقى من العمر , وانت في الحانة ترقب المطر , الاسفلت قتل جميع الزهور والاشجار عارية اشارات مرور على الارصفة بنت العصافير اعشاشها , وانت في الحانة ترقب المطر. نهاية الشارع تنين يبتلع المارة والريح خيوط عنكبوت تبحث عن الفراشات والربيع عذراء بحماية الالهة وانت في الحانة ترقب المطر, لقد اعتقلوا السفن وانت تحلم بالبحر لقد اعتقلوا الحدود وانت تحلم بالسفر .وتحت المظلة مكان لعاشقين التهممها المطر قبل اعوام كثيرة وانت مازلت تحلم , فحانتك ليست من جليد لكي تنتظر الشمس عبر الزجاج .

33

ابواب الامل

مهداة الى صديقي الساحر, ابو مظفر

الضباب يلف المكان والقضبان ومن خلف القضبان تترقب العيون , الجميع يراقب ها قد جاء اخي , ها جاءت امي , ها قد جاء ولدي زياد, رجل كهل يراقب بلهفة وانا الثمل بحبوب الارتين والفاليوم ثمل وانني اراقبه ولكن من لااعرف  , الضجيج والحركة الغير طبيعية تعج في الزنزانات , اليوم هو المواجهة على ما ضن انه يوم الاحد , الحراس يحملون عصا غليظة ويرتدون اجمل زي ليغازلون نساء المواجه سواء كانت ام او اخت او زوجة . شواربهم الكثيفة تشبه نسيج العنكبوت وبدلاتهم الزيتوينة ترعب المواجهين والنزلاء على حد سواء. وذلك الشيخ يرقب عبر نافذة من القضبان كثيرا ماسخرت منه لانه شاعر شعبي كما يدعي بعض النزلاء تخيلته اخرق في كل يوم . الزائرون يتوافدون وهو ككرسي اخرق ينتظر امام النافذة , وجه المليء بالهموم واناقته التي تدل على انه مترف . بدأ المطر يتساقط وهو يصرخ اين زياد وحقيبته , ضحكت كثيرا حتى تخيل لي بأنه مخبول يتصنع قدوم زياد الغير موجود الا في خياله. كان ذلك الشيخ يرتدي ( دشداشة بيضاء ناصعة ) . قلت في نفسي ربما يكون زوربا عراقي وبعد لحظات يرقص لنا من الحزن , اخرج من جيبه دفتر مذكرات قالوا انه يكتب شعرا وقلت في نفسي من الاخرق الذي يكتب شعرا في هذه اللحظات , كان الحزن قد رسم على ملابسه حزنا اكبر واخذ يكتب لا اعرف عن ماذا يكتب , وانا اراقبه كالجاسوس  , كتب وكتب وكتب حتى دخل زياد يحمل حقيبة ثقيلة وهو اصغر سنا منها , فيها جميع انواع المؤكلات في زمن الحصار وبعض من الكتب , وقلت في نفسي هل هذا الرجل يقرأ ويفكر ؟ انتهت الزيارة وغادر الجميع ونام الرجل وتحت وسادته دفترا للملاحظات , سرقته بسهولة لانه كان يغط في نوم عميق وكأنه ميت , قلبت الصفحات وجدت قصائد عدة . تحت عناوين كثيرة

منها :مقاطع من مشاهدات

صادفني في رحلة عمري وعذابي

تاريخ ابا سفيان   

 وسيف الحمزة وتجار قريش

 يبكون على خسران تجارتهم

وذوات

الرايات الحمرعلى باب ابي سفيان

يتباركن

بليلة وصل ومودة

كي ينجبن

 رجالا لايبكون دموع الاباء

 رجالا اقرب شبها

لزياد ابن ابيه

عندها خجلت واعدت الدفتر تحت وسادته وقررت ان اصادقئه لانه شاعر وانسان حقيقي . شعرا لايشبه الشعر انسانية لاتشبه الانسانية , بعدها كنت اقرب صديق له رغم القضبان.

34

في الخريف

في الخريف لوعاد العصفور على النافذة يسأل عنه ؟ واين معطفه المبتل بالمطر ورائحة التبغ والمطر . مجنون كان يراقص اشجار الصفصاف ويركض في الشارع فرحا يبدد القلق تحت المطر ويقذف بحقيبته صوب القمر , يسرق من غفوته حلما ورديا , كانت الشوارع كؤوسا خاوية وشفتك خمرته المفضلة , هل لازال يخرج فجرا من مخدعك المجنون ترقبه الجدران ؟ ارى ستائر غرفتك مسدولة . هل تنتظرين ان يطرق الباب يعود بحقيبته المليئة بالطفولة , ولاني اعلم بانه سيعود وانه لومات يموت كما الاشجار .

35

كل مرة

كانت عيناي تسابق اقدامي في الصعود على السلم لاتناول كأس اخر الليل الذهبي المعبئة بالشفتين المذعورتين , حينها اقلعت عن التدخين وادمنت عشقك الابدي .

36

أحلام مدفونة

احمد السلمان

كانت المدينة ذلك الصباح ككل صباح تعلو أصوات الباعة ومنها “أم القيمر” والتي تحمل وشما سومريا في عنقها كأنه طلسم من طلاسم حمورابي قد وضع عليها مسلته العادلة..فوق رأسها اكداس كبيرة من الاواني والقناني المحملة بالحليب والتي تشبه امرأة عارية ترقص تحت الشمس , ونادرا ما ينادي عليها ابناء بعض البيوتات الميسورة الحال نوعا ما , ويشترون نصف ربع قيمر مع المطالبة بالكثير من الحليب ,بينما الحركة في الشارع قد بدأت , العمال و باعة الخضروات , والكسبة هذا المشهد ذكرني باغنية مصرية تقول كلماتها :

(الحلوة ده قامت تعجن في البدرية

والديك بيدن كوكو كوكو في الفجرية

يلا بينا علي باب الله يا صنايعيه

يجعل صباحك صباح الخير يا أسطي عطية)

 اما نحن فكما تعودنا في الفطور الصباحي على الطماطم المقلية وخبز التنور اليابس وفي بعض الاحيان يكون البيض في المائدة على ان لا يكون اكثر من بيضتين , الساعة شارفت على السابعة وموعد الدوام الرسمي للمدارس بعد ساعة , يتجمع الكل حول ( الصينية المصنوعة من الفافون ).وتبدأ المعركة حتى يفض الفطور بضربة احد افراد العائلة او تمزيق قميصة وقطع بعض الازرار , حسين  وعلاوي وعبود , اصدقاء في الدراسة الابتدائية في الصف الثالث , يلتقون بعد وجبة الافطار للذهاب الى المدرسة, المطر يلتهم وجه الارض , والارض عبارة عن مناطق للتزلج الاجباري كون المنطقة غير مبلطة والطرق متعرجة , وهم يرتدون احذية ماركة باتا ولكن بلاستيكية وكثيرا ماكانت سببا في سقوط احدهم في الوحل ’ اجتمع الثلاثة وانطلقوا نحو المدرسة التي تبعد اكثر من اريع كيلو مترات وهم يرددون :

(ليش ياواوي تاكل

دجاج بيت عمتنة  

خلي الفرخ بس يكبر

ويناطح وي العسكر

العسكر خضيراوي

بيه الطعم حلاوي).

والكل يحمل حقيبته المليئة بالكتب والدفاتر وربما قلم رصاص يشارف على الانتهاء من كثرة الاستعمال, وصل الثلاثة الى المدرسة قبل خمس دقائق من الدوام وكان معاون المدير يقف في الباب كأنه سياف, في الصف المعلم يشرح مادة اللغة العربية

وهو يردد ابياتا من الشعر لعنترة بن شداد :

(ولقد ذكرتك والرماح نواهل

وبيض الهند تقطر من دمي

فودتت تقبيل السيوف لأنها

لمعت كبارق ثغرك المتبسم).

 بينما الثلاثة يحلمون , حسين يحلم بان يكون مهندسا ليبني برجا كبيرا ويصبح المهندس الاول في العالم , وعلاوي يحلم بان يكون رساما ويضع لوحاته في اشهر معارض العالم , وعبود يحلم بان يكون طبيبا ليعالج الفقراء دون اجر , المعلم يشرح وهم في عالم اخر يبحرون باحلامهم بسفن ورقية , بعد اعوام وفي الدراسة المتوسطة كانوا الثلاثة معا ,في نفس الشعبة وهم يحلمون الى الان , وذات مساء اعلن التليفزيون بيانا تم فيه اعلان الحرب , وفي الصباح توجه اباء الثلاثة الى دوائر التجنيد المزدحمة بالشباب ولايعلمون بانهم وقود لتلك الحرب. استمرت الحرب وكانت الجثث التي تصل الى المناطق كثيرة , وتم نصب مواكب العزاء وتعليق لافتات باسماء الجثث التي غادرت الحياة , عندها بدأ حسين  وعلاوي وعبود بالقلق على ابائهم , فجميعهم يشارك في المعارك الطاحنة ,فبينما كان حسين في المقهى يتابع مباراة لكرة القدم واذا بجنازة مكتوب عليها الشهيد محمد سالم مبروك والده , ثغر فاه ولم يصدق كانت الجنازة تسير الى بيتهم فوق سيارة اجرة ,ذلك اليوم احلك يوم واتعسه مر بحسين , وحضر اصدقائه علاوي   وعبود لتعزيته ’ ومرت الايام وجاء خبر بان اب علاوي قد بترت يداه وهو في احد مشافي العاصمة وهو الرجل الذي كان يعمل بنَّاء  , ليعيل عائلته المكونة من سبعة بنات وثلاث اولاد , استسلم علاوي للقدر وندب حظه!! , اما عبود فقد جاء احد اصدقائه ليبلغ اهله ان فقد في احدى المعارك , ومرت السنون ووصلت رسالة تخبر عبود بان والده اسير , الثلاثة لم يفارقوا احلامهم ولكنهم يعلمون بانها لن تتحقق ’ وبعد اعوام التقى الثلاثة فقد اصبح حسين يبيع الملابس المستعملة بعد تركه الدراسة وعلاوي اصبح عامل بناء وعبود يتاجر ببيع الاعضاء البشرية . وفي المقهى علت اصوات ملاعق كؤوس الشاي والضجيج اضاع صوتهم , وعلموا ان العالم يسير عكس احلامهم كما الاخرين ________________________________

37

نيرون وعبد الرضا

عندما احرق نيرون روما لم يعلم انه مصاب بالجنون , معظمهم فسر ذلك بالجنون والبعض الاخر فسره بالحب والبعض قال انه نيرون العظيم الذي لايقهر كالاساطير .كان عبد الرضا يجلس في احد زويا مقهى حسن عجمي في شارع الرشيد كالعادة . طلب الشاي من ابي داوود .. المقهى عبارة عن غرفة متخمة بالدخان والاحاديث بين ضجيج وهدوء . اما اصوات المستطيلات العاجية المرقمة فهي الاكثر وضوحا في ذلك المكان , ابو داوود متجهم الوجه يجلب لك الشاي وكأنه يحضر لك اكسير الحياة .عبد الرضا ينتظر الشاي بشغف بعدما تناول فطوره الصباحي بصحن عدس وصمونه كأنها قطعة من نحاس صديء .بنطلونه الرمادي وشكله يدل على انه مسافر بعيدا وهذه المرة دون جواز ,يقول في نفسه , السجائر مغشوشة , الخمر مغشوش كل شيء مغشوش حتى الاصدقاء , غادر المقهى يلعن كل شيء ,بعد اسبوع اختفى عبد الرضا وجميع الرواد يتسألون عنه , منهم من قال ان السلطة اعتقلته لأنه كثيرا مايقرأ عن راس المال وكارل ماركس والادب الروسي لديستوفيسكي ويحمل معه كتب لحمزاتوف وفابتزاروف شاعر بلغاريا الشهيد,وهذا ما ادى الى اعتقاله ,واخرون يقولون ان لكثرة ما قرأ اصيب بالجنون فاودع بمصحة عقلية , ومنهم من قال انه انتحر . واختفى حينها ولايوجد شيء يدل على انه موجود او مفقود ,وعاد الضجيج من جديد واصوات القطع العاجية ذات الارقام تمازح طاولات الزبائن وكأنها شجرة بلوط لاتخاف الريح , وكذلك تراقصت زارات الطاولي العاجية على وجه الخشب المستطيل .وبعد سنين وفي نفس المقهى ونفس الركن كان يجلس عبد الرضا يرتدي معطفا بلون البنفسج والجميع ينظر اليه بعجب  ماذا يرتدي هذا المجنون ؟ معطفا بنفسجيا وشعر ثلجي وحذاء ابيض , الجميع يسأل من هذا الغير مألوف ,طلب الشاي وكالعادة لم يحصل عليه بسبب الضجيج بعدما علم ان ابو داوود قد مات وورثه اولاده , لم يكترث للوقائع حملته عصاه للنهوض وغادر, جالت عينيه في ارجاء شارع الرشيد جوفاء خرقة بالية تحت احضان البغايا . حزن كثيرا سنون مرت منذ غادرت الوطن والوطن كما هو , الفقر والجوع والبغايا هم نفسهم يسكنون نفس المحلات وربما اضيفت لهم محلات اخرى تحت مسميات جديدة .  عبد الرضا كأس مملوء بالخمر ما ان يصفق بجانبه حتى يندلق, شابا وسيما كثير القرأة خجولا جدا . يملك وجه طفولي اقرب للوطن منه الى الثائر ,كلما يمر قرب بيت ابو سالم يشاهد نافذة تراقبه وليس شبح ’ هو يعلم من كان يراقبه ولكنه ولاول مرة كان شيطانا غير شيطان .حاول ان يتذكر اسمها والمطر يتساقط خفيفا وهو غير مبال ,يحاول تذكر اسمها اخيرا بعدما خذلته العكازة صاح اين زهرة ؟. في شارع المتنبي الكل سخر منه ودعوه بالمجنون , عبد الرضا غادر الحياة الاولى لان زهرة قطفها الرصاص وهو ممدد في الشارع والمطر يتساقط وصوت الريح ناي يعزف الان .

38

انفرادي

الحر مزق جدران الزنزانة واب اعلن حربه ضدنا نحن القابعين في دهاليز الموت والخوف , بقربي يشاركني الزنزانة رجل ادعى ان لايخاف من الموت شنقا او رميا بالرصاص, حينها عام 1997 عندما تعرض عدي صدام لمحاولة اغتيال في المنصور , ازدحمت الزنزانات حتى الانفرادي بالمعتقلين , حيث اصبح الانفرادي لاكثر من شخصين¸اصوات الصراخ والتبول من الخوف تحت اسرتنا ورائحة التبول عطر الزنزانة في ذلك الوقت لان الخوف اخطر من الموت حينها  , والعجب كل العجب انني لااعلم في اي مكان في العالم سوى صوت مؤذن يصل الى مسامعي رغم اني لااصلي وبعض من اصوات العصافير التي تؤذن قبل المؤذن في مكبرات الصوت , مكان كأنه الجحيم كأنه يوم الحساب , ورفيق زنزانتي يقص علي قصص بطولاته بفخر , وكلما يسألني عن قضيتي واشرح له يقول انك  معدوم لامحال لانه لايعرف كم اعشق الحياة والخمر والنساء , وحين علمت انه معتقل سياسي ينتمي الى الاحزاب الاسلامية المحظورة حينها ايقنت انه اجبن مني لذلك تجاهلته حتى تم اعدامه , وبقيت في زنزانتي وحدي اشاهد من النافذة الصغيرة وجه السماء وتساقط المطروبعض من رائحة الارض والنارنج,صمت كبير وصمت اخر واخيرا نادوا على رقمي , فتحت الزنزانة واقتادني رجل ضعيف البنية ولاول مرة لم يعصبوا عينيي وهو يتمتم ويردد بلهجة جنوبية ( ما وراكم بس المشاكل ), خطواتي واهنة من قلة الاكل والتعذيب وجسدي اقرب لهيكل حيث يمكن لاحدهم ان يعرف مكان عظم الترقوة , ومن الزنزانة الى غرفة التحقيق التي ادمنت عليها لستة اشهركنت ارد د فيروز  ( حبيتك تنسيت النوم ) غير عابئا لم سيجري لي من تعذيب, لحظات كأنها عام وصلت الى سيادة المحقق ضخم الجثة ذو شاربين غلظين يعلنان انه السلطة,لم اكن خائفا بل كنت ميتا لااحترم الحياة بعدما مللت من التعذيب , عندها وقعت على الاوراق التحقيقة وبصمت وتم نقلي الى حياة اخرى اسمها السجن العام وبحرية اكثر , فرحت رغم حزني ومن تلك اللحظة بدا الامل يشع .  

39

غنج متأخر

بدأت تجاعيد وجهها واضحة جدا حتى ان خطوات مشيتها اصبحت ثقيلة , بين الحين والحين تهرب للمرأة تشاهد وجهها , فيعتريها الخجل بعدما خط اللون الابيض اغلب شعرها وزحفت التجاعيد الى رقبتها وارتدت قميص النوم التي طالما كانت تحلم به مع عطر فرنسي , وهربت الى النافذة ترقب الطريق , بانتظار الرجل القصير ذو الشعر الثلجي في الصباح , وهي تشاهد السماء تعود بها الذاكرة الى ايام الصبا وشرائط الشعر الحمراء وحقيبتها ودراجتها الهوائية , رائحة اليكالبتوس تغطي وجه المنطقة , تذكرت اغاني الطفولة ( ماجينة ياماجينة  ) واغاني الشباب (عيني عيني )’ ليلى بلغت الخمسين من العمر وهي ارملة لرجل متزمت يدعى فياض عندما فرض عليها ان تلبس الحجاب وتقلع عن لباس الحداثة ( التنورة والقميص ) او مايسمى حينها ( الميني جوب ) اي التنورة القصيرة , بعدها غادرت معه الى اطراف محافظة قريبة من الحدود , لاراديو ولا تلفاز ولا رائحة اليكالبتوس التي كانت تشمها ليل صباح في طفولتها وصباها , الوضع مختلف هناك والحياة رتيبة و, الصباح فطور والظهيرة غداء والليل عشاء ثم النوم على سرير ناعم مليء بالهموم , في كل مرة يحاولون ان يعلموها  ان تخبز في تنور الطين او الزرع او الصيد ولكنهم عبثا حاولوا لانها لاتعرف ان تذبح دجاجة او تزرع سنبلة او تصنع خبزا , لانها تستمتع باصوات البلابل وبعطر الكاردينيا ورائحة الاسفلت في الشوارع , كثيرا ما حاولت ان تقنع زوجها بان يجلب لها جهاز راديو من المدينة ولكن دون جدوى , كانت تحمل كل ربيع ان تسمع فريد الاطرش وبعوده اغنية (  الربيع ) . مرت السنون ومات فياض بعدما اشترك في صفقة للمواشي خسر جميع امواله واصيب بنوبة قلبية . وعادت ليلى الى بيت ابيها الفخم جدا وكانه احد قصور هارون الرشيد المساحة كبيرة جدا والغرف لاتعد ولاتحصى والحدائق تحيطه , علمت انه باعها لاجل ذلك , استقبلها بحفاوة وضمها الى صدره بعد فراق دام اكثر من عشرين عاما , علمت ليلى انها كذبة كبيرة ولكنها فرحة بان فياض او الرب قد اعتقها اخيرا, بعدها تجولت في المنزل فلم تجد دراجتها الهوائية بل وجدت سيارة حديثة , ولم تجد شرائطها الحمر بل لوحات لنساء عاريات , كل شيء تغير حتى الاشجار والزهور , اصبحت حياتها اكثر رتابة لاشيء جديد , بعد عدة اشهر اصيب والدها بالسرطان ولم تودعه المستشفى وتمت معالجته في البيت الى ان لفظ انفاسه الاخيرة امام ليلى يطلب منها الصفح عما فعله, ليلى ادارت وجهها عنه ولم ترد . ليلى الى الان ترقب من النافذة القادم التي طالما انتظرته في صغرها وهو يمشي في الشارع ثملا يغني:

 (ميحانه ميحانه

 ميحانه ميحانه    

غابت شمسنه      

الحلو ما جانه).

الوقت شارف على الغروب وهي ترقب الطريق وبعد ملل سمعت صوتا اجش كأنه وجه بركان :

(انا من اكولن اه

 واتذكر ايامي ايامي

روحي ترف واتغيب

واغرق باحلامي).

شاهدته من بعيد حينها ذابت رائحة اليكالبتوس وتجعد وجه الكاردينيا واخرست البلابل بعدما تحطمت اخر احلامها . هرولت الى الحمام وامام المراة شاهدت وجهها ولم تتعجب حطمت المرأة وخلعت قميص نومها وغادرت المنزل

40

كالوس

تزاحمت الاسرة مابين الارضي والمعلق كما يطلقون عليه في سجن ابي غريب , ناهيك عن من ينامون في الارض نوم الجثث في الحرب وحسب المساحة , الصيف هناك اشبه بفوهة نار لصهر الحديد , حر لايشعر به الا اذا كان ضمن هؤلاء المتراصين في الحياة والنوم كالنمل . السجان يمر يتبختر بعصاه كل ساعة وفي نظراته الغضب ويضرب كيفما يشاء بسبب او دون سبب , صياح اشبه بالهستيريا يحيط المكان, الحمامات حسب الثراء علما ان البرجوازية مخلوقة حتى في هذا المكان , ينادي صاحب الحمام ( ابو عزام ) للدخول يحيطيه اربعة رجال من ذوي الاوشام والمخططة اجساهم بالسكاكين والحراب ,ابو عزام عبارة عن دمية تملك نقودا للاحترام , كنت جالسا على سريري  اراقب ابو عزام وهو يمشي مشية الطاووس في زنزانات الموت, حاولت ان انام لانه لاشيء يشبهني في العالم . تمددت على السرير وحملت رواية الساعة الخامسة والعشرون عسى ان تنسيني وجعي , قرأت اول الصفحات لعنت كونستان جورجيو وروايته لانه اعادني من جديد الى الزانزانة , قلت في نفسي علي قرأة الام ترزيا لجورج امادو وفي اول سطرين رميتها , لان مكاني لايستوعب افكارا كهذه . قلبت في الكتب بين كولن ولسن والشيخ والبحر لارنست همنغواي , شعرت بأني مغفلا في وسط عالم يضج بالمجرمين واسماء (المجرم , ابو شوارب , معلا , كلثومة , ابو الصخول , الكحلي ,) وغيرها.لم اصدق انني اعيش في هكذا عالم , ولكن ايقظتني حشرة الكالوس بلسعة اشبه بالموت, حشرة حمراء تشبه (دودة القز ) . قفزت من نومي الغير نوم كي اشاهد هذه الحشرة التي لايمنعها الحر والزحام من اختراق الاسرة , حشرة اقذر من التعذيب ,لذلك لم انم ذلك اليوم ولفضولي  علمت اخيرا انها حشرة الكالوس التي استوردها العراق من الاخوة المصريين للتعذيب ,بطريقة خاصة .

41

طائر الليل

جسمه النحيل يدل على اشياء كثيرة وكل يفسر ذلك على مزاجه , شكله الذي يجمع مابين الطفولة والرجولة يجعلك تشكك في تخمينك لتلك الشخصية , احدهم وهو يملك كرشا وهو يدق عليه بيده اليمني وكأنه يعزف طبلا , هذا الشاب لايأكل لذلك بنيته ضعيفة ,اخر قال هذا يفكر كثيرا , اخر قال هذا يقرأ كثير , اخر قال يسمع موسيقى كبيرة اكبر من عمره .اخرهم  وهو يرتدي قبعة سوداء وبنطال اسود وحذاء اصفر :قال انه يحلم والحلم كالغريق اما ان يموت اويعيش, محمد حلمه ان يكون كاتبا عظيما وموسيقيا وفيلسوفا يبحث عن كل جديد , اما صاحبنا ذو الكرش العظيم فهو لايفكر غير عن طريق معدته , الحلم يرادوه منذ صباه ويذكرني كثيرا بصديقي الراحل خضير ميري فهو متذمر على كل شيء حتى نفسه , حتى قادته اقداره ان يسكن الطابق الثاني لمكتبة يمتلكها شايلوك العراق الجديد, شايلوك هذا لم يحاول قطع جزء من لحم محمد بل يحاول تقطيعه وبيعه بالطريقة الحديثة , الطابق الثاني للمكتبة اشبه بزنزانات العصور المظلمة ولاينقصها سوى الخفافيش ’ المكتبة قرية قد اكلتها الحروب واصبحت اطلالا , الكتب دون فهرست ومبعثرة هنا وهناك على الارض حتى ان البعض منها اكلها المخزن الرطب القابع في الطابق الارضي , والانارة تذكرك بالعصر العثماني والفوانيس , كل ذلك وشايلوك يجلس على كرسيه يظن نفسه ملكا ولم يعلم انه يجلس على بقايا عرش ابيه رحمه الله , هو دائما يتباكى كثير الشكوى , محمد القادم من الفرات اعجبته المكتبة حاول ان يحقق حلمه بعدما استقبله شايلوك بحفاوة اثناء ثورة تشرين , بعد التعارف علم بأن محمد ملم بجميع الكتب ويجيد الترجمة , من هنا كانت البداية , المصادمات والاعتقالات بدأت , وبين لحظة واخرى افتح المكتبة ’ اغلق المكتبة الى ان جره للذهاب معه للبيت , حيث الوليمة والنوم الهاديء وبعد حمام دافيء شعر محمد انه بين اهله ولم يعلم انه ساذج , في الصباح انطلق محمد بكل حيوية لاعادة الحياة الى المكتبة , هو الذي يحبه الجميع سارع بطلب النجدة من جميع الاصدقاء ليجلبوا له بعض الاحتياجات وفعلا حصل حتى اصبح الطابق الثاني من المقبرة عفوا اقصد المكتبة شيء اشبه بالخيال من النظام والنظافة ’ كل ذلك والملك يجلس على كرسيه يقلب في هاتفه الخلوي’ بعد فترة قصيرة كان الزبائن  يزورون المكتبة بفضل محمد وبدأت عمليات البيع والشراء وحتى التوصيل ’ وباسعار خيالية بالنسبة للملك ’ ولكن الحال كما هو عليه ربما قصد الرجل ان محمد يكفيه المبيت وبعض مايتصدق به الاصدقاء من وجبات طعام , حتى انه صادق بعض رجال الشرطة من اجل وجبة الغداء او الفطور او العشاء , محمد ذكي يشاهد الاشياء ويعرف كل شيء ولكنه على مضض قبل ذلك واعتبرها مرحلة ولم يظن ان القادم اسوء . بعد ايام اصبح محمد شاحب اللون حتى ظننت انه يتناول المخدرات , جسده هيكل عظمي , علمت حينها ان لازال يحلم ويسهر الليل , تجاربه مع فرويد ودريده وافلاطون ونيتشه وتيشخوف وغيرهم يعيش معهم كالصديق,شعرت به بأنه ملل الحياة ويحاول الانتحار على طريقته الخاصة ومنها الاضراب عن الطعام والسهر الكثير والتفكير في حلم ضائع , يشعر بداخله انه عظيم وهذا دليل على ثقته بنفسه كما , إرنست همنغواي، الذي انتحر بطلقة نارية في الرأس. مانويل أكونيا  الشاعر المكسيكي، انتحر بابتلاع سيانيد البوتاسيوم. محمد في طابقه الثاني كانه ملك الليل يظن انه يرتدي زي الامير المكونة من ملابس في روما القديمة بشكل عام من سترة قصيرة الأكمام أو بدون أكمام ،و طول الركبة بطول الركبة للرجال يشعر بأنه نابليون ببزته العسكرية وبيتهوفن ببزته الموسيقية هذه احلامه البسيطة حلم ، محمد يحلم بذلك ان يصبح اميرا ينثر حبات العنبر والعنب والرمان  والياسمين كما القديسين ويكره الحروب والدم والسيوف, يسير على حصانه الابيض مع حلمه , الى تلك اللحظة يحلم وهو في زنزانته في الطابق الثاني , واخشى على انتفاضته عسى ان تكون ايجابية كما عرفته , ينتفض على نفسه وواقعه ويصرخ من نافذة المكتبة ويطير حرا كما طائر الفينيق ينهض من الرماد ,

42

بائع الصحف

الساري …. بائع الصحف

في الغبش مثل طائر الغراب يسعى لرزقه . في الشتاء يرتدي معطفه المشابه لمعطف الحراس في ستينيات القرن الماضي كثيرا ماتخليته يحمل الصفارة  المعدنية وينفخ فيها في كل زقاق , ويذكرني بحارس الدورية في مصر وهو يصرخ ويقول ( مين هناك ).وفي الصيف الحال كذلك فصيفنا يشبه جهنم ,الحر القاتل مع رزمات الصحف والتحميل والمشقة وامامه دفتر يسجل في كل الملاحظات , يشعر انه يملك عقارات كبيرة وهو المسؤول عنها بالانابة لانه وكيل ,علي الساري الرجل البسيط هكذا يعيش حياته اليومية منذ الفجر حتى بقاياه بعدها يلملم ماتبقى من صحف ويعود للبيت , وفي فجر شتوي حدث ذلك وهو خارج من بيته  في المدن الفقيرة ايام حضر التجول   في لساعة الوحده  ليلا   الجو بارد ا وممطرا  وصل المطبعه اخيرا بعد جهد جهيد  …وحمل الجريده  والجريده تعود لاحد المسؤولين  في دوله العراقيه, وهو متوجها  الى  بورصه  الصحف    وفي منطقة  السعدون  تحديدا  اوقفتنه سيطره من الجيش العراقي   وأمروه بالتفتيش مافي السيارة  , المطر يتساقط والصحف ورق ,بعدها قمت مجبرا   بانزال الصحف للتفتيش  السيارة  بعدما قلت لهم ان  كميه الصحف  كثيره  ولا يمكن انزالها بهذا  السهولة   ,فقال الضباط  لاتتكلم  وقم بانزال  الصحف  وفعلا  قام  هو والسائق  جاسم   بانزال  الصحف   وكانت الكميه كثيرة كثيره   وصوت الرعد والبرق والجو بارد  وزخات المطر جميعها فوق الصحف وهو يقف كالاخرس ولاصم والابكم  حتي أصبحت  الصحف غير قابلة  للبيع او شحنها  الى المحافظات , وفي تلك اللحظة   مرت سيارة  حديثه  في جوفها عاهرات الليل ,حينها قام  الضابط بنفسه  لرفع حاجز السيطرة  دون ان يوجه أحد الجنود  لرفع  الحاجز  بل قام  الضابط  بنفسه  لرفع  الحاجز  لمرور  تلك السيارة    المحمله بغجر الملاهي الليلة وبعدها صعد بالسياره  وامر جنوده  بلانسحاب   اما اما المعني  علي الساري  والسائق جاسم  قماما برفع الصحف الصحف  مره اخرى للسيارة  بعد ان اخذ المطر منها  ماأخذ  وذهبت  للبورصه  ولم يقم بعرض  الصحف لانها مبللة ولم يقم بتوزيعها ذلك آليوم  , بل ذهبت بها  الى ألبيت   ..  وفي الليل  أتصل  به ذلك  المسؤول  وقال له بالحرف  الواحد  عاشت ايدك استاذ علي الساري  على التوزيع   .  وهو لم يقم بتوزيع  الصحف  لأنها كانت مبللة  بل قام ذلك  المسؤول  بتكريمه  بمبلغ  من المال وحينها   رفض  استلام  اي مبلغ  من المال  لانه لن يقوم بتوزيع الصحف ’ وفي اليوم التالي ذهب علي والسائق جاسم ابو الكية  الى مقر ذلك المسؤول  وسلموا  الصحف المبللة’  وقال المسؤول له  ماهذا  الصحف ياعلي الساري  فقص عليه القصه  كامله  وقال له : هذه صحفك , اتفضل  استلامها  مبللة,وقبل ايام قليله  مات  ذلك  المسؤول ’ وللطرفه اطلب  ريس تحرير  جريدة  دينيه  مبلغ من المال  اكثر من  ١٥   سنه  وعلي  يطلب  ذلك الشخص ولم يقم بتسديد  اي فلسا واحد من المبلغ  الذي يطلبه   وهذ الشخص  حاليآ  عضوفي    مجلس النواب في الدوله العراقيه  .

43

الفهرست

3- المقدمة

4_ مطر اسود

5_ فجر بلا فجر

6_ ,,كيفك انت” “

7_ تل النرجس البري

8_ زهايمر

9_ متقاعد

10_ طلاسم

11_ وهم          

12_ نعاس

13 _ ليلة حب ممطرة

14 _ فقدان هوية

15 _ القاء قبض

16 _ صرخة

17 _ مجنونان

18 _ فزاعة

19 _ حدث في التسعينيات

20 _ رحيل

21 _ اقبال والزنزانة ورسالة

22 _ انا والشمعة والليل

23 _ وجه الشيطان

24 _ رصيف مقابل مكتبة التحرير

25 _ ليلة اغتيال محسن المجنون

26 _ الصفصاف

27 _ وهم

28 _ جنون

29 _ حلم

30 _ حوار

31 _ عصافير

32 _ غريب في الحانة

33_ ابواب الامل

34 – في الخريف

35 _ كل مرة

36 _ احلام مدفونة

37 _ نيرون وعبد الرضا

38 _ انفرادي

39 _ غنج متأخر

40 _ كالوس

41 _ طائر الليل

42 _ بائع الصحف

43

صدر للكاتب

1_ مجموعة شعرية بعنوان للرجل وجه اخر مترجمة الى اللغة الانجليزية عام 1997 .

2_ مجموعة شعرية بعنوان عزف انفرادي عام 1998 .

3_ مجموعة شعرية بعنوان هلوسة عام 2002 ,

About Post Author

admin

وكالة أنباء إخبارية عراقية عربية دولية مستقلة مهتمة بشأن السياسي والاقتصادي والمرأة والطفل العربي على وجه الخصوص تعمل ضد الأنظمة الاستبدادية والتيار السياسي الإسلامي الفاسد , ندعم مشاريع الوحدة العربية ضد المهيمنات الخارجية .
Happy
Happy
0 %
Sad
Sad
0 %
Excited
Excited
0 %
Sleepy
Sleepy
0 %
Angry
Angry
0 %
Surprise
Surprise
0 %

Average Rating

5 Star
0%
4 Star
0%
3 Star
0%
2 Star
0%
1 Star
0%

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Previous post أن الفن مرآة للواقع وانعكاسا له
Next post القيم التربوية في أدب الاطفال/قصص جاسم محمد صالح مثالا.
× How can I help you?
How can I help you?