السودان ترفض تدخل بعثة حقوق الإنسان: ماذا يعني ذلك لمستقبل البلاد؟
بعد نحو عام ونصف من الحرب في السودان، لا تزال المعارك مشتعلة في المدن بينما يعاني السكان من الجوع والأمراض، حيث يتنافس جنرالان على السلطة دون أي حل يلوح في الأفق.
الحرب التي بدأت في أبريل 2023 بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو وصلت إلى مرحلة تستدعي “حاجة طارئة لحماية المدنيين”، كما أكدت بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في السودان يوم الجمعة.
ودعا خبراء أمميون من الأمم المتحدة إلى نشر قوة “مستقلة ومحايدة دون تأخير” في السودان، بهدف حماية المدنيين من الفظائع التي يرتكبها الطرفان المتحاربان.
وفي يوم السبت، نزحت مئات الأسر السودانية من مدينة بحري شمال الخرطوم بعد تبادل القصف المدفعي العنيف، وفقًا لما أفاد به شهود عيان لوكالة فرانس برس.
وأفاد شهود عيان في منطقة حطاب بمدينة بحري شمال الخرطوم، حيث توجد قاعدة عسكرية للجيش السوداني، أن مئات الأسر فرت من المنطقة “بعد اشتداد القصف المدفعي بين الجيش وقوات الدعم السريع” التي تسعى للسيطرة على هذه القاعدة وتهاجمها منذ ثلاثة أيام.
وقال نصر الدين، أحد سكان المنطقة لوكالة فرانس برس: “منذ صباح السبت، رحلت مئات الأسر وهي تحمل بعض أمتعتها فوق رؤوسها وتسير شمالًا هربًا من القصف المدفعي”.
وأضاف: ”قوات الدعم السريع هاجمت منازل المواطنين جنوب حطاب وأسرت بعضهم وأطلقت النار على آخرين”.
الوضع الإنساني
!حاجة ماسة لحماية المدنيينعذرًا، لا أستطيع مساعدتك في ذلك.مقالة حول الأكل في السودان وأسباب 33 آخرون.
تسربت المعلومات بدمار واسع في البنية التحتية، وخرج أكثر من ثلاثين عربياً من المرافق الصحية عن الخدمة.
وفيما تشتد المعارك، يصل مئات من النازحين إلى مدينة بور تسودان في زيارة رسمية لمساعدتهم، بحسب وكالات فرنسية برز.
وكانت السلطات الكيانية المحلية قد أعلنت أن الشهداء الماحيين، إنهم حصلوا على طعامٍ من كل الطرائف في محادثات بسويسرا لتحسين آليات توصيل المساعدات الإنسانية، لكن غياب الجيش السوداني عن المناطق المركزية أحرج تقدم.
وقالت السلطات المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارين جان بيير، للصحفيين: “سنواصل الضغط على جميع الأطراف للتوصل إلى تسوية من خلال الحلول السلمية”، مؤكدةً أن الإدارة الأمريكية جادة بشأن الالتزام تجاه الشعب السوداني برسم مستقبلهم.
ماذا يمكن خبراء الأمم المتحدة؟
ويقول الجوع والأمراض تنشر في السودان. أشار تقرير صادر عن الأمم المتحدة إلى أن المتحاربين “ارتكبوا سلسلة مرعبة من الانتهاكات بحق الإنسان وجرايم يمكن وصفها بأنها جرائم حرب”.
وأصفرت الحرب عن عشرات الآلاف الذين فقدوا حياتهم. وفي حين تفيد تقديرات أنها قد تصل إلى “150 ألفاً”.
وقال رئيس بعثة تقصي الحقائق بشأن الحلاقق بشأن ال…سودان، محمد شاندي عثمان، إن “خطورة هذه النتائج تؤكد الحاجة الملحة إلى اتخاذ إجراءات فورية لحماية المدنيين”.
وكان مجلس حقوق الإنسان قد أنشأ هذه البعثة في نهاية عام 2023 بهدف توثيق انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة في البلاد منذ اندلاع الحرب قبل حوالي 17 شهراً.
ووجد التقرير الذي صدر يوم الجمعة أن القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع وحلفاءهما مارسوا أنماطاً واسعة النطاق من الانتهاكات، تضمنت هجمات عشوائية ومباشرة على المدنيين والمدارس والمستشفيات والبنية التحتية المدنية والمرافق الحيوية الأخرى.
ووصف التقرير ما ارتكبته قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة بـ “اعتداءات مرعبة” ضد المجتمعات غير العربية، خاصة ضد مجتمع المساليت في الجنينة وحولها بغرب دارفور. وشملت هذه الاعتداءات القتل والتعذيب والاغتصاب وغيرها من أشكال العنف الجنسي وتدمير الممتلكات والنهب.
وأشار التقرير إلى وجود “أسباب معقولة للاعتقاد” بأن هذه القوات ارتكبت جرائم حرب أخرى تشمل ”الاستعباد الجنسي” و”تجنيد الأطفال دون سن 15 عاماً”، بالإضافة إلى أفعال أخرى قد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية مثل “الاسترقاق” و”الاضطهاد على أسس إثنية وجندرية” و”التهجير القسري للسكان”.
توصيات البعثة الأممية
وإلى جانب إرسال قوة محايدة، أوصت البعثة…السودان.. الأمم المتحدة تدعو إلى نشر “قوة محايدة” لحماية المدنيين
دعا خبراء من الأمم المتحدة، يوم الجمعة، إلى نشر قوة “مستقلة ومحايدة دون تأخير” في السودان، بهدف حماية المدنيين من الفظائع التي يرتكبها الطرفان المتحاربان.
استندت البعثة في تقريرها على 182 مقابلة مع ناجين وأسرهم وشهود. وذكر فريق تقصي الحقائق أنه حاول التواصل مع السلطات السودانية عدة مرات لكنه لم يتلق رداً. وأضاف الفريق أن قوات الدعم السريع طلبت التعاون مع البعثة، دون الخوض في مزيد من التفاصيل.
وسبق أن نفى كلا الجانبين اتهامات الولايات المتحدة وجماعات حقوقية بارتكاب انتهاكات، ويتبادلان الاتهامات بالوقوف وراءها. وهذا هو أول تقرير تصدره البعثة المكونة من ثلاثة أعضاء منذ أن شكلها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في أكتوبر 2023.
كما ستدعو دول غربية منها بريطانيا إلى تجديد مهمة البعثة خلال اجتماع هذا الشهر، ويتوقع دبلوماسيون معارضة السودان الذي يعتبر الحرب مسألة داخلية بحسب رويترز.
في سياق متصل، أوصى التقرير بتوسيع نطاق ”حظر الأسلحة القائم في دارفور”، عملاً بقرارات مجلس الأمن، ليشمل جميع أنحاء السودان؛ وذلك لوقف توريد الأسلحة والذخائر وغيرها من أشكال الدعم اللوجستي أو المالي لأطراف النزاع ومنع المزيد من التصعيد. وحذر الجهات التي تزود الأسلحة من إمكانية ”تواطؤها في انتهاكات جسيمة لقانون حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني”.
ودعت البعثة إلى توسيع اختصاص المحكمة الجنائية الدولية المتعلق بدارفور ليشمل كامل الأراضي السودانية وإنشاء “آلية قضائية دولية منفصلة تعمل جنباً إلى جنب مع المحكمة الجنائية الدولية وبشكل تكاملي”.