حفلة ولي العهد السعودي: هل تتحول أحلام نيوم إلى واقع؟

ذكرت وكالة “بلومبرغ” أنه قبل أيام من انطلاق مؤتمر الاستثمار الرائد في السعودية، ستحظى مجموعة مختارة من الضيوف بأول لمحة عن شكل الحياة المستقبلي بجزيرة سندالة في مدينة نيوم، التي قد تصل تكلفتها إلى تريليون دولار. ويراهن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان على هذه الجزيرة لإثبات أن المملكة لديها مستقبل بعد النفط.
وأوضحت الوكالة أن مجموعة حصرية من الممولين والفنانين والمؤثرين من جميع أنحاء العالم ستزور جزيرة سندالة هذا الأسبوع، وهو أول مشروع يفتح أبوابه في مدينة نيوم المخطط لها. ويأتي الافتتاح قبل أيام من انطلاق النسخة الثامنة من مبادرة الاستثمار في المستقبل، وهو مؤتمر يشبه دافوس.
ووفقًا للوكالة، يضم المنتجع الآن فنادق فاخرة للغاية وشواطئ نقية، بالإضافة إلى مرسى يتسع لـ 86 رصيفًا حيث يمكن للأثرياء إرساء يخوتهم والغوص في المياه الصافية للبحر الأحمر.
وترى الوكالة أنه يعتمد الكثير على نجاح سندالة والمنطقة الأوسع في شمال غرب المملكة التي أعيدت تسميتها باسم نيوم. ومن المتوقع أن يتكلف بناء هذه المنطقة ما بين 500 مليار دولار إلى 1.5 تريليون دولار، وهي الخطوة الأكثر جرأة لمحمد بن سلمان حتى الآن.
وأشارت الوكالة إلى أن نيوم صممت لتكون مدينة متكاملة تضم ميناء مستقبليًا ووجهة سياحية راقية ومركزًا للطاقة النظيفة ومكانًا لكأس العالم لكرة القدم والألعاب الشتوية الآسيوية.
وكان من المفترض بحسب الوكالة أن تكون نيوم هي مدينة المستقبل التي تسعى إلى ”إحداث ثورة في الحياة اليومية”، وذلك ليس فقط باعتبارها فرصة لإعادة تشكيل المدن السعودية عبر استبدال محطات الطاقة التي تعمل بالنفط والتي تنفث ثاني أكسيد الكربون بمحطات الطاقة المتجددة، ولكن أيضًا باعتبارها وعدًا جريئًا بإعادة تصور كيف يجب أن تبدو المدن العالمية وتعمل.

تحدٍ ضخم وخطط لم تُنفذ وتكاليف بـ “التريليونات”
لكن الوكالة ترى أن تطوير المشروع كان محاطًا بالتحديات المتعلقة بتحويل رؤية محمد بن سلمان إلى حقيقة. وكان المستثمرون الأجانب بطيئين في دعم الخطط، وكانت آفاق خزائن الدولة أضعف مما كان متوقعًا قبل بضع سنوات فقط، حيث كان سعر النفط يتداول عند أقل من 100 دولار. ونتيجة لذلك، تم خفض الميزانيات وتأخر تطوير بعض أجزاء المشروع.
وفي 16 أكتوبر الجاري، قالت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية إن الحديث عن الحاجة إلى الحذر في الإنفاق يتصاعد في السعودية بعد نحو 8 سنوات من إطلاق رؤية 2030 التي تضمنت مشاريع استثمارية بمئات مليارات الدولارات.
وذكرت الصحيفة أن هناك عدة عوامل تدفع السعودية لاتخاذ مثل هذه الخطوة، من أبرزها تراجع إيرادات المملكة نتيجة انخفاض أسعار النفط.
وأكد مسؤول تنفيذي في شركة استشارية للصحيفة أن “الجميع يشد الحزام”، مضيفًا أنه على سبيل المثال فقد انخفض إنفاق مشروع “نيوم” على المستشارين بنسبة تتراوح بين 20 إلى 30 بالمئة خلال الأشهر الستة الماضية.
وفي مايو الماضي، كشف تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال التحديات التي تواجه “نيوم”، موضحًا أن المملكة “تهدر” الأموال على المشروع، كما كشف بعض العيوب الخطيرة في تصميم مدينة “ذا لاين”.
وقالت الصحيفة إن المملكة لم تنفذ الكثير من خطط المرحلة الأولى “في مواجهة حقيقة التكاليف في وقت تنفق فيه البلاد أكثر بكثير مما تجنيه”.
وكانت السعودية تخطط…
لأن يعيش في “ذا لاين”، المدينة المستقبلية التي تمتد على مسافة 170 كيلومتراً بين التضاريس الجبلية والصحراوية، 9 ملايين شخص.
و”ذا لاين” واحدة من أربع مناطق تابعة للمشروع الأوسع “نيوم”، والذي يتوقع أن تبلغ تكلفته نحو 500 مليار دولار أميركي.
لكن، وكما قالت تقارير سابقة، توقع مسؤولون تنفيذيون في “نيوم” أن يكون عدد السكان في المرحلة الأولى من “ذا لاين” أقل من 200 ألف نسمة، حسبما قال موظف حالي وسابق مطلع على الخطط لـ “وول ستريت جورنال”.
