كيف غيّرت التبرعات العالمية حياة اللاجئين الفلسطينيين؟ اكتشفوا التأثير الحقيقي!
منذ تشرين الأول/أكتوبر الماضي، جمعت وكالة الأونروا ما يقدر بنحو 150 مليون دولار من فرعيها في إسبانيا والولايات المتحدة، بالإضافة إلى المؤسسات والمنظمات غير الحكومية والشركات والأفراد. وقد ضاعف بعض الجهات والأفراد تبرعاتهم بنحو ثلاث مرات، وفقًا للوكالة.
وقال كريم عامر، مدير الشراكات في وكالة الأونروا: “تبرعاتكم مهمة، بغض النظر عن حجمها. دعمكم يحدث فرقًا في حياة الآلاف من الأسر التي تعاني من الفقدان والتشريد والإصابات والقلق المستمر والخوف”.
تدفق الدعم يعد أمرًا بالغ الأهمية بالنسبة لوكالة الأونروا التي تعاني نقصًا في السيولة النقدية. وقد خسرت الوكالة نحو 450 مليون دولار عندما أوقفت 16 دولة مانحة التمويل بعد الادعاءات الإسرائيلية في كانون الثاني/يناير بأن اثني عشر موظفًا من الوكالة شاركوا في الهجمات التي قادتها حماس في جنوب إسرائيل بتاريخ 7 تشرين الأول/أكتوبر.
وعقب تلك الادعاءات، فتحت الأمم المتحدة تحقيقًا على الفور اكتمل في آب/أغسطس. يمكنكم قراءة المزيد عن نتائج التحقيق هنا.
ومنذ ذلك الحين، استأنف جميع المانحين تمويلهم للأونروا باستثناء الولايات المتحدة.
دعم وتضامن لا يقدران بثمن
بموجب تفويض من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1949، تقدم الأونروا خدمات للاجئين الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وفي لبنان والأردن وسوريا. قبل الحرب، كانت الوكالة توفر التعليم لأكثر من نصف مليون فتى وفتاة عبر المنطقة وخدمات الرعاية الصحية الأولية لأكثر من مليوني شخص.
يتم استخدام أغلب أموال التبرعات من القطاع الخاص لتوفير الغذاء والمياه والأدوية والمأوى للأسر الفلسطينية المحتاجة في قطاع غزة.
تسببت الحرب المستمرة على مدى الأشهر العشرة الماضية بمقتل أكثر من 40 ألف شخص في غزة، بينهم 213 موظفاً لدى الأونروا. وخلفت الحرب مستويات كارثية من الجوع والدمار.يعاني العديد من الناس من الجوع، وقد طال الدمار معظم البنية التحتية للصحة والمياه والمأوى أو أصبحت غير صالحة للعمل. تقوم الأونروا حالياً بتنسيق حملة تطعيم ضد شلل الأطفال مع منظمتي اليونيسيف والصحة العالمية، في أعقاب الإعلان عن إصابة طفل رضيع بشلل الأطفال، وهي الحالة الأولى التي يتم تسجيلها في القطاع منذ 25 عاماً.
تعد الاستجابة الجماهيرية أمراً حيوياً لموظفي الأونروا الذين يكافحون من أجل مساعدة أهاليهم. وقال السيد عامر: “إن الدعم والتضامن الشعبي يمنحان زملاءنا في غزة الطاقة اللازمة لمواصلة العمل وتقديم المساعدات”. يشار إلى أن موظفي الأونروا على الأرض هم أنفسهم نازحون.
تعرضت بلدة النصيرات وسط قطاع غزة لأضرار بالغة جراء القصف المتواصل.
المانحون الجدد حريصون على المساعدة
تتدفق الأموال من المانحين الذين يقدمون الدعم لأول مرة، في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والإمارات العربية المتحدة وكندا وألمانيا والفلبين والهند وأجزاء من أفريقيا وأماكن أخرى، وفقاً للسيد عامر. وقد حرصت المدارس والمجموعات الطلابية والشركات الاستشارية وصناديق الموظفين والمطاعم على المساهمة.
وأنشأ العديد من الأفراد في الدول الاسكندنافية وأجزاء أخرى من أوروبا وأمريكا الشمالية لجان “أصدقاء الأونروا” التي تركز على المناصرة وجمع الأموال للوكالة.
تضامن المشاهير مع فلسطين
يؤلف فنانون موسيقيون أغانٍ تدعم فلسطين ويخصصون جميع عائداتها للأونروا. ففي نيسان/أبريل، أصدرت المغنية المكسيكية ماريانا أغنية بعنوان “من فلسطين إلى المكسيك”. بينما أقامت عازفة الكمان الكندية جيسيكا موس حفلاً موسيقياً في برلين، ألمانيا، في شباط/فبراير لدعم الأونروا.
