البيت الأبيض يدين بشدة عنف المستوطنين اليهود ضد الفلسطينيين: موقف غير مقبول!
خلال أكثر من 19 شهراً في السلطة، وسعت حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو بشكل كبير من بصمة إسرائيل في الضفة الغربية، مما أدى إلى تسريع حملة حركة المستوطنين في البلاد لإحباط إقامة دولة فلسطينية وبناء المزيد من المستوطنات، وفقاً لتقرير لصحيفة “واشنطن بوست”.
وأعلن وزير المالية الإسرائيلي اليميني المتشدد بتسلئيل سموتريتش يوم الأربعاء أن إسرائيل وافقت على بناء مستوطنة جديدة في منطقة بتير المدرجة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي، بالقرب من بيت لحم في الضفة الغربية.
ودانت الولايات المتحدة موافقة إسرائيل على بناء المستوطنة مشيرة إلى الضرر الذي قد يلحقه ذلك بآفاق قيام دولة فلسطينية.
وتنقل الصحيفة أن الحكومة الإسرائيلية وافقت على “مصادرة استراتيجية” للأراضي، حيث تم مصادرة ما يقرب من 6000 فدان (2428 هكتار) هذا العام وحده، بالإضافة إلى بناء مستوطنات كبرى. كما تصاعد هدم الممتلكات الفلسطينية وزاد دعم الدولة للبؤر الاستيطانية المبنية بشكل غير قانوني. وشكلت كل تلك العناصر معاً “أهم التغييرات الإقليمية في الضفة الغربية منذ عقود”.
بينما تصر إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن على أن أي حل دبلوماسي للحرب في غزة يتضمن مساراً نحو دولة فلسطينية مستقلة، فإن المستوطنين اليهود المتشددين وداعميهم السياسيين اليمينيين المتشددين الذين صعدوا إلى أعلى المستويات في الحكومة الإسرائيلية يعيدون رسم الخريطة بشكل فعلي مما يجعل حل الدولتين المتوخى في اتفاقات السلام السابقة ”مستحيلاً فعلياً”، وفق تعبير الصحيفة.
وفي مقابلات أجريت مع سكان ستة تجمعات فلسطينية، وصف السكان القيود التي تشل الحياة اليومية مع اقتراب المستوطنات مما يحد من قدرتهم على التنقل بحرية والوصول إلى الأراضي الزراعية التي اعتمدوا عليها لفترة طويلة. وقد أدى عنف المستوطنين إلى محو بعض القرى وفق تقرير الصحيفة.
وعاد نتانياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي الأطول خدمة، إلى منصبه في ديسمبر عام 2022 استنادًا إلى اتفاق ائتلافي وعد بـ “تعزيز وتطوير الاستيطان في جميع أنحاء أرض إسرائيل”، بما فيها “يهودا والسامرة”، كما كانت تُسمى الضفة الغربية زمن التوراة.
ويقود الجهود الرامية لتوسيع وترسيخ السيطرة الإسرائيلية على المنطقة سموتريتش وهو ناشط استيطاني منذ فترة طويلة يشغل الآن منصب وزير المالية.نصب وزير المالية، الذي عينه نتانياهو العام الماضي في منصب داخل وزارة الدفاع، مما منحه صلاحيات واسعة على السياسة الإسرائيلية في الضفة الغربية. وكتب الوزير، وهو مستوطن، على منصة إكس: “سنواصل تطوير المستوطنات من أجل الحفاظ على أمن إسرائيل ومنع قيام دولة فلسطينية”.
يعيش ما يقدر بنحو 3 ملايين فلسطيني في الضفة الغربية، إلى جانب أكثر من 500 ألف مستوطن، وقد زادت أعدادهم بأكثر من 15% خلال السنوات الخمس الماضية. وافق المجلس الأعلى للتخطيط الإسرائيلي بالكامل على ما يقرب من 12 ألف وحدة سكنية في المستوطنات خلال الأشهر الـ19 الماضية، مقارنة بما يزيد قليلاً عن 8000 وحدة في العامين السابقين، وفقًا لمنظمة “بيس ناو” (السلام الآن). وتم إضفاء الشرعية على عدد متزايد من البؤر الاستيطانية غير القانونية بموجب القانون الإسرائيلي. وقد استولت الدولة على مساحات كبيرة من الأراضي.
انتقدت الإدارات الأميركية المتعاقبة المستوطنات الإسرائيلية باعتبارها عقبة أمام السلام. وفي فبراير الماضي، بعد أن أعلن سموتريتش عن خطط لبناء 3000 وحدة سكنية في الضفة الغربية، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن إدارة بايدن تعتبر المستوطنات “غير متسقة مع القانون الدولي”، وهو موقف تم تدوينه لأول مرة عام 1978 خلال رئاسة جيمي كارتر ثم قلبه الرئيس السابق دونالد ترامب عام 2019.
كما فرض بايدن عقوبات على البؤر الاستيطانية غير القانونية وعلى المستوطنين الإسرائيليين المتهمين بمهاجمة الفلسطينيين. ومع ذلك، يبدو أن الإجراءات التنفيذية ليس لها تأثير يذكر على توسيع المستوطنات أو تفشي عنف المستوطنين وفق تعبير صحيفة واشنطن بوست.
وأمرت أعلى محكمة في الأمم المتحدة إسرائيل الشهر الماضي بإنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية وإخلاء المستوطنات القائمة ودفع تعويضات للفلسطينيين الذين فقدوا أراضيهم وممتلكاتهم؛ وهو حكم ذو أهمية رمزية لكن تأثيره العملي محدود. وسارع نتانياهو إلى انتقاده.
تقع مستوطنة “نحال حيليتس”، التي حصلت على موافقة أولية مع أربع مستوطنات أخرى في يونيو الماضي بين مجمع مستوطانات “غوش عتصيون” شمال مدينة الخليل ومدينة بيت لحم الفلسطينية جنوبي القدس.
وفي الأشهر الأخيرة، أغلقت القوات الإسرائيلية طريقًا يؤدي إلى بتير مما أدى إلى مضاعفة الوقت الذي يحتاجه الشخص للوصول إلى القدس التي لا تبعد سوى 10 كيلومترات عنها.
قالت منظمة “بيس ناو” إن المستوطنة ستحيط بالمنازل في قرية بتير الفلسطينية، وهي واحدة من المواقع الأربعة المدرجة على قائمة التراث العالمي للبشرية في الضفة الغربية.
مدرجات بتير الزراعية مدعومة بجدران من الحجارة الجافة وبرك ري قديمة تجمع المياه المتدفقة من الينابيع، بالإضافة إلى قنوات الري القديمة التي تعود لأكثر من 2000 عام.
وقد زادت الولايات المتحدة من انتقاداتها لسموتريتش ووزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، العضوين اليمينيين المتشددين في حكومة نتانياهو اللذين يعارضان خطة الرئيس الأميركي الرامية إلى إنهاء حرب غزة المستمرة منذ أكثر من عشرة أشهر.
وتعتبر جميع المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية منذ عام 1967 غير قانونية بموجب القانون الدولي، بغض النظر عما إذا كان لديها تصريح تخطيط إسرائيلي أم لا.