الشرق الأوسط

غزة تحت وطأة البرد والأمطار: نازحون يواجهون تحديات البحر القاسية!

من هؤلاء النازحين، آية التي تبلغ من العمر ثمانية عشر عامًا والتي أصبحت نازحة‌ مع أسرتها منذ أكثر من عام. مراسل أخبار الأمم المتحدة في غزة التقى آية التي قالت: “أصبحنا نخشى من أي قطرة مطر ​فهي تؤثر علينا. أحيانًا عندما⁢ نكون نائمين في تلك الخيمة التي أصبحت مسكنًا لنا الآن، نستيقظ‍ في منتصف الليل‌ والفزع يتملكنا ‍خشية ⁣أن تغرق مياه الأمطار خيمتنا وملابسنا.”

آية أوضحت أنهم في تلك الحالة لا ينامون، بل يحاولون البحث عن ملاذ بعيد عن الأمطار، وكل ما يشعرون به هو “الخوف”، وخصوصًا أن خيام الإيواء هذه مصنوعة من أقمشة وبطاطين⁤ لا تقي من برد الشتاء أو مياه الأمطار.

وأفاد مكتب الأمم​ المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)⁢ بأن الأمطار الغزيرة في غزة التي هطلت يوم الأحد (24 تشرين الثاني/نوفمبر)، تسببت في حدوث فيضانات في عدة مواقع يقيم ⁣بها النازحون في⁣ خان يونس جنوبًا ومدينة غزة شمالًا. ⁤وأتلفت ⁣الأمطار خيام ⁤الناس ومتعلقاتهم.

ويقيم أكثر من ​450 ألف شخص في 100 منطقة معرضة ⁣للفيضانات في خان يونس ودير البلح ورفح.

خيمة بالية

محمد فرج عودة الحداد ​الذي نزح مع أسرته المكونة من ثمانية أفراد من⁢ تل الهوى في مدينة غزة يخشى ما تحمله‌ تلك الأمطار والفيضانات لعائلته، فالخيمة التي تؤويه ‌وأسرته منذ أن نزح إلى ⁢منطقة مواصي خان يونس ​قبل ⁢سبعة أشهر ⁢أصبحت بالية.

وقال: “تلك الأقمشة‌ لا تحمينا من أمطار أو برد، أو من أي شيء. وعندما ⁢سقطت⁤ بعض الأمطار أصبحت أهرول لحماية أبنائي، ولا أعرف أين أذهب بهم. لا يوجد مكان يحمينا من الأمطار.” تلك المنطقة التي نزح إليها محمد مع أسرته سبقها مرات ​نزوح أخرى بلغت نحو 12 مرة.

وقال ​محمد لمراسل أخبار الأمم⁤ المتحدة في غزة⁣ عن وضعه الحالي: “نحن الآن كما يقولون نفترش الأرض ونلتحف بالسماء.”“لا نعرف أين ننام”

تفتقر ​مقومات الحياة الأساسية في المخيم، كما لا يوجد صرف صحي لائق. يقول أحد النازحين: “وملابسنا وملابس‌ أطفالنا لا تقي من برد الشتاء”.

محمد الحداد، نازح فلسطيني يعيش مع أسرته في منطقة مواصي خان يونس،⁣ جنوب ‍قطاع غزة.

الأمطار وأمواج البحر ⁢ومده ​بسبب موجات الطقس السيء ⁣كان لها تأثير أكثر وطأة على خيام النزوح المتاخمة للشاطئ في منطقة دير البلح وسط قطاع غزة. فمياه البحر غمرت أجزاء من تلك ‍الخيام وابتلت متعلقات​ النازحين الذين لم يعد⁣ هناك مكان آخر يلجؤون إليه ⁤كما قال محمد يونس لمراسلنا في غزة.

كان محمد يحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه داخل خيمته التي أصبح كل شيء فيها مبتلا، حيث قال: “فالبحر⁤ هاج بشكل مفاجئ وأغرق خيمتنا”.

وتساءل محمد عن كيف سيكون الحال عندما ينقضي فصل الخريف ويحل الشتاء بشكل رسمي، مضيفا والغضب والحزن يملآن ‌صوته: “لا نعرف أين ننام ولا كيف نجد غطاءً يقينا من البرد. أولادنا الآن خارج الخيام. كيف نعيش في ظروف مثل هذه، ومن أين لنا أن نأتي​ بقوت يومنا؟ لم ⁢يتبق أي شيء الآن سوى​ أن يبتلعنا البحر. لقد انتهينا. ليس لدينا الآن مكان ننام فيه. لم يعد أمامنا سوى أن نذهب إلى البحر كي ننام”.

واشتكى من أن أحدا لا يهتم بهم منذ أن نزحوا إلى هذا المكان قبل عام تقريبا قائلاً: “فلا طعام ولا شراب⁢ ولا عمل”.محمد يونس، نازح فلسطيني يعيش مع أسرته في مخيم مؤقت​ للنازحين بالقرب من الشاطئ في دير البلح.

حصار من كل الجهات

أم فادي يونس، نازحة⁤ أخرى⁤ تعيش مع أسرتها في خيمة متاخمة​ للشاطئ، لكنها الآن تعتقد أن الأكثر أمانًا لها ولأولادها هو “أن نعيش على الطريق، بدلاً من البقاء هنا”. وأضافت أم فادي لمراسلنا: “لقد أصبحنا محاصرين من كل ⁢الجهات؛ من البحر، ومن القوات الإسرائيلية، ومن ⁤الجوع”.

وحذرت من أنهم أصبحوا مهددين الآن في أي لحظة أن يجدوا أنفسهم غارقين في مياه‌ البحر التي بدأت ⁣تصل إلى خيامهم مع اقتراب فصل الشتاء. لكنها قالت: “سنقضي الليلة ‍هنا رغم كل شيء، لأنه ليس لدينا​ بديل”. وأفادت بأنه بعد ⁤تأثر غزة⁢ بأول منخفض جوي يتزامن مع هذا الوقت من العام، أصيبت بالتهاب رئوي احتاجت بسببه تلقي العلاج لمدة عشرة أيام في المستشفى الميداني الأمريكي القريب الذي يقع في منطقة دير البلح.

!477لم-يتبق-إلا-أن-يبتلعنا-البحر،-نازحو-غزة-في-مواجهة.jpg”>أبو ‌يوسف
أبو يوسف، نازح فلسطيني يعيش مع ‍أسرته في مخيم مؤقت للنازحين بالقرب من الشاطئ في دير البلح.يوسف، نازح فلسطيني يعيش مع أسرته في مخيم مؤقت للنازحين بالقرب من الشاطئ ⁢في دير البلح.

وفي محاولة لحماية​ أبنائه الثلاثة من ⁤هذه الظروف الصعبة، حفر غرفة في الصخور ‍المتاخمة للشاطئ على أمل أن تقيهم برد الشتاء، مضيفًا: ⁢”هل لك أن‌ تتخيل كيف حفرت في الصخر ‍كي ‍أحمي ‍أولادي. ولكن هذا ليس كافيًا في مواجهة البحر”.

وأوضح أنه من‍ أجل نقل خيمته لمكان آخر، يحتاج إلى نحو⁤ 1000 شيكل (حوالي 274 ​دولارًا أمريكيًا)، قائلًا: “لكننا ‍لا نملك أي⁣ شيء. من⁢ أين لي أن آتي بهذا المبلغ؟”.

مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية قال إنه يقوم مع شركائه بزيارات ⁤ميدانية إلى عدة مناطق لتقييم آثار الأمطار وحشد جهود الاستجابة. ويُقدر الشركاء ‌عدد المقيمين في أماكن إيواء مؤقتة بأنحاء غزة بمليون وستمئة ألف شخص.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى