الشرق الأوسط

زيارة بلينكن الحالية إلى الشرق الأوسط: ما الذي يجعلها فريدة من نوعها؟

في العاصمة الثالثة لروسيا، حيث تلتقي العمارة الإسلامية‍ بالأرثوذكسية، وعلى مقربة من مصانع البارود والطائرات الحربية التي تقتل الأوكرانيين، يستقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نحو 24 زعيماً سياسياً، بعضهم صوّت في الأمم المتحدة لصالح قرار يدين غزو جيشه لجارته.

هناك في قازان ‍غرب روسيا، يعلو ‍صوت​ المصالح الاقتصادية على⁣ الرغبات السياسية. وفي​ البيت ‍الأبيض يبدو أن البراغماتية تتراجع مع ‍حليف تاريخي⁣ لروسيا، حيث‍ يقول للرئيس الأميركي جو بايدن إن “لا⁢ مستحيل بمساعدة بسيطة من الأصدقاء الحقيقيين”.

اكتفى رئيس الوزراء السلوفيني روبرت غلوب بهذه الكلمات لبيدن الذي شدد ⁣على أهمية العلاقة بين البلدين. وذكّر غلوب بدوره قبل عقدين⁤ عندما ساهم في ‌انضمام سلوفينيا لحلف الناتو بينما كان لا يزال عضواً في مجلس الشيوخ ‌الأميركي.

وقال البيت الأبيض إن هذه الزيارة هي الأولى لغلوب ورئيس وزراء سلوفيني ​منذ عام 2011.⁣ وتضمنت نقاشات عميقة حول قضايا مشتركة أبرزها الدعم القوي والمستمر لأوكرانيا في دفاعها ⁤ضد⁢ العدوان الروسي، وصفقة تبادل السجناء بين روسيا‌ وسبع دول منها أميركا في أغسطس الماضي والتي استمرت المفاوضات فيها شهوراً بمشاركة 24 دولة منها سلوفينيا التي سلمت سجينين روسيين.

شكر بايدن غلوب عدة مرات وخاطبه بالقول: “أريد أن أشكرك على دبلوماسيتك ودعمك وقيادتك. لقد جعلت ذلك ممكناً (إنجاز الصفقة) وهذا ليس مبالغة”.

وكانت الحكومة السلوفينية قد دانت بشدة العدوان الروسي على أوكرانيا، خاصة الهجمات على المدنيين وتدمير البنية ⁣التحتية الحيوية، ودعت روسيا ‌إلى وقف هذه‍ الأعمال فوراً.

كما انضمت سلوفينيا التي طالما وصفت باتباع ⁢سياسة براغماتية والحفاظ على دور الوسيط بين روسيا والغرب إلى قضية أوكرانيا ضد الاتحاد الروسي لانتهاكاته اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية‍ ومعاقبتها أمام محكمة العدل ‍الدولية في لاهاي.

وفي بيان حكومي خاص بموقفها من الحرب ​أكدت “سلوفينيا بشكل خاص على ضرورة محاسبة مرتكبي جرائم الحرب ومعاناة الأطفال والنساء”. كما أن سلوفينيا من بين الرعاة ⁣المشاركين‌ الأصليين لقرار الأمم المتحدة بشأن المبادئ ⁣الأساسية لسلام ⁢شامل وعادل ودائم في أوكرانيا.

إلى جانب ذلك، تساهم بدعم الأوكرانيين عبر المساعدات الإنسانية وتقديم‍ الدعم للاجئين على⁣ أراضيها وفي بولندا.الأصدقاء القدامى.. خصوم؟

عشيّة انطلاق أعمال قمة “بريكس بلس” التي يعتبرها الغرب تحدياً له، ويرى فيها بوتين فرصة لتحقيق⁢ أحلامه الاقتصادية والجيوسياسية، صرح وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن من العاصمة ⁤الأوكرانية كييف ​بأن “بوتين أخطأ عندما تصور أنه سينتصر، وأن أوكرانيا ستستسلم وديمقراطياتنا ستستسلم وأن العالم الحر سيتراجع”.

وأضاف أوستن⁣ الذي التقى بنظيره الأوكراني رستم معروف والرئيس فولوديمير زيلنسكي: “بعد 970 يوماً من الحرب، لم يحقق بوتين هدفاً واحداً من أهدافه الاستراتيجية ودفعت روسيا ثمناً باهظاً ⁢لحماقته”.

وفي يوم الأحد الماضي، أدان الأمين العام المساعد في الأمم المتحدة، السلوفاكي ميروسلاف ينتشا، الأعمال⁤ الحربية الروسية في أوكرانيا ‌بشدة أمام مجلس الأمن. وقال إن⁢ الحرب التي تقترب من الألف يوم لا تزال “تسبب ‌معاناة إنسانية عميقة وتهدد الاستقرار الإقليمي وتُفاقم الانقسامات العالمية”.

وعلى مسافة غير بعيدة جغرافياً وتاريخياً وثقافياً من روسيا، أجرت مولدوفا استفتاءً شعبياً كانت نتيجته التصويت ‌لصالح مسار موالٍ للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وقد عرفت مولدوفا​ بدورها ​اللافت في احتضان اللاجئين الأوكرانيين الذين فروا من جحيم الغزو الروسي لبلادهم.

وأمام‍ نسبة الفوز الضئيلة، اتهم الاتحاد الأوروبي روسيا بالتدخل “غير المسبوق” في عمليات التصويت والتي تُعتبر واحدة من الأكثر أهمية منذ انهيار ⁤الاتحاد ⁤السوفييتي عام 1991.

وجاء في ‍بيان نشره مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل بالنيابة عن الدول الـ27 الأعضاء بالاتحاد: “يدين الاتحاد الأوروبي تدخل روسيا الشرير في الانتخابات الرئاسية والاستفتاء ⁣الدستوري في مولدوفا”.

يُذكر أن مواطني ​مولدوفا أدلوا بأصواتهم في الاستفتاء‌ الدستوري والانتخابات الرئاسية‌ يوم الأحد.

بينما تسعى مولدوفا للحصول على مقعد في الاتحاد الأوروبي، لا يزال اعتمادها على الغاز الطبيعي الروسي مصدر ⁣قلق بالنسبة لها.

ومنذ تولي الرئيسة المولدوفية مايا ساندو المنصب عام⁢ 2020، تعززت العلاقات بين بلدها والاتحاد الأوروبي بشكل أكبر مما زاد التوتر مع ​روسيا التي واجهتها بضغط اقتصادي وسياسي بما⁤ فيه قطع إمدادات الطاقة وفرض قيود تجارية.

بينما تبدو روسيا والصين متفائلتين بقمة “بريكس”.”بلس” وقدرتها على حشد عدد أكبر وتوسيع نطاق “بريكس” ليصبح نداً للغرب، ‌حيث تشهد قمته حضور العديد من ⁢الدول المتحالفة أساساً مع الاتحاد الأوروبي ⁣والولايات المتحدة في شراكات سياسية واقتصادية وعسكرية، مما يضيق على الجانب⁣ الآخر خريطة الداعمين الحقيقيين لتوجهات بوتين التوسعية.

اللاعودة⁣ لماض “غامض”

جورجيا أيضاً في طريقها للانضمام إلى الاتحاد​ الأوروبي، إذ تستعد ⁢البلاد‌ لانتخابات تاريخية. وقالت الرئيسة الجورجية سالومي زورابيشفيلي بداية أكتوبر الحالي لوكالة فرانس برس “لدينا شبه استفتاء حول الاختيار بين أوروبا أو العودة إلى ماض روسي غامض”.

ويحمل التاريخ بين البلدين عناوين دامية ففي عام 1921، غزا الجيش الأحمر جورجيا، ما أدى‌ إلى⁤ ضمها إلى الاتحاد السوفيتي كجمهورية جورجيا.

وظلت جورجيا تعاني من سياسات الاتحاد السوفياتي ‍وزادت نتيجة لذلك رغبة شعبها في ‍الاستقلال، حتى عام​ 1991 حين انهار الاتحاد وصارت دولة مستقلة.

وتجمع عشرات آلاف المتظاهرين المؤيدين لأوروبا الأحد الماضي في تبليسي، قبل أسبوع من انتخابات برلمانية يُنظر إليها على أنها اختبار ‍حاسم للديمقراطية.

وستشهد انتخابات السبت ‌مواجهة بين تحالف غير مسبوق لقوى المعارضة الموالية للغرب وحزب “الحلم الجورجي” الحاكم الذي تتهمه بروكسل بأنه ذو نزعة استبدادية ويعمل على إخراج تبليسي‌ المرشحة للانضمام إلى الاتحاد ⁣الأوروبي عن‌ مسارها هذا.

ويكرّس الدستور الجورجي طلب العضوية في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، وهو توجه يؤيده نحو 80% من الجورجيين وفقاً لاستطلاعات رأي ‌عدة أجرتها جهات بينها المعهد الديمقراطي الوطني والمعهد الجمهوري الدولي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى