الأدوية الشائعة أثناء الحمل تزيد من خطر الإصابة بمشاكل الصحة النفسية لدى الأطفال!

دراسة دنماركية شاملة لأكثر من مليون طفل وجدت أن التعرض قبل الولادة للأدوية الستيرويدية الموصوفة بشكل شائع قد يزيد من خطر الإصابة بعدة حالات صحية عقلية، بما في ذلك اضطرابات طيف التوحد والقلق. تم نشر النتائج اليوم في مجلة JAMA Network Open، مما يبرز التوازن المعقد الذي يواجهه مقدمو الرعاية الصحية عند علاج المرضى الحوامل.
فحصت الدراسة الجلوكوكورتيكويدات – الأدوية الستيرويدية التي تُوصف بشكل متكرر لمنع الولادة المبكرة أو لعلاج الحالات المناعية الذاتية أثناء الحمل. بين الأطفال الذين تلقت أمهاتهم هذه الأدوية لمنع الولادة المبكرة، وجد الباحثون زيادة بنسبة 50% في خطر الإصابة باضطرابات طيف التوحد واضطرابات المزاج أو القلق مقارنة بالأطفال غير المعرضين الذين لديهم ظروف صحية أمومية مشابهة.
كان نطاق الدراسة غير مسبوق، حيث تابعت 1,061,548 طفلًا دنماركيًا وُلِدوا بين عامي 1996 و2016، بما في ذلك 31,518 طفلًا كانت أمهاتهم معرضات لخطر الولادة المبكرة و288,747 طفلًا كانت أمهاتهم يعانين من اضطرابات مناعية ذاتية أو التهابية. سمحت هذه التحليل واسع النطاق للباحثين بالكشف عن أنماط قد تكون الدراسات الأصغر قد فاتتها.
بالنسبة للأطفال المعرضين للجلوكوكورتيكويدات بسبب خطر ولادة الأم المبكرة، كانت معدلات الحالات الفعلية بحلول سن الخامسة عشرة ملحوظة: حيث أصيب 6.6% باضطرابات طيف التوحد مقارنة بـ4.3% لدى الأطفال غير المعرضين؛ و5.8% أصيبوا باضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط مقابل 4.3%؛ و7.2% أصيبوا باضطرابات المزاج والقلق أو المرتبطة بالتوتر مقارنة بـ4.6%.
ظهرت أنماط مماثلة بين الأطفال الذين تلقت أمهاتهم الأدوية لعلاج حالات مناعية ذاتية أو التهابية. وأظهر هؤلاء الأطفال زيادة بنسبة 30% في خطر الإصابة باضطرابات طيف التوحد وزيادة بنسبة 40% في خطر اضطرابات المزاج والقلق مقارنة بالأطفال غير المعرضين الذين كانت أمهاتهم يعانين من نفس الظروف الأساسية.
من الجدير بالذكر أن تصميم الدراسة تحسن عن الأبحاث السابقة بمقارنة الأطفال الذين كانت أمهاتهم تعاني من ظروف صحية مشابهة بدلاً من المقارنة مع السكان العامين. ساعد هذا النهج على عزل تأثيرات الأدوية نفسها عن الظروف الصحية الأساسية التي دفعت لاستخدامها.
ومع ذلك، يؤكد الباحثون على ضرورة تفسير النتائج بحذر. تظل الزيادة المطلقة في الخطر معتدلة، وتلعب هذه الأدوية دوراً حيوياً في حماية صحة الأم والجنين على حد سواء. على سبيل المثال، تقلل الجلوكوكورتيكويدات بشكل كبير المضاعفات عندما تُعطى للأمهات اللاتي هنّ عرضة للولادة المبكرة.
تشير الدراسة إلى أن حوالي 17% من الأمهات اللاتي تم علاجهن لاحتمال الولادة المبكرة انتهى بهن المطاف إلى ولادات طبيعية كاملة المدة، مما يشير إلى فرصة لتحسين بروتوكولات العلاج. يمكن أن تركز البحوث المستقبلية على تحديد أي الحملات تحتاج فعلياً للتدخل مما قد يقلل التعرض غير الضروري.
تأتي هذه البحث في وقت حرج حيث يسعى مقدمو الرعاية الصحية حول العالم لتحقيق توازن بين الفوائد الفورية لعلاج الأم وآثارها المحتملة طويلة المدى على نمو الطفل. تدعم النتائج نهجاً دقيقاً لوصف هذه الأدوية أثناء الحمل مع الاعتراف بدورها المهم في صحة الأم والجنين.