الشرق الأوسط

غزة: مخيم البركة – شعاع أمل يضيء حياة الأيتام في ظلام الحرب

في ظل هذا الوضع القاتم، توجد مبادرات تهدف إلى إشعاع ولو أبسط بصيص من النور والأمل. ​ففي منطقة المواصي​ غرب خان يونس، أنشأ المعلم محمود كلاخ مخيمًا يهدف⁤ إلى تقديم بعض الإغاثة للأسر التي فقدت​ رجالها ومعيليها.

يستضيف “مخيم البركة للأيتام” حاليًا 400 أسرة فلسطينية نزحت إلى هذه المنطقة من جنوب غزة. وفي حديث مع مراسلنا في‍ غزة زياد طالب، قال السيد كلاخ إن المبادرة تعمل على توفير الرعاية‍ للأسر فيما وصفه بـ “مدينة الأيتام”، بما في ‍ذلك المأوى والطعام والشراب والرعاية ⁤الطبية والخدمات التعليمية والاجتماعية.

وأضاف: “لدينا ⁣مركز طبي خاص ومدرسة تعمل على رعايتها الأمم المتحدة، من خلال اليونيسف، التي قدمت مشكورة الموارد اللازمة للمدرسة، كما قاموا باحتضان الطلبة وتوفير القرطاسية لهم، ودفع رواتب المعلمات. نسعى إلى إنشاء هذه المدرسة بشكل كامل لتحل محل هذه الخيام الصغيرة، لخلق بيئة أكثر راحة للطلاب لتلقي تعليمهم”.

“بابا كان كثير حنونا”

عدد الأطفال الذين يتم تقديم الخدمات لهم هنا هو مجرد قطرة في ​بحر ​الأطفال الأيتام ⁢في غزة الذين هم بحاجة ‌إلى الحماية. ووفقًا⁤ للمعلومات فإن عدد الأيتام غير المحميين‍ في ⁢غزة يتراوح الآن بين 17 و18 ⁤ألف طفل، وكثير منهم غير مصحوبين بأي فرد ⁤من أفراد أسرهم.

فقدت الطفلة⁣ تالين الحناوي ⁤والدها نتيجة للحرب، وهي تحاول التكيف مع حياتها ‍الجديدة في مخيم البركة للأيتام. علامات الصدمة⁢ والحزن ملأت وجهها أثناء حديثها مع أخبار الأمم المتحدة حين قالت لنا “بابا كان كثير حنون. لا أشعر أن ‍بابا استشهد”.

لقد تغيرت نظرة هذه الطفلة اليافعة للحياة تمامًا حيث تعتقد أن “الإسرائيليين‌ يحاولون محو عائلات بأكملها من السجل ‍المدني”. وقالت إنها تتمنى العودة…إلى منزلها في مدينة ⁤غزة، قالت ندى الغريب: “حتى تعود الحياة إلى طبيعتها، وندرس مثل أي شخص آخر، ونحفظ القرآن مثل أي ⁣شخص آخر. قبل ذلك كنا نعيش في منزلنا ولم نحتك بأحد وكان قاعدين ‍بحالنا”.

“فقدناهم”

“هذه الحرب أخذت مني والدي وأخي الوحيد”. بهذه الكلمات روت الطفلة ندى الغريب قصتها للزميل زياد​ طالب. وقالت إنها ووالدتها أصيبتا في الضربة على الخيمة التي كانت ‍تلتجأ فيها العائلة في خان يونس، وحُوصرتا فيها لمدة ثلاثة أيام.

وأضافت ندى أن عائلتها ⁣نزحت من شمال غزة إلى ⁢خان‍ يونس “لأن‌ هذا ما طالبنا به⁢ الاحتلال”. وتابعت: “جئنا إلى هنا وتم حصارنا. استشهد والدي‌ وأخي الوحيد، وأصبت أنا وأمي”.

وأشارت ندى إلى أنها اتجهت مع والدتها بعدما تمكنتا من مغادرة الخيمة إلى المنطقة الصناعية غرب خان يونس، حيث تلقيتا العلاج وتم حصارهما ⁤مجددًا. وبعدها⁤ عبرتا الحواجز الإسرائيلية إلى ⁣رفح، ⁣حتى وصل بهما الحال إلى مخيم البركة للأيتام.

فقدت ندى الغريب ​والدها وشقيقها الوحيد في سقوط قذيفة على خيمة العائلة، مما أدى إلى إصابتها⁤ ووالدتها أيضًا.

وقالت ندى إنها ووالدتها وجدتا في هذا المخيم⁢ بيتًا ثانيًا: “لأن الجميع حولنا لديهم نفس القصة والوجع”. وأضافت: “نحن مثل الإخوة هنا، وكل الأمهات مثل أمهاتنا،⁣ وكل الأطفال إخوتنا. نحن نحب بعضنا البعض هنا كثيرًا، ونحب حياتنا رغم أنها صعبة​ وفراقهم ⁣صعب علينا؛ نحاول أن نعيش من ⁣أجلهم”.

وذكرت ⁢أن والدها كان رجلًا عظيمًا لطيفًا يحب عائلته للغاية. وأضافت: “لم يكن يسمح ⁢لنا أبدًا بفعل أي ⁤شيء صعب. الآن الأمور صعبة؛ علينا أن نجلب الماء ونقوم بأشياء يفترض أن يقوم بها الرجال⁤ ولكن مضطرون ⁤لذلك لأن فقدانهم ترك فراغاً كبيراً”.​

وتقول منظمة الأمم المتحدة للطفولة…تؤكد منظمة اليونيسف أن تصاعد الأعمال العدائية في قطاع غزة يؤثر بشكل كارثي على الأطفال والأسر، حيث يموت الأطفال بمعدل مقلق. وقد قُتل أكثر من⁢ 14 ألف طفل، وفقًا لتقديرات وزارة الصحة الفلسطينية، وأصيب‌ آلاف آخرون بجروح.

ويُقدر أن 1.9 مليون⁢ شخص ‍—‍ حوالي 9 من كل 10 من سكان غزة ‍— هُجروا ‌داخليًا، وأكثر من نصفهم أطفال، دون توفر ما يكفي​ من الماء والغذاء والوقود والدواء.

وتدعو اليونيسف إلى ⁣وقف‍ فوري ودائم لإطلاق النار لأسباب إنسانية، وضمان​ وصول المساعدات الإنسانية بشكل سريع وآمن ودون عوائق إلى جميع الأطفال والأسر المحتاجة داخل قطاع غزة، بما في⁤ ذلك شمال القطاع. كما تطالب بالإفراج الفوري والآمن وغير المشروط عن جميع⁤ الأطفال المختطفين وإنهاء أية انتهاكات جسيمة ضد الأطفال، بما في ذلك القتل والتشويه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى