البيئة

أجهزتك الإلكترونية: هل هي خزانات للكربون؟ اكتشف الحقيقة الآن!

في أي لحظة، يتم ضخ النفط الخام من ⁢أعماق ‌كوكب⁤ الأرض. ⁣بعض هذه المادة السميكة تُرسل إلى​ مصفاة وتُعالج لتتحول إلى بلاستيك، ثم تصبح الهاتف في يدك، والنوافذ المغطاة بالستائر، والزينة المعلقة على شجرة عيد الميلاد الخاصة بك.

على ⁣الرغم من أن العلماء يعرفون كمية ثاني أكسيد الكربون المنبعثة ‍لصنع هذه المنتجات (هاتف آيفون ⁢جديد يعادل ​قيادة أكثر من 200⁤ ميل)، إلا أن هناك القليل ⁤من​ الأبحاث حول مقدار⁤ الكربون الذي يتم تخزينه فيها. تشير دراسة⁤ نُشرت يوم الجمعة⁤ في‍ مجلة “Cell Reports Sustainability” إلى ‌أن مليارات‍ الأطنان من الكربون الناتج عن الوقود الأحفوري ​- الفحم والنفط والغاز – تم ⁣تخزينها في⁢ الأجهزة ومواد البناء وغيرها من العناصر⁣ البشرية‍ الطويلة الأمد‌ على مدى فترة 25 عامًا مضت، مخزنة فيما يسميه الباحثون⁢ “التكنوسفير”.

وفقًا للدراسة التي​ أجراها باحثون في ⁣جامعة غرونيجن ⁢في هولندا، يُضاف 400 مليون طن من الكربون إلى مخزون ​التكنوسفير⁢ كل عام، ‍بمعدل نمو أسرع قليلاً مقارنة بانبعاثات الوقود ⁤الأحفوري. ولكن في ⁣العديد من الحالات، لا يحتفظ التكنوسفير بهذا الكربون بشكل⁤ دائم؛ إذا تم التخلص من​ الأشياء وحرقها، فإنها تؤدي أيضًا إلى تسخين الغلاف الجوي. في عام 2011، تم⁤ دفن ⁣9% من جميع كميات الكربون الأحفوري المستخرج داخل العناصر والبنية التحتية الموجودة في التكنوسفير، وهو‍ مقدار يكاد يساوي انبعاثات⁣ ذلك ​العام للاتحاد الأوروبي⁣ إذا ⁢تم حرقه.

قال كلاوس‌ هوباشيك، الاقتصادي البيئي بجامعة غرونيجن وكبير مؤلفي⁤ الورقة: “إنها مثل‍ قنبلة موقوتة”. “نستخرج الكثير⁢ من الموارد⁤ الأحفورية ونضعها في التكنوسفير ⁤ثم نتركها تتواجد هناك. لكن ​ماذا ​يحدث بعد انتهاء عمر الشيء؟”

بدأت كلمة ​”التكنوسفير” لأول مرة ⁣عام 1960 عندما كتب كاتب العلوم ويل ليبكوفسكي أنه “أصبح‌ الإنسان الحديث‍ سجينًا بلا هدف‌ ووحيدًا ⁣داخل تكنوسفييره”، وذلك في مقال لمجلة Science. منذ ذلك الحين استخدم علماء البيئة والجيولوجيا هذا المصطلح للتعبير عن كمية المواد التي غمر‌ بها⁤ البشر كوكب الأرض.

قال جان زالاسييفيتش ، أستاذ ⁣علم⁤ الحفريات ⁢القديمة بجامعة ليستر بالمملكة المتحدة والذي لم‍ يكن مشاركًا بالدراسة: “المشكلة هي أننا كنا مبذرين للغاية أثناء ⁤صنع وبناء الأشياء”.

في عام 2016 ⁤، نشر زالاسييفيتش وزملاؤه ورقة بحثية قدرت‌ أن حجم التكنوسفير قد نما ليصل تقريباً إلى⁢ حوالي 30 تريليون طن ، وهو ما ‌يزيد بمقدار مئة ألف مرة عن كتلة ⁤جميع البشر piled on​ top of each other . كما ‌وجدت الورقة أيضًا أن‍ عدد “التكنولوجيات” – أنواع فريدة⁤ من الأشياء المصنعة بواسطة الإنسان – يفوق عدد الأنواع ​الفريدة للحياة على هذا الكوكب. وفي عام 2020 ، وجدت مجموعة منفصلة من الباحثين أن حجم التكنوسفير يتضاعف ​تقريباً كل عشرين ⁤عامًا ⁣ومن المحتمل ​الآن أنه يفوق وزن جميع المخلوقات الحية.

قال زالاسييفيتش: “السؤال هو‍ كيف يؤثر التكنوسفير على البيوسفيرة؟” يمكن لأكياس البلاستيك وشباك الصيد مثلاً خنق الحيوانات التي تواجهها. وعلى عكس⁢ النظم البيئية الطبيعية مثل الغابات والمحيطات التي يمكن أن تمتص ثاني أكسيد ⁣الكربون ⁤خارج الغلاف الجوي⁤ ، فإن البشر ليسوا “جيدين⁣ جدًا عند إعادة تدوير” المواد.

إدارة التخلص بشكل أكثر⁢ صداقة للمناخ هي بالضبط المشكلة التي يريد الباحثون بجامعة غرونيجن تسليط الضوء عليها. درست أبحاثهم الـ8,4 مليار طن⁣ المتواجدة ضمن المنتجات البشرية والتي كانت قيد الاستخدام لمدة​ سنة واحدة على الأقل ​بين ⁤عاميّ⁣ 1995 و2019 . كان حوالي30%من هذا ⁣الكربون​ محاصرًا ​داخل المطاط والبلاستيك ، ومعظم‌ ذلك موجودٌ ضمن الأجهزة⁢ المنزلية بينما كان ربع ‍آخر محصوراً داخل⁤ البيتومين وهو منتج ثانوي للنفط الخام المستخدم بالبناء.

قال كان هيديوغلو أحد مؤلفي الدراسة وطالب ⁣دراسات⁤ الطاقة ‌والبيئة بجامعة غرونيجن: “عندما تتخلص⁢ منها ⁢، ⁣السؤال هو كيف ‌تعالج ذلك الكربون؟”. وأضاف: “إذا وضعتها داخل المحارق وأحرقتها ستطلق مباشرة ‌المزيد مِن انبعاثات ​ثاني​ أكسيدالكاربونات ​الى الجو وهذا شيء لا⁤ نريد فعله حقا”.

تقدر الورقة أنه سنوياً يتم حرق حوالي ثلث هذه المنتجات القائمة على الوقود الأحفوري الموجودة⁢ بالتكنولوجيا الحديثة . ينتهي ثلث آخر منها بالمكبات والتي⁣ يمكن‌ اعتبارها نوعا ما ⁣خزانات طويلة الأجل للكاربونات ⁤. لكن للأسف يعترف المؤلفان بأن هذه المواقع غالبا ما تقوم بتسريب مواد‍ كيماوية أو تطلق‌ غاز الميثان أو‌ تطلق جزيئات البلاستيك⁤ الدقيقة الى ⁤البيئة​ . أقل بقليلٍ مِن​ الثلث يُعاد تدويره – وهي حل⁤ يأتي مع مشاكله الخاصة – ومقدار صغير يُلقى به ​.

قال هوباشيك :“هناك‌ العديد ​مِن الجوانب المختلفة للمشكلة وكيفية التعامل‍ معها بشكل​ صحيح”. ومع ‍ذلك قال إن المكبات تعتبر ⁢نقطة بداية جيدة إذا تمت إدارتها ⁣بشكل جيد⁤ وفقاً للدراسة حيث يتدهور الجزء الأكبر مِن كميات الفحم المدفون بالمكب بصورة بطيئة ويبقى ثابتاً لمدة خمسين عاماً . تصميم المنتجات بطريقة تسمح ⁣بإعادة تدويرهم⁢ واستمرارهم لفترة ​طويلة يمكن أن يساعد أيضاً فى احتجاز تلك المواد لفترة أطول .

وفي النهاية ‌قال هوباشيك إن الحل الحقيقي يبدأ عندما يتساءل الناس عما ⁣إذا كانوا بحاجة حقًا لكل تلك الأشياء أم لا.” قلل الاستهلاك وتجنب صنع الأمور منذ ⁣البداية ولكن بمجرد حصولك عليها هنا يجب التفكير فيما يجب ‌القيام به بعد ذلك.”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى