ظريف يعود بقوة: استئناف مهامه كنائب للرئيس الإيراني بعد تراجع عن الاستقالة!
“بداية أم نهاية الرد الإيراني؟ ولماذا جاء منفرداً”، تساؤلات رافقت هجمات حزب الله على الأراضي الإسرائيلية، وسط مخاوف من انجرار المنطقة إلى “حرب إقليمية” أوسع نطاقاً.
وكان محللون قد توقعوا أن ترد إيران على إسرائيل بالاشتراك مع ميليشياتها في لبنان واليمن والعراق وسوريا، إلا أن حزب الله قام بالرد بشكل منفرد، مما أثار التكهنات حول ”الرد الإيراني المرتقب”، وفقاً لمراقبين.
ما وراء “الرد المنفرد”؟
أعلن حزب الله يوم الأحد أنه أطلق مئات الطائرات المسيرة والصواريخ على إسرائيل رداً على مقتل القيادي العسكري فؤاد شكر بضربة إسرائيلية في بيروت بتاريخ 30 يوليو. بينما أكد الجيش الإسرائيلي إحباط “جزء كبير من الهجوم”.
وفي يوم الاثنين، أشادت إيران بالهجوم الذي شنه حليفها حزب الله على مواقع في الأراضي الإسرائيلية، معتبرةً أن إسرائيل فقدت “قدرتها الهجومية وقوة الردع”.
لذلك، يشير الخبير الاستراتيجي الإيراني سعيد شاوردي إلى أن رد حزب الله “المنفرد هو دليل على القوة وليس الضعف”. وأصبح بإمكان أي من أعضاء “محور المقاومة” الرد المباشر على إسرائيل دون الحاجة لمساندة مباشرة من الحلفاء الآخرين.
وعلى جانب آخر، يؤكد المحلل السياسي المقيم في لندن وجدان عبد الرحمن أن هجمات حزب الله على إسرائيل جاءت “دون التنسيق مع إيران وبشكل منفرد”، بعد تأخر الرد الإيراني. ولكنه أضاف أنه إذا شنت إيران هجمات ضد إسرائيل فسوف يشارك حلفاؤها في “الرد الإيراني” الذي سيكون جماعياً.
ومن جانبه، يفرق المحلل السياسي الإسرائيلي إيدي كوهين بين “انتقام حزب الله” و”الرد الإيراني”. وفي حديثه لموقع الحرة، أكد كوهين أن هجمات حزب الله جاءت كرد فعل لمقتل فؤاد شكر وهو أمر “منفصل تمامًا” عن توعد النظام الإيراني بـ“الانتقام” لمقتل هنية.
أما المحلل السياسي الإسرائيلي يوآب شتيرن فقد أشار إلى أن رد حزب الله جاء “منفصلاً”، بعدما توقع البعض تنسيقاً بين إيران والجماعة اللبنانية. ولم تشن إيران هجوماً “منسقًا ومتزامناً” مع حلفائها من عدة جبهات كما كان متوقعًا لأن “محور المقاومة” غير معني بالتصعيد مع إسرائيل وفق حديثه لموقع الحرة.
وغداة شن حركة حماس لهجوم غير مسبوق على جنوب إسرائيل في السابع من…في أكتوبر، أعلن حزب الله عن فتح ما أسماه “جبهة إسناد” لقطاع غزة عبر الحدود اللبنانية، مشيرًا إلى أنه يستهدف مواقع عسكرية إسرائيلية في هجماته اليومية. ومنذ ذلك الحين، ردت إسرائيل بقصف عدة مناطق في لبنان، مؤكدة أنها تستهدف البنى التحتية لحزب الله.
على الرغم من تبادل القصف اليومي بين إسرائيل وحزب الله لأكثر من عشرة أشهر، إلا أن مستوى التوتر قد ارتفع مؤخرًا بعد اغتيال القائد العسكري البارز في حزب الله فؤاد شكر بغارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت في 30 يوليو. تلا ذلك مقتل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية بعد ساعات قليلة في طهران نتيجة ضربة نسبت إلى إسرائيل.
واتهمت حماس وإيران إسرائيل بـ”قتل هنية”، وتوعدتا بالرد على مقتله. ومع ذلك، لم تعلن الجانب الإسرائيلي عن مسؤوليته ولم تنفها.
بداية أم نهاية “الرد الإيراني”؟
تشكل الجماعات المدعومة من طهران ما يعرف بـ”محور المقاومة”، وهو تحالف يضم المليشيات المسلحة مثل حماس والجهاد الإسلامي في غزة وحزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن وجماعات مسلحة أخرى في العراق وسوريا. تعتبر هذه الجماعات خط دفاع أمامي لإيران وتستخدمها لنشر نفوذها عبر المنطقة، حيث تصنف الولايات المتحدة معظمها كمنظمات “إرهابية”.
من جانبه، أكد شاوردي أن “إيران وضعت معادلة جديدة لصراعها مع إسرائيل مفادها أنها لن تترك أي عمل عدائي إسرائيلي يستهدف الأمن والمصالح الإيرانية داخل وخارج إيران دون رد وعقاب”.
وأشار إلى أن الرد الإيراني على مقتل هنية “لم يبدأ حتى ينتهي”، وأنه ليس من المتوقع أن تكتفي إيران برد حزب الله للثأر له؛ حيث أكدت طهران أنها ستقوم بالثأر بنفسها وفقًا للخبير الاستراتيجي الإيراني.
وأوضح شاوردي أن عدم الاستعجال في الرد على الاعتداءات الإسرائيلية سواء كان مقتل هنية أو غيره يتيح لإيران التخطيط بشكل أدق.
تعمل إيران على ضمان نجاح ردود فعلها تجاه إسرائيل والوصول إلى الأهداف المحددة مع الأخذ بعين الاعتبار الطبقات الدفاعية المتعددة والتعقيدات الأخرى المتعلقة بهذا المجال وقضايا أخرى كما ذكر شاوردي.
تشعر إيران بخلاف ما تشعر به إسرائيل بأن الوقت يعمل لصالحها وهي ليست مضطرة للرد ضمن إطار زمني محدد؛ بل تعمل على تعزيز قوتها عبر مختلف المجالات لمواجهة إسرائيل اعتمادًا على مصادر قوتها الداخلية العسكرية والأمنية والاستخباراتية.”يبرانية”، كما يضيف الخبير الإيراني.
من جانبه، يؤكد عبد الرحمن أن الرد الإيراني “آت لا محالة” لأن طهران “أمام خيارين كلاهما مر”.
وإذا لم ترد إيران، سيؤثر ذلك “سلباً” على أذرعها في المنطقة، في ظل استمرار إسرائيل في استهداف الميليشيات التابعة لطهران، وخاصة حزب الله في لبنان، وفقاً للمحلل السياسي الإيراني المقيم في لندن.
وإذا ردت إيران سيكون لذلك “تداعيات خطيرة”، فإسرائيل تحاول “جرها للحرب واستهداف المنشآت الإيرانية”، وهذا ما يجعل طهران “مترددة”، حسبما يضيف عبد الرحمن.
ومن جهته، يتوقع شتيرن أن يكون هناك رد إيراني “مباشر وغير مباشر” خلال الأسابيع القادمة.
وهناك إمكانية أن يكون هناك “رد غير مباشر منفصل”، من خلال ميليشيا الحوثي المصنفة إرهابية لدى الولايات المتحدة، فضلاً عن “رد إيراني مباشر” بوقت آخر، وفق المحلل السياسي الإسرائيلي.
ويشير شتيرن إلى أن المسافة الكبيرة بين اليمن وإسرائيل وكذلك بين إيران والأراضي الإسرائيلية ستساعد الجيش الإسرائيلي بمساعدة حلفائه بالمنطقة وخارجها على التصدي للرد المرتقب.
وجزء من الرد هو محاولة “جعل إسرائيل في حالة انتظار وترقب”، حسبما يؤكد المحلل السياسي الإسرائيلي.
لكن على جانب آخر، يرى كوهين أن إيران لن تستطيع الرد على مقتل هنية لأنها شاهدت قدرات إسرائيل العسكرية الخارقة لكنها سوف تكتفي بـ”التهديدات الأسبوعية”، كما يقول.
ويتوقع المحلل السياسي الإسرائيلي أن تلجأ إيران إلى ميليشياتها في العراق وسوريا ولبنان للرد على إسرائيل مستبعداً حدوث أي رد مباشر بالهجوم على الأراضي الإسرائيلية.
وقد تلجأ إيران بالتعاون مع حلفائها إلى القيام بهجمات ضد اليهود خارج إسرائيل والقيام بعمليات إرهابية ضد المصالح الإسرائيلية بحسب توقعات كوهين.
