الأونروا: كيف تحولت إلى بؤرة توتر في صراع غزة؟
يُعيد مقتل ستة من موظفي وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) يوم الأربعاء، إثر غارة إسرائيلية على مدرسة في وسط قطاع غزة، الجدل حول دور الوكالة في خضم الحرب بين إسرائيل وحماس.
وقالت الوكالة في بيانها يوم الأربعاء: “هذا هو أعلى عدد من القتلى بين موظفينا في حادث واحد”، مشيرة إلى أن مدير ملجأ الأونروا كان من بين القتلى.
وفي اليوم التالي، كشف الجيش الإسرائيلي عن أسماء تسعة رجال قال إنهم “مسلحون” تابعون لحركة حماس، قتلوا في ضربتين جويتين، وذكر أن ثلاثة منهم كانوا موظفين في الأونروا.
وفي سياق متصل، أعلن البيت الأبيض أنه على اتصال بالمسؤولين الإسرائيليين للحصول على مزيد من المعلومات بشأن مقتل موظفي الوكالة الأممية.
وتواجه الأونروا منذ بداية الحرب بين إسرائيل وحماس أزمة حادة بعد الهجوم الدامي الذي شنته الأخيرة في أكتوبر 2023. حيث تتهم الحكومة الإسرائيلية عناصر تابعة للأونروا بالتعاون مع حماس.
قبل اندلاع الحرب الجديدة وطوال فترة الحصار الإسرائيلي على غزة، لعبت الأونروا دورًا كبيرًا في تقديم الخدمات الإنسانية لأكثر من 2.2 مليون نسمة يعيشون في القطاع، حيث يُعتبر أكثر من ثلثي هؤلاء لاجئين.
تأسست الأونروا عام 1949 لمساعدة اللاجئين الفلسطينيين وكانت تدير قبل الحرب أكثر من 300 مدرسة ومرفق صحي ولديها حوالي 13 ألف موظف فلسطيني. لكن بعد ثلاثة أشهر فقط من هجوم حماس الذي وقع يناير الماضي، تلقى رئيس الوكالة الأممية، فيليب لازاريني تحذيرًا بشأن مصير هيئته.
لازاريني الذي تولى قيادة الأونروا عام 2020 كان يأمل تعزيز دور الوكالة وتحسين أدائها ولكن الحرب عاقت تلك الخطط.تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز”. ومع تزايد أعداد المشردين في غزة، لجأ أكثر من مليون شخص إلى مرافق الأونروا بحثًا عن الأمان. في 18 يناير، عقد لازاريني اجتماعًا مع أمير ويسبورد، نائب مدير وزارة الخارجية الإسرائيلية، في تل أبيب، حيث قدم ويسبورد قائمة تضم 12 موظفًا من الأونروا متهمين بالمشاركة في هجوم 7 أكتوبر.
واتهمت إسرائيل هؤلاء الموظفين بتقديم دعم لوجستي لحماس والمشاركة في الهجوم عليها.
وجاء في تقرير الصحيفة: “بعد الاجتماع، شعر لازاريني بقلق كبير، وأدرك أن هذه الاتهامات قد تؤثر سلبًا على سمعة الأونروا، فقرر نقل القضية إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش والحكومة الأميركية التي كانت تعد أكبر ممول للأونروا”.
وفي محاولة للتعامل مع الأزمة بشكل استباقي، أعلنت الأونروا في 26 يناير أنها فصلت الموظفين المتهمين وأطلقت تحقيقًا في الأمر. إلا أن هذه الخطوة أدت إلى نتائج عكسية؛ حيث جمدت الولايات المتحدة تمويلها للأونروا وتبعتها دول أخرى مثل بريطانيا وألمانيا وأستراليا وكندا ليتم تجميد تبرعات بقيمة 430 مليون دولار خلال أيام قليلة مما وضع الوكالة على حافة انهيار نشاطاتها الإنسانية في ظل الأزمة المتفاقمة في غزة.
