رأي الضيوف: لا بأس أن تكون ناشطًا بيئيًا غير مثالي!
مع دقات الساعة عند منتصف الليل ودخولنا عامًا جديدًا، تبقى تقليد وضع القرارات حية وفعالة. بالنسبة للكثيرين، يعد وعد تحسين الذات – من الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية بشكل متكرر إلى قراءة كتاب شهريًا – بمثابة بداية جديدة. في الواقع، ثلاثة من كل عشرة أمريكيين على وشك وضع قرارات السنة الجديدة لأنفسهم، حيث تتضمن المجالات الخمسة الرئيسية العمل على الصحة، وتحسين الأمور المالية، وقضاء المزيد من الوقت في العلاقات، ومتابعة الهوايات، وتحسين المسيرة المهنية؛ وهي ضمن مجموعة متنوعة من ممارسات وأهداف العناية الذاتية.
لكن بالنسبة للبعض، هناك قرار آخر يحمل وزنًا أكبر: تقليل بصمتهم البيئية. بدءًا من تقليل استهلاك الطاقة واعتماد نظام غذائي نباتي بالكامل والابتعاد عن البلاستيك تمامًا أو حتى تجربة نمط حياة خالٍ من النفايات: جميع هذه الأفكار تستحق الثناء ولكن معظمنا لا يستطيع الحفاظ على هذا المستوى المتطرف من الاستدامة. وجدت استطلاع عام 2024 الذي أجرته الجمعية الأمريكية للطب النفسي (APA) أن أكثر من نصف الأمريكيين (53%) يشعرون أن تغير المناخ يؤثر على صحتهم النفسية. يظهر ذلك كظاهرة تُعرف بقلق المناخ حيث يعاني الأفراد من مستوى معين من القلق أو الانزعاج بشأن آثار تغير المناخ بينما يواجهون شعوراً متكرراً بعدم معرفة أين يبدأون أو ماذا يفعلون للمساعدة.
بينما ندخل عامًا جديدًا بأهداف سامية للالتزام البيئي، هناك حقيقة غير مريحة يجب علينا مواجهتها: غالباً ما يتم كسر قراراتنا إما بسبب نقص الدافع أو الشعور بالإرهاق أو ببساطة عدم رؤية نتائج فورية. هناك يوم محدد للتخلي عن قرارات السنة الجديدة يسمى “يوم المستسلمين”. سُمي بهذا الاسم لأنه يأتي في الجمعة الثانية من العام حيث يتخلى معظم الناس عن توقعاتهم العالية التي يضعونها على أنفسهم.
ما الفائدة في إرهاق أنفسنا إلى حد الفشل؟ بالتأكيد ليس مستداماً. ماذا لو خفضنا المعايير قليلاً وجربنا شيئاً جديداً وغير مثالي سيكون فعالاً وطويل الأمد؟ عبر تحديد أهداف واقعية وقابلة للتحقيق ووضع استراتيجيات للحفاظ على الدافع نزيد بشكل كبير فرص النجاح. على سبيل المثال، ماذا عن التخلي عن أدوات المائدة البلاستيكية كبداية مع التأكد من الاحتفاظ بمجموعة بديلة قابلة لإعادة الاستخدام في سيارتك أو حقيبتك؟ جرب القيام بنفس الشيء مع زجاجة ماء قابلة لإعادة الاستخدام أو حتى حاول صنع قهوتك في المنزل واستخدام كوب قابل لإعادة الاستخدام. ربما يمكنك محاولة تحويل 40% من وجباتك إلى نباتية وما زلت تحقق تأثيرا كبيرا وفقًا لـ دراسة أجرتها جامعة ميشيغان. يمكنك الالتزام باستخدام وسائل النقل العامة أو المشاركة بالسيارة مع صديق ثلاث مرات أسبوعيًا كنقطة انطلاق. بالتأكيد هذه الأفكار أكثر قابلية للتنفيذ مقارنة بعقلية “إما الكل أو لا شيء” التي يتبناها الكثير منا وهي فوز للجميع لأنها تدعم أيضًا الهدف الرئيسي الذي يسعى إليه معظم الناس وهو توفير المال.
فكرة الكمال ليست فقط غير عملية؛ بل إنها مشلّة أيضاً. إن الخوف من الفشل أو عدم الوفاء بالمعايير التي يعتبرها مؤثرون وسائل التواصل الاجتماعي والمجتمع “كافية” هو المكان الذي يدخل فيه ما أسميه البيئة غير المثالية (Imperfect Environmentalism). نحن بحاجة حقًا لمشاركة جماهير كبيرة لمعالجة الأزمة البيئية بغض النظر عن مكان بدايتهم بدلاً مما يقوم به عدد قليل جداً بشكل مثالي وفي بعض الأحيان يشعر الآخرين بأنهم لا يفعلون ما يكفي.
كل واحد منا لديه دور يلعبه وإذا بدأنا في أي مكان كان ذلك خطوة جيدة للأمام. إدراك القوة التي نملكها كوحدة جماعية لسكان هذا الكوكب الثمين يسمح لنا بإحداث تغيير بدلاً مما يحتفظ به الكثيرون وهو أنهم “مجرد شخص واحد”. ومن كلمات مارغريت ميد الحكيمة: “لا تشك أبدًا أن مجموعة صغيرة مؤلفةً مِن مواطنين مفكرين ومخلصين يمكن أن تُغير العالم؛ بالفعل هي الشيء الوحيد الذي فعل ذلك”.
لذا هذا العام الجديد خذ لحظة لإعادة تقييم قراراتك بمنظور غير كامل (imperfect). قد تفاجأ بأنها ستستمر لفترة أطول بكثير خلال العام وربما تتطور لتصبح عادة جديدة واحدة أو اثنتان.
عن المؤلف
شيلا ميشيل موروفاتي هي مؤلفة كتاب البيئة غير المثالية: كيف تقلل النفايات وتحدث تغييراً لكوكب أفضل ومؤسسة ورئيسة منظمة عادات النفايات وهي منظمة بيئية غير ربحية تعمل لإنشاء تغييرات جماعية وسياسات فعالة تركز على تقليل النفايات لتحقيق مستقبل صحي وأكثر استدامة.