الشرق الأوسط

بعد معاناة طويلة: كيت تتغلب على السرطان وتبدأ حياة جديدة!

تندرج الدعوة التي وجهها الرئيس التركي،‍ رجب طيب إردوغان، بشأن⁢ “تشكيل تحالف إسلامي ضد ⁤إسرائيل” في إطار “مقاربتين” كما ينظر إليها باحثون ومراقبون. ورغم وجود “هوّة كبيرة” تعترض عملية تطبيقها على الأرض،⁤ تحمل الفكرة​ في​ طياتها دلالات تتعلق بـ “التوقيت”.

وكان ‍إردوغان قد صرح قبل يومين بأنه “يتعين على‍ الدول الإسلامية تشكيل تحالف ضد التهديد ⁢التوسعي المتزايد لإسرائيل”، مشيراً إلى أن الخطوات التي اتخذتها بلاده مؤخراً​ لتحسين علاقاتها مع مصر وسوريا تهدف إلى تشكيل ⁤خط ضامن ⁣ضد ذلك التهديد.

وبعدما أضاف​ أن “التهديد التوسعي يهدد لبنان وسوريا‍ أيضاً”، أكد أن “خطوة تشكيل التحالف هي الوحيدة التي ستوقف إرهاب الدولة الإسرائيلي”، حسب‍ تعبيره.

ولم يصدر‍ أي​ تعليق من جانب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، واقتصرت التعليقات الرسمية⁣ من جانب إسرائيل حتى⁣ الآن ⁢على حديث وزير الخارجية، يسرائيل كاتس، الذي اعتبر⁤ أن​ “تصريحات إردوغان كذبة ‌خطيرة وتحريض”.

واعتبر كاتس أيضاً في ⁢بيان عبر موقع التواصل الاجتماعي “إكس” أن “الرئيس التركي يعمل منذ⁢ سنوات مع إيران لتقويض الأنظمة العربية المعتدلة في المنطقة”، وأن “بيانه يرتبط بتصعيد الوضع”.

ومنذ بداية الحرب في غزة اتبعت تركيا ⁤سياسة‍ تصعيدية متدرجة ضد إسرائيل، وصلت آخر⁣ فصولها قبل أشهر عند نقطة قطع كافة التعاملات التجارية. وفي مقابل ذلك دائماً ما كان الرئيس التركي يظهر بإطلالات صحفية ويوجه تصريحات لاذعة ضد ‍إسرائيل بسبب حربها ​المستمرة في غزة.

كما انضم إليه ‌أكثر من مرة حليفه القومي زعيم حزب “الحركة القومية”، دولت ‍باهتشلي، داعياً في آخر‍ تصريحاته بشأن غزة مطلع‍ أغسطس الماضي إلى ضرورة قيادة تركيا لـ “مبادرة ⁣إنشاء ميثاق القدس” رداً على هجمات إسرائيل ⁢في غزة.

وقال باهتشلي، في الخامس من الشهر الماضي، إن ​خطوة “الميثاق” يجب أن تكون بالتعاون مع ‌الدول الإقليمية مثل سوريا ولبنان والعراق ومصر وتركيا.

ماذا يريد ‍إردوغان؟

جاءت دعوة⁤ الرئيس التركي بشأن “التحالف الإسلامي” بعد أيام من استقباله نظيره المصري عبد ⁣الفتاح السيسي في العاصمة أنقرة وتزامنت مع التحركات التي تسير ​بها بلاده لإعادة تطبيع⁣ العلاقات مع النظام السوري في دمشق. ⁢ورغم ⁣أنه ربط المسار المتعلق ببلاده مع كل من مصر وسوريا…فيما يتعلق ⁢بهدف “التحالف ضد إسرائيل”، يتجه التقييم نحو تداعيات⁤ الحرب ⁣في غزة، كما⁢ يشير الباحث في الشأن التركي، محمود علوش.

يوضح ‌علوش لموقع “الحرة” أن دعوة الرئيس التركي تعكس من جانب “مقاربة تركيا للقضية الفلسطينية من ‍منظور الحاجة إلى وحدة الموقف الإسلامي، لدعم⁢ الفلسطينيين في ⁣هذه الحرب”.

ومن جانب آخر، تعكس هذه الدعوة تطلعات أنقرة لتعزيز‍ دورها في الشرق الأوسط من خلال تقوية علاقاتها مع⁢ القوى العربية الفاعلة في المنطقة.

ويظهر حاليا “خطر‌ متزايد” لتوسع الحرب في المنطقة.

وعلى هذا الأساس، ​يضيف⁤ الباحث أن مثل​ هذا السيناريو “يهدد الاستقرار الإقليمي على ‍نطاق واسع، مما⁢ يزيد ⁤الحاجة إلى سياسة إقليمية متماسكة⁣ تضغط على إسرائيل لوقف الحرب وللشروع في ‍عملية سلام‍ مع الفلسطينيين⁢ لمعالجة الصراع”.

لكن بالمقابل يعتبر الباحث ​في⁢ الشؤون الإقليمية كرم⁢ سعيد أن “دعوة ⁤الرئيس ⁢التركي أقرب إلى التصريحات الدعائية، محاولة لإثبات موقف بعد سلسلة الانتقادات التي طالت طريقة التعاطي التركية مع تداعيات الحرب في غزة”.

ويقول لموقع “الحرة”‌ إن الموقف التركي حيال إسرائيل‌ “لم يخرج خلال الأشهر الماضية عن إطار التصريحات والخطابات اللاذعة”. ‌ولا يستبعد سعيد أن تكون هناك أهداف أخرى وراء دعوة⁢ تشكيل التحالف الإسلامي ضد إسرائيل.

ويضيف ⁤أن ​”الرئيس التركي ربما ‌يحاول إثبات حسن النوايا‍ من خلال تقاربه مع محيطه الإقليمي وإصلاح ⁤العلاقات مع القوى⁢ الموجودة بالمنطقة”.

وبدورها تعتبر مديرة مكتب صحيفة “ديلي صباح”، ديلارا ​أصلان، أن تركيا كانت ‍واحدة⁣ من أكثر ⁣المدافعين صراحة عن حقوق الفلسطينيين والحاجة ⁣إلى وقف إطلاق ⁤النار منذ ‌بدء حرب غزة.

وتقول بهذا الخصوص ⁢لموقع “الحرة” إن بلادها انخرطت ​في دبلوماسية نشطة⁤ بما فيها قيادة مجموعة الاتصال بشأن غزة واقتراح الضمانة التركية.

توقيت له دلالات

ومن المقرر أن يحضر وزير​ خارجية تركيا ⁢حقان فيدان القمة العربية التي ‌تستضيفها القاهرة ⁢يوم الثلاثاء.‌ وتأتي هذه الخطوة للمرة الأولى منذ 13 عامًا حسبما ذكرت وسائل‌ إعلام‌ تركية يوم الاثنين.

ويركز جدول أعمال القمة على تداعيات ⁤الحرب الإسرائيلية‌ على غزة مع التأكيد على ضرورة وقف إطلاق النار وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية.

تعتبر الصحفية ⁢التركية ديلارا أصلان أن​ الاقتراح الذي⁤ قدمه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بشأن تشكيل تحالف إسلامي لدعم المدنيين‌ في المناطق المحاصرة هو استمرار للسياسة‍ التركية التي تجلت في عدة محطات خلال الأشهر الماضية من الحرب في ​غزة.

وتشير ⁣أصلان إلى أن ‌توقيت الدعوة يحمل دلالة واضحة، حيث ارتفعت حصيلة القتلى بين المدنيين في غزة، وبدأ التصعيد الإقليمي يتزايد، وكان آخرها مقتل مواطن أمريكي من ⁢أصل تركي.

تركيا تسعى، سواء⁤ من أجل‍ الاستقرار والسلام أو لحماية اقتصادها وتجارتها الإقليمية، لتجنب⁣ الحرب الإقليمية بأي ثمن.⁣ ولهذا السبب تدعو الدول الإسلامية لزيادة قدرتها ‍على الردع، كما تقول الصحفية في “ديلي ⁣صباح”.

وتضيف أصلان أنه يمكن لمثل هذا التحالف‍ اتخاذ قرارات وسياسات مشتركة مثل فرض مقاطعة مشتركة على⁣ مستوى الدولة ​أو القيام بتحركات دبلوماسية أو حتى تهديد إسرائيل بشكل ⁢أوسع لإجبارها ​على ​قبول⁣ وقف إطلاق ‌النار الدائم.

حتى الآن لم تصدر أي ردود فعل إقليمية أو عربية تجاه⁤ ما‍ دعا إليه الرئيس التركي.

مدير تحرير جريدة الأهرام المصرية أشرف العشري يرى ​أن اقتراح إردوغان هو فكرة تركية بحتة ​ولم يتم التطرق إليها مع الجانب المصري. ويقول لموقع “الحرة” إن الطرح سابق لأوانه‌ ولا يمكن التعاطي معه حالياً لأن بعض التفاصيل المتعلقة بالعلاقات المصرية التركية لا تزال غير مكتملة.

هل الفكرة قابلة⁤ للتطبيق؟

سبق وأن عبر عن⁣ دعوة إردوغان ذاتها‍ رئيس الوزراء التركي السابق نجم​ الدين أربكان، ‌وفقاً لما يلفت إليه الباحث في الشأن التركي علوش. ويعتقد الباحث ⁣أن الظروف الإقليمية والإسلامية الحالية⁣ لا تبدو مناسبة لمثل هذا الطرح.

ويقول إن الصراعات المنتشرة في المنطقة والمنافسة على زعامة العالم الإسلامي والاضطرابات الجيوسياسية⁣ الكبيرة كلها عوامل تجعل فكرة التحالف الإسلامي غير قابلة ⁤للتطبيق.‌ هناك إجماع بين​ الموقف الإسلامي على دعم الفلسطينيين ولكن‌ هذا الإجماع لا⁤ يصل إلى حد الانسجام في السياسات تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي حسبما يشير الباحث.

ويؤكد أنه توجد هوة كبيرة بين هذه السياسات ⁤مما يقوض أي​ فرص لسياسات‍ إسلامية قادرة على التأثير الفعال في الصراع. ومن جهتها تعتقد الصحفية​ التركية⁢ ديلارا‍ أصلان⁢ أن التحالف الأكثر⁢ تماسكا سيكون له تأثير أكبر إذا تم تحقيقه بشكل فعّال ومتناغم بين الدول الإسلامية المعنية.

تأثير الدول الإسلامية سيكون بلا شك على ⁤كل من الولايات المتحدة، التي تقترب من الانتخابات وتحتاج إلى ⁢إظهار نجاح في الصراع ⁢في الشرق الأوسط لكسب الأصوات، وإسرائيل التي تقع جغرافياً بين هذه‌ الدول الإسلامية.

وتشير التقارير إلى أن “القلق الرئيسي لدى⁤ أنقرة هو التهديد ⁤للأمن والاستقرار الإقليميين.. لقد شهدنا بالفعل صراعات وتبادل إطلاق ⁣نار بين إسرائيل⁢ وإيران ولبنان، وحتى سوريا والعراق”.

وأضافت الصحفية التركية أن “الدول الإقليمية ⁤بدأت تشكك في قدرة الولايات المتحدة على ​وقف الهجمات‍ الإسرائيلية على المدنيين الأبرياء”، ⁤مشيرة إلى أنه “أصبح من الواضح​ للدول في‌ المنطقة أنها⁣ لا تستطيع الاعتماد على واشنطن لحل مشاكلها، بل‍ يجب عليها التعاون مع بعضها البعض”.

وأوضحت الصحفية أن “هذا الوعي الجديد أدى في السنوات الأخيرة إلى⁣ تطبيع علاقات العديد من الدول. وقد جاء ذلك بالتزامن⁣ مع تقليص الولايات المتحدة لوجودها في الشرق الأوسط”.

ماذا‍ عن سوريا ومصر؟

كانت زيارة الرئيس المصري السيسي إلى ⁤أنقرة هي الأولى منذ 12 عاماً، وشكلت خطوة كبيرة نحو تحسين العلاقات بين أنقرة والقاهرة.

بينما تسير تركيا الآن نحو⁤ إعادة العلاقات مع النظام السوري، لا تزال⁢ الصورة المستقبلية للمحادثات غير واضحة بسبب وجود العديد من الملفات‌ الشائكة والخلافية.

ويعتقد الباحث علوش ‍أنه “لا يعالج التقارب التركي مع مصر والعراق والخليج ومحاولة⁣ إصلاح العلاقة مع النظام السوري تماماً نقاط الضعف الموجودة في العلاقات التركية العربية”.

ويرى أيضاً⁣ أن “تركيا ستظل بالنسبة لهذه الدول قوة​ إقليمية منافسة رغم ⁤تقديم نفسها كشريك جديد للمنطقة”.

ومع ذلك، كما قامت تركيا بتطبيع علاقاتها مع ⁢مصر، فإنها ⁣تسير الآن بنفس ‌الاتجاه ​لإعادة العلاقات مع سوريا وفقاً لما‌ ذكرته الصحفية التركية أصلان.

وأوضحت أصلان أن “كلا البلدين ​يتمتعان بموقع استراتيجي فيما يتعلق بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني”، وأنه “من ‍الضروري لتركيا‌ التعاون الوثيق مع كليهما. وسيكون هذان البلدان لاعبين رئيسيين ‍في‍ سيناريو التحالف الإسلامي المحتمل الذي⁣ يحيط بإسرائيل”.

ويعتقد الباحث كرم سعيد بأن “التقارب المصري التركي ومحاولة⁢ تطبيع العلاقات مع سوريا تأتي ضمن مساعي تركيا لتعزيز دورها الإقليمي”.يضيف أن “التقارب يرتبط بهدف بناء نظام إقليمي جديد قادر على حماية المصالح التركية من جهة وتحييد أخطار القوى غير العربية في الإقليم على مصالحها ومصالح⁣ الدول العربية، بما في ذلك إسرائيل وإيران”.

أما مدير جريدة الأهرام المصرية، ‍أشرف العشري، فيرى أن “مصر ⁢غير معنية باقتراح إردوغان، لأنها تمتلك خطة ورؤية خاصة ‌للتعامل مع ⁤المشهد وتطوراته في غزة، سواء كوسيط أو كدور مدافع عن الأمن القومي”.

ويقول العشري إن “القاهرة لا يمكن أن تعلق آمالها على ‍اقتراحات هنا وهناك،⁣ بل ​تعتمد على حضور وزخم دبلوماسي وسياسي خاص بها”، بالإضافة إلى “أوراق ضغط كثيرة فيما يتعلق​ باتفاق كامب ديفيد واحترام بروتوكولاته الأمنية”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى