الرئاسيات الجزائرية: هل حسمت الأمور لصالح تبون قبل يوم الاقتراع؟
يستعد أكثر من 24 مليون ناخب جزائري للإدلاء بأصواتهم يوم السبت في انتخابات رئاسية تُعتبر على نطاق واسع سباقًا محسومًا لصالح الرئيس الحالي، عبد المجيد تبون. ومع ترجيح فوز تبون بولاية ثانية، تثار تساؤلات حول مدى تنافسية هذه الانتخابات وما إذا كانت نتيجتها قد حُسمت فعليًا قبل أن يدلي الناخبون بأصواتهم. كما تُطرح أسئلة عن العوامل التي أدت إلى ما يراه منتقدو النظام “غياب منافسة جدية” للرئيس الحالي.
يتصدر السباق الانتخابي الرئيس عبد المجيد تبون (78 عامًا)، الذي يحظى بدعم الأحزاب المشكلة للأغلبية البرلمانية، وهي جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي وجبهة المستقبل وحركة البناء، بالإضافة إلى النواب المستقلين. وقد تم انتخاب تبون في نهاية عام 2019 خلال اقتراع جرى في ذروة الحراك الشعبي وشهد نسبة امتناع عالية عن التصويت، مما وضع أمامه تحديًا كبيرًا لمواجهة هذه الحركة الاحتجاجية والاستجابة لمطالب الجزائريين.
وخلال حملته الانتخابية، أكد تبون أنه نجح بالفعل خلال ولايته الأولى في تصحيح أخطاء الماضي وإعادة الجزائر – ثالث أكبر اقتصاد في أفريقيا حاليًا – إلى المسار الصحيح رغم “الحرب ضد جائحة كورونا والفساد” التي واجهها خلال العامين الأولين من حكمه.
وينافس تبون كل من عبد العالي حساني شريف (57 عامًا)، رئيس “حركة مجتمع السلم الإسلامية”، ومهندس الأشغال العمومية وعضو سابق في البرلمان؛ ويوسف أوشيش (41 عامًا)، صحفي وبرلماني سابق يمثل حزب جبهة القوى الاشتراكية – أقدم حزب معارض في الجزائر والذي يقاطع الانتخابات الرئاسية منذ عام 1999.
تشير التوقعات إلى أن الرئيس الحالي يبقى “الأوفر حظا” للفوز بولاية ثانية نظرًا للدعم المؤسساتي الكبير الذي يتمتع به ولما يراه مؤيدوه من “إنجازات” خلال فترته الأولى. وفي المقابل، يشير معارضوه إلى أن “إخلاء” الساحة السياسية و”قمع” الأصوات المعارضة القادرة على منافسته بشكل جدّي قد عزز فرص فوزه بالانتخابات.
المحلل السياسي الجزائري حسام حمزة يقول إن الحديث عن “قمع المعارضة” أو أن “الانتخابات محسومة سلفا” لتبون هو حديث فاقد للمعنى. ويضيف حمزة في تصريح لموقع “الحرة”، أن المترشحين حساني وأوشيش قدما نفسيهما كمعارضين وعرضا برنامجيهما كـ”فرصة ورؤية للغد”.
في المقابل، يصف علي آيت…اعتبر المعارض الجزائري المقيم في فرنسا، ودي، الاستحقاقات الانتخابية الجديدة بأنها “مجرد عملية إدارية لترتيب شؤون النظام”، مشدداً على ”غياب الاختيار الحقيقي للشعب”.
وفي تصريح لموقع “الحرة”، اعتبر رئيس منظمة ”ريبوست انترناشيونال” الحقوقية أن إجراء انتخابات نزيهة في الجزائر “أمر غير ممكن” في ظل المناخ السياسي والحقوقي الراهن.
الجزائر.. المغتربون يدلون بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية المبكرة
فتحت مراكز الاقتراع في الخارج أبوابها أمام المغتربين الجزائريين للإدلاء بأصواتهم في انتخابات الرئاسة المبكرة، والتي ستشهدها البلاد في السابع من سبتمبر الحالي.
وتعهد منافسا تبون بمنح الجزائريين المزيد من الحريات. وأعلن أوشيش التزامه ”بالإفراج عن سجناء الرأي من خلال عفو رئاسي ومراجعة القوانين الجائرة”. أما حساني شريف فقد دافع عن “الحريات التي تم تقليصها إلى حد كبير في السنوات الأخيرة”.
في هذا الجانب، يقول حمزة إن “خطاب المرشحين طيلة الحملة الانتخابية ينادي بالتغيير”، موضحاً أنه “رأينا تعبئة كبيرة وقوية لأنصار منافسي الرئيس المترشح طيلة فترة الحملة الانتخابية، وهو ما يؤكد إيمانهم بإمكانية الفوز”.
وأشار إلى أنه لو كان المترشحان يظنان أن النتائج محسومة لما بذلا كل هذا الجهد. وهذا أيضاً دليل على أن القول بأن النتائج محسومة هو نوع من ضرب لمصداقية العملية الانتخابية لا أكثر.
