المخدرات في العراق: تهديد خطير لمستقبل الشباب والمجتمع!
تتزايد ظاهرة تعاطي المخدرات والاتجار بها في العراق بشكل مقلق، مما يهدد الأمن المجتمعي ويترك آثاراً سلبية على مستقبل الأجيال الشابة. وأمام هذا التحدي المتنامي، تسعى المؤسسات الحكومية والمدنية إلى تكثيف جهودها لمحاربة المخدرات، وسط دعوات لتوحيد التعاون الإقليمي والدولي للحد من انتشار المخدرات وحماية المجتمع العراقي من تداعياتها الوخيمة.
وبرغم ما حققته الحكومات العراقية من نتائج في مكافحة آفة المخدرات، إلا أن هذا الملف تجاوز كونه ظاهرة ليصبح تجارة تدر أموالاً طائلة ومحمية سياسياً، مما دفع لتوسع تعاملاتها. فالمخدرات قادرة على تفكيك الأسرة وبالتالي تدمير أي مجتمع بالكامل.
تحذيرات تطلقها الباحثة الاجتماعية نرمين محمد عبر موقع الحرة من التراخي مع ملف المخدرات كونه أصبح الفاعل وراء الجرائم التي انتشرت مؤخراً في المجتمع العراقي وأصبحت تهدده. ومن هذه الجرائم تلك التي ارتكبها أشخاص تمثلت بقتل أطفالهم وزوجاتهم وآخرين اعتدوا جنسياً على الأطفال وعلى محارمهم. مشددة على ضرورة وضع سياسة وطنية لتطويق هذه الآفة ونجاحها يتوقف على وجود إرادة سياسية؛ لأن هناك شخصيات وجهات متنفذة لها اليد الطولى في تجارة المخدرات حسب قولها.
التحديات الاجتماعية والفجوات الاقتصادية
تفصل الباحثة الاجتماعية نرمين محمد الأسباب الرئيسية لتفشي المخدرات وأهمها الضغوط النفسية الناتجة عن البطالة والفقر والعوز المالي نتيجة قلة الفرص المتاحة التي تحفز البعض للهروب من الواقع. إذ تدفع المشاكل الاجتماعية والأسرية المتزايدة الشباب لتعاطي المخدرات، كما أن التأثر بالأصدقاء أو المحيط الاجتماعي يُعد سبباً مهماً أيضاً بالإضافة إلى قلة الوعي بأخطار هذه الآفة وما تخلفه مستقبلاً.
بالإضافة إلى ذلك، فإن ضعف القوانين وانتشار المواد المخدرة في السوق السوداء يسهل عملية الوصول إلى المخدرات. لذا تدعو الجهات المعنية إلى ضرورة زيادة الوعي والعمل على تثقيف المجتمع بمخاطر المخدرات وإعداد خطة اقتصادية لمكافحة البطالة وتوفير فرص عمل وتهيئة مراكز مختصة لمعالجة مسببات المشاكل الأسرية؛ لكي تتكامل الجهود في تطويق مشكلة تعاطي وتجارة المخدرات.تأثير المخدرات على أمن العراق
يقول الخبير الأمني صفاء الأعسم في تصريح لموقع الحرة إن خطر المواد المخدرة يفوق خطر الإرهاب بنحو 12 ضعفاً، موضحاً أن انتشار المخدرات والاتجار فيها بدأ بعد عام 2006. وقد أكد الأعسم تمكن القوات الأمنية مؤخراً من ضبط أضخم أربعة معامل لإنتاج المخدرات في العراق، أكبرها في محافظة السليمانية مع مزرعة متكاملة لزراعة المواد المخدرة، بالإضافة إلى وجودها في محافظات النجف والبصرة وواسط.
وبين أن انتشار المخدرات وتعاطيها يتركز بشكل رئيسي في المحافظات الجنوبية للعراق، حيث تأتي محافظة البصرة في المقدمة تليها محافظة بغداد. كما تنتشر تجارة المخدرات في وسط وجنوب العراق وبعض المحافظات الغربية.
وأشار الأعسم إلى أن المصادر الرئيسية للمخدرات هي دول الجوار المتمثلة بإيران ولبنان وسوريا التي أصبحت مركزاً لتصدير عقار الكبتاغون. كما تصل المخدرات إلى العراق عبر المياه من بعض دول الخليج وأيضاً من باكستان وأفغانستان التي تدخل عن طريق إيران. وقد أظهرت الإحصائيات أن نسب تعاطي المواد المخدرة بين فئة الشباب (ذكوراً وإناثاً) قد تجاوزت 25 بالمئة بنهاية عام 2023.
ويرى الأعسم أن هناك عمليات كبيرة تتم عبر الحدود العراقية لتهريب المخدرات، حيث أحبطت الأجهزة الأمنية بداية عام 2024 عملية إدخال 4 ملايين و500 ألف حبة مخدرة عبر النقاط الحدودية مع إيران. ويشير إلى أن هذه العمليات ليست فقط بعيدة عن إمكانية تجار المخدرات بل تتعدى ذلك لتشمل متنفذين سياسيين.
كما أشار إلى أهمية تعزيز الجهود الأمنية لمواجهة هذه الظاهرة المتزايدة والتي تهدد مستقبل الشباب والمجتمع العراقي بشكل عام.تتجاوز الحدود الإيرانية 1400 كيلومتر، مما يجعل السيطرة عليها صعبة ويعوق جهود مكافحة تجارة المخدرات، خاصة وأن هناك مسافات كبيرة منها غير خاضعة للرقابة الأمنية. كما أن الفساد في ملف المخدرات له دور كبير، حيث تم تسهيل دخول المخدرات عبر النقاط الحدودية مع سوريا وإيران مقابل رشى مالية لبعض الضباط والعاملين في الأجهزة الأمنية. وفي منتصف شهر أكتوبر الماضي، تمكنت القوات الأمنية من ضبط 500 ألف حبة كبتاغون في محافظة الأنبار المجاورة لسوريا.
يعتقد الخبير الأمني صفاء الأعسم أن الحل لتضييق الخناق على تجارة المخدرات يكمن في إعادة تفعيل غرف العمليات المشتركة مع دول الجوار وزيادة التعاون المعلوماتي بينها. كما يجب استخدام التقنيات الحديثة لمتابعة مسارات تجارة المواد المخدرة وتكثيف الجهود الاستخبارية. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي اتباع استراتيجية وقائية قبل اتخاذ الإجراءات الأمنية من خلال رفع مستوى الوعي لدى المجتمع وتكاتف جميع الوزارات المعنية لمعالجة هذه الظاهرة بفاعلية.
الكبتاغون.. تجارة إقليمية ودولية
تشير تقارير المركز الأوروبي لمراقبة المخدرات والإدمان إلى أن حكومة الأسد في سوريا وحزب الله يقومان بإنتاج وتصدير المواد المخدرة، وعلى رأسها عقار الكبتاغون الذي أصبح مصدراً مهماً لتمويل الحكومة السورية واقتصادها المتأثر بالعقوبات.
وأكدت التقارير أن العائدات المالية من هذه التجارة تدعم النظام السوري والمليشيات المرتبطة به، حيث تشير التقديرات إلى أن هذه التجارة تدر أموالاً طائلة تصل إلى حوالي 5.7 مليار دولار سنوياً. تُصدر حبوب الكبتاغون إلى عدة دول مثل السعودية والأردن وبعض دول الخليج وبلدان أخرى. ويُعتقد أن جماعة حزب الله تلعب دوراً مهماً في تسهيل العمليات اللوجستية لتوزيع حبوب الكبتاغون عبر الحدود إلى دول المنطقة وأوروبا.
كما تفيد التقارير بتورط بعض الفصائل المسلحة الموالية لإيران في العراق بعمليات تهريب المخدرات، متخذةً العراق ممراً لتجارتها خاصةً بعد توسع نفوذها خلال السنوات الأخيرة ليشمل جوانب اقتصادية مثل السيطرة على بعض الطرق التجارية التي تمر عبر الحدود العراقية – الإيرانية والسورية. أصبحت هذه التجارة مصدراً اقتصادياً لهذه الجماعات مستغلة ضعف الرقابة الحدودية ونفوذها؛ إذ تعتبر تلك الفصائل من أبرز القوى السياسية والعسكرية في العراق مما يزيد من تعقيد مواجهة ظاهرة المخدرات وفقاً لموقع المركز الأوروبي.
إدمان المخدرات: تأثيرات طبية ونفسية
توضح أخصائية الطب النفسي، زينب عبد الزراق، أن تعاطي المخدرات يؤثر سلباً على جميع أجهزة الجسم، وخاصة الجهاز العصبي. ومن بين التأثيرات السلبية التي قد تحدث هي مرض الصرع واضطرابات الوعي وفقدانه وضعف الأعصاب.
كما أن إدمان المخدرات يمكن أن يؤدي إلى عدم انتظام ضربات القلب وقد يسبب حالات صحية طارئة تصل إلى الوفاة في بعض الأحيان، خاصة عند استخدام المواد المخدرة المحفزة. بالإضافة إلى ذلك، تؤثر هذه المواد على الرئتين بشكل خاص عندما يتم تدخينها، مما يؤدي إلى مشاكل خطيرة في وظائف الكلى والكبد. كما تسبب أيضاً ضعفاً جنسياً نتيجة لتضيق الأوعية الدموية.
تشير عبد الزراق أيضاً إلى أن المخدرات تسبب أمراضاً نفسية، وفي الوقت نفسه قد تدفع بعض الاضطرابات النفسية الأشخاص لتعاطيها. حيث يصل المتعاطي في كثير من الأحيان إلى حالات من الاكتئاب المزمن والعزلة الاجتماعية واضطراب القلق وصولاً إلى حالة الانفصام الشخصي.
فضلاً عن ذلك، يتعرض المدمنون لمجموعة واسعة من الأمراض النفسية. وتؤدي حاجة المدمن للمخدرات أحيانًا إلى التنازل عن أخلاقه ومبادئه أو الانجرار نحو أعمال عنفية وجرائم بسبب الارتباك الذي يعاني منه في إدراكاته. وتوضح عبد الزراق أن العملية العلاجية تتطلب أولاً تنقية الجسم من السموم تليها مرحلة التأهيل النفسي التي تشمل تحديد مسببات الإدمان؛ وهذه العملية تحتاج تقريبًا لستة أشهر لتحقيق نتائج فعالة.
مساهمة مجتمعية للتصدي للأفكار المتطرفة
تعتبر المجتمعات المحلية هي الخط الأول في مواجهة التطرف، حيث يمكن أن تلعب دورًا حاسمًا في تعزيز قيم التسامح والاحترام. من خلال العمل معًا، يمكن للمجتمعات أن تساهم في بناء بيئة آمنة تعزز من التفاهم بين الثقافات المختلفة.
فيما يتعلق بمكافحة التطرف، يجب على المجتمعات أن تتبنى استراتيجيات فعالة تشمل التعليم والتوعية. يتعين على الأفراد والمجموعات المحلية العمل على نشر الوعي حول مخاطر الأفكار المتطرفة وكيفية التصدي لها. كما ينبغي تشجيع الحوار المفتوح بين الأجيال المختلفة لتعزيز الفهم المتبادل.
تعتبر الأنشطة الثقافية والاجتماعية وسيلة فعالة لجمع الناس معًا وتعزيز الروابط بينهم. من خلال تنظيم فعاليات ثقافية وورش عمل تعليمية، يمكن للمجتمعات تعزيز القيم الإيجابية ومواجهة الأفكار السلبية التي قد تؤدي إلى التطرف.
علاوة على ذلك، يجب دعم المبادرات التي تهدف إلى تمكين الشباب وتوفير الفرص لهم للمشاركة الفعالة في المجتمع. عندما يشعر الشباب بأن لديهم صوتًا وأن أفكارهم تُسمع وتُقدّر، فإن ذلك يقلل من احتمالية انجرارهم نحو الأفكار المتطرفة.
في النهاية، إن التصدي للتطرف يتطلب جهدًا جماعيًا مستمرًا من جميع أفراد المجتمع. بالعمل معاً وبناء مجتمع متماسك يدعم قيم التسامح والاحترام، يمكننا تحقيق تغيير إيجابي ومستدام يضمن مستقبل أفضل للجميع.مقالة حول تأثيرات التغير المناخي
تعتبر قضية التغير المناخي من أهم القضايا التي تواجه البشرية في العصر الحديث. حيث تؤثر هذه الظاهرة على جميع جوانب الحياة، بما في ذلك البيئة والاقتصاد والصحة العامة. يتسبب ارتفاع درجات الحرارة الناتج عن انبعاثات الغازات الدفيئة في تغييرات كبيرة في أنماط الطقس، مما يؤدي إلى ظواهر مثل الفيضانات والجفاف والعواصف الشديدة.
تشير الدراسات إلى أن المناطق الأكثر عرضة للتأثر بالتغير المناخي هي تلك التي تعتمد بشكل كبير على الزراعة. فالتغيرات المفاجئة في درجات الحرارة أو كميات الأمطار يمكن أن تؤدي إلى تدهور المحاصيل وزيادة معدلات الجوع والفقر. كما يؤثر التغير المناخي أيضًا على التنوع البيولوجي، حيث تتعرض العديد من الأنواع للانقراض بسبب فقدان موائلها الطبيعية.
على الرغم من الوعي المتزايد حول هذه القضية، لا يزال هناك حاجة ملحة لاتخاذ إجراءات فعالة لمواجهة آثار التغير المناخي. يجب على الحكومات والشركات والأفراد العمل معًا لتقليل الانبعاثات الكربونية وتعزيز استخدام مصادر الطاقة المتجددة.
في السنوات الأخيرة، تم اتخاذ بعض الخطوات الإيجابية نحو تحقيق هذا الهدف، مثل اتفاقية باريس للمناخ التي تهدف إلى الحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض لأقل من درجتين مئويتين مقارنة بمستويات ما قبل الصناعة. ومع ذلك، فإن النجاح يعتمد على الالتزام العالمي والتعاون بين الدول لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
إن مواجهة تحديات التغير المناخي ليست مسؤولية الحكومات فقط بل هي مسؤولية جماعية تتطلب مشاركة الجميع لضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة.عاطياً في العراق هي الكرستال بنسبة 37 بالمئة، تليها حبوب الكبتاغون بنسبة 34 بالمئة، والأنواع الأخرى بنحو 28 بالمئة.
فيما كشفت مديرية مكافحة المخدرات التابعة لمجلس إقليم كردستان في بيان رسمي عن إلقاء القبض على 1311 متهماً بقضايا التعاطي والإتجار في المخدرات، بينهم 698 متهماً بتجارة المواد المخدرة. كما تم ضبط 444 كيلوغرام من المخدرات منذ بداية عام 2024 وحتى نهاية شهر أكتوبر المنصرم.
وكانت وزارة الصحة العراقية قد أعلنت في بيان لها أن المستشفيات التابعة للوزارة في 14 محافظة قدمت خدمات علاجية ونفسية لنحو 6456 مريضاً، وقد اكتسبوا الشفاء التام من تعاطي المخدرات خلال حصيلة عام 2024.