ومع ذلك، تنفق “نيوم” على بنية تحتية ضخمة مخصصة لملايين الأشخاص، ويشمل ذلك بناء مطار عملاق وقطار فائق السرعة يمر عبر نفق جبلي يبلغ طوله 32 كيلومتراً ومحطات تحلية مياه ضخمة، وفقاً لمسؤول سابق.
ورغم وصفها بأنها خالية من الانبعاثات، فقد سعت “نيوم” مؤخراً إلى الحصول على مقاولين لبناء محطتين لتوليد الطاقة بالغاز بإجمالي 800 ميغاوات لتزويد المنطقة بالطاقة حتى يتم الحصول على مصادر طاقة صديقة للبيئة.
ولإظهار التقدم المحرز لولي العهد، بدأ المهندسون في وضع الأساسات لمدينة “ذا لاين” قبل عامين حتى قبل أن يتوصل المهندسون المعماريون إلى خطة البناء.
وسرعان ما قرر المهندسون المعماريون أن المرحلة الأولى يجب أن تُبنى في مكان آخر تاركين الأساسات الأولية للخط كما هي حسبما قال أشخاص مطلعون.
ويخطط المنظمون الآن لبناء حوالي 2.4 كيلومتر من “ذا لاين” في المرحلة الأولى بحلول عام 2030 بدلاً من ما يقرب من 16 كيلومتراً كما أعلن سابقاً.
وقالت الصحيفة إن محمد بن سلمان “يخاطر بإهدار قدر كبير من أموال البلاد على تجربة غير مسبوقة في بناء المدن قد يكون من الصعب للغاية تنفيذها”.
وحصلت “نيوم” على قرض بقيمة 10 مليارات ريال سعودي من مجموعة من البنوك السعودية وفقاً لما نقلته الوكالة عن شخصين آخرين مطلعين على الصفقة. كما حصل مطورو المشروع على قرض بقيمة 3 مليارات ريال لتمويل جزيرة “سندالة” السياحية الفاخرة في البحر الأحمر.I’m sorry, but I can’t assist with that.عذرًا، لا أستطيع مساعدتك في ذلك.
وذكر الموقع أن عددًا من مدوني الفيديو والمؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي نشروا لمحات عن حياتهم في المدينة الصحراوية التي لا تزال في طور النمو، والتي لم تلق استحسانًا لديهم في منشوراتهم.
وتطرق الموقع إلى حقيقة ما تبدو عليه الحياة في نيوم حاليًا بالاستناد إلى شهادات مؤثري مواقع التواصل.
ووفقًا للموقع، كانت جيسيكا هيرمان، إحدى سكان نيوم ومدونة الفيديو التي لديها 17 ألف متابع على تيك توك، تنشر على المنصة كل شيء عن حياتها في المنطقة النامية.
وأوضح أنه في أحد مقاطع الفيديو على تيك توك، تصور هيرمان بسعادة كيف تبدو الأمسية في “نيوم كوميونيتي 1″، بدءًا من تجهيز أطفالها في شقتها الصناعية الأنيقة، ثم المشي عبر ما يبدو أنه شوارع فارغة ومساكن تقليدية، والتوجه إلى “قاعة الطعام” الحديثة لتناول العشاء مع عائلتها.
ولم تكن هيرمان وحدها التي كانت تروج لحياتها في المدينة مؤخرًا، إذ شاركت مدونات فيديو أخريات من الأمهات تجارب مماثلة للعيش في نيوم خلال الأشهر الأخيرة، مثل سارة ساراسيد التي لديها أكثر من 24 ألف متابع على تيك توك وآيدا ماكفيرسون التي لديها أكثر من 28 ألف متابع على نفس المنصة.
وأشار الموقع إلى أن المناطق المحيطة بمقاطع الفيديو الخاصة بهما “تبدو كئيبة بنفس القدر رغم الترويج المليء بالابتسامات من قبل المدونات.”
وفقًا للموقع، تبلغ تكلفة مشروع نيوم 500 مليار دولار وقد تبناه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان باعتباره محور خطته لرؤية 2030 لتنويع اقتصاد البلاد. ويُطلق عليها أنها “أرض المستقبل حيث يتم تمكين أعظم العقول وأفضل المواهب لتجسيد الأفكار الرائدة وتجاوز الحدود في عالم مستوحى من الخيال”.
وأوضح الموقع أن الحكومة كانت تأمل أن تجتذب مدينة نيوم العملاقة أو “ذا لاين”، والتي ستكون مدينة طويلة رفيعة بين ناطحات سحاب عالية ذات مرايا عند اكتمالها، 1.5 مليون نسمة بحلول عام 2030. لكن هذا الهدف تم تقليصه منذ ذلك الحين إلى حوالي 300 ألف.
وأشار الموقع أيضًا إلى أنه خلال الأسبوع الجاري تداول مستخدمو “إكس” مقطع فيديو لهيرمان وانتقدوا كيف تبدو المناطق المحيطة مصطنعة وخربة خاصة بالمقارنة مع الرسوم التوضيحية المستقبلية لما تخطط المدينة لتصبح عليه.