العلوم

اكتشافات مذهلة: استنشاق رائحة المومياوات المصرية القديمة لكشف أسرار العلم!

في دراسة تتجاوز فعليًا اختبار‍ الرائحة، اكتشف الباحثون ‌أن المومياوات المصرية القديمة تحتفظ بروائح مميزة تقدم‍ رؤى قيمة حول طرق حفظها وسياقها التاريخي. البحث، الذي نُشر‍ في مجلة الجمعية‍ الكيميائية الأمريكية، يكشف أن هذه البقايا المحفوظة منذ آلاف السنين تطلق باقة ممتعة بشكل ​مدهش من الروائح الخشبية والتوابل ​والحلوة.

قام فريق‍ من العلماء الدوليين، بالتعاون⁤ مع المتحف المصري في القاهرة، بإجراء أول تحليل منهجي للمركبات المتطايرة المنبعثة من تسع مومياوات تغطي ما يقرب من 2000 عام⁤ من التاريخ المصري. وقد جمع البحث بين التحليل الكيميائي ​المتقدم ​و”المخبرين” المدربين على‍ الشم ‌لفك‌ رموز التوقيعات ⁣العطرية المعقدة لهذه البقايا القديمة.

قال ماتيجا سترليتش، أحد مؤلفي الدراسة: “ما فاجأني حقًا هو مدى تميز الروائح الفردية، مما يدل على اختلافات ‍كبيرة في عمليات التحنيط وحالات الحفظ”.

ركزت الدراسة على المومياوات من فترات تاريخية مختلفة، بدءًا من المملكة‍ الحديثة (حوالي 1500 قبل الميلاد) إلى الفترة البيزنطية (300-400 ميلادي). باستخدام تقنية⁤ متطورة تُعرف باسم الكروماتوغرافيا الغازية-مطيافية ⁤الكتلة-الشمّ، قام الفريق بتحليل عينات الهواء التي تم جمعها من ⁣المومياوات​ المخزنة والمعروضة في المتحف المصري.

تتحدى نتائجهم الفهم⁣ الشائع بأن القطع ⁤الأثرية التاريخية عديمة الرائحة. في الواقع، توفر الروائح المميزة للمومياوات أدلة قيمة حول الممارسات⁢ الجنائزية المصرية القديمة حيث ​كانت الإعداد الدقيق ​للجسد يعتبر أمرًا أساسيًا لرحلة الروح ⁣إلى الآخرة.

كشفت الدراسة⁤ أن المومياوات المعروضة حاليًا تطلق عادةً روائح أقوى مقارنة بتلك المخزنة؛ وذلك بسبب تراكم المركبات المتطايرة داخل صناديق العرض المغلقة. ومن ⁣الجدير بالذكر ⁣أن الباحثين وجدوا أن⁢ حالة حفظ المومياء لم تؤثر على​ شدة رائحتها رغم ⁢أنها أثرت على التركيب العام للمركبات العطرية.

وفقاً ⁢للكاتبة ⁢المشاركة سيلفيا بيمبيري: “الروائح جزء ⁣من قيمة الأجساد المحنطة، وهذه المعرفة ⁣غير متاحة لزوار المتاحف الذين يرونها فقط خلف صناديق العرض”.

حدد فريق البحث أربعة ⁤مصادر⁣ متميزة لرائحة الموميات: مواد التحنيط الأصلية والنشاط الجرثومي والزيوت الطبيعية المستخدمة لمكافحة ‌الآفات والمبيدات الاصطناعية ⁢الحديثة ‌المستخدمة في جهود الحفظ. تشير تحليلاتهم إلى أن جودة وتنوع ⁢مواد التحنيط ⁤قد يرتبطان بمكانة الشخص الاجتماعي؛ حيث كانت تقنيات التحنيط الأكثر تعقيداً محفوظة عادةً⁢ لأعضاء​ النخبة في المجتمع.

هذه​ النتائج مهمة بشكل خاص لممارسات الحفاظ‍ على القطع الأثرية بالمتحف. يمكن لتحديد المركبات المحددة بما فيها المبيدات الاصطناعية الضارة المحتملة​ مساعدة المتاحف ‌على تطوير استراتيجيات حفظ أفضل⁤ وبروتوكولات تعامل أكثر أماناً مع هذه القطع ​الأثرية القديمة.

يعمل⁣ الفريق ‍الآن على ⁣إعادة إنشاء هذه الروائح ⁤التاريخية للمعارض⁣ بالمتحف بهدف توفير تجربة أكثر غمرًا‌ للزوار لفهم ممارسات التحنيط المصرية القديمة. ‌تُظهر⁣ هذه الطريقة⁢ الابتكارية لدراسة البقايا​ القديمة كيف ‌يمكن للتقنيات العلمية الحديثة‌ الكشف⁣ عن أبعاد‌ جديدة للقطع الأثرية⁢ التاريخية مما يضيف حرفيًا حاسة أخرى لفهمنا للماضي.

تم دعم البحث بتمويل من وكالة البحث والابتكار السلوفينية ومركز العلوم الوطني البولندي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى