ترامب يتراجع عن فرض رسوم على الإلكترونيات: ماذا يعني ذلك للأسواق؟

ردًا على استمرار مشكلات سوق الأسهم وربما ضغط صناعة التكنولوجيا، تراجع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن فرض الرسوم الجمركية على الإلكترونيات في وقت متأخر من الليلة الماضية.
في وثيقة صادرة عن إدارة الجمارك وحماية الحدود الأمريكية يوم الجمعة، تم إعفاء هذه الإلكترونيات الاستهلاكية، التي يتم تصنيع معظمها في الصين وتخضع لرسوم جمركية بنسبة 145% بالإضافة إلى رسوم عالمية بنسبة 10%. كما سيتم إعفاء أشباه الموصلات، التي تُستخدم في كل شيء تقريبًا حيث تعتبر الأساس لجميع الأجهزة الإلكترونية.
من خلال هذا القرار، يتماشى ترامب أكثر مع النصائح الاقتصادية المعمول بها في مجال التكنولوجيا، حيث إن فرض الرسوم على مثل هذه الأجهزة قد يوقف جزءًا كبيرًا من الاقتصاد الأمريكي الحديث. لكن يبقى أن نرى ما إذا كان ذلك سيعيد ثقة المستثمرين في السوق الأوسع، حيث إن عدم القدرة على التنبؤ بسلوك ترامب تجاه حلفاء التجارة يثير القلق بقدر قراراته الفعلية. انخفض سوق الأسهم بنسبة 15% منذ تولي ترامب منصبه.
حذر بعض المحللين من أن هاتف آيفون بسعر 1000 دولار قد يُباع مقابل 3500 دولار إذا تم تصنيعه في الولايات المتحدة، لكن ذلك يغفل حقيقة أن الولايات المتحدة تمتلك ربما فقط 14% من السوق العالمية التي رائت فيها تطوراً منذ الخمسينيات ولا يمكنها حتى الآن توفير ما يكفي من الرقائق لشركات مثل آبل، أغلى شركة تكنولوجيا. ولكن كانت الرسوم ستؤثر على المنتجات التكنولوجية بطرق مختلفة عديدة.
تقدّر جمعية تكنولوجيا المستهلكين أن الرسوم الجمركية قد تجعل أسعار وحدات التحكم بالألعاب أغلى بنسبة 40% للمستهلكين الأمريكيين، مع زيادة سعر الهواتف الذكية بنسبة 26% وزيادة سعر أجهزة الكمبيوتر المحمولة بنسبة 46%. ولكن كان ذلك قبل أن يقرر ترامب هذا الأسبوع فرض أكبر الرسوم الجمركية على الصين.
لقد حدث فقدان الحصة السوقية للرقائق عبر عقود مع صعود شركات مثل TSMC التايوانية ولا يمكن إصلاح عملية استعادة الحصة السوقية بمجرد فرض رسوم جمركية فقط وفقًا لمقابلة أجريتها مع سكوت ألمسي الشريك بشركة PwC للاستشارات والمحاسبة في ديسمبر الماضي.
قال ألمسي: “حيث تبدأ التأثيرات الحقيقية هي المواد والسلع والصلب والألمنيوم والأشياء التي تدخل حقاً في بداية سلاسل الإمداد لبناء أشياء ليست بـ500 أو 600 أو700 دولار”.
قال ترامب إنه لا يزال يفكر في فرض رسوم قطاعية لبعض السلع – بما فيها أشباه الموصلات. لا تزال الخطوة للتراجع انتصاراً مؤقتاً لشركات مثل آبل التي تعهدت ببناء المزيد من الإلكترونيات داخل الولايات المتحدة. لكن مقابلتي مع ديلويت في يناير أشارت إلى أن هذه العملية قد تستغرق عقود لتحقيقها ومن الأفضل القيام بذلك بمساعدة حكومية تتطابق فيها الولايات المتحدة مع ما تقوم به الحكومات الأجنبية لمساعدة المصانع الجديدة للعديد من الأطراف.
أشار دنكان ستيوارت مدير أبحاث مركز TMT لدى ديلويت سابقًا إلى أنه سيكون كبيرا بناء مصانع الرقائق بدعم مالي بموجب قانون الرقائق والعلوم الثنائي الحزب الأمريكي ولكن حتى عشرات المليارات من الدولارات الناتجة عن تلك التشريعات لن تحرك الأمور كثيراً لإعادة التصنيع إلى الولايات المتحدة.
قال ستيوارت: “بعد كل المصانع التي هي قيد الإنشاء والإطلاق بحلول عام2032 ، قد تصل نسبة أمريكا حوالي14 % أو شيء مشابه. يستغرق الأمر وقتا طويلا. إنها صناعة ضخمة للغاية. وتحريك النسبة المئوية من10 % إلى14 % هو رقم جيد بشكل ملحوظ . إنه علامة على مدى صعوبة التحول . وهو نفس الشيء بالنسبة لأوروبا بالطبع”.
تعقيد سلاسل الإمداد هو شيء آخر يجب أخذه بعين الاعتبار. عندما كانت إنتل تهيمن على سوق الرقائق الأمريكية (وكذلك العالمية)، كان أحد الأسباب هو أنها كانت تمتلك أفضل مصانع التصنيع داخل البلاد مما ساعدها لتقليل تكاليفها لكنها تأخرت فيما يتعلق بتصميم الشرائح مما أعطى فرصة لشركات مثل نفيديا . استخدمت نفيديا TSMC لتصنيع رقائقها لكنها ابتكرت استخدام التوازي ضمن رقائق الرسومات ليتم استخدامها ضمن تطبيقات جديدة كمعالجة الذكاء الاصطناعي داخل مراكز البيانات . لو لم تكن TSMC بهذا الحجم أو الجودة لما تمكنت نفيديا بالاستحواذ علي إنتل ودفع الذكاء الاصطناعي ليصبح أكبر شريحة سوق . وهذا يعني أن التصنيع داخل الوطن ليس الشيء الوحيد الذي يهم عند خلق الوظائف .
قد يشعر بعض السياسيين بالقلق بشأن تأثير ضغط صناعة التكنولوجيا ، لكن الحقيقة هي أن الصناعة تخلق نوع الوظائف عالية القيمة التي تحتاج إليها أي اقتصاد حديث . تحتاج الصناعة لتوظيف أفراد ذوي تعليم عالٍ ومتخصص ، ويتطلب ذلك مزيدًا من التعليم . ومع ذلك فإن أماكن مثل الصين تنتج عدد أكبر بكثير من المهندسين مقارنةً بالولايات المتحدة حيث يتخلف التعليم الرياضي والعلمي .
لكن إدارة ترامب تعتقد بأن الألم الناتج عن رسوم هذا الأسبوع تهدف لبدء تلك العملية واستعادة تنافس أمريكا .
قال متحدث باسم ترامب: “لقد جعل الرئيس واضحا أنه لا يمكن لأمريكا الاعتماد علي الصين لتصنيع تقنيات حيوية كأشباه الموصلات والشرائح والهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة”. “لهذا السبب حصل الرئيس علي تريليونات الدولارات كمستثمر أمريكي لدي أكبر شركات التقنية بالعالم بما فيها آبل وTSMC ونفيديا”. وبإرشادات الرئيس تسعى هذه الشركات بسرعة لنقل تصنيعها إلي الولايات المتحدة بأسرع وقت ممكن”.
من الواضح أنه ليس بإمكان الرسوم وحدها حل عدم التوازن التجاري مع الصين.