العلوم

تلسكوب ناسا الفضائي الجديد: رحلة مثيرة للبحث عن الجليد الذي قد يحمل أسرار نشأة الحياة!

في سعي قد‌ يعيد تشكيل فهمنا لكيفية ظهور الحياة⁤ في ⁤الكون، تستعد ناسا لإطلاق تلسكوب رائد ⁢مصمم لرسم خريطة للمركبات المتجمدة عبر المجرة. من المقرر أن تُطلق مهمة SPHEREx في موعد لا يتجاوز⁣ 27 فبراير، وستقوم بأكبر مسح على الإطلاق للجليد الكوني، مما قد يكشف عن أصول محيطات الأرض ولبنات الحياة نفسها.

بينما قد يبدو الفضاء الشاسع خالياً من الماء، يعتقد العلماء أن معظم مياه⁢ الكون موجودة بشكل أقل وضوحاً: كجليد يتعلق بحبيبات صغيرة من الغبار بين النجوم. هذه⁣ الخزانات المتجمدة، المخفية داخل سحب ضخمة من الغاز والغبار تُعرف بالسحب‍ الجزيئية، قد تحمل‌ المفتاح⁤ لفهم كيفية وصول الماء​ إلى كواكب مثل الأرض.

توقيت المهمة ذو أهمية خاصة حيث ‍يركز علماء الفلك بشكل متزايد‍ على⁤ البحث عن ‍عوالم ⁤محتملة قابلة للسكن خارج نظامنا الشمسي. قال ⁤غاري ميلنيك،‌ عالم فلك‍ كبير في مركز الفيزياء​ الفلكية | ‌هارفارد وسميثسونيان وعضو ⁣في ⁢فريق علوم SPHEREx: “لقد حيرتنا هذه المسألة لبعض⁤ الوقت”، مشيراً إلى الاكتشافات ​السابقة التي وجدت ماءً ‌غازياً أقل مما كان ⁤متوقعاً‌ في الفضاء. “أدركنا لاحقًا ‌أن⁤ SWAS ⁤اكتشف ماءً غازياً في ⁢طبقات رقيقة بالقرب من سطح السحب الجزيئية،⁤ مما يشير ​إلى أنه ⁢قد⁤ يكون هناك الكثير من الماء داخل السحب ​محبوسًا كجليد.”

من‌ المقرر إطلاق SPHEREx ⁤(مقياس الطيف ‍الضوئي لتاريخ الكون وعصر إعادة التأين واستكشاف الجليد) على متن صاروخ فالكون 9 التابع لشركة سبيس إكس من قاعدة فاندنبرغ للقوة الفضائية ⁣في كاليفورنيا. يمثل هذا التلسكوب تقدماً كبيراً في قدرتنا ‌على دراسة هذه الخزانات ‌الجليدية ​الكونية. وعلى عكس التلسكوبات الفضائية السابقة، تم تصميم SPHEREx خصيصًا لإجراء مسح شامل وإنشاء خرائط ثلاثية الأبعاد لتوزيع ‌الجليد عبر المجرة.

لن ​يبحث التلسكوب عن الماء فقط؛ بل ستكتشف أدواته ثاني أكسيد الكربون ⁢وأول أكسيد الكربون ومركبات ⁤أخرى حيوية للحياة ⁤جميعها بحالتها​ المتجمدة. يمكن أن توفر هذه ‍المواد المحمية⁤ من ​الإشعاع الكوني داخل السحب الجزيئية رؤى حول كيفية تشكل الكواكب واكتسابها تركيبتها الكيميائية.

ما يجعل SPHEREx مبتكرًا بشكل خاص هو​ نهجه ‌المسحي؛ بدلاً من التقاط صور ثنائية‍ الأبعاد التقليدية، سيجمع ⁣التلسكوب بيانات طيفية مفصلة عبر أكثر‌ من 9 ملايين خط‍ رؤية.⁣ تتيح هذه التقنية⁤ للعلماء قياس ليس ‍فقط وجود الجليد ولكن أيضًا كيف تتغير تركيباته عبر مناطق مختلفة من الفضاء.

تبني المهمة على ‍الاكتشافات السابقة​ بينما تعالج أسئلة طويلة الأمد. ففي عام 1998 ، قامت ساتل علم الفلك بالأشعة تحت​ الملليمتر (SWAS) بمسح المجرة بحثًا عن ​الماء ‌الغازي لكنها⁤ وجدت كمية قليلة بشكل​ مدهش. أدى هذا الاكتشاف إلى نظر العلماء⁤ إلى أنه يجب أن يوجد معظم الماء بالشكل الصلب المحمي ‍داخل أعماق‌ السحب الجزيئية. تهدف SPHEREx إلى تأكيد هذه النظرية وتقديم صورة أكثر اكتمالاً حول كيفية توزيع المياه والمركبات الأخرى⁣ عبر الفضاء.

ستُكمّل ⁣قدرات⁣ التلسكوب مراصد فضائية أخرى ،⁤ وخاصة تلسكوب جيمس ويب الفضائي . كما أوضح ميلنيك:⁢ “إذا اكتشفت ‌SPHEREx​ موقعًا مثيرًا للاهتمام⁢ ،‍ يمكن لـ Webb ⁣دراسة⁤ ذلك⁤ الهدف بدقة طيفية أعلى ‍وفي أطوال ⁤موجية لا تستطيع SPHEREx اكتشافها.” يمكن ​لهذين التلسكوبيْن تشكيل شراكة فعالة للغاية.

بعيداً عن أهدافه العلمية المباشرة ، يمثل SPHEREx جهدًا تعاونيًّا بين⁢ عدة مؤسسات . تدير ناسا مختبر الدفع⁢ النفاث الخاص بها ‌في جنوب كاليفورنيا المهمة ، مع تقديم شركة ‍BAE​ Systems للتلسكوب والمركبة الفضائية . سيقوم علماء ينتمون لعشر ⁣مؤسسات أمريكية ومؤسستين كوريتين ومؤسسة واحدة تايوانية بتحليل البيانات التي⁢ ستتاح للجمهور عبر أرشيف العلوم تحت الحمراء NASA/IPAC .

مع⁤ اقتراب يوم الإطلاق ، تبدو المهمة جاهزة لتقديم رؤى غير مسبوقة حول الأصول الكونية للماء والأساسات الكيميائية للحياة⁢ . ومن خلال رسم خرائط لهذه المركبات​ المتجمدة عبر المجرة ، قد تساعد⁣ SPHEREx ‌على الإجابة⁣ عن أحد الأسئلة الأساسية للبشرية: ما مدى شيوع مكونات الحياة في الكون؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى