استعدوا للصدمة: كيف ستؤثر رسوم ترامب على الأسواق العالمية والقطاعات الاقتصادية؟
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في عطلة نهاية الأسبوع عن فرض رسوم جمركية كبيرة على أكبر ثلاثة شركاء تجاريين لبلاده، مما دفع المستثمرين إلى التحرك بسرعة لتأمين أنفسهم في مواجهة حرب تجارية عالمية.
تواجه كندا والمكسيك رسومًا بنسبة 25% على صادراتهما إلى الولايات المتحدة، بينما تم فرض رسم أقل بنسبة 10% على السلع الصينية. وقد ردت كندا بالفعل بفرض رسوم انتقامية بنسبة 25% ضد سلع أمريكية بقيمة 155 مليار دولار.
وفي الوقت نفسه، صرح ترامب أن الاتحاد الأوروبي سيكون الهدف التالي، مع وضع المملكة المتحدة أيضًا قيد الاعتبار.
على الرغم من أن ترامب هدد مرارًا وتكرارًا بفرض الرسوم الجمركية خلال حملته الانتخابية، قال محلل بنك دويتشه جيم ريد في مذكرة يوم الاثنين إن السوق كانت “تقلل تمامًا من المخاطر” وأنها ستدخل الآن في “صدمة شديدة”.
من بين التأثيرات المتوقعة على المدى القصير إلى المتوسط هي تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، خاصة في البلدان التي لديها قطاعات تصنيع كبيرة، وارتفاع أسعار النفط، وزيادة الأسعار للمستهلكين الأمريكيين وارتفاع معدلات الفائدة الأمريكية لفترة أطول نتيجة لذلك.
خارج الولايات المتحدة والاقتصادات الثلاث الأخرى المعنية مباشرةً، تستعد القطاعات حول العالم للتأثير الناتج عن الرسوم الجمركية. إليكم بعض المجالات المتوقع أن تتأثر:
صناعة السيارات
من المتوقع أن تكون شركات السيارات – بدءًا من العلامات التجارية للسيارات وصولاً إلى مصنعي قطع الغيار – من بين الأكثر تأثراً بتصاعد التوترات التجارية حيث تمثل منطقة رئيسة للاستيراد الدولي إلى الولايات المتحدة.
على سبيل المثال، تمتلك شركة فولكس فاجن الألمانية أكبر مصنع سيارات في المكسيك حيث تنتج سيارات للتصدير إلى الولايات المتحدة. وتقدر تحليلات RBC Capital Markets أن الشركة قد تشهد انخفاضًا بنسبة 9% في أرباحها نتيجة الرسوم الجمركية في أسوأ السيناريوهات. بينما تمتلك شركة ستيلانتس – التي تملك كرايسلر وجيب – عمليات كبيرة أيضًا في المكسيك بما فيها إنتاج شاحنات رام البيك أب وقد تتعرض لضربة تصل نسبتها إلى 12%.
كانت تأثيرات الأسهم فورية يوم الاثنين حيث انخفضت أسهم شركات السيارات الأوروبية بمعدل 3.4% على مؤشر Stoxx 600 الإقليمي ، كما تراجعت أسهم موردي القطع مثل Valeo وForvia بسبب توقعاتهم بتباطؤ القطاع.
شركات الرقائق
مُصنعو الرقائق ومعدات أشباه الموصلات ، بدءاً من TSMC التايوانية وصولاً إلى ASML الهولندية ، يستعدون لتأثير الرسوم نظرًا لسلاسل الإمداد العالمية للصناعة – بما فيها المصانع الموجودة في المكسيك والصين – وبسبب احتمال تباطؤ الطلب.
شركة Taiwan Semiconductor Manufacturing Co ، أكبر مصنع للرقائق الإلكترونية بالعالم ، متخصصة في تصنيع أشباه الموصلات…تواجه الشركات الأمريكية مثل آبل، إنفيديا، AMD، كوالكوم وإنتل تحديات كبيرة في ظل التوترات الحالية في قطاع أشباه الموصلات. بينما تقوم شركة ASML بتصنيع آلات الطباعة بالأشعة فوق البنفسجية المتطرفة (EUV) التي تستخدمها العديد من شركات تصنيع الرقائق حول العالم لطباعة تصاميم معقدة على الرقائق. تقوم ASML بشحن هذه الأدوات إلى عدة دول بما في ذلك الولايات المتحدة وتايوان وكوريا الجنوبية.
قالت سوزانا ستريتر، رئيسة قسم المال والأسواق في Hargreaves Lansdown يوم الاثنين: “لن تؤدي التحركات الأخيرة إلى تهدئة التوترات العالية التي أصابت قطاع أشباه الموصلات”. وأضافت أن شركات مثل إنفيديا تعتمد على إنتاج الرقائق من مصانع خارجية في دول مثل الصين والمكسيك - لكن العديد من الأجزاء الأخرى اللازمة لبناء مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي قد تكون أيضًا عرضة للرسوم الجمركية نظرًا لأنها مستوردة.
السلع الاستهلاكية
بالنسبة للمستهلك الأمريكي، فإن مجموعة من السلع المنزلية والترفيهية المصنعة في الخارج قد تشهد زيادات في الأسعار، بدءًا من الأثاث والأجهزة الكهربائية وصولاً إلى الملابس وأجهزة الفيديو والهواتف والألعاب. كما سيكون هناك تأثير على المنتجات المصدرة من الولايات المتحدة إلى دول مثل كندا التي ترد بالرسوم الجمركية – بالإضافة إلى تأثيرها على شركات السلع الاستهلاكية حول العالم التي ترسل منتجات عبر الحدود الأمريكية.
أحد الأمثلة هو عملاق المشروبات دياغيو الذي يواجه بالفعل صعوبة بسبب ضعف الطلب في أمريكا الشمالية. قال فنتان رايان، محلل أبحاث الأسهم الاستهلاكية لدى Goodbody لـ CNBC إن الرسوم الجمركية كانت واحدة من أكبر التحديات للشركة هذا العام حيث تمثل الولايات المتحدة حوالي 45% من أرباح الشركة التشغيلية. وحوالي 70% من مبيعاتها في الولايات المتحدة هي واردات تشمل الويسكي الكندي والتكيلا المكسيكية والسكوتش وBaileys وGuinness القادمة من أيرلندا العضو بالاتحاد الأوروبي.
تجار التجزئة الإلكترونيين الصينيين
تواجه الشركات الصينية أعلى المخاطر نتيجة الرسوم الجمركية والتغييرات الأخرى المتعلقة بالوصول إلى السوق الأمريكية وفقًا لتحليل شركة مورغان ستانلي. ومن بين هذه الشركات المنصات الشهيرة للتسوق عبر الإنترنت المرتبطة بالصين مثل Temu وShein وAliExpress والتي يُتوقع أن تتأثر بشكل كبير.
يعود ذلك لأن ترامب أوقف إعفاءً تجاريًا يعرف باسم “de minimis”، والذي كان يسمح للمصدرين بشحن الطرود التي تقل قيمتها عن 800 دولار أمريكي إلى الولايات المتحدة بدون رسوم جمركية. وقد زعم المسؤولون الأمريكيون أن هذا الإعفاء سمح لشركات التجارة الإلكترونية الصينية بتقويض منافسيها وأثار مخاوف تتعلق بالسلامة بسبب…تمت معالجة أكثر من 1.3 مليار شحنة ذات قيمة منخفضة في الولايات المتحدة في عام 2024، وفقًا لبيانات من وكالة الجمارك وحماية الحدود الأمريكية.
بدون الإعفاء، ستواجه المنتجات ذات الحجم الكبير والتكلفة المنخفضة من تجار التجزئة عبر الإنترنت في الصين رسومًا جمركية، مما قد يؤدي إلى زيادة سعر المنتجات النهائية وانخفاض الطلب عليها.
المواد الأساسية والصناعات
من المتوقع أن تواجه شركات المواد الأساسية – التي تستكشف وتستخرج وتعالج منتجات مثل المعادن والخشب والزجاج والبلاستيك والفحم والأحجار الكريمة – تأثيرًا سلبيًا بسبب توقعات النمو العالمي الضعيفة، كما قال دان بوردمان-ويستون، الرئيس التنفيذي لشركة BRI Wealth Management، لقناة CNBC.
كان مؤشر التعدين الأوروبي Stoxx 600 أقل بحوالي 1.5% بحلول بعد ظهر يوم الاثنين، بينما انخفض مؤشر الصناعات الذي يشمل منتجي الآلات بنسبة 1.7%.
من المتوقع أن يكون التأثير الاقتصادي محسوسًا بشكل خاص في كندا، حيث قال محللو بنك سكوتيا يوم الاثنين إن الرسوم المتبادلة مع أكبر شريك تجاري لها وأقرب حليف كانت “أسوأ سيناريو ممكن لكندا”.
أضاف المحللون أن اقتصاد كندا وإنتاجيتها ضعيفان والديون مرتفعة وتنويع التجارة منخفض. وقد أشاروا إلى صناعة الأخشاب اللينة المتدهورة بالفعل كصناعة معرضة للخطر بشكل خاص.
الطاقة الخضراء
يمكن أيضًا أن تتأثر منتجي الطاقة المتجددة حول العالم بالرسوم الجمركية، حيث تعتبر الصين والمكسيك وكندا قواعد رئيسية لإنتاج قطع الغيار المستخدمة في تقنيات الطاقة الشمسية والرياح وغيرها من التقنيات الخضراء.
في بيان يوم الأحد، حذرت جمعية الطاقة النظيفة الأمريكية من التأثير السلبي على صناعة الطاقة الخضراء بسبب زيادة تكاليف إنتاج الطاقة نتيجة لإنتاج الآلات الكندية والمكسيكية.
بشكل أوسع نطاقاً، حذر محللو Morningstar في ملاحظة ديسمبر من أن الرسوم الجمركية قد تكون ضارة بالانتقال إلى الطاقة النظيفة.
قالوا: “نظرًا لأن الرسوم الجمركية هي ضرائب يدفعها المستهلكون في النهاية ، فإنها قد تؤدي إلى ارتفاع التضخم وأسعار الفائدة ، بالإضافة إلى تباطؤ النمو. إذا حدث ذلك ، فسوف يضعف ربحية مشاريع تركيب الألواح الشمسية وطاقة الرياح التي تعتمد على تمويل المشاريع على المدى الطويل والتي تأثرت بأسعار الفائدة المرتفعة خلال السنوات الأخيرة.”
