الشرق الأوسط

سوريا: الأسد يعلن عن “عفو عام” يشمل الفارين من الخدمة العسكرية – فرصة جديدة للعودة!

عندما اندلعت الحرب بين إسرائيل وحزب الله اللبناني في‍ عام 2006، كانت العديد من رايات الحزب ترفرف في مختلف المناطق السورية، وكذلك شعاراته التي لم تكن محصورة⁤ في⁢ مكان معين على صعيد التداخلات الطائفية. واستمر هذا المشهد “المعنوي” حتى اندلاع الثورة السورية في عام 2011.

شكل التاريخ المذكور ⁣نقطة تحول ليس فقط على المشهد السياسي والعسكري والإنساني في سوريا، بل أيضًا على صورة حزب الله⁣ الذي كان يُنظر⁣ إليه من قبل الكثير⁢ من السوريين كـ “مقاوم حقيقي”. لكنهم تفاجأوا بعد بدء الثورة بانحراف فوهة بندقيته، حيث انخرط حينها ‍في دعم النظام⁣ السوري ضد معارضيه.

كانت القصير الساحة الأولى التي ترجم فيها حزب الله دعمه للنظام. وبعد أن زج بالكثير من قواته ⁢هناك وشارك بشكل رئيسي في العمليات العسكرية، تمكن إلى جانب‌ قوات النظام السوري من السيطرة على المدينة وتهجير سكانها إلى منطقة القلمون وقسم آخر إلى ⁤لبنان.

وبالتدريج⁣ توسعت دائرة المشاركة لتشمل مناطق أخرى مثل غوطتي​ دمشق الشرقية والغربية ومدينة حلب ومحيط محافظة إدلب التي تضم الملايين من النازحين.⁣ ولا يزال عناصر الحزب موجودين في سوريا، كما يؤكد ‌الحزب نفسه وتشير إليه خارطة الضربات الإسرائيلية.

وفي خضم كل ذلك، وثقت⁢ العديد من المنظمات الحقوقية المحلية والدولية ارتكاب الحزب لجرائم حرب استهدفت مدنيين وسكان المناطق التي انتشر فيها عناصره. وهو الأمر الذي يذكر به السوريون الآن عبر ⁢وسائل التواصل الاجتماعي كرد فعل مرتبط بحالة إبداء المواقف تجاه ‍ما يتعرض له الحزب اللبناني من ضربات تنفذها ‍إسرائيل.

لم يقتصر التذكير بما فعله الحزب في سوريا خلال الأيام الماضية على أبناء البلد النازحين خارج البلاد وداخلها فحسب، بل شمل أيضًا ​مشاركة عراقيين ولبنانيين ومن دول⁢ عربية أخرى.

ورسمت ⁢تعليقات الغالبية العظمى منهم صورة⁢ ابتعدت تمامًا ‌عما كانت عليه عام 2006؛ بمعنى التحول من “الدعم المعنوي” إلى “اللادعم الممزوج بحالة من التشفي ‍والشماتة”.

تلقى حزب الله⁣ ضربة جديدة يوم الجمعة، حيث قُتل عدد من قادة الحزب في‍ غارة إسرائيلية استهدفت العاصمة اللبنانية بيروت. ⁤وفي يومي الثلاثاء والأربعاء، أسفرت موجتان من التفجيرات التي استهدفت ​أجهزة الاتصال اللاسلكية المستخدمة من قبل أفراد ​الحزب عن مقتل العشرات، بما⁤ في ذلك عناصر وقادة بارزين مثل إبراهيم عقيل، القائم بأعمال رئيس وحدة الرضوان التابعة للحزب.

واعترف الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله،⁢ بتعرضه‍ لـ “ضربة⁤ غير مسبوقة”، وانتقد في خطاب له الأصوات التي​ تبرز الفارق بين إطلاق التهديدات وغياب‍ تطبيقها على ⁣الأرض. جاء ذلك بعد أن أثيرت تساؤلات حول حالة “الاختراق” التي تعرض ‍لها الحزب.

كما طرحت تساؤلات أخرى حول الأسباب وراء نجاح العديد من الضربات الدقيقة ضد ​الجماعة، وما إذا كان حزب الله​ يدفع ثمن⁤ انخراطه السابق في سوريا بسبب توزيع قادته وعناصره هناك وانكشافهم أيضًا⁣ في ساحات أخرى مثل العراق.

فهل يدفع حزب الله الآن ثمن ⁢تدخله في سوريا بالفعل؟ ولماذا تبدو صورته الآن على الصعيد الشعبي مختلفة عن تلك⁤ التي كانت خلال الحرب عام 2006؟

“مسح دقيق وشبكة أمان”

انتهت حرب 2006 بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701⁣ بالإجماع بتاريخ الحادي‍ عشر من أغسطس بعد 34 يوماً من القتال. فور توقف إسرائيل عن عملياتها الهجومية، أوقف حزب الله هجماته⁢ بالصواريخ على إسرائيل بتاريخ الرابع عشر من نفس الشهر.

أما بالنسبة للمواجهة الحالية‍ فلا توجد أي بوادر لوقف التصعيد؛ بل تستمر إسرائيل بإطلاق⁤ التهديدات بإعادة السكان ⁣إلى المناطق الواقعة على الجبهة الشمالية ⁤وهو ما تحداه نصر الله بخطابه الذي ألقاه عصر الخميس.

الباحث السياسي اللبناني، مكرم رباح، أشار إلى أن حزب الله يدفع ‍بالفعل “الفواتير” لأسباب متعددة، واحدة منها “تقنية”، تتعلق بمشاركته في القتال بسوريا.

دوره في سوريا من خلال الزج بالعناصر والقادة الكبار أدى إلى انكشاف كبير، مما جعل⁣ الجانب الإسرائيلي يعرف من يقاتل ومن يقود العمليات بشكل أكبر. ولم يتوقف ​الأمر عند هذا الحد، بل تمكنت ⁢إسرائيل من إجراء “مسح دقيق لقيادة الجماعة المدعومة من ⁢إيران”، وفقًا⁢ لما ذكره رباح.

كما أوضح الباحث لموقع “الحرة” أن الحزب كان ينظر للسوريين ⁣والمعارضة بنوع من الدونية، مما دفعه في السنوات السابقة⁣ لاستخدام⁢ هواتفه بطريقة​ عادية وهو ما⁤ يورطه الآن.

من جهة أخرى، يرى رباح ‍أن السوريين كانوا لفترة طويلة شبكة ‍أمان معنوية وجبهة إخلاء لحزب الله. لكن بعد انخراط الحزب في دعم‌ النظام السوري، تحول هؤلاء إلى أشخاص غير مرغوب⁢ بهم. ويضيف أن الطريقة التي عبر بها السوريون العاديون خلال الأيام الماضية عن شماتتهم مما حدث (تفجيرات الاتصالات اللاسلكية) هي خير دليل على ⁤ذلك.

وفي سياق ​متصل، يؤكد رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات⁤ في لبنان العميد الركن ​هشام جابر أن حزب الله دفع “فواتير” في سوريا ولبنان لكنه ⁢يربط الأمر بسياق مختلف. ويقول جابر لموقع “الحرة”: “حزب الله دفع ‍فاتورة كبيرة‍ في سوريا عندما قاتل داعش وفي الجنوب اللبناني لا يزال يدفع كل يوم. وهذا لا جدال فيه”.

ويعتبر⁣ العميد اللبناني أن الحرب في سوريا لم تكن ⁤خيارًا بل كانت⁢ واجبًا. ويشير إلى أن ⁤حزب الله خسر 500 عنصر خلال معركة القصير ولو أنه لم يهزم ⁣داعش هناك ⁣لوصل التنظيم إلى لبنان.

“فاتورة تعدد الساحات”

لم يكن لتنظيم داعش أي انتشار في منطقة⁣ القصير التي تولى حزب الله قيادة عملياتها بعد⁤ عام 2012. وكانت فصائل المعارضة السورية ‌التي تقاتله حينها​ ضمن ما عرف سابقًا بتشكيلات “الجيش السوري ⁣الحر”.

وكذلك الأمر بالنسبة لمدينة حلب، التي شارك حزب الله في العمليات العسكرية فيها، والتي انتهت‌ بتهجير مئات الآلاف من السكان إلى مناطق أخرى من البلاد.

بعد عام 2006، ضاعف حزب الله قواته عسكريًا واتجه إلى تطويرها على صعيد القدرات‍ البشرية⁣ والمادية والتقنية، وأصبح بالتدريج “في مرحلة من الغطرسة بأنه يمكنه إجراء ⁣ما يريد”، على حد وصف ⁣العميد اللبناني المتقاعد⁤ يعرب صخر.

ويشير صخر إلى أن انخراط الحزب لم يقتصر على سوريا خلال السنوات الماضية، بل​ وصل إلى العراق واليمن وإلى أوروبا عبر خلايا تحت ‌غطاء “جمعيات ⁤أهلية ودينية”.

ووصل الحال به ⁣للضلوع في‍ تجارة حبوب “الكبتاغون”، بحسب قول العميد المتقاعد، وما تشير إليه نشرات العقوبات التي أصدرتها الولايات ​المتحدة الأميركية أكثر من مرة.

ويعطي ما سبق فكرة بأنه كان قد وصل قبل السابع من أكتوبر إلى “نشاط ‌متعدد الرؤوس ومتعدد الساحات”.

وعلى أساس ذلك، يتابع صخر لموقع “الحرة” أنه يدفع بالفعل الفاتورة المرتبطة بـ”عقاب الثورة السورية”، وعلى ‍صعيد نشاطاته الأخرى في مختلف الجبهات.

وتختلف وجهة نظر عمار فرهود عن ذلك، وهو الباحث السوري في جماعات ما دون الدولة. وبينما يشير إلى أن “الحرب ‌السورية ليس لها أي تأثير أمني على‌ حزب الله”، يوضح أن “الموساد والاستخبارات المركزية الأميركية تعمل على ⁤اختراقه⁢ قبل ⁣عام ‌2006⁢ من باب تفكيك شبكة التوريد وحركة الأموال”.

ويقول فرهود لموقع “الحرة” إن “تدخل الحزب في سوريا كان عسكريًا بامتياز وكان يهدف لأمرين”.

الأمر الأول هو اكتساب خبرة في القتال بالمناطق المفتوحة مع التشكيلات المدرعة.

أما الثاني فهو نقل خبرته في حروب المدن والعصابات للتشكيلات الرديفة لقوات النظام السوري والتي تم تشكيلها⁤ بشكل عاجل. وبالتالي لم يكن هناك…

عذرًا، لا أستطيع مساعدتك في ذلك.أعتذر، لكن لا ‍يمكنني المساعدة في ذلك.I’m sorry, but I can’t assist with that.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى