هل تستطيع إسرائيل فعلاً مواجهة حزب الله؟ اكتشف الحقيقة!
لا يزال التوتر يسيطر على الأوضاع على جانبي الحدود بين إسرائيل ولبنان، وسط مخاوف من تصعيد كبير قد يؤدي إلى حرب إقليمية واسعة النطاق في المنطقة، وذلك بعد مقتل القيادي العسكري البارز في ميليشيات حزب الله، فؤاد شكر، في ضربة جوية بتاريخ 30 يوليو الماضي.
وفي تحليل نشرته صحيفة “فورين بوليسي” الأميركية، أشارت الكاتبة والباحثة أنشال فوهرا إلى أن مشاعر الخوف من نشوب حرب مدمرة “بدأت تنتشر بين اللبنانيين”، حيث بدأوا بتخزين الضروريات الأساسية وشراء الطعام والوقود والحفاضات بكميات كبيرة.
كما وضعت بعض الدول الغربية قواتها في حالة تأهب استعداداً لتنفيذ عمليات إجلاء، بينما دعت دول أخرى رعاياها لمغادرة لبنان، خاصة وأن بعض الرحلات الجوية التجارية لا تزال متاحة.
الأسبوع الماضي شهدت حالة من الفوضى بمطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، وهو المطار الوحيد في البلاد الذي تعرض للقصف خلال آخر صراع بين إسرائيل وحزب الله عام 2006.
وقد أفادت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية في لبنان بأن “بلدات في قضاء بعلبك” بمنطقة البقاع شرق لبنان تعرضت لثلاث غارات إسرائيلية مساء الاثنين.
وكانت الطائرات المقاتلة الإسرائيلية قد حلقت خلال الأيام الماضية على ارتفاع منخفض فوق الأجواء اللبنانية، حيث كسرت حاجز الصوت وأحدثت أضراراً بالنوافذ في العديد من المباني. كما بثت طائرة مسيرة إسرائيلية رسالة باللغة العربية تدعو سكان بنت جبيل – وهي بلدة تقع جنوب لبنان – إلى “الانقلاب” على حزب الله.
وحسب فوهرا، فإن “الجميع في لبنان يتفقون على أن احتمال اندلاع حرب شاملة مع إسرائيل بات أعلى من أي وقت مضى منذ حرب يوليو عام 2006 بين الجانبين”.خاض حزب الله وإسرائيل حربًا دامية استمرت شهرًا، مما أدى إلى تدمير مساحات واسعة من جنوب لبنان. وقد أسفر الرد الإسرائيلي القاسي عن التفاف العديد من الفصائل اللبنانية حول حزب الله، لكن اليوم ”قد يلوم الكثيرون في البلاد حزب الله على أي دمار إضافي للبلاد بدلاً من دعمه”، وفقًا لما ذكرته صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية.
ونقلت الصحيفة عن النائب آلان عون قوله إن “حزب الله عالق.. فهو بحاجة للانتقام لاغتيال أحد قادته، لكن في الوقت نفسه لا تزال صورة حرب 2006 حاضرة في ذهنه”. وتابع عون أن حزب الله “يعلم أن الشعب اللبناني لا يستطيع تحمل ذلك بعد الآن”.
“هل لها جدوى؟”
لكن إذا كان هدف إسرائيل هو الردع الدائم لحزب الله، فقد لا تكون الحرب أفضل استراتيجية متاحة لها، وفق تحليل “فورين بوليسي”، حيث يرى بعض الخبراء والمراقبين أن “قواعد الاشتباك التي كانت سائدة بين حزب الله وإسرائيل قبل هجمات حركة حماس غير المسبوقة في السابع من أكتوبر الماضي قد تكون السيناريو الأفضل لإسرائيل”.
وأشارت فوهرا إلى أن الحدود بين البلدين كانت هادئة بشكل عام منذ حرب 2006، بينما كانت المعارضة الداخلية لحزب الله تتزايد باستمرار، خاصة بعد الانفجار الضخم الذي وقع في مرفأ بيروت قبل نحو أربع سنوات والذي يعد أكبر انفجار غير نووي في التاريخ.
ورأت الكاتبة أن إحدى الاستراتيجيات التي يفكر فيها الإسرائيليون الآن هي “إبقاء أي هجمات محدودة على المناطق التي يهيمن عليها حزب الله في جنوب لبنان وضاحية بيروت ووادي البقاع”، مشيرة إلى أن هذا من شأنه أن “يعطل الاقتصاد اللبناني المنهار بالفعل”.
وشددت على أن الهدف الاستراتيجي الرئيسي سيكون “نزوح مؤيدي الحزب من الجنوب إلى مناطق أخرى في لبنان مما يؤدي إلى زيادة التوترات الطائفية والاجتماعية في بلد يقوم الحكم فيه على نوعٍ من التوافق بين المذاهب والطوائف التي يبلغ عددها نحو 18 طائفة معترف بها رسميًا”.لبنان.. انقطاع التيار الكهربائي في جميع المناطق بسبب نفاد الوقود
شهد لبنان انقطاعًا تامًا للتيار الكهربائي في جميع أنحاء البلاد، بعد أن أعلنت شركة الكهرباء الحكومية أن مخزونها من زيت الغاز قد نفد، وفقًا لوكالة “بلومبرغ”.
واعتبرت بعض المصادر أن “المخاوف من هذا الهدف الاستراتيجي قد تردع حزب الله محليًا”، مستشهدة بتصريح لنائب مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق، إران ليرمان، الذي قال: “أشعر بالقلق بشأن الطائفة الشيعية (في لبنان)، فالكثير من الناس لديهم حسابات لتسويتها مع حزب الله منذ انفجار بيروت أو بسبب مقتل العديد من السنة في الحرب السورية”، مشيرًا إلى تدخل حزب الله في سوريا ودعمه لنظام بشار الأسد واتهام ميليشياته بارتكاب العديد من جرائم الحرب والانتهاكات الإنسانية.
وشدد ليرمان على أن بلاده “ليس لديها أية مواقف ضد الشعب اللبناني”، مضيفًا: ”حتى إذا اندلعت حرب واسعة النطاق، فإن إسرائيل ستحاول عدم مهاجمة البنية التحتية اللبنانية والبحث عن أشخاص يمكننا العمل معهم على الأرض”، في إشارة إلى الأطراف المحلية المناهضة لحزب الله.
“استراتيجية مهددة بالفشل”
على مدى السنوات القليلة الماضية – مع انخفاض قيمة العملة اللبنانية وانزلاق البلاد إلى أزمة اقتصادية وانفجار مرفأ بيروت الذي أسفر عن مقتل أكثر من 200 شخص – أصبحت المعارضة لحزب الله أكثر صراحة حتى داخل البيئة الحاضنة له. لكن لا توجد أرقام واضحة بشأن ذلك، حيث يعتقد بعض المحللين أنه من غير المؤكد كيف سيتفاعل اللبنانيون إذا حدثت مواجهة مع إسرائيل.
تختلف التقديرات بشأن نجاح استراتيجية إسرائيل في الاعتماد على المعارضة اللبنانية والبحث عن حلفاء محليين. هناك تخوف من حدوث “إجماع” أو ”توافق وطني” بشأن الحرب مع إسرائيل، حسبما ذكرت مجلة “فورين بوليسي”.
لكن السبب الأهم وفق فوهرا هو أن اللبنانيين المعارضين لحزب الله قد لا تكون لديهم القدرة على مواجهة ميليشيات تمتلك عشرات آلاف المقاتلين الملتزمين عقائديًا ولديهم ترسانة أسلحة كبيرة.
وكان لبنان قد شهد احتجاجات شعبية كبرى ضد السلطة في أكتوبر 2019. وخلال تلك التظاهرات وجد بعض النشطاء الشجاعة لإظهار مطالبهم وآرائهم بشكل علني.في سياق الأحداث الأخيرة، استخدم أنصار حزب الله صور زعيمهم حسن نصر الله على نفس الملصقات التي أدانوا فيها سياسيين آخرين. نتيجة لذلك، قام مئات من الشباب المؤيدين لحزب الله بتنظيم مسيرات بالدراجات في وسط بيروت، في استعراض للقوة وإرسال رسالة تهديد في حال استمر المتظاهرون بالتنديد بسيطرة حزب الله على العديد من مفاصل الدولة والحكم.
وفي هذا السياق، أشار جورج عقيص، النائب في حزب “القوات اللبنانية” والذي يُعتبر من أبرز المناهضين لحزب الله، إلى خطورة السلاح الذي يمتلكه الحزب والذي يمنع الآخرين من مواجهة تأثيره بشكل فعال.
كما استبعد عقيص إمكانية حدوث حرب أهلية قائلاً: “حزب الله وحده هو الذي يمتلك السلاح، وبالتالي لا يمكن حدوث حرب بين أطراف غير متكافئة”.