وفيما يتعلق بـ”التفوق الظاهر” للرئيس المترشح، يوضح حمزة أنه يمكن تفسيره أساساً بالكتلة السياسية وكتلة المجتمع المدني المؤيدة له، ثم الوعاء الانتخابي غير المتحزب وخارج الأطر السياسية التقليدية الذي نجح في تكوينه داخل الهيئة الناخبة الجزائرية خلال السنوات الخمس الماضية، معتبراً أنها عوامل تفسر تفوقه على منافسيه وفقاً للمتحدث ذاته.
ويرجع حسام تفوق تبون أيضاً في السباق الرئاسي إلى القاعدة التي تحكم الانتخابات الرئاسية التي يترشح فيها رئيس انتهت عهدته؛ إذ ثبت بالتجربة وفي كل الدول أن هذا النوع من الانتخابات غالباً ما يؤدي إلى فوز الرئيس المترشح.
تبون بين الإنجازات والانتقادات
ويعتبر الرئيس الجزائري…
الرئاسيات الجزائرية.. بين الوعود الطموحة والقلق بشأن الحريات
دُعي أكثر من 24 مليون ناخب في الجزائر للتوجه إلى صناديق الاقتراع يوم السبت، في انتخابات رئاسية يعتبر الرئيس الحالي، عبد المجيد تبون، الأوفر حظًا للفوز فيها بولاية ثانية.
يؤكد تبون أنه “أعاد البلاد إلى المسار الصحيح استجابة لاحتياجات الشعب ولجعل الجزائر قوة اقتصادية”. ولا يفوت فرصة للتذكير بآخر ولايتين لبوتفليقة (الذي توفي في سبتمبر 2021) واللتين وصفهما بـ”عشرية العصابة”، في إشارة إلى المحيطين بالرئيس الراحل الذي أضعفه المرض منذ إصابته بجلطة دماغية عام 2013.
بعد سقوط بوتفليقة، أصدرت بعض المحاكم أحكامًا ثقيلة بحق وزراء سابقين ومديرين في شركات عامة وأفراد من محيط الرئيس الراحل. يشيد تبون خلال حملته الانتخابية بالنتائج الاقتصادية الإيجابية التي حققتها الجزائر خلال ولايته، ويقول إن “المؤشرات تثبت قوة الاقتصاد الوطني حاليًا”، مشيرًا إلى “ارتفاع مداخيل الدولة وتوقف نزيف الخزينة العمومية واسترجاع مليارات الدولارات من الأموال المنهوبة”.
ويتوقع تبون نموًا بنسبة 4.2% لهذا العام (بعد أكثر من 4% في العام السابق)، وناتج محلي إجمالي قدره 260 مليار دولار واحتياطي بالعملات الأجنبية يقدر بـ70 مليار دولار، وفقًا لوكالة فرانس برس.
وفي مقابل النتائج الاقتصادية الجيدة، واجهت السلطات الجزائرية خلال فترة ولاية تبون انتقادات حادة من منظمات حقوقية دولية بشأن الوضع الحقوقي في البلاد. وفي تقرير حديث، أعربت منظمة العفو الدولية غير الحكومية عن قلقها بشأن الوضع الحقوقي في بيان صدر بتاريخ الثاني من سبتمبر، مشيرةً إلى أن البلاد “شهدت تدهوراً مطرداً لوضع حقوق الإنسان” خلال السنوات الأخيرة.
واعتبرت المنظمة أن “الوضع لا يزال قاتمًا مع اقتراب موعد الانتخابات”، متهمةً السلطات بمواصلة “قمع حقوق الإنسان” التي تراجعت بشدة عبر حل الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني وإغلاق وسائل الإعلام المستقلة. كما دانت المنظمة الاعتقالات التعسفية التي طالت نشطاء سياسيين، مما يدل على سلوك نهج عدم التسامح نهائيّاً مع ظهور آراء معارضة.
في هذا السياق يقول آيت جودي إن انتخابات السبت تأتي وسط هذه التحديات الكبيرة المتعلقة بالحريات العامة وحقوق الإنسان.في ظل “غياب حرية التعبير في وسائل الإعلام وعدم وجود صدى لأي آراء مخالفة للرواية الرسمية في الإعلام العمومي”، يشير البعض إلى ما يعتبرونه “صمت منافسي تبون” و”عدم توجيههم أي انتقادات للرئيس أو لحصيلة فترة حكمه الأولى”. وهذا يعكس أن هذه الانتخابات ليست سوى “سيناريو سيئ الإخراج”، وعبارة عن “احتفالية لتجديد ولاء النظام القائم”.
ويتوقع المتحدث نفسه أن تشهد الانتخابات مقاطعة من الجزائريين الذين شاركوا في أكثر من 30 جولة انتخابية منذ الاستقلال ”دون أي تغيير ملموس”. كما أشار إلى “المقاطعة الشعبية الواسعة للانتخابات الرئاسية والدستورية والتشريعية الأخيرة”، والتي “تقوض أصلاً شرعية النظام الحالي”.
من جهة أخرى، يتوقع المحلل السياسي حسام حمزة أن تتجاوز نسبة المشاركة في انتخابات السبت نسبة 50 بالمئة.