مديرة منظمة الصحة العالمية: دعونا نعيد بناء نظمنا الصحية بدلاً من تدميرها!
في الإحاطة الإعلامية عن بعد حول مستجدات الطوارئ الصحية في إقليم شرق المتوسط، التي نُظمت اليوم الأربعاء، نبهت الدكتورة بلخي إلى أن الأحداث المتتابعة الجسيمة التي جرت خلال الأسبوعين الماضيين كشفت عن عمق وتعقيدات نطاق حالات الطوارئ في جميع أنحاء الإقليم. وأشارت إلى “سلسلة من التطورات المقلقة”، بما فيها اكتشاف سلالات متحورة من فيروس شلل الأطفال في غزة، وضربات عسكرية واغتيالات في عدة دول، وتحقق ظروف المجاعة في شمال دارفور بالسودان.
وفيما يتعلق بمستجدات الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، تحدثت المسؤولة الأممية عن دعم منظمة الصحة العالمية الإجلاء الطبي لنحو مائة مريض من غزة يعانون من حالات طبية خطيرة. وقالت إن تلك العملية “اتسمت بتعقيد بالغ”، مكررة الدعوة لفتح جميع الطرق الممكنة أمام المرضى وعلى رأسها معبرا كرم أبو سالم ورفح إلى الأردن ومصر ومن هناك إلى بلدان أخرى.
ودعت كذلك إلى استئناف تحويل المرضى وعمليات الإجلاء إلى الضفة الغربية، وخاصة القدس الشرقية، “إذ لا يزال أكثر من عشرة آلاف شخص في غزة بحاجة إلى الإجلاء الطبي”. وأعربت عن القلق البالغ إزاء اكتشاف نوع متحور من فيروس شلل الأطفال من النمط الثاني في عينات بيئية في غزة.
وقالت إن هناك حاجة إلى وقف دائم لإطلاق النار لضمان تنفيذ حملات التطعيم ضد شلل الأطفال بنجاح، مشددة على أن “الإخفاق دون تحقيق ذلك يعني المجازفة بانتشار الفيروس على نطاق أوسع وحتى عبر الحدود”.
خطط طوارئ
وعبرت الدكتورة بلخي عن قلق منظمة الصحة العالمية البالغ “إزاء التصعيد المتواصل للأحداث في جميع أنحاء الإقليم”. وقالت:
مما يؤسَف له أنه يتحتم علينا الاستعداد والتحسب بشكل ملموس لاتساع الصراع وما قد ينطوي على ذلك من تداعيات، وها هي منظمة الصحة العالمية تضطلع بدورها في هذا الصدد.
وأشارت إلى أن المنظمة تعكف في لبنان على نشر خبراء في حالات الطوارئ وإرسال الإمدادات الحيوية لدعم وزارة الصحة هناك. وأفادت كذلك بأن المنظمة تتعاون مع المسؤولين الصحيين في سوريا وإيران والأردن وبلدان أخرى لوضع خطط طوارئ احتياطية، مضيفة: ”نأمل وندعو ألا نضطر يوماً إلى تفعيل هذه الخطط”.
الوجه الأكثر وحشية وفظاعة
وتحدثت المسؤولة الأممية عن الإعلان عن تفشي المجاعة في أجزاء من ولاية شمال دارفور السودانية، لاسيما مخيم زمزم للنازحين، قائلة: “إن المستوى المفزع من انعدام الأمن الغذائي يكشف عن واقع مأساوي تقشعر له الأبدان”. وأضافت: “إن هذا التدهور المأساوي، الذي كان بالإمكان تفاديه تماماً، يرفع سقف التحديات أمام عملياتنا الإنسانية ويزيد مخاطرها بشكل كبير”.
وأكدت على الحاجة إلى الوصول للمحتاجين عبر جميع الطرق الممكنة وخاصة المعابر الحدودية. وأشارت إلى التمكن من إيصال بعض الإمدادات الطبية إلى شرق دارفور وجنوبه، “غير أنه إذا أردنا حقاً تلبية الاحتياجات الملحة المنقذة لحياة الفئات الأكثر ضعفاً وعرضة للمخاطر في دارفور، فإن فتح معبر أدري الحدودي بين تشاد والسودان أمر حيوي لا غنى عنه”.
وتحدثت الدكتورة بلخي عما تتعرض له النساء والفتيات في السودان، قائلة: “أُصبت بالذهول والغضب الشديد عند الاطلاع على تقرير منظمة هيومان رايتس ووتش الذي يستعرض بالتفصيل انتشار العنف الجنسي على نطاق واسع في جميع أنحاء البلاد”.
وأضافت: “لعل اتخاذ الاغتصاب الممنهج سلاحاً في هذه الحرب هو الوجه الأكثر وحشية وفظاعة في هذا النزاع”. وأكدت أن منظمة الصحة العالمية تبذل قصارى جهدها لدعم الناجين حيث تُدرب العاملين الصحيين على التدبير العلاجي السريري للحالات التي تعرضت للاغتصاب وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي والإحالة متى أمكن إلى الخدمات الأساسية الأخرى.
سارة ووالدتها ماري في المركز الصحي الذي يدعمه برنامج الأغذية العالمي في حي فيليب ببورتسودان، السودان.
مناخ قاس
أشارت المسؤولة الأممية إلى ما تسببت به الظواهر المناخية القصوى من تعطيل لحياة الناس وسبل عيشهم. وأوضحت التقارير التي أفادت بوقوع وفيات وإصابات نتيجة موجات الحر التي شهدتها بعض بلدان المنطقة.
وتحدثت عن المساعدات التي قدمتها المنظمة للاستجابة للفيضانات العارمة التي اجتاحت أفغانستان مؤخراً. وقالت الدكتورة بلخي: “تأتي هذه الفيضانات وموجات الحرارة ضمن سياق مناخ قاس يزيد من وتيرة وشدة الحوادث المناخية. ولهذه الحوادث آثار أوسع نطاقاً على الصحة”.
الحاجة إلى السلام
شددت المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط على “أننا بحاجة ماسة إلى السلام”، وأنه “يجب علينا إعادة بناء النظم الصحية بدلاً من تدميرها بشكل متواصل، لكي تتمكن تلك النظم من تحمل المزيد من الصدمات التي قد تؤثر علينا جميعاً، وليس أقلها الجائحة التالية”.
وقالت إن التركيز الجماعي يجب أن ينصب على دفع خطة الصحة الإقليمية قدماً وتجنب تعرضها لمزيد من الانتكاسات. وأضافت أنه بينما تتعاون المنظمة مع الشركاء لإنقاذ كل حياة ممكنة، “فإننا نحتاج إلى التزامات غير مشروطة من جميع الأطراف المتحاربة باحترام قدسية الرعاية الصحية بشكل كامل”.
وأكدت على الحاجة لوصول غير مشروط وغير مقيد لجميع المحتاجين للرعاية والمساعدة وتمويل مستدام.