كان هاريل دور وفين أوبراين ينهون عشاءهم في مطعم في باسادينا، كاليفورنيا، مساء يوم الثلاثاء، عندما أرسل لهما صديق رسالة نصية تحذرهما من إنذار إخلاء. كانت عاصفة رياح شديدة قد أدت إلى انتشار ما أصبح يعرف بحريق إيتون إلى التلال خلف منزلهما.
قال دور: “عند القيادة للعودة إلى المنزل، كان الأمر يبدو وكأنه نهاية العالم بالفعل، مع الأشجار المتساقطة والرؤية تتدهور”. بينما عاد الزوجان إلى المنزل لإخلاء قطتيهما، كان بإمكانهما رؤية النيران عن بُعد. يقول دور، الذي يعمل بالقرب من مختبر الدفع النفاث التابع لناسا: “بينما فقد بعض زملائي في العمل منازلهم، لا نعرف إذا ما كانت شقتنا قد نجت من الحريق.”
قال دور: “لم تصل المشاعر بعد”. “الكثير منها هو مجرد خدر وصدمة تجاه الأحداث التي تتكشف.”
تحولت التلال حول لوس أنجلوس إلى جحيم. بعد أيام من تحذيرات خبراء الأرصاد الجوية بشأن ظروف الطقس الخطيرة المتعلقة بالحرائق, بدأت حرائق توأمية – مدفوعة برياح تصل سرعتها إلى 100 ميل في الساعة – تشتعل عبر بعض أغلى الأحياء في جنوب كاليفورنيا, مما أجبر الآلاف من السكان على الفرار وهدد المواقع التاريخية. خلال خمس ساعات صباح يوم الأربعاء, انفجر كل من حريق باليسيدز شرق سانتا مونيكا وحريق إيتون عبر باسادينا من 2000 فدان إلى أكثر من 10000 فدان. حتى الآن, تم تأكيد وفاة شخصين وأكثر من 1000 هيكل محترق, مما يجعل حريق باليسيدز واحدًا من أكثر الحرائق تدميراً في البلاد.
قال دانيال سوين, عالم المناخ بجامعة كاليفورنيا بلوس أنجلوس خلال بث مباشر صباح الأربعاء: “أتوقع أنه سيكون هناك احتمال كبير بأن يصبح حريق باليسيدز هو الأكثر تكلفة على الإطلاق”. ويرجع ذلك جزئيًا إلى “حقيقة أن بعض تلك الهياكل هي بعض أغلى المنازل والمباني في العالم.”
للحرائق أسباب مباشرة وأخرى أساسية. العنصر الأول لصنع مثل هذه الحرائق الوحشية هو الوقود. خلال العامين الماضيين ، شهدت بعض أجزاء ساحل جنوب كاليفورنيا أكثر شتاءً رطوبةً على الإطلاق ، مما أدى لنمو الأعشاب والشجيرات. لكن الآن شهدت المنطقة بداية الشتاء الأكثر جفافاً على الإطلاق ، مما جعل تلك النباتات تعاني الجفاف. تحول المنظر الطبيعي الشجري ليصبح وقودًا وفيرًا ينتظر الاحتراق.
قال ستيفاني بينكتل ، مديرة مركز كاليفورنيا للمجتمعات المستدامة بجامعة UCLA: “في ظل ظروف تغير المناخ ، سنشهد فترات رطبة جدًا وفترات جافة جدًا”. “إن الظروف المناخية التي شهدتها جنوب كاليفورنيا على مر القرون ستزداد سوءًا ببساطة.”
العنصر الثاني هو الشرارة. سيستغرق الأمر بعض الوقت للمحققين لتحديد ما الذي أشعل كل هذه الحرائق ، ولكن حيث يتواجد البشر تبدأ حرائق الغابات . يمكن أن تكون شرارة ناتجة عن ألعاب نارية ضالة أو سلسلة تسحب خلف شاحنة على الطريق السريع أو حتى الحرق العمد . كما تعاني ولاية كاليفورنيا أيضًا مشكلة كبيرة مع معداتها الكهربائية التي تتحرك بفعل الرياح وتطلق شرارات نحو النباتات أدناه . ومع تصاعد الرياح يوم الثلاثاء , قامت شركات الكهرباء مثل Southern California Edison بقطع الكهرباء عن مناطق المدينة كجهد لمنع حدوث مثل هذا الحدث.
جون بوتمان / الأناضول عبر Getty Images
العنصر الثالث كان الرياح القوية . هذا هو الموسم الرئيسي لرياح سانتا آنا في جنوب كاليفورنيا والتي تتشكل داخل الولايات المتحدة الغربية . بينما يتحرك الهواء الدافئ والجاف نحو البحر , ينحدر للأسفل عبر الجبال ويكتسب السرعة . لا يتوقع العلماء أن يؤدي تغير المناخ لزيادة سرعة هذه الرياح , رغم أنها قد تصبح أكثر جفافاً وحرارةً . قال ألكسندر غيرشونوفسكي , عالم الأرصاد الجوية البحثي بمعهد سكريبس لعلوم المحيطات : “يمكن لهذه الرياح تجفيف النباتات بشكل أكبر”. “المناطق نفسها التي تحصل على الكثير من الأمطار نتيجة للأمطار الجوية تحصل أيضًا على رياح سانتا آنا القوية.”
لذا هناك المزيد من الوقود هناك وللأسف المزيد أيضاًمن الرياح التي تدفع الحرائق الكارثية للأمام بسرعة غالباً ما تكون لا مفر منها . هكذا قتل حريق كامب 85 شخصا عام 2018 عندما اجتاحت النيران مدينة بارادايس محاصرة الناس داخل المنازل والسيارات . ولهذا السبب تخشى السلطات الأسوأ بالنسبة لهذه الحرائق الجديدة السريعة الحركة في لوس أنجلوس.
قال ديفون بلاك , عالم أرصاد جوية لدى خدمة الطقس الوطنية : “لقد كانت الانتشار دراماتيكياً للغاية خاصة بالنسبة لحريق إيتون”. لأنه نظرًا لأن الرياح تتحرك بشكل غير منتظم , يجب أن يكون الجمهور حذرًا عند القيادة حول النيران.”يمكنها التحرك بسرعة كبيرة وقد تجد نفسك محاصرًا,” قال.
كما تُعتبر حرائق الغابات المدفوعة بالرياح صعبة للغاية لمكافحتها وليس فقط لأنها تتحرك بسرعة كبيرة جداً . تقوم تلك الرياحات بتوجيه الشرر أمام الجدار الرئيسي للحريق مضاءة حرائقا جديدة ربما تبعد ميلاً أمامه لذلك يمكن لحريقة كبيرة وشديدة ان تولد حرائقا أصغر تحترق بدورها خارج السيطرة بينما تكون الفرق مشغولة بالفعل بمكافحة النيران المنتشرة عبر المناظر الطبيعية الواسعة.. وفي مقاطعة لوس آنجلوس بعد ظهر يوم الأربعاء كانت أربعة حرائق منفصلة تستنزف استجابة فرق مكافحة الحریق حيث نفدت المياه لدى بعضها.. ولم يتم احتواء أي منها وفقاً لقسم الغابات والحماية ضد الحرائق بكاليفورنيا.. جزءٌ كبيرٌمن المشكلة هو انّ الرّيَاحات أوقفت الطائرات المستخدمة لرش المياه.
