أخبار العالم

حنان ومسك: كيف تحصنتا من شلل الأطفال وأثارتا اهتمام إسرائيل؟

على سرير⁢ واحد داخل غرفة صغيرة ⁣مكتظة​ بالمرضى والجرحى في مستشفى بمدينة دير البلح وسط⁤ قطاع غزة، تتلقى الطفلتان الشقيقتان حنان ومسك الدقي العلاج بعد ‍إصابتهما بـ”البتر” جراء غارة إسرائيلية استهدفت منزل عائلتهما في ⁤3 سبتمبر الجاري.

الطفلة حنان (3 سنوات) بُترت كلتا ساقيها، واحدة أسفل الركبة والأخرى فوقها، ‍بينما بُترت قدم مسك (عام و9 أشهر)، وقد فقدت الشقيقتان والدتهما في هذه الغارة ⁤المفاجئة.‌

جاءت هذه الغارة بالتزامن مع محاولة عائلة الشقيقتين ⁢إيصالهما إلى بر الأمان والنجاة بهما من مرض “شلل الأطفال”، حيث تلقتا التطعيم الخاص بهما صباح ذلك اليوم، لتفجعهم إسرائيل مساءً.

وبصوت متوجع يملأه الأنين، لم تكف الطفلة حنان عن السؤال والبحث ‌بعينيها عن والدتها التي لم‌ تجدها⁢ هذه المرة إلى جانبها.

وتقوم الفلسطينية “شفا ‍الدقي”، ⁣عمة الطفلتين (شقيقة والدهما)، ⁣برعايتهما والاعتناء بهما في مستشفى “شهداء الأقصى” بدير البلح، محاولة أن تملأ الفراغ القاسي الذي تركته والدتهما الراحلة.

وبحسب مؤسسات حكومية ​وحقوقية ودولية فإن آلاف الأطفال في غزة أصيبوا ⁢بجراح وإعاقات جسدية وصدمات نفسية جراء استمرار الحرب، فيما قتل منهم 16 ألفاً و673 طفلاً ‌وفق ⁤أحدث إحصائيات المكتب الإعلامي ‌الحكومي.

تروي الفلسطينية ‍شفا بمرارة ⁤تفاصيل تلك الليلة التي قصفت⁤ فيها إسرائيل منزل ​العائلة في ⁢دير البلح، واصفة ما حدث بـ”الكابوس الكبير”. وتقول للأناضول: “كان 3 سبتمبر أشبه بكابوس كبير، كان الهجوم مفاجئاً وصاعقاً”.

وأوضحت أن مقاتلتين إسرائيليتين واحدة حربية وأخرى ‍مسيّرة ألقتا‌ صواريخهما صوب المنزل الذي كان مأهولاً آنذاك. وتتابع⁢ بصوت حزين: “كانوا جميعًا⁣ داخل المنزل: أخي وزوجته وحنان ومسك. زوجة أخي ⁤استشهدت على الفور وأصيب ‍باقي أفراد العائلة بجراح مختلفة”.

وتصف العمّة إصابة الشقيقتين حنان ⁣ومسك بـ”المروعة”،⁢ ففضلاً عن البتر أصيبتا بجراح أخرى وحروق. وتقول عن ذلك:‍ “لا ⁤تزال ⁤حنان تعاني ⁢من حروق في وجهها وإصابات داخلية في أمعائها ⁣حيث أجرت عملية جراحية لاستئصال ⁢جزء منها”.

واستكملت قائلة: “حنان بحاجة أيضاً لعملية استرجاع أمعاء وعملية لغلق ثقب في ⁢الأمعاء”. وبسبب إصابتها تم منع​ الطفلة ⁤حنان من الطعام والشراب باستثناء ‍5 ‌سنتيمترات من المياه فقط كل ساعة وفق عمتها.

في صباح ⁣ذلك اليوم خرجت الشقيقتان ⁣برفقة‍ والديهما​ لتلقي التطعيم الخاص ضد شلل الأطفال ليطمئن عليهما⁤ آنذاك أنه لن يصيبهما مكروه. لكن بحلول المساء وبصواريخ إسرائيلية “أصبحتا بلا أقدام”، بحسب قول عمتهما شفا.

وتتابع: “دمروهما؛ لم يعد لديهما⁢ مستقبل ولا​ حياة طبيعية؛ الآن هما بلا أقدام ولا أم”. وقبل وقوع هذه الجريمة الإسرائيلية‍ وثقت العائلة بطريقة عفوية لحظات من المرح قضتها الشقيقتان وهما ​تلعبان بألعابهما الصغيرة وتطلبان الحلويات وأطباق ⁤“الإندومي”.

تقول العمة شفا وهي تعرض تلك المقاطع: “هذه اللحظات كانت مليئة ⁢بالضحك؛ أصبحت الآن مجرد ذكرى مؤلمة‌ مسجلة على​ شاشة هاتف”. ⁣ورغم صغر سنهما بدأت الشقيقتان حياة مليئة بـ”الألم والحيرة” ⁤جراء إصابتهن وفقدانهن والدتهم ⁤وفق ⁣العمة شفا.

وتضيف وهي ⁤تحمل مسك بين ذراعيها تهزّها برفق محاولة تهدئتها بينما تبكي: “إنّ حنان تسأل عن والدتها ‍باستمرار”.​ وتستكمل⁤ قائلة بصوت يفيض حزناً: “كلّ ما تستيقظ ⁣لا ترى إلا عماتها لكنها تريد والدتها؛ تشتاق ‌إليها ⁤وتطلبها”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى