أزمة إنسانية خانقة في شمال غزة: كيف تؤثر العمليات الإسرائيلية على المدنيين؟
في ظل التصعيد العسكري في شمال غزة، تشتد العمليات الإسرائيلية خصوصًا بعد إعلانها المنطقة منطقة عسكرية. يسعى الجيش الإسرائيلي إلى السيطرة على منطقة شمال القطاع وتطهيرها من مقاتلي حماس، مع تدمير شبكة الأنفاق التي تُعتبر أحد أهم معاقل الجماعة، وفقًا لتصريحات قياداته.
وبحسب تقديرات فلسطينية، فإن النزوح الجماعي من تلك المناطق تجاوز 90% من السكان، لكن يبقى الوضع الإنساني كارثيًا مع نقص حاد في الغذاء والدواء. الهجمات على المدنيين تثير قلقًا دوليًا، بينما يحذر الصليب الأحمر من أكبر مأساة إنسانية حديثة.
وقال مسعفون يوم السبت لوكالة رويترز إن ما لا يقل عن 29 فلسطينيًا لقوا حتفهم في هجمات للجيش الإسرائيلي على قطاع غزة، بينما واصلت القوات التوغل في منطقة جباليا حيث تقول هيئات إغاثة دولية إن الآلاف محاصرون هناك.
وأدى قصف الطيران الحربي الإسرائيلي لمربع سكني كامل في جباليا البلد شمال قطاع غزة ليلة الجمعة إلى السبت إلى مقتل 22 شخصًا وإصابة أكثر من 90 آخرين، مع وجود عدد من المفقودين.
وقال بيان للجيش الإسرائيلي: “في جباليا، قضت الفرقة 162 على أكثر من 20 مسلحًا خلال الساعات الماضية باستخدام الدبابات والاشتباكات المباشرة والغارات الجوية. حتى الآن تم القضاء على حوالي 200 مخرب في العمليات بالمنطقة”.
وأصدر أوامر إخلاء جديدة يوم السبت لسكان حيّ…على الطرف الشمالي لمدينة غزة، التي تقع أيضًا في شمال القطاع، وصفها السكان بأنها “منطقة قتال خطيرة”. وأفاد السكان بأن القوات الإسرائيلية تواصل قصف مخيم جباليا بشمال القطاع من الجو والبر.
تطهير كل ما فوق محور نتساريم
أستاذ العلوم السياسية بالجامعة العبرية في القدس، مئير مصري، يرى أن إسرائيل لن تترك منطقة شمال إسرائيل “قبل أن تستسلم حماس في منطقة ما فوق محور نتساريم”، أي حوالي ربع مساحة القطاع. يمتد ممر نتساريم، الذي يبلغ طوله نحو 6 كيلومترات، من الحدود الإسرائيلية إلى ساحل البحر المتوسط جنوب مدينة غزة، مما يفصل مدينة غزة وشمالها عن المنطقة الوسطى وجنوب القطاع.
!
تم تسمية المحور على اسم مستوطنة كانت قائمة قبل عام 2005 في نفس الموقع، وفي أغسطس 2005، قام الجيش الإسرائيلي بإجلاء سكان نتساريم كجزء من خطة فك الارتباط عن غزة.
تساءل أحد المصريين، وهو عضو في اللجنة المركزية لحزب العمل الإسرائيلي، خلال حديثه لبرنامج “الحرة الليلة”: “لماذا لا يزال هناك مدنيون في جباليا بعد أن تم إعلانها منطقة عسكرية؟”، مشيرًا إلى أن الجيش الإسرائيلي يعمل على تفريغ منطقة شمال غزة.
وأشار إلى أن 60% من سكان القطاع كانوا يعيشون في مدينة غزة داخل هذه المنطقة، وأن أكثر من 90% منهم قد نزحوا منذ بداية الحرب نحو الجنوب. والجيش حاليًا يعمل على تطهير المنطقة.
وأضاف المتحدث أنه يجب أن تكون هذه المنطقة خالية من السكان حتى يتمكن الجيش “من القضاء على ما تبقى من أوكار” مقاتلي حماس، بالإضافة إلى “تدمير ونسف” شبكة الأنفاق.
ودعا المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي أفيخاي أدرعي عبر منصة إكس يوم السبت سكان منطقة الشيخ رضوان جنوب مخيم جباليا لإخلائها.
رسالة هامة إلى سكان #غزة ‼️
🔴 إلى المتواجدين في منطقة D5
جيش الدفاع يعمل بقوة شديدة ضد المنظمات الإرهابية وسيواصل ذلك لفترة طويلة. المنطقة المحددة بما فيها المآوي الموجودة فيها تعتبر منطقة قتال خطيرة.
يجب إخلاء المنطقة فورًا عبر شارع صلاح الدين إلى المنطقة الإنسانية.
[pic.twitter.com/ctOCWjyVc8](https://t.co/ctOCWjyVc8)
— افيخاي ادرعي (@AvichayAdraee)
[October 12, 2024](https://twitter.com/AvichayAdraee/status/1844966449091100695?ref_src=twsrc%5Etfw)
< p>كما نشر خارطة على موقع إكس قال فيها: “المنطقة المحددة بما فيها المآوي الموجودة تعتبر منطقة قتال خطيرة”، داعيًا السكان للتوجه نحو المنطقة “الإنسانية” جنوب قطاع غزة.
p>تشير تقديرات مسؤولي الصحة الفلسطينيين إلى أن عدد القتلى في جباليا خلال الأسبوع الماضي بلغ حوالي 150 شخصًا.
No Safe Areas in Gaza
محمد حمد، مدير وحدة التخطيط في مكتب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، وصف ما يحدث في غزة بأنه “أكبر مأساة إنسانية في العالم الحديث التي تستمر منذ عام”.
وقال لبرنامج الحرة الليلة إنه رغم وجود تنسيق مع الجانب الإسرائيلي لنقل مرضى من مستشفيات شمال غزة التي لا تعمل بكامل طاقتها، إلا أن طواقم الهلال الأحمر الفلسطيني لم تتمكن من ذلك بسبب إيقاف القافلة الطبية وسيارات الإسعاف.
الغارات الإسرائيلية على جباليا تذكر السكان بأيام الحرب الأولى
مرة أخرى تجد العائلات في شمال غزة نفسها أمام خيارات تدفعهم للانتقال إلى جنوب القطاع سيرا على الأقدام أو باستخدام عربات تجرها الدواب أو مركبات مزدحمة تشق طريقها بين الأنقاض.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه ينفذ عمليات تستهدف مقاتلي حماس الذين يستخدمون مباني المدنيين. وأضاف أن أوامر إخلاء صدرت خلال الأيام القليلة الماضية لمناطق منها مستشفى كمال عدوان. كما ذكر أن قافلة إجلاء محملة بالوقود وصلت.
اليوم السبت، تم نقل المرضى من المستشفى إلى مدينة غزة.
وكشف حمد أن طواقم الهلال الأحمر الفلسطيني تعرضت لقتل 21 شخصًا خلال العام الماضي، بينهم مسعفون وسائقون ومقدمو خدمات الرعاية الطبية، وهذا يعد انتهاكًا للقانون الدولي.
وقال حمد إنه منذ إغلاق معبر رفح، انخفضت كميات المساعدات التي تدخل القطاع بشكل كبير، حيث لا تغطي المساعدات الحالية احتياجات 10 إلى 20 في المئة مما كان يدخل قبل الحرب. وأكد وجود حاجة ملحة لإدخال مساعدات غذائية وطبية لتلبية احتياجات النازحين.
من جانبه، رفض مسؤول مصري تصريحات الأمم المتحدة التي تقول إنه لا يوجد مكان آمن في غزة. وقال إن هذه التصريحات “لا تعنيه بشيء”، مشيرًا إلى وجود مناطق آمنة في القطاع تتلقى المساعدات الإنسانية بشكل منتظم أكثر من مرة في اليوم. وأضاف أنه بسبب كثرة هذه المساعدات ظهرت سوق سوداء تُباع فيها المنتجات.
في سياق متصل، أعلن الجيش الإسرائيلي يوم الأحد عن بدء عملية عسكرية في جباليا شمالي قطاع غزة بعد غارات جوية مكثفة على المنطقة الليلة الماضية. وضرب أمثلة على المناطق الآمنة مثل “مواصي خان يونس”، مشيرًا إلى أن هذا لا يعني أن إسرائيل لن…ارتفاع حصيلة القتلى في غزة وأوامر إخلاء جديدة
شهدت غزة موجة جديدة من الغارات الإسرائيلية الكثيفة، مساء الجمعة، مما أسفر عن سقوط عشرات القتلى والمصابين، وفقًا لمراسل الحرة في القطاع. وأعلنت وزارة الصحة في القطاع ارتفاع حصيلة القتلى منذ السابع من أكتوبر العام الماضي إلى 42175 شخصًا، بينما أصدرت إسرائيل أوامر جديدة بالإخلاء.
وبشأن الصور التي تظهر ضحايا الغارات الإسرائيلية في غزة والتي تتضمن العديد من النساء والأطفال، قال مصري: “هناك الكثير من الصور المزيفة التي قد تكون من صراعات أخرى حول العالم، أو من قطاع غزة قبل الحرب”. واعترف بوجود ما أسماهم “ضحايا جانبيين”، حيث قد يكون هناك طفل يلهو بجانب خيمة يتم استهدافها.
وبرر عدم سماح إسرائيل بدخول المساعدات إلى شمال غزة بأن الجيش الإسرائيلي “لا يعرف ولا يميز بين المدنيين ولا يميز بين الإرهابي وأبنائه”. وتقول وزارة الصحة في غزة إن الحملة العسكرية على القطاع، التي تقول إسرائيل إنها تهدف إلى القضاء على حركة حماس، أدت إلى مقتل أكثر من 42 ألف فلسطيني منذ أن بدأت قبل عام وألحقت الدمار بالقطاع.
وتنفي إسرائيل استهداف المدنيين. قال مسؤولون في الأمم المتحدة الجمعة إن الهجوم الإسرائيلي وأوامر الإخلاء في شمال غزة ربما تؤثر على المرحلة الثانية من حملة التطعيم ضد شلل الأطفال المقرر أن تبدأ هذا الأسبوع.
وأعلنت وزارة الصحة في القطاع السبت أن الحملة ستبدأ الاثنين في مناطق وسط قطاع غزة وستستمر ثلاثة أيام قبل أن تنتقل إلى مناطق أخرى. وقد نفذت مجموعات إغاثة جولة أولى من التطعيمات الشهر الماضي بعد إصابة طفل بالشلل الجزئي بسبب فيروس شلل الأطفال النوع الثاني في أغسطس، وهي أول حالة من نوعها تحدث في القطاع منذ 25 عامًا.
تحقيق أممي يتهم إسرائيل بالسعي إلى “تدمير” النظام الصحي في قطاع غزة
أظهر تحقيق تابع للأمم المتحدة الخميس أنه خلص إلى أن إسرائيل اتبعت سياسات تهدف بشكل مباشر لتدمير النظام الصحي الفلسطيني خلال العمليات العسكرية المتواصلة.تتمثل السياسة المنسقة في تدمير نظام الرعاية الصحية في غزة خلال الحرب، وهي أفعال ترقى إلى جرائم حرب وجريمة إبادة ضد الإنسانية.
كما هو الحال في المرحلة الأولى، من المقرر تنفيذ هدن إنسانية بين إسرائيل وحماس في غزة من أجل تطعيم مئات الآلاف من الأطفال.
اندلعت الحرب بعد هجوم قادته حماس في السابع من أكتوبر 2023 على جنوب إسرائيل، وهو ما تشير إحصاءات إسرائيل إلى أنه أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز نحو 250 رهينة.
وحذرت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان “يونيفيل” يوم السبت من نزاع إقليمي “كارثي” مع استمرار القتال بين إسرائيل وحزب الله وحماس على جبهتي لبنان وغزة.
