اكتشاف فئة خفية من الفوهات الصدمية على كوكب الزهرة: أسرار جديدة تكشفها علوم الفضاء!
في بداية حياة النظام الشمسي، كانت الأمور أكثر عنفًا بكثير مما هي عليه اليوم. كانت الصخور تتطاير في كل مكان، تصطدم بالكواكب التي تشكلت حديثًا، وتترك عليها فوهات وندوبًا عميقة.
عطارد والمريخ والقمر جميعها تحمل آثارًا واضحة. حتى الأرض – حيث تعمل العمليات الجيولوجية وعوامل التعرية على تآكل معظم الأدلة بسرعة – تظهر علامات على تأثيرات عملاقة.
لكن هناك شيء غريب حقًا بشأن كوكب الزهرة.
على الرغم من أن هذا العالم الجحيمي يحتفظ بفوهات تأثير جميلة على سطحه، لم يتمكن العلماء من العثور على أي دليل لفوهات يزيد قطرها عن 300 كيلومتر (186 ميل)، والمعروفة أيضًا باسم أحواض التأثير.
الآن، ظهرت تلك الأدلة. لكنها لا تبدو كما توقعنا - مما قد يمنحنا أدلة جديدة حول تشكيل الزهرة وتطورها عندما كان النظام الشمسي لا يزال شابًا.
تلك الأدلة تتمثل في ميزة تُعرف بتضاريس “التيسيرا”؛ وهي سلسلة من الحلقات المتداخلة على سطح الزهرة تمتد لحوالي 1500 كيلومتر. تشير التحليلات الجديدة إلى أن “تيسيرا هاستتي-باد” للزهرة نتجت عن تأثيرين عملاقين حدثا واحداً بعد الآخر مع كوكب كان لا يزال لزجاً ومذاباً تحت قشرة رقيقة قبل حوالي 3.5 مليار سنة.
قالت الجيولوجية فيكي هانسون من معهد علوم الكواكب: “إذا كانت هذه حقًا هيكل تأثير، فستكون أقدم وأكبر هيكل معروف للزهرة، مما يمنحنا لمحة نادرة عن ماضي الزهرة ويعلمنا بعمليات الكواكب المبكرة”.
وأضافت: “وربما الأهم من ذلك، أنها تظهر لنا أن ليس كل هياكل التأثير تبدو متشابهة. تنتج هياكل التأثير نتيجة اصطدام جسم غير محدد التركيب بكوكب الهدف. طبيعة الجسم مهمة ولكن طبيعة الهدف كذلك”.
عندما تشكّلت الكواكب الصخرية حديثاً، كانت أكثر دفئاً داخلها مما هي عليه الآن؛ حيث تشغل الأجزاء المنصهرة منها حيز أكبر تحت قشرة أرق بكثير. قامت هانسون وزملاؤها بإجراء تحليل نمذجة لدراسة عمليات التشكيل التي يمكن أن تكون قد أنتجت تيسيرا هاستتي-باد ووجدوا أن حدوث تأثير مزدوج هو السيناريو الأكثر احتمالاً.
كان هناك جسمان مؤثران يتبعان بعضهما البعض مباشرةً ليخترقا القشرة الرقيقة البالغ سمكها 10 كيلومترات على سطح الزهرة وينغمسوا في الوشاح المنصهر أدناه. كان الصهير سيخرج إلى السطح بينما يتقوس السطح المحيط لتشكيل نمط التيسيرا المتداخل.
نعلم أن هذه العملية يمكن أن تحدث لأننا رأيناها في أماكن أخرى ضمن النظام الشمسي. يوجد على قمر المشتري “كالستو” هيكل متعدد الحلقات يمتد لحوالي 3800 كيلومتر يُعرف بـ”فالالا”، وهو أكبر هيكل معروف متعدد الحلقات في النظام ويعتقد العلماء أنه تشكّل عندما اصطدم شيء كبير بالقمر الجليدي؛ حيث تدفق الماء البارد من الأسفل لملء الفجوة وأدى الاصطدام إلى تشويه القشرة المحيطة به.
إحدى المشكلات المحتملة مع هذا النموذج هو أنه أحيانًا ما توجد تضاريس التيسيرا فوق مرتفع جبلي وليس العكس كما هو الحال بالنسبة لتيسرا هاستتي-باد؛ لكن النموذج يحتاج إلى دمج إعدادات المرتفعات؛ فإذا لم يستطع الاصطدام إنتاج مرتفع تيسياري فإن شيئًا آخر يجب أن يكون مسؤولاً عن الهياكل الحلقيّة.
قالت هانسون: “هذا هو الجزء الممتع”.
وأضافت: “عندما يكون لديك كمية كبيرة من الانصهار الجزئي في الوشاح الذي يندفع نحو السطح، ما يتبقى يسمى بالمتبقي الصلب (Residuum). المتبقي الصلب أقوى بكثير من الوشاح المجاور الذي لم يتعرض للانصهار الجزئي.”
إذا بقي اللابة ثابتة ستصلّب في تلك الوضعية المرتفعة؛ وإذا تصرفت بعيدًا ستنخفض ارتفاع التضاريس كما نرى مع هاستتي-باد.
تشير النمذجة إلى أن الأجرام المؤثرة التي أنتجت التضاريس كانت كبيرة جدًا بحجم حوالي 75 كيلومتر تقريبًأ وهذا يبدو أنه حدث نادر نسبيًّا ضمن النظام الشمسي ولكنه ليس مستحيلاً؛ إذ توجد ميزات جيولوجية على الأرض قد تكون قد تشكّلت بنفس الطريقة مثل مجموعة الديك عند بحيرة فكتوريا بأفريقيا.
قالت هانسون: “من كان يظن بأن تضاريس تيسيارية مسطحة منخفضة أو مرتفع كبير يمكن أن تبدو مثل فوهة أثرٍ على الزّهَـرَة؟”
“لقد كنّا نبحث عن ثقوب كبيرة في الأرض ولكن لكي يحدث ذلك تحتاج لقشرة سميكة ولم يكن لدى الزّهَـرَة ذلك مبكرًَا.”
تم نشر البحث في مجلة الأبحاث الجيوفيزيائية: الكواكب.