العلوم

أزمة منتصف العمر: قصة معقدة تتجاوز البساطة، اكتشفوا الحقائق العلمية!

فكرة أزمة منتصف العمر⁢ قد ⁣انتهت. أو ربما ⁤كانت دائمًا مجرد خرافة.⁤ الآن، يرغب بعض العلماء⁤ في⁣ إجراء تشريح لهذه النظرية.

لقد كانت الفكرة القائلة بأن ⁢السعادة في العالم الغربي تنخفض بشكل⁢ حاد حول منتصف العمر قبل⁢ أن تعود⁢ للارتفاع موجودة منذ منتصف الستينيات. وفي أواخر الثمانينيات، ⁢بعد ⁤تحليل بيانات من استبيانات الرفاهية حول العالم، قام علماء الاجتماع بتأطير هذه الظاهرة ⁢على أنها قابلة للقياس وعالمية.

لكن مجموعة متزايدة من الأدلة تدعم الآن‍ وفاة هذه النظرية.⁤ مؤخرًا، وجد الباحثون عدة أشكال⁤ لكيفية تطور ‍السعادة بين المجتمعات غير الصناعية في‌ آسيا وأمريكا اللاتينية ‌وأفريقيا – أماكن غالبًا ⁣ما يتم تجاهلها في الأدبيات العلمية.

بالإضافة ‍إلى القصة⁣ الكلاسيكية، أفادت الفريق في 23 أكتوبر في مجلة “Science Advances” أنهم حددوا أمثلة على انخفاضات منتصف العمر‍ التي تظهر قبل سنوات ⁢مما تم الإبلاغ عنه سابقًا، حيث تصل السعادة إلى ‍ذروتها في منتصف العمر (السبب ​غير معروف) والأكثر شيوعًا هو الانخفاض ⁢المستمر في السعادة الذي يبدأ⁢ حوالي سن 45.

تعتبر هذه‍ الدراسة أحدث هجوم على ما يسميه علماء الاجتماع منحنى⁤ U.⁢ الفكرة هي أنه على⁣ رسم بياني لمستويات ‌السعادة على المحور الرأسي والعمر ⁢على المحور الأفقي، ‌يتشكل شكل ‍مميز يشبه حرف U للسعادة. وقد تم تكرار⁣ ذلك مئات المرات منذ ظهوره لأول مرة عام 2008.

ومع ذلك، فقد ‌انتشرت دراسات تنتقد منحنى U لسنوات عديدة دون‌ أن تحقق الكثير من الزخم حتى وقت سابق من هذا ‌العام عندما أصدر ديفيد بلانشفلاور، أحد مؤسسي النظرية ومؤيديها، أوراق عمل​ ومنشورات ⁤مدونة تقضي‌ عليها بنفسه. يقول بلانشفلاور – وهو اقتصادي من‌ كلية دارتموث – ⁤إن اليأس المتزايد‍ بين المراهقين والشباب وخاصة ⁤الفتيات والنساء قد‍ غيّر مسار الحياة المتعلقة بالسعادة: “لقد اختفى⁣ شكل ‌المنحنى ‌U تقريباً”.

يرغب ‌بلانشفلاور بالانتقال إلى الأمام ويقول‌ إنه يجب على الباحثين توجيه تركيزهم نحو المراهقين ‍والشباب فوراً: “لدينا مشكلة… السؤال‌ هو: ماذا تفعل حيال ⁣ذلك؟‌ نحن متأخرون عن الركب”.

يقترح آخرون أخذ لحظة للتفكير. تقول نانسي جالامبوس – وهي عالمة نفس من ‌جامعة ألبرتا بكندا – إن سرد أزمة منتصف العمر نشأ من رغبة الناس⁤ للحصول على ‌إجابات بسيطة لمشاكل معقدة. ⁣يبدو أن الباحثين الآن​ يتجهون نحو سرد أزمة ⁣المراهقة‍ وتطرح سؤالاً: “هل لا زلنا نسير‍ في الاتجاه ‍الخاطئ​ بمحاولة العثور على مسار واحد؟”

يمكن ‌أن تسبب ⁣النظريات المبسطة بشكل مفرط ضررًا حقيقيًا⁣ ، كما تقول عالمة النفس مارجي لاكمان من جامعة برandeis بوسطن: “شكل الـU… يبعدك حقا عن التفكير فيما يحدث عند⁤ فئات ‌عمرية ⁤أخرى”.

أكد بلانشفلاور والاقتصادي أندرو أوزوالد من جامعة ووريك⁤ الإنجليزية الحدس القديم بأن السعادة ‍تنخفض خلال مرحلة منتصف العمر ‌بنشرهم عام⁣ 2008 دراسة‍ تُظهر أن السكان عبر⁣ أكثر من 70 دولة⁢ اتبعوا اتجاهات ⁢سعادته مشابهة لشكل ⁣الـU.

ازداد الزخم⁢ وراء ‌هذه​ الفكرة بعد تقرير عام 2012‌ أظهر حتى أن القرود العليا ‌تصاب بـ”الكآبة ⁤المنتصف عمري”، مما ​ألمح إلى تفسير بيولوجي ‍لهذه الظاهرة.

ومع ‌ذلك ، فقد تساءل النقاد ⁤لفترة طويلة عن النظرية الشعبية . ربما يكون منحنى الـU عبارة عن أثر⁢ إحصائي⁢ ناتج ⁤عن الجهود لدراسة تأثير الشيخوخة النقية كما كتب ​عالم الاجتماع⁤ ديفيد بارترام فبراير الماضي في‍ مجلة دراسات السعادة . يميل الباحثون إلى التحكم أو الحفاظ ثابتاً ‌للعوامل التي تتداخل مع الشعور بالسعادة مثل الطلاق أو مشاكل الصحة ،‍ كما يقول بارترام الذي⁢ ينتمي لجامعة ليستر الإنجليزية ‍: “إذا كنت تريد النتائج لوصف ​الجميع ⁣، عليك ‌السماح​ للأشياء السيئة ​بالحدوث عند ​الكبر”.

أو ‌ربما تكون ​النتيجة​ فريدة ⁢بالنسبة للفئة التي ⁣وصلت لمنتصف العمر خلال الركود العظيم . فعلى سبيل المثال ، قام باحثون مشاركون بدراسة تسمى ‌“منتصف الحياة” بالاستجواب ‌حول صحتهم ⁢ورفاهيتهم منذ التسعينيات . المشاركون الذين ⁣كانوا بعمر متوسط خلال موجة البيانات لعام 2011 والتي تزامنت‌ مع⁤ ذروة الركود كانوا أسوأ حالا مقارنة بالأشخاص​ الذين‍ كانوا بعمر‍ متوسط ضمن المجموعة الأصلية حسب قول لاكمان .

يبدو أنه يمكن تطبيق تأثير مماثل⁤ للفئة لأولئك الذين ⁣تزامنت سنوات‍ مراهقتهم مع ظهور الهواتف الذكية ووسائل⁤ التواصل الاجتماعي وفقاً ⁢لما تقوله​ لاكمان .

لكن بلانشفلاور يعارض ‍قائلاً إن حوالي 600 ورقة بحث تظهر​ منحنى الـU لا يمكن أن تكون جميعها ⁣خاطئة ‌: “كيف يمكنك الجدال بأنه لم يكن هناك واحد؟” بدلاً من​ ذلك يؤكد أن الشكل النموذجي للسعادة عبر دورة الحياة⁤ قد‍ تغير⁣ نفسه مما وضع العالم أمام أراضٍ غير ⁣مستكشفّة .

يعترف ⁣بأنه كان التركيز الوحيد على منحنى سعادته ذو الشكل U ‍قد صرف انتباهه عن أزمة ⁣الصحة العقلية ‍للمراهقين‌ : ⁤“هذه التغييرات التي​ بدأت حوالي عام 2013”. ويقول : “لقد فاتتنا لأننا كنا ننظر لأماكن أخرى”.

إن اليأس بين ‍المراهقين أمر مثير للقلق بشدة وفقاً لما تقوله لاكمان ولكن الانتقال من سرد أزمة منتصف العمر إلى سرد أزمة​ المراهقة ليس منطقيًّا . الأشخاص الذين ⁢هم بمرحلة عمر وسطى ليسوا ⁣أفضل حالا مما كانوا​ عليه سابقا بحسب ⁤قولها لكن الشباب فقط هم الأسوأ حالا : “الشباب الذين يعانون الآن يعتمدون علي⁢ الأشخاص البالغين . هؤلاء هم آباؤهم ومعلميهم ⁢. هؤلاء الشباب يحتاجون⁤ الأشخاص البالغين ليكونوا بصحة عقلية جيدة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى