الطاقة المتجددة تتألق في 2024، لكن الوقود الأحفوري يواصل الارتفاع!

عالمنا يواجه أزمة طاقة – ليست أزمة نقص، بل أزمة ناتجة عن الطلب المتزايد. فمراكز البيانات التي تستهلك الطاقة بشكل كبير وخوارزميات الذكاء الاصطناعي تدخل حيز التشغيل. وتستخدم الدول النامية المزيد من الطاقة لدعم شعوبها وصناعاتها. ومع تحول العالم نحو الكهرباء – مثل استبدال السيارات التي تعمل بالغاز بالمركبات الكهربائية – سيزداد استخدام الطاقة بشكل أكبر. لذا، فإن الشبكة الكهربائية تحتاج ليس فقط إلى مصادر متجددة (وبطاريات لتخزين طاقتها) لتقليل انبعاثات غازات الدفيئة، ولكن أيضًا لتلبية الطلب المتزايد.
تحليل جديد من الوكالة الدولية للطاقة، ومقرها باريس، يقدم بعض الأرقام الصعبة للتحدي، حيث وجد أن استهلاك الكهرباء في عام 2024 قفز بنسبة 4.3 في المئة على مستوى العالم، وهو ما يقارب ضعف المتوسط السنوي خلال العقد الماضي. وقد شكل استخدام الطاقة في المباني حوالي 60 في المئة من النمو العام الماضي، مع وجود عوامل أخرى تشمل زيادة الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة والكهرباء في وسائل النقل.
قال فاتح بيرول، المدير التنفيذي للوكالة الدولية للطاقة: “ما هو مؤكد هو أن استخدام الكهرباء ينمو بسرعة كبيرة مما يسحب معه الطلب العام على الطاقة إلى درجة تكفي لعكس سنوات من انخفاض استهلاك الطاقة في الاقتصادات المتقدمة”. وأضاف: “نتيجة لذلك زاد الطلب على جميع أنواع الوقود والتقنيات الطاقية الرئيسية في عام 2024”.
الخبر الجيد هو أن تركيب مصادر الطاقة المتجددة مثل الرياح والطاقة الشمسية سجل رقمًا قياسيًا في عام 2024 للسنة الثانية والعشرين على التوالي وفقًا للتحليل نفسه، بينما زادت القدرة النووية بنسبة 33 بالمئة مقارنة بعام 2023. وقد شكلت مصادر الطاقة المتجددة والطاقة النووية معًا نسبة 80 بالمئة من الزيادة في توليد الكهرباء عالميًا.
في الوقت نفسه نما الاقتصاد العالمي بأكثر من 3 بالمئة خلال عام 2024. وبعبارة أخرى لم تتماشى انبعاثات ثاني أكسيد الكربون مع النمو الاقتصادي؛ لذا فإن الانبعاثات والنمو الاقتصادي أصبحا أكثر “فصلًا” عن بعضهما البعض كما يشير التقرير.
ومع ذلك تختلف القصة بين المناطق المختلفة؛ بينما يمكن لدول مثل الولايات المتحدة بسهولة نشر المزيد من المصادر المتجددة لتقليل انبعاثاتها والحفاظ على نمو اقتصادي مستدام - حيث إن المصادر المتجددة تشجع فعلياً هذا النمو – إلا أن الجزء الأكبر من الزيادة في الانبعاثات جاء من الاقتصادات النامية.
قال R.Max Holmes رئيس ومدير مركز وودويل لأبحاث المناخ: “يمكننا الحصول على مزيدٍ من الطاقة وانخفاضٍ أقلّ للانبعاثات — نحن بحاجة إلى مزيدٍ من الطاقة وانخفاضٍ أقلّ للانبعاثات”.
ومع ذلك لا تزال المصادر المتجددة لا تنمو بالسرعة الكافية لتحل محل الوقود الأحفوري: فقد ارتفع الطلب على النفط بنسبة 0.8% وفي الفحم بنسبة %1 وزاد طلب الغاز الطبيعي بمعدل %2.7 وهو أعلى بكثير مقارنة بمعدل النمو السنوي البالغ %1 بين عامي2019 و2023 وذلك بفضل نمو الصناعات الثقيلة بالإضافة إلى موجات الحرارة الشديدة خاصةً في الصين والهند.
على الرغم مما سبق يكشف التقرير أن العالم يحقق بعض التقدم نحو الابتعاد عن الوقود الأحفوري؛ ففي عام 2024 شكلت المركبات الكهربائية خُمس مبيعات السيارات حول العالم وفي الولايات المتحدة قفزت مبيعات مضخّات الحرارة الكهربائية التي تنقل الحرارة من الهواء الخارجي إلى المنزل بنسبة %15 العام الماضي وأصبحت الآن تتجاوز مبيعات الأفران الغازية بـ%30.
قال جونثان فولي المدير التنفيذي لمشروع درو داون: “هذا يعادل نصف قيمة انبعاثات الاقتصاد الأمريكي وهذا مجرد خمسة حلول خلال خمس سنوات”.
السؤال الكبير الذي يطرح نفسه الآن هو ما إذا كانت الإدارة الجديدة لترامب والتي قامت بتفكيك تقدم المناخ بشكل عدواني خلال أول شهرين لها ستؤثر سلباً على هذا التحول نحو الطاقات النظيفة؟ يقول الخبراء إن هناك قوى سوقية أساسية خارج نطاق السيطرة الفيدرالية وهي أن المصادر المتجددة أصبحت الآن أرخص للنشر مقارنة بالبنية التحتية للوقود الأحفوري.
قال هولمز: “العالم ينتقل بعيداً عن الوقود الأحفوري نحو مصادر طاقة متجددة وغير مسببة لانبعاث غازات الدفيئة”.