خطر الألغام في ليبيا: 15 عامًا من التحديات على نصف مليار متر مربع!

امتد الانقسام السياسي المستمر في ليبيا منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011 إلى المجال الديني، حيث أثار كتاب “الكنوز الأثرية” الذي فرضته حكومة أسامة حماد (شرق البلاد) جدلاً واسعاً بين الليبيين على خلفية الصراع بين “المدخلية” والمذهب المالكي.
وكتاب “الكنوز الأثرية” يتضمن قصصاً وأحاديث نبوية معدة بأسلوب مبسط ومشوق للأطفال، وقد شرعت حكومة أسامة حماد المكلفة من البرلمان والمدعومة من الرجل القوي في الشرق المشير خليفة حفتر في تدريسه لتلاميذ المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية ابتداءً من الموسم الدراسي الحالي.
وأمر القرار رقم ”418″ الذي نشرته صفحة الحكومة على فيسبوك بإضافة مادة دراسية إلزامية ضمن مقررات المنهج الدراسي بمراحل التعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي تحت مسمى “كتاب الكنوز الأثرية”، بدءًا من العام الدراسي الحالي 2024 – 2025.
ونصت المادة الثانية من القرار على تشكيل لجنة من وزارتي التربية والتعليم والشؤون الإسلامية لمراجعة الخطة الدراسية الخاصة بتطبيق الكتاب، كما نصت على تدريسه بواسطة معلمي مادة التربية الإسلامية بواقع حصة واحدة كل أسبوع.
“كارثة وتهديد”
أثار هذا القرار موجة من الجدل في البلاد، إذ اعتبره البعض محاولة من حكومة الشرق لفرض المذهب السلفي “المدخلي” على المنظومة التعليمية بما يتعارض مع المذهب المالكي المنتشر في البلاد. ويُعتبر التيار المالكي هو المذهب الفقهي السائد تاريخياً في ليبيا ومعظم دول شمال إفريقيا. بالمقابل، نشأ التيار المدخلي نسبة إلى السلفي ربيع المدخلي في التسعينيات ويُوصف بأنه امتداد للسلفية الوهابية في ليبيا.
وحذر مدون أولياء الأمور من تدريس “الكنوز الأثرية” لأبنائهم قائلاً إن الكتاب يمثل “مصيبة عقائدية ينشرها الوهابية عبر مراكزنا العلمية منذ زمن بعيد وقد حان الوقت لنشرها علنًا بمباركة قانونية”.أولياء الأمور، احذروا قبل أن تندموا! (الكنوز الأثرية) هي مصيبة عقائدية تنشرها الوهابية في مراكزنا العلمية منذ زمن بعيد، وقد حان الوقت لنشرها علنًا بمباركة قانونية.
دعت صفحة “ليبيا الصوفية” حكومة الشرق إلى التراجع عن قرار تدريس الكتاب في المدارس، بدعوى أنه يمس “المبادئ الأصلية” للشعب الليبي.
اعتبرت الصفحة أن إدخال مواد ذات محتوى مشكوك فيه ومخالفة للقيم الدينية المتوارثة يشكل تهديدًا خطيرًا ليس فقط على الثقافة والموروث، بل أيضًا على الأجيال القادمة التي تعتمد على قيم واضحة ومعرفة نقية.
بدوره، قال الناشط جلال القبي إن الكتاب “يخالف وبشكل واضح المذهب المالكي المتبع في ليبيا لأنه يتبع المذهب الحنبلي”.
وأضاف: “ليبيا من الدول القليلة جدًا التي لا تزال تحافظ وتتبع المذهب المالكي تطبيقًا وتعليمًا وعلماء”، موضحًا أن الهدف من فرض الكتاب على التلاميذ هو القضاء على المذهب المالكي ونشر المذهب الحنبلي المتبع في دول الخليج.
من جانبه، استغرب مدير مركز المناهج التعليمية بحكومة الوحدة الوطنية (غرب).بلاد)، سيف النصر عبد السلام، إلزام تلاميذ بلاده بدراسة كتاب “الكنوز الأثرية”، مشدداً على أن هذه الخطوة تتعارض مع وحدة المناهج الدراسية في ليبيا.
وتابع في تصريح لقناة “ليبيا الأحرار” أن “إقحام المادة في منهج متماسك دون دراسة أو علماء يربك العملية الدراسية خاصة أنها موحدة في ليبيا من شرقها إلى غربها”.
وسبق لمفتي ليبيا الصادق عبد الرحمن الغرياني أن وصف الكتاب بـ”الكارثة”، محذراً من أن نشره “يترتب عليه نشوء الصغار على مذهب يخالف مذهب آبائهم وأمهاتهم وجداتهم وأجدادهم، ما قد يؤدي إلى تمردهم على أسرهم لاحقاً”.
“عقيدة صحيحة”
وعلى النقيض، رحب آخرون بإدخال “الكنوز الأثرية” في المنهج الدراسي باعتباره يستند إلى “العقيدة الصحيحة”، وفق قولهم.
وانتقد مدون الدعوات الرافضة للكتاب قائلاً إن المعارضين له “لم يطلعوا عليه”.
من جانبه، وصف المدون رفعت حداقة الكتاب بـ”القيم”، لافتاً إلى أنه “منسق بطريقة شيقة وجذابة للأطفال، يحوي 100 سؤال مهم في العقيدة والسيرة والأذكار الشرعية، يُجيب عليها بنصوص من القرآن الكريم والسنة النبوية بطريقة سهلة وسلسة”.
وتفاعلاً مع السجال نفسه، رأى مدون أن الانتقادات الموجهة لتدريس الكتاب “ليس لها مبرر”، على اعتبار أن الجميع أجمع وفقه على احتوائه على معلومات دينية مفيدة.للأمانة، شعرت أن الهجمة التي حدثت على تدريس كتاب ”الكنوز الأثرية” في المدارس ليس لها مبرر واضح. الجميع اتفق على أن الكتاب يحتوي…
وأضاف متسائلاً: “هل فعلاً كتاب التربية الإسلامية الحالي يتبع مذهب الإمام مالك؟ الإمام مالك يحرم حلق اللحية، بينما لا توجد جملة واحدة عن اللحية في كتب التربية الإسلامية الحالية من الصف الأول الابتدائي إلى الصف الثالث الثانوي”.
وقد امتد الانقسام الذي تشهده البلاد منذ سقوط نظام معمر القذافي في أكتوبر 2011 إلى المجال الديني، حيث يشهد خلافات بين أنصار التيار السلفي المعروف محلياً بـ”المدخلي”، وأتباع المذهب المالكي، خصوصاً بعد إقالة ”الهيئة العامة للأوقاف والشؤون الإسلامية” هذا العام لأئمة محسوبين على التيار المالكي من مناصبهم، وفق ما أورده “مجلس حكماء وأعيان طرابلس المركز” في بيان سابق.
المصدر: الحرة