التلقيح الاصطناعي: لماذا يثير جدلاً حاداً بين ترامب والديمقراطيين؟ اكتشف الأسباب!
في موقف جاء مفاجئًا للكثيرين، أعلن المرشح الجمهوري، دونالد ترامب، عن اقتراح جديد يتعلق بالتلقيح الاصطناعي، بعد تعهده بضمان تغطية تكاليف هذا الإجراء الطبي، سواء عن طريق الحكومة أو شركات التأمين، في حال فوزه بالانتخابات الرئاسية.
ويأتي هذا الإعلان في وقت أصبح فيه التلقيح الاصطناعي محور جدل سياسي متصاعد بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري، خاصة بعد أن قضت المحكمة العليا بولاية ألاباما في وقت سابق من هذا العام بأن الأجنة التي تم إنشاؤها عن طريق التلقيح الاصطناعي تعتبر بشراً. هذه الخطوة دفعت أكبر عيادات الخصوبة في الولاية إلى إيقاف رعاية التلقيح الاصطناعي.
وكان أعضاء من الحزب الديمقراطي قد انتقدوا الجمهوريين بشأن التلقيح الاصطناعي في الأشهر الأخيرة، معتبرين أن القيود التي يقودها الحزب المنافس على الإجهاض “قد تؤدي إلى فرض قيود على التلقيح الاصطناعي أيضًا”.
وتظهر استطلاعات رأي أن نحو 6 من كل 10 بالغين أميركيين يدعمون هذا الإجراء الطبي، بما في ذلك أكثر من نصف الجمهوريين. وحوالي 1 من كل 10 فقط يعارضونه.
ويشكل نقص التغطية التأمينية الصحية لعلاجات الخصوبة عائقًا رئيسيًا أمام الراغبين في بدء أو مواصلة العلاجات وفقًا لوكالة “أسوشيتد برس”.
ما هو التلقيح الاصطناعي؟
التلقيح الاصطناعي المعروف أيضًا بـ”التلقيح خارج الجسم” هو سلسلة معقدة من الإجراءات التي يمكن أن تؤدي إلى الحمل. يمثل هذا الإجراء الطبي علاجًا للعقم وهي الحالة التي لا يمكن فيها الحمل بعد محاولات لمدة عام على الأقل بالنسبة لمعظم الأزواج.
يمكن استخدام التلقيح خارج الجسم كوسيلة لتجنب انتقال المشاكل الوراثية إلى الطفل وفقًا لموقع “مايو كلينيك”. خلال عملية التلقيح خارج الجسم يتم جمع البويضات الناضجة من المبايض وتخصيبها بالحيوانات المنوية في المختبر. ثم يتم إجراء عملية لوضع واحدة أو أكثر من البويضات المخصبة في الرحم حيث ينمو الجنين.
تستغرق دورة كاملة من التلقیح خارج الجسم حوالي 2 إلى 3 أسابيع. وأحياناً يتم تقسيم هذه الخطوات إلى أجزاء مختلفة وقد تستغرق العملية وقتاً أطول.ترامب يتعهد بتوفير “تخصيب اصطناعي مجاني” إذا وصل إلى البيت الأبيض
أعلن المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية، دونالد ترامب، يوم الخميس، أن الحكومة أو شركات التأمين ستتحمل تكاليف علاجات الخصوبة من خلال التلقيح الصناعي، في حال فوزه بالانتخابات الرئاسية المقررة في الخامس من نوفمبر المقبل.
ويبقى التلقيح خارج الجسم، وفقًا للمصدر ذاته، أكثر علاجات العقم فعالية، حيث يشمل التعامل مع البويضات أو الأجنة والحيوانات المنوية. وتُعرف هذه المجموعة من العلاجات بتقنية المساعدة على الإنجاب.
يمكن إجراء التلقيح خارج الجسم باستخدام بويضات وحيوانات منوية من الزوجين. كما قد يتضمن استخدام بويضات أو حيوانات منوية من متبرع آخر سواء كان معروفًا أو مجهولاً. وفي بعض الحالات، قد يتم استخدام أم بديلة حيث تُزرع البويضة في رحمها للإنجاب.
تعتمد فرص إنجاب طفل عن طريق التلقيح الاصطناعي على عوامل عديدة مثل العمر وسبب العقم. بالإضافة إلى ذلك، يتضمن التلقيح خارج الجسم إجراءات يمكن أن تكون مستهلكة للوقت ومكلفة ماليًا.
موقف الحزب الجمهوري
ذكر ترامب يوم الخميس أنه يؤيد سداد تكاليف التلقيح الاصطناعي حتى يتمكن الأميركيون من إنجاب “مزيد من الأطفال”. وقال الرئيس السابق في مقابلة مع شبكة “أن بي سي نيوز”، إنه إذا تم انتخابه فإن إدارته “لن تحمي حق الحصول على التلقيح الاصطناعي فحسب بل ستجعل الحكومة أو شركات التأمين تغطي تكلفة الخدمة باهظة الثمن للأميركيات اللاتي يحتجن إليها”.
واعتبر تقرير لوكالة أسوشيتد برس أن تعهد ترامب الأخير “يتعارض” مع مواقف العديد من أعضاء حزبه الجمهوري. وبحسب المصدر ذاته، يعكس إعلان ترامب المفاجئ إدراكه أن مواقف الحزب الجمهوري بشأن الإجهاض والحقوق الإنجابية قد تشكل عائقًا كبيرًا أمام فرص عودته إلى البيت الأبيض.
يحاول الرئيس السابق ترويج فكرة أن الحزب الجمهوري هو “رائد” في مجال التلقيح الاصطناعي؛ لكن الديمقراطيين يرفضون هذا الوصف ويستغلون القضية كبعد آخر للتأكيد على اختلافاتهم السياسية.انتقادات لترامب بعد “موقفه الجديد” بشأن الإجهاض
وجهت نائبة الرئيس الأميركي، كامالا هاريس، انتقادات حادة لدونالد ترامب، الجمعة، إثر تصريحه بأنه سيصوت برفض مشروع قانون يتعلق بالإجهاض في ولاية فلوريدا.
ينتقد الديمقراطيون الجمهوريين لادعائهم دعم التلقيح الاصطناعي في حملاتهم الانتخابية، دون دعم ذلك بتصويتهم في الكونغرس. وقبيل انعقاد المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري في يوليو، أقر الحزب خطة سياسية جديدة تؤيد فكرة منح الأجنة حقوقًا قانونية كاملة، تمامًا مثل باقي المواطنين الأميركيين.
يريد الحزب تحقيق ذلك من خلال تفسير التعديل الرابع عشر للدستور الأميركي، وهو التعديل الذي يضمن المساواة في الحماية القانونية لجميع المواطنين. بهذه الطريقة، يسعى الحزب الجمهوري لمنح الأجنة نفس الحقوق القانونية التي يتمتع بها الأشخاص المولودون.
كما تشجع الخطة على دعم التلقيح الاصطناعي ولكنها لا تشرح كيف يخطط الحزب للقيام بذلك مع تشجيع قوانين الشخصية القانونية للأجنة التي من شأنها أن تجعل العلاج غير قانوني. وبحسب أسوشيتد برس، يواجه الحزب الجمهوري “تناقضًا داخليًا” بشأن قضية التلقيح الاصطناعي. فمن جهةٍ يحاول الحزب تقديم نفسه على المستوى الوطني كداعم لهذه التقنية الطبية ومن جهة أخرى يجد العديد من أعضاء الحزب أنفسهم في موقف صعب بسبب تعارض هذا الدعم مع القوانين التي سنّها حزبهم نفسه.
وهذه القوانين التي تمنح الأجنة حقوقًا قانونية كاملة لا تقتصر على حماية الأجنة داخل الرحم فحسب بل تمتد لتشمل الأجنة المستخدمة في عمليات التلقيح الاصطناعي. وبما أن هذه العمليات غالباً ما تتضمن إتلاف بعض الأجنة الفائضة فإن هذه القوانين قد تجعل التلقيح الاصطناعي نفسه غير قانوني.
وقالت ماري روث زيغلر، أستاذة القانون في كلية الحقوق بجامعة كاليفورنيا ديفيس للوكالة إن “من الصعب على السياسيين الجمهوريين أن يدعموا التلقيح الاصطناعي بشكل واضح لأنهم إذا فعلوا ذلك قد يغضبون الكثير من مؤيديهم”.تفاعل الديمقراطيين
وفقًا لموقع “أكسيوس”، قام الحزب الديمقراطي بتحويل قضية التلقيح الاصطناعي إلى محور رئيسي في حملته الانتخابية الرئاسية، مستغلًا هذا الموضوع كوسيلة فعالة لانتقاد دونالد ترامب والحزب الجمهوري.
يسعى الديمقراطيون إلى ربط ترامب مباشرة بالقيود المفروضة على الرعاية الإنجابية، من خلال تذكير الناخبين بدوره في تعيين قضاة المحكمة العليا الذين ساهموا في إلغاء الحماية الدستورية للإجهاض.
ويتهم ”الحزب الأزرق” ترامب بأنه يحاول من خلال تعهده الأخير بشأن التلقيح الاصطناعي “صرف الانتباه عن دوره في المساعدة على إلغاء قضية رو ضد وايد في عام 2022″، وفقًا لما ذكرته نيويورك تايمز.
ويصور الديمقراطيون ترامب والجمهوريين كتهديد ليس فقط للحق في الإجهاض، بل لمجموعة واسعة من الخيارات الإنجابية، بما في ذلك التلقيح خارج الجسم.
ورد نائب كامالا هاريس، المرشحة الديمقراطية للرئاسة، تيم والز، على موقف ترامب الأخير بسخرية قائلاً: “قد نضطر إلى تغيير نقاط حديثنا”، مشيرًا إلى أن الديمقراطيين قد يحتاجون لتعديل استراتيجيتهم الخطابية بسبب هذا التحول غير المتوقع.
وقال والز في تجمع انتخابي: “انظروا، النساء لا يثقن بهم. هم لا يثقون بالنساء، فلماذا بحق الجحيم ستثق النساء بهم؟ لا أحد يصدق ذلك”.
وتحدثت زوجة والز، السيدة الأولى لولاية مينيسوتا غوين والز أيضًا عن إمكانية الوصول إلى علاجات الخصوبة قائلة إنه لو كان الأمر بيد ترامب لما أصبحت أماً أبدًا، مشيرةً إلى استخدامها لعلاج داخل الرحم من أجل الإنجاب.
وقد تصدرت هاريس الجهود المتعلقة بقضية الحقوق الإنجابية تحت إدارة بايدن. وتعهدت في بيان يوم الجمعة باستعادة الحقوق الإنجابية إذا تم انتخابها رئيسة للولايات المتحدة.
من جهتها قالت السناتور إليزابيث وارن، الديمقراطية من ماساتشوستس والمتحدثة خلال لقاء افتراضي نظمته حملة هاريس إن محاولة ترامب لاستمالة الناخبات هي “خداع وأوهام”.
وأضافت: ”يعتقد ترامب أن النساء غبيات وأنه يمكن خداعهن”.