إيران تتجاوز العقوبات بذكاء عبر شركات مدنية: خبير يكشف الحل في خطوتين!
تقترب ناقلتا نفط من بعضهما البعض بشكل متوازٍ في عرض البحر، ثم تقوم إحداهما بنقل حمولتها إلى الأخرى. لا تملك الناقلتان تأمينًا ولا حتى أوراقًا رسمية خاصة بشحنة النفط التي تم تبادلها. والسبب في ذلك هو كونهما جزءًا من أسطول إيراني خفي، يعرف بسم “أسطول الظل”.
الهدف من إنشاء أسطول الظل هو الالتفاف حول العقوبات الدولية، وخصوصًا الأميركية، قصد الاستمرار في بيع النفط الخام في الأسواق الدولية، دون مراقبة فعلية، وخارج الأطر التجارية المألوفة، عبر نقله باستخدام سفن قديمة تفتقر حتى للصيانة.
مشهد ناقلات النفط التابعة لأسطول الظل تكرر كثيرًا في مياه الخليج، ما لفت انتباه المراقبين العالميين، خصوصًا بعد الحوادث البيئية الضخمة التي تسبب فيها تسرب النفط من تلك الناقلات أثناء تحميله من سفينة إلى أخرى. وذلك دفع إيران إلى تكثيف نشاط تهريب النفط في ”أماكن آمنة” أخرى.
فريق من صحيفة بلومبرغ أجرى دراسة لصور الأقمار الصناعية التي التقطت على مدى 5 سنوات للسواحل الماليزية، وهي إحدى أكثر المناطق اكتظاظا بناقلات النفط. وكشف عن نتائج مذهلة تعكس الحجم الحقيقي للتهرب الإيراني من العقوبات والأموال الطائلة التي تجنيها من ذلك النشاط رغم العقوبات الأميركية المتصاعدة ضد طهران.
تشير الدراسة إلى أن حجم تهريب النفط قد تضاعف مقارنة بسنة 2020. إذ تتم أغلب العمليات قبالة السواحل الشرقية لماليزيا قرب مضيق مالقا الذي يربط بحر الصين الجنوبي ببحر العرب والمحيط الهندي ويعتبر أكبر ممر لناقلات النفط في العالم بمعدل 23 مليون برميل يوميًا يليه مضيق هرمز بكمية عبور تقدر بنحو 21.4 مليون برميل يوميًا حسب إحصاءات إدارة معلومات الطاقة الأميركية.
ومن خلال مقارنة حجم ناقلات النفط وسعة خزاناتها يُقدّر حجم النفط المهرب بنحو 350 مليون برميل خلال الأشهر التسعة الأولى من هذه السنة.
وتُقدّر قيمة تلك الكمية من النفط بنحو 20 مليار دولار على أقل تقدير لكن فريق بلومبرغ الذي أجرى الدراسة يرى أن الحكم الحقيقي للأموال أكثر بكثير مع التأكيد على أن معظم كميات النفط المهربة كان مصدرها إيران.
واستطاع فريق بلومبرغ الوصول إلى المنطقة البحرية التي ترسو فيها ناقلات النفطة في أكتوبر الماضي وأخذ صوراً للناقلات التي كانت تحمل النفطة بين بعضها البعض.
وأشارت البيانات الرقمية لمواقع تتبع الملاحة البحرية إلى أن إحدى تلك الناقلات وتدعى “تايتان” كانت متواجدةً في مضيق هرمز قبالة السواحل الإيرانية بتاريخ الـ16 سبتمبر الماضي قبل إبحارها باتجاه السواحل الماليزية.
أما السفينة الأخرى والتي كانت ترسو بجوار “تايتان”، وتدعى “وين وين”، فأشارت البيانات الرقمية أنها أبحرت من السواحل الصينية بتاريخ الـ23 سبتمبر قبل وصولها لمكان التحميل.
نقل النفطة بين الناقلة والأخرى يمكن أن يوفر طوق نجاة للاقتصاد الإيراني الذي يعاني أزمة خانقة عبر توفير مداخيل إضافية بعيداً عن أعين الرقابة الدولية مما يجعل تلك الأموال آمنةً أمام العقوبات.
وعادة ما يتم نقل النفطة المهربةمن منطقة رسو السفن قبالة السواحل الماليزية إلى الصين عبر تزوير الوثائق الخاصة بمصدر شحنات النفطة والتي تكون عادةً ماليزيا أو عمان وتمكن هذه العملية الشركات الصينية لنفي حصولهم على أي كمياتٍمن النفظ الإيراني لتجنبهم هم أيضًا العقوبات الأمريكية .
وتقول إيريكا داونز كبيرة الباحثين بمركز سياسات الطاقة الدولية بجامعة كولومبيا:”بإمكان الصينيين نفي حصولهم على النفظ الإيراني إن أرادوا ذلك”.
نشاط التهريب قبالة السواحل الماليزية يمثل ثغرة هامة بمنظومة العقوبات الغربية ويعكس صعوبة تطبيقها خصوصا مع وجود دول أخرى تسعى لتحقيق نفس الهدف وبيع أو شراء النفظ بطريقة غير معلنة مثل روسيا وكوريا الشمالية .