ترامب وشولتس: شراكة جديدة نحو استعادة السلام في أوروبا!

أثار تعهد الرئيس المنتخب دونالد ترامب بتنفيذ أضخم حملة ترحيل جماعي في تاريخ البلاد الكثير من الجدل حول إمكانية تنفيذ هذه الوعود، وما إذا كانت هذه الإجراءات ستستهدف المهاجرين غير المسجلين الذين عاشوا في البلاد لسنوات طويلة أو القادمين حديثًا عبر الحدود الجنوبية أو كلا الفئتين معًا.
يعيش نحو 11 مليون شخص في الولايات المتحدة دون تصاريح قانونية، وفقًا لتقديرات مركز بيو للأبحاث لعام 2022. وقد أمضى قرابة الثلثين منهم أكثر من عقد في البلاد، مما يعقّد مسألة ترحيلهم بسبب الروابط التي كوّنوها مع المجتمع الأمريكي، بحسب خبراء تحدثوا لقناة “الحرة”.
ويرى الخبير في الشؤون العسكرية الأستاذ في جامعة الدفاع الوطني، ديفيد دي روش، أن ترحيل 11 مليون شخص من الولايات المتحدة أمر غير ممكن نظرًا لتعقيداته القانونية العديدة. ويؤكد في مقابلة مع برنامج “الحرة الليلة” أنه “إذا تمكن شخص من دخول الولايات المتحدة سواء بطرق شرعية أو غير شرعية، يصبح من الصعب ترحيله. ورغم ذلك، هناك مجرمون يقيمون بشكل غير قانوني ولا تقبل أي دولة استضافتهم. وحتى لو ارتكبوا جرائم خطيرة فإن القانون الأمريكي يفرض إطلاق سراحهم”.
ويشير أستاذ القانون الدولي المحامي ناصر فياض إلى أن هناك العديد من العقبات أمام ترحيل أعداد كبيرة من المهاجرين. وهذه العقبات ليست قانونية فحسب بل تشمل أيضًا عوائق مادية واقتصادية واجتماعية.
وتنبع هذه التحديات من تعقيدات التنسيق بين الشرطة المحلية والسلطات الفيدرالية بالإضافة إلى المسائل المتعلقة بالعلاقات الدولية بين الولايات المتحدة والدول المستقبلة للمهاجرين المرحّلين.
من الناحية الاقتصادية، يوضح فياض أن تكلفة ترحيل 11 مليون شخص تقدر بما بين 400 إلى 600 مليار دولار وهو مبلغ ضخم قد يشكل عبئاً هائلاً على ميزانية الولايات المتحدة فضلاً عن الموارد البشرية المطلوبة لتوظيف العاملين لتنفيذ هذه المهمة.
أما بالنسبة للعلاقة بين الحكومة الفيدرالية والولايات، فيشير فياض إلى أن هذه العلاقة اتسمت أحياناً بالتوتر، خصوصًا خلال فترتي رئاسة جورج بوش ودونالد ترامب، حيث ظهرت توترات بين الشرطة والمهاجرين والمجتمعات المحلية، مما أدى إلى تزايد حالات التمييز العرقي وتوقيف الأفراد بناءً على مظهرهم العرقي حتى إن كانوا مواطنين أميركيين.
وفي ما يتعلق بالعلاقات الدولية، فقد أظهرت فترة رئاسة ترامب الأولى صعوبات عدة، إذ نتج عنها قضايا قانونية في المحاكم الأميركية ومشاكل بين الحكومة الفيدرالية وحكومات الولايات حول آليات الترحيل. ويرى فياض أن هذه الحملات القائمة على الدعاية الانتخابية قد تستنفد الجهود وتأتي بنتائج محدودة.
وفي هذا الإطار يقول دي روش إن ”اليمين السياسي يقترح دفع المهاجرين غير الشرعيين للرحيل بأنفسهم، من خلال حرمانهم من المزايا الاجتماعية وغيرها. لكن بالنسبة لدول مثل نيكاراغوا وفنزويلا وهايتي، هناك حالات لمواطنيها الذين لهم مطالب حقيقية في اللجوء ولا يمكن إعادتهم إلى بلدانهم”.
وأوضح أن “أكثر من ستة في المئة من سكان نيكاراغوا قد انتقلوا إلى الولايات المتحدة، ولا يستطيعون العودة بسبب طبيعة النظام الديكتاتوري هناك، لكنه قد ينجح في إعادة البعض إلى بلدان مثل كولومبيا أو الإكوادور أو الصين”.
ويقول دي روش إنه “ربما بالغ ترامب في وعوده”.
لكن دي روش أشار إلى أنه في نهاية المطاف ستكون هناك زيادة واضحة في إجراءات إنفاذ قوانين الهجرة، وسيتم تعزيز الحدود واتخاذ إجراءات مشددة مع دول الترانزيت لرصد حركة المهاجرين، مؤكدًا على أهمية دور المكسيك في هذا الشأن.
نقلت صحيفة “نيويورك تايمز” عن مسؤول كبير في إدارة ترامب السابقة أن من المتوقع استئناف مداهمات واسعة النطاق لمواقع العمل.
وقالت الصحيفة إن ترامب تحدث خلال حملته الانتخابية عن استخدام قانون ”الأعداء الأجانب” لعام 1798 لتنفيذ عمليات الترحيل الجماعي، وهو القانون الذي تم بموجبه احتجاز الأشخاص من أصل ياباني في معسكرات اعتقال خلال الحرب العالمية الثانية.
وأضاف المسؤول أن عمليات الترحيل ستكون مشابهة لتلك التي حدثت في عهد الرئيس أيزنهاور، حيث استخدمت إدارته عمليات التفتيش والمداهمات وأشكال صريحة من التنميط العنصري في الخمسينيات لجمع وطرد العمال المكسيكيين والأميركيين من أصل مكسيكي بشكل رئيسي.
شهدت فترة إدارة بايدن ارتفاعًا قياسيًا في أعداد المهاجرين بسبب الفقر والصراع في دول مثل فنزويلا والإكوادور، بالإضافة إلى الشعبية المتزايدة لطريق يعبر ما يسمى بفجوة داريان، حيث يمر الطريق عبر غابة ممتدة بين أميركا الجنوبية وأميركا الشمالية.
في عام 2022، ارتفعت أعداد المهاجرين المحتجزين على الحدود الجنوبية إلى 2.2 مليون شخص، مما أدى إلى تأجيج السخط العام في الولايات المتحدة وأصبح محورًا للانتخابات الرئاسية المقبلة.
وألقى ترامب باللوم على المهاجرين فيما يتعلق بالعديد من المشاكل التي تواجه الولايات المتحدة مثل الجريمة وارتفاع تكاليف السكن، وتعهد بتنفيذ أكبر عملية ترحيل جماعي في تاريخ البلاد.
من جانبها، قالت جمعية محامي الهجرة الأميركية إنها كانت تحلل منذ فترة طويلة وعود ترامب بشأن الهجرة وتستعد لرفع دعاوى قضائية لتحدي السياسات التي تعتقد أنها ستنتهك حقوق عملائها فيما يتعلق بسماع قضاياهم ومعالجتها بشكل عادل وفقًا للقانون.
وتأتي استعدادات الجمعية بالتزامن مع إعلان مجموعة وطنية يقودها نشطاء مهاجرون شباب لوضع خطط لرئاسة ترامب الثانية تشمل استراتيجيات للتدريب على ما يسمونه بـ”اعرف حقوقك”، بالإضافة إلى حملات كتابة رسائل لتشجيع المسؤولين المنتخبين وتنظيم وقفات احتجاجية لإظهار الدعم للمهاجرين غير المسجلين.