كسوف 2024: نظرة نادرة على الشمس وبيانات مبكرة مثيرة!
واشنطن العاصمة — قام العلماء باستخدام كل ما لديهم من أدوات خلال الكسوف الشمسي الذي اجتاح معظم الولايات المتحدة في 8 أبريل 2024. حيث تم نشر طائرات عالية الارتفاع، وتجنيد متطوعين لإطلاق بالونات الطقس والتقاط صور ساطعة تشبه الهالة لكرونا الشمس، وإرسال إشارات راديو عبر الأجواء.
كان الهدف هو الاقتراب من حل بعض الألغاز المستمرة حول الشمس، بما في ذلك سبب كون الكورونا، الغلاف الجوي الخارجي للشمس، أكثر حرارة بكثير من السطح.
تم تقديم النتائج الأولية لهذه المجموعة من التجارب العلمية المتعلقة بالكسوف الشمسي في الاجتماع السنوي لرابطة الجيولوجيا الأمريكية في 10 ديسمبر. على الرغم من أن السحب حجبت جزءًا من مسار الكسوف عبر الولايات المتحدة، إلا أن الفرق تمكنت من جمع بيانات ستغذي الاستفسارات المستقبلية. إليكم نظرة أقرب على كيفية سير بعض تلك المشاريع التي تتطلع إلى ظل القمر.
استخدام الكسوف الشمسي الكامل لرؤية الكورونا
انطلقت زوج من طائرات ناسا WB-57 لدراسة الكورونا عن طريق الطيران داخل ظل القمر على طول مسار الكسوف الكامل. كانت المركبة تحمل نوعين من الأدوات: كاميرات لالتقاط صور للكورونا ومطيافات تقيس أطوال موجات الضوء المختلفة ويمكنها تتبع هياكل مختلفة داخل الكورونا بناءً على درجات حرارتها.
بينما جاءت بعض الصور الملتقطة بواسطة الكاميرات المثبتة على الأجنحة غير واضحة بسبب اهتزازات غير متوقعة، إلا أن الفريق تمكن مع ذلك من التقاط صور تفصيلية للكورونا. لم تتأثر المطيافات المثبتة في مقدمة الطائرة.
في الوقت نفسه، تمركزت 35 فريقًا مراقبًا على طول مسار الظل بدءًا من تكساس إلى مين لالتقاط صور لكورونا الشمس من الأرض كجزء من مشروع “Citizen CATE” (الكسوف التلسكوبي لأمريكا القارية). كان الهدف هو تجميع فيلم مدته 60 دقيقة يعرض تطور الكورونا خلال تلك الفترة، كما قالت سارة كوفاك، قائدة المشروع وعالمة الفلك في معهد أبحاث الجنوب الغربي في بولدر بولاية كولورادو.
الكورونا الوسطى الهاربة هي منطقة الانتقال بين سطح الشمس والهليوسفير؛ وهي أيضًا مصدر الانفجارات للجسيمات المشحونة التي يمكن أن تجرف نحو الأرض مما قد يتسبب في تعطيل الشبكات الكهربائية والاتصالات عبر الأقمار الصناعية والراديو. عادةً ما تكون خافتة جدًا بحيث لا يمكن رؤيتها بالتلسكوبات. لكن ظل القمر يعمل مثل جهاز كوروناغراف طبيعي يجعل التفاصيل مرئية ، كما قالت كوفاك.
تعرض المشروع لعوائق بسبب الأحوال الجوية الغائمة على طول معظم المسار. ومع ذلك ، تمكنت الفرق بالفعل من التقاط أكثر من 47,000 صورة للكورنّا. عرض فيلم أولي تم تجميعه باستخدام الصور المجمعة في ثلاثة مواقع مختلفة - تكساس وميزوري ومين – كيف تعرض أجزاء مختلفة منها بمرور الوقت.
استخدام الكسوف الشمسي للتحقيق في موجات الجاذبية
في مكان آخر على طول مسار الظل الكامل ، أطلق أكثر من 800 طالب ، تم تنظيمهم ضمن فرق ، بالونات الطقس إلى السماء. كانت آمال مشروع “Nationwide Eclipse Ballooning Project” تتمثل بجمع أدلة تشير إلى أن كسوف الشمس يزعج الغلاف الجوي بما يكفي لإنشاء تموجات تُعرف بموجات الجاذبية . تُعرف العواصف الرعدية وحركة الهواء فوق الجبال بأنها تؤدي إلى اضطراب الغلاف الجوي بشكل يكفي لتحفيز موجات جاذبية . وكان الباحثون يشتبهون بأن كسوف الشمس قد يكون أيضًا محفزًا عن طريق إنتاج تبريد مفاجئ يغير مؤقتاً توازن الغلاف الجوي .
قال جي غونغ ، عالم الأرصاد الجوية بمركز غودارد للفضاء التابع لناسا: إن تأثيراً مشابهاً يُرى عند غروب الشمس كل يوم . حيث تنخفض الطبقة الحدودية المستقرة بين أدنى منطقة جوية للأرض (التروبوسفير) والمنطقة التالية (الستراتوسفير) عندما تغرب الشمس .
أظهرت البيانات التي جُمعت خلال حملة مماثلة أثناء كسوف أكتوبر 2023 الذي شوهد غرب الولايات المتحدة أنه بالفعل حدث اضطراب للغلاف الجوّي نتيجة للكسوف . وأشار غونغ إلى أنه رغم تعكير الأحوال الجوية للمشروع لعام 2024 إلا أن كل فريق أطلق بالونة واحدة كل ساعة لمدة ثلاثين ساعة .
لكن استبيانات الطلاب بعد انتهاء المشروع أظهرت نجاحاً واضحاً واحداً: قبل المشروع كان عدد قليل منهم يرون أنفسهم بارعين بمجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM). وبعد المشاركة بالمشروع أفاد تقريباً الجميع أنهم يرون أنفسهم جيدين بهذه المجالات .
لمحات عما يحدث في الأيونوسفير أثناء كسوف شمسي كامل
شارك أكثرمن 6350 مشغل راديو هاوٍ ”هام” عبر مئات المحطات المنتشرة عبر الولايات المتحدة بدراسة آثار الكس وفعلى أيونسفير الأرض وهو الطبقة المشحونة حيث يمكن للإشارات الراديوية الانتقال لمسافات طويلة .
تم تنظيم الحدث بواسطة HAMSci وهي مبادرة علم المواطن تجمع بين مجتمع راديو الهواة وعلماء الفضاء مستفيدةً مما توفره الإشارات الراديوية المنعكسة عن أيونسفير لتقديم رؤى حول ارتفاع وكثافة وبنية هذه الطبقة الجوية . وهذا بدوره يساعد الباحثين لفهم العلاقة بين الفضاء والغلاف الجوّي العلوي بشكل أفضل كما قال مؤسس المجموعة ناثانييل فريسيل عالم الفيزياء الفضائية بجامعة سكرانتون بولاية بنسلفانيا .
خلال الكس وفأرسل المتطوعون لدى HAMSci أكثرمن52 مليون إشارة بتردد يتراوح بين1إلى30 ميغاهيرتز . وما رأوه وفق فريسيل هو أنه مع مرور ظل القمر كان هناك انخفاضٌ بكثافة الإلكترونات بالأيونوسفير مما يؤدي الى “فرار الإشارات الراديونية الى الفضاء وانخفاض الاتصالات”. هذا التأثير يشبه الانخفاض الحاصل يومياً عند تحول النهار الى الليل حسبما أضاف فريسيل .
وجدت المجموعة أيضاً أن التغيير المؤقت الناتج عن الاكسب أدى لتعزيز الاتصالات المُرسلة بتردد منخفض وتدهورت الإشارات المُرسلة بتردد عالي , وكشف البيانات أيضاً بأن قاعدة الأيونوسفير ارتفعت ارتفاعا أثناء حدوث الاكسب ثم عادت بعدها لارتفاعها الطبيعي
استقصاء ألغاز شمسية انطلاقاََ مِن الفضاء
بينما تفتح حالات كسوفي شمسي كامل الباب أمام العديد – بما فيها علماء المواطن – للبحث عن دلائل لأسرار الشمس فإنها تقدم فقط لمحة سريعة عنها . وقد تأتي المزيدُ مِن الإجابات مِن طرق جديدة قائمة علي دراسة جوّالشمس انطلاقاََ مِن الفضاء
لقد دخل مسبار باركر الشمسي التابع لناسا ضمن جوّالشمس باحثاََ عن مصدر الرياح الشمسية , ومن المتوقع ان يقوم بأقرب اقترابه للشمس بتاريخ24 ديسمبر حين يحلق ضمن6,1 مليون كيلو مترعن السطح
وفي الوقت نفسه تهدف مهمة بروبا-3 التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية والتي تم إطلاقها حديثًا لاستخدام زوجٍ مِن المركبات الفضائية تحلق بالتشكيلات لمحاكاة مئات حالات الكسوفي لدراسة وسط كورنا بشكل أفضل .