جهود حثيثة نحو السلام: هل نقترب من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة؟
اختتمت مباحثات وقف إطلاق النار في قطاع غزة التي استمرت يومين في الدوحة، وسط “فجوات كبيرة” بين إسرائيل وحركة حماس على الرغم من مؤشرات الوسطاء على “إحراز تقدم”، وفق تقرير لصحيفة “وول ستريت جورنال”.
وكثفت واشنطن مبادراتها سعياً لضمان الوصول إلى وقف لإطلاق النار في غزة، ويتوجه وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، في هذا السياق إلى إسرائيل لتجاوز آخر التباينات تمهيداً للتوصل إلى اتفاق.
وجاء في بيان للخارجية الأميركية أن بلينكن يغادر الولايات المتحدة يوم السبت، في مسعى إلى “إبرام اتفاق لوقف النار وإطلاق سراح الرهائن والمعتقلين من خلال الاقتراح” الذي قدمته الولايات المتحدة يوم الجمعة خلال محادثات الدوحة.
وفي وقت سابق يوم الجمعة، قال الرئيس الأميركي جو بايدن: “نحن أقرب من أي وقت مضى” إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة حيث تستمر الحرب بين إسرائيل وحماس منذ عشرة أشهر. وأقر بأنه لم يتم التوصل إليه بعد لكنه أوضح أن الاتفاق بات “أقرب بكثير مما كان عليه قبل ثلاثة أيام”.
وأوضح البيت الأبيض أن بايدن تحدث هاتفياً مع أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي حول التقدم الذي أُحرز في الدوحة.
في المحادثات الأخيرة، خففت مواقف المفاوضين الإسرائيليين بشأن قضايا مثل السيطرة العسكرية الإسرائيلية على أراضٍ محددة في غزة وإطلاق سراح السجناء الفلسطينيين، حسبما نقلت “وول ستريت جورنال” عن وسطاء.
ومع ذلك، لم يوقع زعماء من إسرائيل وحماس علناً على هذه التحولات في المواقف.
أين تقف المفاوضات؟
تجري المفاوضات بناءً على طرح أعلنه بايدن بتاريخ 31 مايو وينص على ثلاث مراحل تشمل وقفا لإطلاق النار وانسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق المأهولة في غزة وإدخال مساعدات وإطلاق سجناء فلسطينيين من السجون الإسرائيلية.
وأصدرت الدول الثلاث الوسيطة: الولايات المتحدة ومصر وقطر بياناً مشتركاً بعد انتهاء المحادثات يوم الجمعة وصفت فيه الاجتماعات بأنها جادة وبناءة وقالت إنه تم تقديم اقتراح لجسر الهوة بين كل من إسرائيل وحماس للتغلب على الفجوات بين الجانبين.”أجواء إيجابية”، تستأنف المباحثات الأسبوع المقبل في القاهرة.
وأضاف البيان “سيجتمع كبار المسؤولين من حكوماتنا مرة أخرى في القاهرة قبل نهاية الأسبوع المقبل آملين التوصل إلى اتفاق وفقًا للشروط المطروحة اليوم”.
وفي انتظار استئناف المحادثات في القاهرة، ستواصل الفرق الفنية العمل على التفاصيل “بما في ذلك الترتيبات لتنفيذ الجزئيات الإنسانية الشاملة للاتفاق، بالإضافة إلى الجزئيات المتعلقة بالرهائن والمحتجزين”، بحسب البيان.
وأعلن البيت الأبيض أن “الولايات المتحدة الأميركية قدمت بدعم من دولة قطر وجمهورية مصر العربية لكلا الطرفين اقتراحًا يقلص الفجوات بين الطرفين”.
نقاط “خلافية”
لم تشارك حماس في مفاوضات الدوحة التي جمعت مسؤولين مصريين وقطريين ومدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، وليام بيرنز، إضافة إلى رئيسي جهازي الاستخبارات الخارجية (موساد) دافيد برنيع والداخلية (شين بيت) رونين بار الإسرائيليان.
لكن الحركة على تواصل دائم مع الوسطاء الذين أرسلوا إليها نهاية الجمعة ما قدموه على أنه اقتراح تسوية “يسد الفجوات المتبقية بالطريقة التي تسمح بتنفيذ” وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيث تتواصل الحرب منذ أكثر من عشرة أشهر، وفق وكالة “فرانس برس”.
ويقول المفاوضون والمسؤولون إن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، وزعيم حماس، يحيى السنوار، قاوما التوصل إلى اتفاق، حسبما تؤكد “وول ستريت جورنال”.
وكانت إحدى القضايا المهمة في الجولات الأخيرة من المحادثات إصرار نتانياهو على إبقاء القوات العسكرية الإسرائيلية في ممرين استراتيجيين في غزة وهما “ممر فيلادلفيا وممر نتساريم”.
وخلال الجولة الأخيرة من المحادثات في يوليو، عندما طرح فريق التفاوض الإسرائيلي مطالب نتانياهو بتأمين الممرات الاستراتيجية في غزة، فقد رئيس المخابرات المصرية عباس كامل أعصابه وقال إن “نتنياهو يهدر وقته”، وفقًا لما نقلته “وول ستريت جورنال” عن أشخاص مطلعين على الأمر.
وتشمل نقاط الخلاف الأخرى ما إذا كان أي وقف للقتال سيكون مؤقتًا أم دائمًا، وكيفية تأمين الحدود بين غزة ومصر وقدرة إسرائيل على فحص الفلسطينيين العائدين إلى شمال غزة وأي السجناء الفلسطينيين سيتم الموافقة على إطلاق سراحهم وعدد الرهائن الأحياء الذين سيتم إطلاق سراحهم.
علامات “تقدم”
قال مسؤول ك…بير في إدارة بايدن إن المحادثات الأخيرة كانت على الأرجح “الأكثر بناءً خلال 48 ساعة التي أمضيناها في هذه العملية منذ عدة أشهر”، حيث توصلنا إلى ما أشار إليه المسؤول بأنه “اقتراح شامل لسد الفجوات بين الجانبين”.
وفي سياق متصل، قال وسطاء عرب مشاركون في المحادثات إن الفريق الإسرائيلي أبدى استعداده لمناقشة سحب قواته العسكرية شرقي ممر فيلادلفيا، على الحدود بين مصر وغزة والذي سيطرت عليه إسرائيل في أواخر مايو.
وستدعو مصر الفصائل الفلسطينية إلى القاهرة لمناقشة آلية للسيطرة على الممر، حسبما ذكرت “وول ستريت جورنال”.
وقال الوسطاء إن إسرائيل وافقت على زيادة عدد شاحنات المساعدات المتجهة إلى غزة كل يوم إلى 600، مع قيام الأطراف بمراقبة دخول وتسليم المساعدات من خلال مكاتب تم إنشاؤها حديثا.
وأضافوا أن إسرائيل قلصت أيضا قائمة السجناء الفلسطينيين الذين رفضت إطلاق سراحهم في السابق بنحو النصف.
“على المحك”
تشير “وول ستريت جورنال” إلى أن “نقاط على المحك” في المفاوضات تتعلق بمستقبل قطاع غزة المحاصر وسكانه، ومصير أكثر من 100 رهينة في القطاع، واحتمال أن يؤدي استمرار الحرب في غزة إلى إشعال حرب إقليمية أوسع نطاقا.
ويعاني سكان غزة من الجوع المتزايد وانتشار الأمراض والنظام الطبي المتعثر.
ويعتقد المسؤولون الإسرائيليون والأميركيون أن الوقت ينفد أمام الرهائن في أنفاق غزة، ويقدرون في تقارير خاصة أن عدد القتلى أعلى من ذلك بسبب الجروح غير المعالجة ونقص الغذاء وسوء المعاملة من جانب الخاطفين وخطر الغارات الجوية الإسرائيلية.
ولا تزال أسر الرهائن متفائلة بحذر، ولكن بعد أن خذلهم الفلسطينيون من قبل يقولون إنهم تعلموا أن يصدقوا الحديث عن التقدم فقط عندما يكون ملموسًا. كما تقول راشيل جولدبرج بولين، والدة المواطن الأمريكي الإسرائيلي هيرش جولدبرج بولين الذي اختطف في السابع من أكتوبر.
وقالت: “أصلي فقط أن تأتي الأخبار التي كنا جميعا ننتظرها ولا نضطر إلى الانتظار حتى تستمر أعداد الأشخاص الذين ما زالوا على قيد الحياة بالتناقص والتضاؤل”.
واندلعت الحرب بين إسرائيل وحماس إثر هجوم الحركة “غير المسبوق” على مناطق ومواقع محاذية لقطاع غزة في السابع من أكتوبر والذي أسفر عن مقتل 1200 شخص معظمهم مدنيون بينهم نساء وأطفال وفق السلطات الإسرائيلية.ورداً على الهجوم، تعهدت إسرائيل بـ “القضاء على حماس”، ومنذ ذلك الحين، نفذت حملة قصف على قطاع غزة تلتها عمليات برية منذ 27 أكتوبر. وقد أسفرت هذه العمليات عن مقتل 40005 أشخاص، معظمهم من النساء والأطفال، وفقاً لما أعلنته وزارة الصحة في القطاع.