حرب “إقليمية” تلوح بالأفق؟
تصاعدت المخاوف من تحول الصراع في قطاع غزة إلى حرب أوسع نطاقًا في الشرق الأوسط بعد مقتل هنية وفؤاد شكر. فهل هذا الخطر “ما زال قائمًا”؟
يعتبر كل من حزب الله وإسرائيل أن الهجوم الذي وقع يوم الأحد والذي جاء رداً على مقتل أحد كبار قادة حزب الله في بيروت الشهر الماضي قد انتهى حالياً بينما توعدت إيران بالثأر من إسرائيل بعد “مقتل هنية”، لكنها أكدت أنها لا تسعى لتأجيج التوترات في المنطقة.من جانبه، يكشف شاوردي أن “إيران تعمل على تخريب خطط إسرائيل لبناء تحالفات إقليمية معادية لطهران من خلال التعاون مع دول المنطقة”. ويرى أن “محاولات إسرائيل لخلق تحالف عربي إسرائيلي لمواجهة إيران من خلال اعتماد التطبيع قد فشلت إلى حد كبير”. ويشير إلى أن إيران لم تعد تشعر بأن إسرائيل تشكل خطرًا استراتيجيًا على أمنها بل “على النقيض”، فالجيش الإسرائيلي فقد “قدرته في مجال الهجوم والردع وهذا الضعف بات في حالة ازدياد”.
ومن جهته، يرى عبد الرحمن أن خطر اندلاع “حرب إقليمية ما زال قائمًا”. ومن الوارد جدًا انزلاق المنطقة نحو “حرب إقليمية”، حيث باتت إيران على “أعتاب امتلاك القنبلة النووية”، ما سيدفع إسرائيل للتحرك السريع والقوي لمنع “طهران من ذلك”، وفق المحلل السياسي الإيراني المقيم في لندن. ويؤكد أن السلطات الإسرائيلية “لن تسمح لإيران بامتلاك القدرات النووية”، وبعد تهديد طهران لـ”الأمن القومي الإسرائيلي، وتدخلها بالمنطقة”، فإن إسرائيل ستجر النظام الإيراني لمعركة تدفع باتجاه “الحرب الإقليمية”، وفق عبد الرحمن.
وفي سياق متصل، يرى شتيرن أن هناك بالفعل مخاطر بانزلاق المنطقة نحو “حرب إقليمية”. لكن محور المقاومة “غير معني بالاتجاه نحو ذلك النوع من التصعيد”، وفق المحلل السياسي الإسرائيلي.
خطر مؤجل
وفي سياق متصل، قال محللون لـ”واشنطن بوست” إن خطر اندلاع حرب إقليمية أوسع نطاقًا قد تم تأجيله فقط، ولم يتم تجنبه، وسيظل معتمدًا إلى حد كبير على تقدم محادثات وقف إطلاق النار في غزة. وحتى لو أبدى حزب الله رضاه في الوقت الحالي عن الرد على مقتل شكر، فإن إيران راعيته تظل بمثابة ورقة رابحة.
وقال مسؤول دفاعي أميركي لـ”واشنطن بوست”: إن الولايات المتحدة “لم تشارك” في الضربات الاستباقية التي شنتها إسرائيل يوم الأحد، لكنها قدمت الدعم لإسرائيل في تتبع النيران القادمة من حزب الله وتواصل مراقبة الوضع. وقد وضع مقتل هنية “طهران في مأزق جديد كانت تصارعه لأسابيع”، حيث كانت مضطرة للرد ولكنها كانت خائفة من إثارة حرب مدمرة. والقيادة الجديدة في البلاد تكافح بالفعل مع الاضطرابات الداخلية والمشاكل الاقتصادية.
وقال مسؤول ثانٍ من الشرق الأوسط لـ”واشنطن بوست”: “من المرجح أن ترد إيران بطريقة أو بأخرى؛ إلى أي مدى ومتى سيكون الرد فهذا يعتمد على الظروف”.”لا يزال الوضع غير واضح، والأمل هو أن يؤدي التقدم في محادثات غزة إلى خفض التصعيد”.
وفي أعقاب مقتل هنية وشكر، توقع البعض أن ترد إيران وحزب الله بطريقة منسقة، ولكن الآن يبدو أن هذا أقل احتمالاً، كما يقول المحللون.