هل تقترب إيران وكردستان العراق من “تطبيع” العلاقات بشكل سريع؟ اكتشف التفاصيل!
استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليعبر عن أن بين طهران وإقليم كردستان “علاقات جيدة”، مما يدل على تحسن واضح في الروابط بين بلاده والإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي، والذي تعرض لعدة ضربات إيرانية في السنوات الأخيرة.
كيف تمكن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟
شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، الذي يعد تقليديًا حليفًا للولايات المتحدة والدول الأوروبية في الشرق الأوسط، تحسنًا ملحوظًا في الأشهر الأخيرة. وقد كثرت الزيارات التي قام بها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.
حضر كل من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، الذي توفي مع عدد من المسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان إثر تحطم طائرتهم في 19 مايو. كما زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو.
وعند مغادرته القصر الرئاسي في بغداد بعد اجتماعه بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان باللغة الكردية لقناة “رووداو” المحلية: “لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر”. وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات خلال أربعة أشهر والتقى بالمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.
ويقول مدير المركز الفرنسي لأبحاث العراق عادل بكوان لوكالة فرانس برس: “أصبحنا حاليًا في مرحلة التطبيع” بالعلاقات. ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية “حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي”، مما يجعل “تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية أمرًا ضروريًا للغاية”، وفق المحلل.
لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟
في السنوات الأخيرة، تعثرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية التي تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينات القرن الماضي بعد اندلاع حرب استمرت ثمانية أعوام بين العراق وإيران. وعلى جانبي الحدود، يتحدث الأكراد العراقيون والإيرانيون باللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.
استمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبها يسارية التوجه وتندد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، بجذب الفارين من القمع السياسي داخل الجمهورية الإسلامية.سلامية.
ومن بين هذه المجموعات، حزب “كومله” الكردي والحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني، اللذان تعتبرهما طهران منظمتين “إرهابيتين”.
كان لدى هذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.
واتهمت طهران هذه المجموعات بتهريب الأسلحة وبالتسلل إلى أراضيها انطلاقًا من العراق، وبإشعال التظاهرات التي هزت إيران بعد وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.
في نهاية عام 2023، وبعد عدة ضربات نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.
وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي يوم الثلاثاء إن الحكومة العراقية أغلقت 77 قاعدة لهذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت تلك المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية. وأكد أن هناك استعدادات لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.
ما التحديات التي لا تزال قائمة؟
في ظل الاضطرابات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرات أخرى متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (الموساد).
في يناير ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس، شنت القوات الإيرانية هجومًا على مواقع في إقليم كردستان العراق مشيرةً إلى أنها استهدفت ”مقرًا لجهاز الموساد”. ونفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان وجود الموساد في الإقليم.
يمكن أيضًا قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء ”الانسحاب” الأميركي المحتمل من العراق بحسب بكوان.
وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعدد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.
وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.
وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي خلال مقابلة تلفزيونية يوم الأحد إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق “على مرحلتين”.
وأوضح أن التفاهم يتضمن مرحلة أولى تمتد من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل “بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين”، يليها انسحاب ”في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان”.لم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد، التي تربطها بها علاقات متوترة.
يقول بكوان: “كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط وبالتالي من العراق، ومن ثم من كردستان العراق، كلما أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (…) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية المعادية لواشنطن.”