كانت الاتهامات الموجهة للأونروا صادمة للعديد من المسؤولين في الوكالة.مساعي تصنيف أونروا “منظمة إرهابية”.. “هدف أبعد” وراء التحرك الإسرائيلي
في وقت تتواصل فيه الدعوات الدولية والإقليمية للسماح بإدخال المساعدات الإنسانية إلى الفلسطينيين في قطاع غزة، صادق الكنيست الإسرائيلي بالقراءة التمهيدية على مشروع قانون يصنف وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” كمنظمة إرهابية.
عقوبة جماعية
عبر لازاريني إثر ذلك عن قلقه، مشدداً على أن وقف التمويل يعتبر “عقوبة جماعية” قد تضر بملايين اللاجئين الفلسطينيين الذين يعتمدون على مساعدات الوكالة. في الأيام التالية، قدمت إسرائيل المزيد من التفاصيل حول الاتهامات ونشرت أسماء وصور بعض المتهمين، لكن الأدلة المقدمة كانت ضئيلة، واتسعت الاتهامات لتشمل ما يقرب من 10 في المئة من موظفي الأونروا في غزة.
في تلك الأثناء، دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إلى إغلاق الأونروا، معتبراً أن الوكالة قد أصبحت متورطة مع حماس. وبالنسبة للفلسطينيين، تمثل الأونروا رمزاً للمجتمع الدولي في دعم قضيتهم ويعتبرون الهجمات على الوكالة جزءاً من مساعٍ لإزالة قضية اللاجئين من جدول الأعمال الدولي.
مسار مرير من الضغوطات
بعد الاتهامات الأولية، فتحت الأمم المتحدة تحقيقاً في حيادية الأونروا واحتمال تورط موظفيها مع حماس؛ إلا أن إسرائيل اعتبرت التحقيق غير كافٍ. وفي مايو الماضي، قدمت إسرائيل مزيداً من المعلومات للأمم المتحدة تزعم فيها أن الأونروا قد تعرضت للاختراق من قبل حماس لكنها لم تقدم أدلة كافية لدعم هذه الادعاءات.
وفي يوليو الماضي أيضاً طالبت إسرائيل باتخاذ إجراءات ضد 100 موظف في الأونروا متهمة إياهم بالانتماء إلى حماس. العلاقة بين الأونروا وحماس التي أدارت القطاع لسنوات ظلت معقدة منذ نشأة النزاع وفقًا لـ”نيويورك تايمز”. وبينما كانت حماس أحيانًا تفرض ضغوطات على الوكالة كانت هناك حالات للتعايش المتوتر بين الطرفين بحسب الصحيفة ذاتها.وفي نهاية المطاف، تبقى الأونروا في قلب الأزمة الإنسانية والسياسية، حيث تواجه تحديات وضغوطات من جميع الجهات، وسط دعوات لإصلاحها أو إغلاقها.
تأسست الأونروا في عام 1949 لتقديم الدعم للاجئين الفلسطينيين الذين نزحوا جراء إقامة دولة إسرائيل. تتميز الوكالة بتركيزها الحصري على اللاجئين الفلسطينيين، ما يجعلها فريدة مقارنة بالوكالات الأممية الأخرى.
وتقدم الأونروا خدمات لأكثر من 5.7 مليون لاجئ فلسطيني في غزة والضفة الغربية ولبنان وسوريا والأردن.
ومع ذلك، تعرضت الوكالة لانتقادات مستمرة من قبل بعض الأطراف الإسرائيلية، التي تتهمها بتأجيج النزاع من خلال إبقاء وضع اللاجئين كأداة سياسية.
واندلعت الحرب في السابع من أكتوبر عندما هاجمت حماس إسرائيل، التي تشير إحصاءاتها إلى أن الهجوم تسبب في مقتل 1200 شخص واحتجاز حوالي 250 رهينة. وقالت وزارة الصحة في غزة إن الهجوم الإسرائيلي اللاحق على القطاع أودى بحياة أكثر من 41 ألف فلسطيني.