مغني الراب الأمريكي ماكليمور، الحائز على أربع جوائز غرامي، منح الأونروا جميع العائدات من بث أغنيته الناجحة “قاعة هن”.د والتي انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي بعد إصدارها في أوائل أيار/مايو.
متحدثًا لأخبار الأمم المتحدة، قال جيسون تيري، مدير البرامج الاستراتيجية في الأونروا بالولايات المتحدة: “لقد حصلنا اليوم على أول تحويل للعائدات، بقيمة 47 ألف دولار. كما تلقينا تبرعًا شخصيًا من ماكليمور في وقت سابق من هذا العام بقيمة 100 ألف دولار”.
وتلفت الأغنية الانتباه إلى الاحتجاجات التي عمّت جميع أنحاء العالم لإنهاء الحرب في غزة. وقال السيد تيري: “نحن ممتنون لماكليمور على مناصرته والتزامه السخي بخدمة الناس في غزة على مدى الأشهر والسنوات القادمة. تساعدنا هداياه في إطعام الأسر والحفاظ على صحة الأطفال”.
تبرع مغني الراب الأمريكي ماكليمور شخصيًا بمبلغ 100 ألف دولار لوكالة الأونروا.
ماكليمور: ”نحن جميعًا نستحق الحرية”
تبدأ الصورة الأولى لفيديو أغنية “قاعة هند” في جامعة كولومبيا بنيويورك، حيث أقام الطلاب خيامًا داخل الحرم الجامعي للتظاهر ضد الحرب، الأمر الذي أثار احتجاجات مماثلة في جامعات أخرى حول الولايات المتحدة والعالم. وكان طلاب من جامعة كولومبيا قد علقوا علم فلسطين على قاعة هاملتون، وأعادوا تسمية المبنى الشهير بـ “قاعة هند” تكريمًا لهند رجب الطفلة البالغة من العمر ست سنوات والتي قُتلت في غزة. وقد ظل ماكليمور يؤدي هذه الأغنية خلال جولته الموسيقية الحالية.
في اليوم التالي لإطلاق الأغنية، قال الفنان لجمهوره في ويلينغتون بنيوزيلندا: “أقف هنا اليوم وكل يوم لبقية حياتي تضامنًا مع شعب فلسطين، بقلب مفتوح إيمانًا مني أن حريتنا الجماعية على المحك وأننا جميعا نستحق الحرية في حياتنا هذه”.
متظاهرون يتظاهرون خارج حرم جامعة كولومبيا في مدينة نيويورك.
تضامن من المجتمعات المسلمة
أظهر المسلمون حول العالم سخاءً كبيرًا، حيث بذلوا جهودًا كبيرة للمساعدة. في عام 2023، قام المانحون بضخ 4.7 مليون دولار في برنامج الزكاة التابع للأونروا، بهدف توفير النقود وسلال الطعام لمساعدة اللاجئين الفلسطينيين المحتاجين.
تأتي العديد من التبرعات الخاصة المرسلة إلى الأونروا من منظمات غير حكومية وطنية أو محلية. فقد قدمت مؤسسة هاسين الدولية، ومقرها ألمانيا، أكثر من 5 ملايين دولار منذ بدء الحرب في تشرين الأول/أكتوبر، بما في ذلك 2.7 مليون دولار أواخر تموز/يوليو لتوفير الغذاء والمياه والأدوية للأطفال والمال لأسرهم.
من خلال مؤسسة “رحمة للعالمين”، تبرع السنغافوريون بمبلغ 6.2 مليون دولار. وبمساعدة موظفي الأونروا المتفانين والبنية التحتية القوية والمرافق الواسعة، ساعدت الدفعة الأولى بالفعل في إطعام 123 ألف نازح في غزة.
وقال محمد فيصل بن عثمان، الرئيس التنفيذي للمؤسسة: “مؤسسة رحمة للعالمين محظوظة بالعمل مع شركاء جيدين مثل الأونروا لضمان تقديم المساعدة لضحايا الحرب الأبرياء”.
بعد أن اكتشفت سيدة مسنّة انتهاء حملة التبرعات في مسجدها المحلي، استقلت حافلة وعدة قطارات من منزلها للوصول إلى مكاتب مؤسسة رحمة للعالمين شمال سنغافورة. وتبرعت بحوالي 46 دولارًا، كلها على شكل عملات معدنية جمعتها من عائلتها. وعن ذلك قال السيد فيصل: “لقد تأثر موظفونا للغاية بمبادرتها”.